هي لا تعرف من أبيها ومن أمها ولا أين ميلادها ومسكنها ومن إخوتها وأهلها ، ولا تدري الطريقة التي جعلت مصيرها في دار للأيتام تجمع مجهولي النسب من مختلف البقاع والمناطق . ولم يخبرها أحد بأنهم عثروا عليها أمام جامع أو في مقلب قمامة أم سلمها المحسنون علي الطريق للملجأ ، لكن كل ما تتذكره أنها أبصرت الدنيا وعرفت أن اسمها »قمر« لجمالها اللافت منذ كانت رضيعة ، فكان الزوار يعاملونها بلطف وحنان وإحتواء إكراما لخفة دمها وذكائها الملحوظ. عندها إعتقدت أن الدنيا ما تزال بخير وأن المجتمع الذي أنقذها من التشرد والجوع والضياع سيحافظ عليها وسيمنحها فرصة جديدة للحياة بكرامة وعزة وإحترام ، فإجتهدت في تعلم العلوم الدينية وإلتحقت بمعهد أزهري قريب من الدار أملا في الوصول إلي الجامعة علها تسهم في إنقاذ فتيات أخريات من مثل مصيرها الأسود وحتي تليق كإنسانة متعلمة بفتي الأحلام وزوج المستقبل . لكن الرياح تأتي غالبا بما لا تشتهي السفن وكأن الظروف استكثرت عليها فرحتها بالسلام والأمن وكأن الطفلة اليتيمة كتب عليها الانكسار والمهانة مهما حاولت ، فقد إبتليت بموظف يعمل أمينا لمخزن دار الأيتام الكائنة في طلخا والتي تعتبر الأكبر في محافظة الدقهلية حيث تضم مبنيين كل منهما به أحد عشر طابقا بخلاف نواد ومنشآت صحية ورياضية وتضم الدار مئات الأطفال الأيتام ذكورا وإناثا من مختلف الأعمار من يوم وحتي سن الزواج، هذا الموظف لم يرحم ضعفها ولم تأخذه الشفقة بطفلة في الثالثة عشرة أي في عمر أطفاله فبدأ منذ فترة حسب تحريات مباحث طلخا برئاسة المقدم أحمد شبانة ومفتش المباحث المقدم أحمد راتب ومعاون المباحث محمد البنا ، في التحرش بها ومضايقتها وأغراه خوفها وصمتها واعتقاده أنه كان يعمل في مكان مهم بالدولة قبل إحالته للتقاعد والتحاقه بالعمل في الدار مما جعله يستغل علاقاته لمنع اتخاذ أي قرارات ضد الدار، فبدأ يستزيد في التطاول عل الطفلة ولمس أماكن حساسة من جسدها حتي انتهي إلي محاولة مواقعتها جنسيا رغما عنها حتي نزف دمها قهرا وحزنا ، فما كان من الفتاة المسكينة التي لا حول لها ولا قوة إلا ان أخبرت المشرفة عليها في الدار والتي قامت بدورها بإبلاغ رئيس مجلس إدارة الدار، وفوجئت بتردده وخوفه وعدم إتخاذه الإجراء المناسب مع المتهم بل أنه أنهي خدمات المشرفة ذات الضمير اليقظ التي لم تستسلم وذهبت بالبنت إلي طبيبة نساء في مدينة المنزلة بعد أن اشتكت الطفلة من أوجاع شديدة في بطنها ظنتها المشرفة بوادر حمل ، فأخبرتها الطبيبة بوجود مشكلة ونصحتها بتقديم بلاغ إلي النيابة، وهو ما حصل بالفعل حيث قرر المستشار محمد القاضي وكيل نيابة طلخا وإشراف المستشار أيمن عبد الهادي المحامي العام لنيابات جنوبالدقهلية بمعرفة سكرتارية التحقيق محمد موسي وماجد محمد حبس مدير الدار محمود م والمتهم بالجريمة أربعة أيام ثم جددت لهما أمس 15 يوما وطلبت تقريرا من الطب الشرعي عن حالة الطفلة الضحية والذي أكد وقوع اعتداء وحشي عليها، ويواجه أمين المخازن تهمة هتك عرض وتحرش ويواجه مدير الدار تهمة التستر علي الجريمة بعد أن أثبتت التحقيقات والتحريات معرفته بالواقعة ورفضه الإفصاح عنها أو اتخاذ إجراءات قانونية ضد أمين المخزن، ويبدو أنه خاف من اتخاذ إجراءات ضده من قبل الشئون الاجتماعية، أو اتخاذ قرار بإغلاق الدار، فلم يبلغ عن الواقعة، وأهدر حق المجني عليها. الكارثة لم تكن من نصيب « قمر» وحدها فقد اعترفت في التحقيقات بأن الجاني تحرش بأربع بنات أخريات وذكرت أسماءهن مما جعل وكيل النيابة يطلب الكشف عليهن طبيا للتأكد من حالتهن ومدي حجم الاعتداءات الواقعة عليهن . وأكدت الطفلة اليتيمة في محضرها أمام اللواء عاصم حمزة مساعد وزير الداخلية مدير أمن الدقهلية أن أمين المخزن كان دائما يتحرش بها إلا أنه في المرة الأخيرة قام بالتهجم عليها ومواقعتها حتي أصيبت بنزيف مضيفة أنها أخبرت مشرفة الدار بذلك والتي بدورها أخبرت مدير الدار إلا إنه نهرها.