لم تمر أيام من شهر يناير إلا وشهدت أسعار الخدمات والسلع الأساسية فى عموم الاناضول ارتفاعا ملحوظا ، جاء ذلك بالتزامن مع بدء تطبيق الحد الأدنى للأجور الذى وعد به العدالة والتنمية خلال حملته الدعائية التى سبقت الانتخابات المبكرة فى الأول من نوفمبر الماضى . ورغم حالة التذمر المتنامية فى صفوف قطاعات عريضة من الشعب ، فإن رئيس الوزراء وزعيم الحزب الحاكم أحمد داود أوغلو خرج بتصريحات اتسمت بالتفاؤل والبعض وصفها بالوردية المخالفة للواقع ، أكد فيها أن العام الحالى سيكون الأفضل بالنسبة لبلاده ولاقتصادها ، وأن هناك دلائل بدأت تظهر تؤكد صحة قوله ، مشيرا إلى أن تركيا الوحيدة من بين دول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ، التى لن تغرق أى من مؤسساتها المالية ، كما أنها أصبحت مثالا عالميا بفضل الانضباط المالي، ومن ثم فحكومته صديقة للاستثمار الأجنبى فمتوسط النمو السنوى الذى حققته فى الفترة 2010-2014 بلغ 5.4% رغم الأزمة المالية التى عصفت بالعالم فى عام 2007، وبينما شهد العديد من الدول تسريح الآلاف من العاملين والموظفين بها تمكنت الحكومة التركية من إضافة نحو 7 ملايين عامل للقوة العاملة ولا توجد دولة ثانية فى أوروبا استطاعت تحقيق هذا. هنا انتهى كلام أوغلو ، فى المقابل كان للمؤسسات المالية الدولية رأى بدا مغايرا إذ قالت مؤسسة التصنيف الائتمانى الدولية ستاندرد آند بورز، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، أنها تقيم تركيا على أنها واحدة من أضعف الملفات الخارجية، وأنها حساسة للغاية إزاء التغييرات الموجودة فى ثقة المستثمر والسيولة العالمية. زيادة مصروفات أردوغان بنسبة 100 % يبدو أن اللغط حول ما يوصف أو ما يطلق عليه بذخ الرئيس ، لن يتوقف، فبين الحين والآخر تظهر معلومات تعزز ولا تنفى وأحيانا تكون صادرة من جهات رسمية وها هى ميزانية الدولة التى تم إعلانها مؤخرا تقول أرقامها ، إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى يحدد كل قرارات الحكومة متصرفا وكأنه دولة موازية ، تضاعفت مصاريفه 100 % بالرغم من أنه مفترض ألا يتمتع بالسلطة التنفيذية ، إذ أنفق العام المنصرم ضعف ما أنفقه فى عام 2014. وبحسب البيانات فقد وصل أردوغان إلى هدف الميزانية التى كان من المقرر الوصول إليها عام 2017، حيث بلغت مصاريفه نحو 471 مليون ليرة (أى 125 مليون دولار) بعدما كانت 244 مليون ليرة فى 2014. فى حين كان مقررا رفع ميزانية رئاسة الجمهورية إلى 434 مليون ليرة فى عام 2016 على أن تصل إلى 464 مليونا و255 ألف ليرة فى عام 2017. وهو ما يعنى بالتبعية أن ما سبق ستطاله يد التغيير فى ضوء ما أنفق السنة الماضية. ولوحظ فى إحصائيات الميزانية المعلن عنها ، الزيادة الهائلة التى طرأت على مصروفات صندوق الدعم الضمنى المخصص لمصروفات الدولة. وارتفاع مصروفات الخدمات السرية التى لا يعرفها أحد فى البلاد باستثناء رئيس الوزراء وبعض البيروقراطيين ، إلى مليار و618 مليون ليرة 600 مليون دولار بزيادة 65 % بعدما كانت مليارا و78 مليون ليرة ( 400 مليون دولار ) فى 2014. الأناضول .. نزيف الخسائر مستمر لأنها حكومية بامتياز وموالية حتى النخاع للرئيس ، تواصل وكالة أنباء الأناضول الحكومية التى تحولت في السنوات الأخيرة إلى شبكة إعلامية خاصة بحزب العدالة والتنمية خسائرها الفادحة خلال عام 2014 ، التى بلغت 148 مليون ليرة أى 50 مليون دولار بزيادة قدرت بنحو 40% مقارنة بالعام السابق. وأوضح تقرير رسمى أن الوكالة حصلت خلال عام 2013 على دعم مالى من مديرية المعلومات والصحافة التابعة لرئاسة الوزراء بقيمة 105.7 مليون ليرة تركية، ثم ارتفع خلال عام 2014 بنحو 50%، لتصل قيمته إلى 151 مليونا و500 ألف ليرة تركية. وعلى الرغم من أن الوكالة تدار بشكل شبه خاص، وتحصل على تمويلها من أموال ضرائب المواطنين من خزانة الدولة، إلا أنها تواصل تحيزها لصالح الحزب الحاكم ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان دون غيرهما ومن ثم فمن الطبيعى أن يتضاعف الاستنزاف المالى سنة تلو الأخرى.