أمين البحوث الإسلامية: الإسلام لا يبدأ بالعدوان ويحفظ حق الإنسان في الدفاع عن وطنه    "على خطى معلم الناس الخير" ندوة بكلية دار علوم الفيوم    مدرسة النيل بالأقصر تحتفل بانتصارات أكتوبر.. عروض فنية وتكريم أسر الشهداء.. صور    نوح: رفضنا الفطار فى رمضان ولقنا العدو درسًا فى معركة «العبيد»    محضر الفيدرالي الأمريكي، نصف مسئولي البنك توقعوا خفض الفائدة مرتين إضافيتين في 2025    وفد قيادي من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يصل إلى شرم الشيخ    ضياء رشوان: إسرائيل تتعامل مع حماس بحكم الأمر الواقع وليس اعترافًا رسميًا    زاخاروفا: تزويد كييف بصواريخ توماهوك يهدد العلاقات الأمريكية الروسية بشدة    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يمنع مؤتمرا للسلطة الفلسطينية في القدس الشرقية    يسرا مهنئة منتخب مصر بالتأهل لكأس العالم: دايما بتشرفونا ورافعين راسنا يا أبطال    بحضور رئيس الأولمبية.. افتتاح بطولة العالم للسباحة بالزعانف في المياه المفتوحة    أبطال أندية وادى دجلة يواصلون تحقيق الإنجازات الدولية والمحلية في الإسكواش والجمباز الفني والجمباز الإيقاعي خلال سبتمبر    المعاينة تكشف ملابسات حريق مخزن قطع غيار سيارات بالحرفيين (صور)    ميكانيكي ينهي حياة زوج شقيقته بمنشأة القناطر    تأجيل محاكمة 21 متهما بخلية "دعاة الفلاح" لجلسة 24 ديسمبر    دعم القضية الفلسطينية واجب ديني وإنساني تجاه أهلنا في فلسطين    فرنسا وإسبانيا.. زاهي حواس يكشف كواليس فوز "العناني" بمنصب مدير اليونسكو    أفضل فيلم روائي طويل.. الفيلم المصري سنووايت يفوز بجائزة الأفضل في مهرجان طنجة الدولي    أستاذ علوم سياسية: فوز العناني في انتخابات اليونسكو تصويت على مصر ودورها الدولي    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    يوم علمي للتعريف بوحدة التأهيل الرئوي ودعم منظومة علاج أمراض الصدر بجامعة أسيوط    بنك saib يشارك بتحالف مصرفي لترتيب قرض مشترك بقيمة 2.1 مليار جنيه لتمويل "آزاد فيوز"    "أرواح فى المدينة" تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    نهضة بركان يتعرض لضربة قوية قبل مواجهة بيراميدز في السوبر الأفريقي    ندوة إرشادية للنهوض بمحصول القمح بالشرقية    نبيلة مكرم: التحالف الوطني نموذج فريد للحماية الاجتماعية على أرض الجيزة    دعوى أمام القضاء الإداري لوقف نشر صور متهمات وقاصرات جرائم الآداب    رحمة أحمد تنضم ل«نصيب»بطولة ياسمين صبري    مقتل طفل وإصابة 3 أشخاص إثر تجدد خصومة بين طرفين في سوهاج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    تكريم خطباء الاوقاف والازهر بمدينة السرو من قبل مركز الشباب    عدم اكتمال الجمعية العمومية غير العادية لسحب الثقة من مجلس الإسماعيلي    مدير مستشفيات قصر العيني يتفقد مستشفى أبو الريش الياباني ويشيد بالالتزام    ريال مدريد يكشف تفاصيل إصابة مدافعه.. وشكوك حول لحاقه بالكلاسيكو    خالد سليم وعبد الباسط حمودة يجتمعان فى دويتو ليلة مِ اللى هيا    هيئة الدواء: دستور الدواء المصرى يواكب التطورات العالمية للصناعة    "التحالف الدولي" يعيد تموضع قواته في سوريا لمواجهة بقايا "داعش"    ندوة تثقيفية لجامعة أسيوط الأهلية حول "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ودور الجامعات في تعزيزها"    رئيس جامعة المنوفية يعلن بدء أعمال المجسات لإنشاء توسعات معهد الأورام    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    ضبط سائقي سيارتين سمحا لأطفال بالجلوس فوق النوافذ خلال زفة فى القليوبية    إصابة شخصين فى حادث انقلاب سيارة ملاكى فى إحدى ترع الغربية    وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    بلخي: إعادة بناء النظام الصحي في غزة ضرورة إنسانية عاجلة    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    الأهلي يستعد للمشوار الأفريقي بكتيبة غيابات    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    موقف عصام صاصا بعد اتهامه فى مشاجرة وصدور حكم بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    جامعة حلوان تكرم طلابها الفائزين في مسابقة «الطالب الأعلى إنجازًا»    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعة محددات لصياغة النظام الإقليمى

يبدو أن إقليم الشرق الأوسط، وفى القلب منه وطننا العربي، فى طريقه إلى إعادة أو صياغة معالم نظام إقليمى جديد فى الشرق الأوسط. وإذا كانت الدعوة إلى صياغة نظام إقليمى بديلا للشرق الأوسط قد فرضت نفسها بقوة فى الأدبيات السياسية الأمريكية، على وجه الخصوص، وبالذات فى الفترة التى استبقت وتزامنت مع الغزو ثم الاحتلال الأمريكى للعراق عام 2003، فإن هذه الدعوة تتجدد الآن مصاحبة لتطورين عربيين مهمين أولهما الاستعدادات متعددة الأطراف لتخليص العراق من تنظيم «داعش» ومواجهة ما سوف ينشأ من منطقة «فراغ قوة» سوف تفرض طرح سؤال: من سيملأ فراغ انسحاب «داعش» من العراق؟ ثانيهما وجود فرص قوية لإنهاء الأزمة السورية، وهذا بدوره يطرح سؤال: أى سوريا سوف تظهر للوجود: سوريا المقسمة أم سوريا الموحدة أم سوريا الفيدرالية، ومن سيكون صاحب أو أصحاب النفوذ فى سوريا أو «سوريات» الجديدة: روسيا، الولايات المتحدة، تركيا، إسرائيل، السعودية، إيران وحزب الله أم خليط من كل هؤلاء؟
وإذا كان هذان التطوران يدفعان أو يحفزان لتجديد الدعوة للحديث عن ضرورة ظهور أو بلورة وصياغة نظام جديد للشرق الأوسط يعبر عن خرائط توازن القوة الجديدة، فما هى أهم معالم تلك الخرائط وما هى أهم المحددات التى ستتحكم فى صياغة معالم هذا النظام؟
فى المرة التى تولت فيها الولايات المتحدة الدعوة إلى تأسيس نظام شرق أوسطى عام 2003 وأعطته اسم االشرق الأوسط الكبيرب كانت هى المتحكمة فى صياغة وتحديد معالم هذا النظام، كانت الدعوة تطرح تحت عنوان «إعادة ترسيم الخرائط السياسية» أى أن إعادة تقسيم العراق إلى دويلات ما بين العرقى والطائفى هى بداية هذا المشروع ليشمل معظم دول الإقليم لينشأ النظام الجديد عرقياً وطائفياً، ربما ليكون أكثر انسجاماً مع الكيان الصهيونى فى طبيعته «كدولة دينية» وفى مستوى حجمه الجغرافى المحدود، كى يكون لهذا الكيان الفرصة لفرض نفسه كقوة إقليمية عظمى، وتحقيق أهم طموحات مشروعه القومى ككيان مسيطر.
هذه المرة يبدو أن أطرافاً عديدة سوف تشارك فى صياغة معالم النظام الإقليمى الجديد، الذى لم يستطع الأمريكيون فرضه بعد احتلالهم العراق. سوف تشارك أطرافاً دولية خاصة روسيا مع الولايات المتحدة فى تأسيس هذا النظام، كما ستشارك أطرافاً إقليمية فاعلة أخرى فى صياغته خاصة إسرائيل وإيران وتركيا، وسيكون لمآل الوضع المستقبلى فى العراق وسوريا أدواراً أساسية فى تحديد معالم هذا النظام وخصائصه. فإذا تم اعتماد التقسيم العرقى والطائفى للعراق وسوريا فإن الصراع العرقى الطائفى سوف يمتد إلى معظم دول الإقليم، وسيكون الاستقطاب الطائفى بالذات الذى يتحدث عنه الإسرائيليون بين عرب أو مسلمين سُنة فى مواجهة عرب أو مسلمين شيعة أهم معالم هذا النظام الجديد، أما إذا تمت المحافظة على وحدة العراق وسوريا فإن النظام الجديد سيقوم على أساس الاستقطاب والصراع السياسى، وفى كلتا الحالتين فإن النظام الجديد سيكون محكوماً بأربعة محددات أساسية.
أول هذه المحددات الفراغ الذى تركه غياب ثقل النظام العربى فى إدارة الأزمات العربية والتفاعلات الإقليمية. فقد بدت الساحة العربية، طيلة الأعوام الخمسة الماضية على وجه الخصوص منذ تفجر ظاهرة الثورات العربية، مفتوحة أمام القوى الإقليمية الكبرى الثلاث: إسرائيل وإيران وتركيا كى تتصارع وتتنافس وتتحالف مع من تشاء من الأطراف العربية، الأمر الذى حفز المملكة العربية السعودية للدخول فى حلبة المنافسة كطرف رابع، مناكف أحياناً، ومعرقل فى أحيان أخرى لمشروعات وطموحات إيران على وجه الخصوص، مع سعى لتحييد إسرائيل أو طمأنتها، وطموح للتحالف مع تركيا، بعد كل ما حدث من فتور فى العلاقات الأمريكية السعودية، انعكست فى شكل تراجع الاهتمامات الأمريكية فى الإمساك بإدارة الأزمات الساخنة، مقارنة بحماس وفعالية المنافس الروسى وحلفائه الإقليميين خاصة إيران ونظام الرئيس السورى بشار الأسد.
ثانى هذه المحددات، حرص إيران على استثمار نجاحها فى حل أزمة برنامجها النووى مع القوى الدولية الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، ونجاحها بالتبعية أخيرا فى إنهاء العقوبات الاقتصادية التى سبق أن فرضت عليها بسبب برنامجها النووي، لتأمين تحركاتها فى إقليم الشرق الأوسط وفرض نفسها كقوة إقليمية مسيطرة، على الأقل فى المناطق التى تراها مناطق نفوذ طبيعية (الخليج والعراق وسوريا ولبنان واليمن) والتى بها وجود مميز للمكون الشيعي، مع حرص على التمسك بأربعة التزامات؛ أول هذه الالتزامات عدم التفريط فى الفرصة التاريخية لتأسيس علاقة تعاون برجماتية (عملية) مع الولايات المتحدة، ومحاولة نزع كل أسباب الصدام مع واشنطن، والحرص على إيجاد مناطق وفرص للتعاون المشترك فى مجال إيجاد حلول مشتركة للأزمات، وعلى الأخص الحرص على تأسيس شراكة، حتى ولو كانت غير رسمية أو غير معلنة، للحرب ضد الإرهاب وخاصة تنظيم «داعش» فى العراق، أو تولى المسئولية الأهم فى هذه الحرب. ثانى هذه الالتزامات الحرص على تمتين العلاقة مع الحليف الإستراتيجى الروسى وطمأنته من مغبة تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة، والتأكيد على أن هذه العلاقات لن تكون على حساب العلاقات الإيرانية الروسية. أما ثالث هذه الالتزامات فهو العمل بشتى الطرق على تجنب الدخول فى صدام مباشر مع تركيا للحيلولة دون حدوث تحالف تركى إسرائيلي، أو حتى تحالف تركي سعودى على حساب المصالح والنفوذ الإيرانى خاصة فى سوريا. أما الالتزام الرابع فهو نحو باقى الدول العربية أعضاء مجلس التعاون الخليجى عبر مسارين؛ أولهما: توظيف العلاقة مع هذه الدول فى اتجاه الحيلولة دون حدوث صدام إيراني- سعودى مباشر، وضبط العلاقة مع الرياض فى حدود التنافس إن لم يكن التعاون ممكناً، وثانيهما الحيلولة دون حدوث توحد بين دول مجلس التعاون الخليجى ضد إيران، من خلال استغلال طهران لبعض هوامش التنافس التاريخية وتناقض المصالح بين بعض هذه الدول والسعودية خاصة سلطنة عمان والكويت وبقدر الممكن قطر.
ثالث هذه المحددات؛ الميل الأمريكى للانسحاب التدريجى من هموم إقليم الشرق الأوسط، وحرص واشنطن على نزع فتيل الصدام بين الحلفاء القدامى (إسرائيل والسعودية وباقى دول مجلس التعاون الخليجي) والحليف الجديد (إيران)، والطموح لتأسيس معادلة «وفاق قوى» بين الدول الخليجية وإيران على أمل أن يضم مستقبلاً تركيا ودول عربية (مصر والأردن) قد يتطور إلى صيغة «منظمة تعاون إقليمي» على غرار منظمة «الأمن والتعاون الأوروبي» لا تكون إسرائيل بعيدة عنه.
الرئيس الأمريكى عبر عن صيغة «وفاق القوى» كبديل لسياسة «الأحلاف الأمنية» التى رفضها فى لقائه مع قادة دول مجلس التعاون الخليجى (مايو 2015)، لكن اللافت أكثر هو حديثه فى لقائه بواشنطن مع حيدر العبادى رئيس الحكومة العراقية عن أنه «لا يرى فى الخليج غير قوتين إقليميتين كبيرتين: إيران وإسرائيل». هنا نلحظ أولاً اعترافه بإيران كقوة إقليمية كبرى، ونلحظ ثانياً اعتباره إسرائيل قوة إقليمية خليجية، وهذا هو الأخطر.
أما رابع هذه المحددات فهو الدخول الروسى القوى فى تفاعلات إقليم الشرق الأوسط وبالذات فى سوريا متحالفاً مع إيران ومتصادماً مع تركيا ومهادناً لإسرائيل.
كيف سيؤثر هذا كله على صراعات القوى الإقليمية فى قيادة نظام الشرق الأوسط؟ وأين مصر من هذه الصراعات؟.
لمزيد من مقالات د. محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.