(1) لا سياحة دون طيران.. وتحديدا فى حالة مثل مصر لأنها حالة تختلف عن دول سياحية أخرى كبيرة فى أوروبا يمكن أن ينتقل إليها السياح عبر وسائل أخري.. من هنا كان قرار إنجلتراوروسيا بوقف حركة الطيران إلى شرم الشيخ وباقى مدن مصر السياحية «كارثة» على السياحة المصرية لأن السياحة من الدولتين تشكل ما يقرب من 50% من حجم الحركة إلى مصر. وتعتمد بشكل كامل على الطيران. ومن هنا أيضا كتبنا قبل عدة أسابيع أنه لا سياحة حقيقية إلى مصر فى الشهور القليلة القادمة إلا إذا تم حل مشكلة الطيران وذلك لن يأتى إلا بقرار سياسى بعد أن تطمئن قيادات روسياوإنجلترا إلى اتمام الإجراءات التى تقوم بها مصر حاليا لتأمين المطارات سواء بالإجراءات المشددة أو الأجهزة الحديثة أو بالتعاقد مع شركات دولية تم الإعلان عنها للمساعدة فى طمأنة السائحين وتقييم المطارات لتكون على المستوى المطلوب لمواجهة حالة الإرهاب الدائرة فى العالم. واليوم نتحدث تحديدا عن السياحة الروسية التى تشكل المركز الأول فى أعداد السائحين إلى مصر برقم 3 ملايين سائح.. فمن المؤكد أن قطاع السياحة كله فى مصر ينتظر قرارا بعودة السياحة الروسية إلى مصر.. لكن متي؟ لا أحد يعلم على وجه الدقة.. فمنذ حادث الطائرة الروسية فى اليوم الأخير من أكتوبر الماضى فوق سيناء ونحن فى حالة انتظار.. خاصة أن الأوضاع فى شرم الشيخوالغردقة بات معروفا أنها تعانى بشدة بل وأغلقت العشرات من الفنادق أبوابها تماما وعاد العاملون فيها إلى محافظاتهم فى انتظار الفرج.. أو حلم العودة لأعمالهم ومصدر أرزاقهم. المهم الآن.. أن مصر تسير حاليا فى اتجاهين الأول تأمين المطارات والثانى هو ما نراه ضوءا فى نهاية النفق الحزين الذى دخلت فيه السياحة المصرية.. هذا الضوء هو الاتفاق الذى تم الإعلان عنه مؤخرا عقب زيارة الوفد الروسى الأخير إلى مصر بتوقيع عقد لشراء مصر 44 طائرة روسية حديثة من طراز «سوخوى» وذلك بنظام «التأجير التمويلي» أى أن مصر لن تدفع ثمنها «كاش» كما يقولون أو مرة واحدة ولكن يتم الاتفاق على تأجيرها برقم سنوى محدد. وقال لنا الخبير السياحى محمد رضا داوود أحد الأطراف الفاعلة فى هذه الصفقة إن الطائرة سوخوى ستكون هى نقطة الانطلاق لعودة السياحة الروسية إلى مصر وذلك بعد أن تتسلم مصر أول 4 طائرات مع بداية شهر ابريل المقبل وأن الطرفين مصر وروسيا سيحقق كل منهما استفادة كبيرة.. فهذه الطائرة الحديثة سعة 98 كرسيا ومحركها فرنسى وهى بتكنولوجيا روسية متقدمة وتم الاتفاق أن تعمل على نقل نحو 1٫5 مليون سائح روسى إلى مصر سنويا وأنها ستعمل من خلال شركة طيران خاصة مصرية جديدة تم تكوينها للعمل فى السوق الروسية من خلال شركتى طيران خاصتين مصريتين تم اختيارهما بالفعل وأن هناك استفادة مصرية أخرى وهى الاتفاق على تشغيل طيارين مصريين عليها واستخدامها فى الطيران الداخلى فى مصر أيضا.. وأن سعر التذكرة عليها من روسيا إلى مصر سيكون مقبولا للمساهمة فى زيادة حركة أعداد السائحين إلى مصر وذلك فى إطار اتفاق أو دعم من بنك الصادرات الصناعية الروسى. إذن كما يقول محمد رضا داوود هى صفقة مفيدة جدا للطرفين ونقطة انطلاق لعودة السياحة الروسية خاصة أنها ستبدأ التشغيل من شرم الشيخ أولا وذلك بترتيبات أمنية خاصة تم الاتفاق عليها مع الجانب الروسي.. إضافة إلى ذلك فإنه يجرى حاليا الاعداد لانشاء شركة سياحة مصرية كبرى تعمل من روسيا وتحديدا من موسكو وذلك لحل مشكلة شركات السياحة التركية التى كانت هى التى تنقل الحركة من روسيا إلى مصر ولكنها تواجه مشكلة حاليا عقب المشاكل السياسية بين تركياوروسيا رغم أن الأتراك يحاولون بيع شركاتهم الآن من الباطن لشركاء روس.. وهكذا إذا تأخر القرار السياسى الروسى بعودة الطيران إلى مدن مصر السياحية فإن تنفيذ هذه الصفقة من طائرات سوخوى سيكون هو البداية التى تنتظرها السياحة الروسية لتعود إلى مصر خاصة بعد وقف رحلاتهم إلى تركيا وتعقد المشكلات السياسية بين روسياوتركيا.. وعلى العموم نأمل أن يكون القرار الروسى بعودة الطيران إلى مصر قريبا.. وإن لم يكن فعلينا انتظار الروس على الطائرة سوخوى فى ابريل المقبل. (2) ومن مشكلة الطيران ننتقل إلى مشكلة الأزمات المستمرة التى يتعرض لها قطاع السياحة منذ سنوات وفى كل مرة نشتكى من سوء إدارة الأزمة.. ورغم أننا نسارع دائما بالتعاقد مع شركات يقال إنها عالمية لإدارة الأزمة أو القيام بجهود العلاقات العامة لتحسين الصورة الذهنية عن مصر فى الخارج بعد كل أزمة.. إلا أن النتائج غالبا لا ترضى أحدا لأن الحقيقة أن هذه الشركات ليست «محروقة» على مصر والأمر عندها لا يتعدى مجرد «بيزنس» تكسب من ورائه ملايين الدولارات.. وللأسف يقولون إننا ننفذ ما تطلبه منا الجهات المسئولة سواء وزارة السياحة أو غيرها.. مع أن الفكرة الأساسية من التعاقد مع مثل هذه الشركات الاستفادة بخبرائهم إذا كان عندهم خبراء وبتجارب الدول الأخرى فى مواجهة الأزمات وبقدرة الشركات على التواصل مع الإعلام الدولى وليس المصري. ونحن نقول دائما إن الخطأ فيما يطلب منهم بمعنى أن المدخلات تساوى المخرجات فإذا أنت لم تحدد لهم بدقة ماذا تريد؟ فمن المؤكد أنهم سيقدمون لك ما لا تريد.. كلام واضح. واليوم نقدم نموذجا لإدارة الأزمات من دبى وهو ما قامت به احدى مجموعات شركات السياحة العالمية الألمانية الكبرى وهى التى تسمى «ديرتوريستيك» وهى ثالث أكبر تحالف أو تجمع سياحى فى العالم بعد توى وتوماس كوك.. فعقب حريق أحد فنادق دبى الشهيرة فى ليلة الاحتفالات برأس السنة الحالية قررت الشركة تنظيم ورشة عمل فى دبى نتج عنها تشكيل خلية دائمة لإدارة الأزمة تواجه أى تواجد للشركة فى أى دولة سياحية فى العالم. فى هذه الورشة التدريبية فى دبى أوفدت الشركة طاقما فنيا علميا لإدارة الأزمات وهذا الطاقم أو الفريق أكد فى دبى للمتدربين والحاضرين أن إدارة أى أزمة هو بالدرجة الأولى فن وسرعة تصرف وضمان لتدفق وتدقيق المعلومات.. وقبل ذلك التعامل الفورى مع المصابين وتحديد الخسائر ثم اخطار الإدارة العليا والقدرة على تقييم الحدث والتوقع سواء الأسوأ أو الأفضل والاستعداد لمواجهة وسائل الإعلام لمساعدة السائح باستخدام التكنولوجيا الحديثة والمراجعة المستمرة للاحداث والبيانات وفى النهاية التنسيق مع السلطات للحصول على البيان الرسمى النهائى.. وكل ذلك بشكل سريع جدا لا يعطى الفرصة للتفسيرات الخاطئة وذلك كله لن يتحقق إلا بوجود متخصصين فى إدارة الأزمات من خلال لجان دائمة جاهزة تتصل ببعضها فى اللحظة الأولى للأزمة ولا تنتظر تعليمات عليا. لقد كان نموذج «الدراسة» فى ورشة العمل المذكورة فى دبى هو نموذج حريق فندق «العنوان».. وهو نموذج لإدارة الأزمة بلا أخطاء تذكر.. بدليل أن الفندق كان يحترق.. بينما كانت احتفالات دبى عند برج خليفة بالألعاب النارية مستمرة.. إن الشركة الألمانية «ديرتوريستيك» ستعقد نفس ورشة العمل لتعليم إدارة الأزمات فى الغردقة خلال الشهر المقبل.. وهى فرصة لنتعلم.. أو تتعلم شركات إدارة الأزمات التى نستعين بها.. المهم أن تكون هناك نية صادقة للتعلم لمواجهة أزمة مصر السياحية!! قولوا يارب.. لمزيد من مقالات مصطفى النجار