كتبت:سجيني دولرماني: باختيار الأمريكي جيم يونج كيم تكون عملية رئاسة البنك الدولي قد تم حسمها لكن المهام الجديدة الملقاة علي عاتقه تفرض تحديات قوية علي الزعامة الجديدة. لعل أهم هذه التحديات أن طبيعة المانحين تغيرت كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية. فلم يعد المانحون مجرد دول بل دخل علي الخط لاعبون جدد مثل مؤسسة بيل وميليندا جيتس, وصندوق أكيومين غير الساعية إلي الربح والتي تفرض في الوقت نفسه انتهاج أساليب تطبق في القطاع الخاص للتعامل مع مشكلات التنمية. في الوقت نفسه بدأت وكالات رسمية عديدة مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية, والإدارة البريطانية للتنمية الدولية في تحويل مساعداتها ومنحها إلي مشروعات بذاتها التي عادة ما تكون الشركات المحلية والمنظمات غير الحكومية ورجال الأعمال المحليين طرفا فيها وبالتالي فإنها تفرض الالتزام بأساليب رقابية مبتكرة وتلتزم الشفافية في عملها. يضاف إلي ذلك أن المنح لم تعد تتخذ مسارا واحدا من العالم الغني إلي العالم الفقير. فالهند اقترحت مؤخرا إنشاء بنك للتنمية تموله الاقتصاديات الصاعدة وعلي رأسها الصين والبرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا وهو ما يعني أن مصادر التمويل في المستقبل ستكون متنوعة وتخضع لحسابات ومصالح مغايرة. علي الجانب الآخر فإن تنفيذ برامج البنك الدولي في الدول الفقيرة سواء تتعلق بتوسيع القدرة علي توصيل الخدمة الصحية المتطورة إلي الفقراء أو بناء مشروع لإمداد المناطق الفقيرة بالكهرباء يتم من خلال لاعبين متعددين مثل مؤسسات الإغاثة أو وكالات الأممالمتحدة المعنية بالتنمية أو رجال أعمال وشركات تسعي إلي الربح ولكنها تري في تقديم المساعدة للفقراء فرصة غير مباشرة لها لتوسيع مجال أعمالها. وبمعني آخر فإن القيادة الجديدة يجب أن تمتلك الرؤية والقدرة علي التنسيق واتخاذ القرارات بما يتواءم مع نشاط لا تبدو فيه الفواصل واضحة بين معايير العمل العام والخاص. وبغض النظر عن طبيعة القيادة الجديدة, فهناك مهام عاجلة أمام جيم يونج كيم أولها أن يعيد وضع حل مشكلات الفقر علي أجندة العمل العالمي. فقد تراجع أداء البنك الدولي منذ وقوع الانهيار المالي والتركيز علي عمليات انقاذ الدول الواقعة تحت سيف الديون السيادية في منطقة اليورو التي يديرها صندوق النقد الدولي, ومن ثم الحاجة الملحة لإعادة تركيز الانتباه العالمي علي أهداف الألفية الجديدة للقضاء علي الفقر. هناك أيضا مشكلة التقلبات الحادة في أسعار السلع الغذائية الرئيسية التي سببت المجاعات والاضطرابات السياسية في عدد من الدول النامية. ويتطلب الحد من تداعيات هذه المشكلات زيادة المساعدات التي يقدمها البنك الدولي من خلال برنامج مواجهة أزمات الغذاء العالمي, وتمكين المزارعين من انتهاج أساليب زراعية تحقق محاصيل أكبر من ذات المساحة المنزرعة, ومواجهة عمليات استحواذ دول وشركات علي مساحات شاسعة صالحة للزراعة في إفريقيا واستغلالها لأغراض غير إنتاج الغذاء. في الماضي.. البنك الدولي كان ضمن أهدافه الرئيسية مساعدة الدول علي عمليات إعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية, وفي الوقت الحاضرأمامه مهام رئيسية في مساعدة الدول الخارجة لتوها من صراعات دينية أوعرقية أو ثورات الربيع العربي علي اجتياز المراحل الانتقالية بأقل قدر من الخسائر الاقتصادية التي يتضرر منها الفقراء.