كتبت:أسماء الحسيني تبني مجلس الأمن ا لدولي يوم الأربعاء الماضي قرارا يطالب دولتي السودان وجنوب السودان بوقف الأعمال العدائية خلال ثمان وأربعين ساعة وحل خلافاتهما ضمن مهلة ثلاثة أشهر, وإلا وقع الطرف الذي يعرقل ذلك تحت طائلة العقوبات. ودعا القرار الذي تقدمت به الولاياتالمتحدة وفرنسا دولتي السودان إلي استئناف المفاوضات بدون شروط تحت رعاية الاتحاد الأفريقي حول القضايا العالقة بين الطرفين, وأبرزها تقاسم العائدات البترولية وترسيم الحدود المشتركة, في غضون أسبوعين, وإنجازها في مهلة الثلاثة أشهر. ويستجيب مجلس الأمن بذلك لقرار اتخذه الاتحاد الأفريقي في24 أبريل الماضي, ودعا الأممالمتحدة إلي دعم عمله بموجب الفصل السابع من ميثاقها الذي ينص علي فرض إجراءات قسرية لفرض تطبيق القرار في حال تهديد السلم. وكانت روسيا والصين البلدان الشريكان لدولتي السودان, واللذان يشتريان منهما البترول قد ابدتا تحفظا في البداية, لكنهما انضمتا إلي القرار في نهاية المطاف. وقد صعد المجتمع الدولي أخيرا من تهديداته لدولتي السودان بعد تفاقم حدة الوضع بينهما, ووصوله في الأسابيع الأخيرة إلي وضع ينذر بإندلاع حرب شاملة,وقدعزز التوجه الدولي لإقرار مشروع القرار الأمريكي أن قوي عديدة قد يأست من إمكانية وصول الوساطة الأفريقية لحل سلمي متفاوض عليه بين الطرفين بشأن القضايا العالقة العديدة التي مازالت علي حالها منذ انفصال الجنوب في يوليو الماضي,ولعل ماكان يعيب الوساطة الأفريقية أنها كانت مبادرة مفتوحة بلا سقف زمني محدد, وبلا وسائل للضغط علي الطرفين لإلزامهما بتنفيذ ما يتوصلان إليه,واعتمدت علي النوايا الحسنة التي لم تكن متوافرة بين الطرفين, اللذين يعانيان أزمة ثقة متبادلة, و استمر كل منهما يحاول الضغط علي الطرف الآخر عبر دعم معارضيه. والسؤال الآن هل ستتمكن عصا مجلس الأمن من إجبار البلدين علي نزع فتيل الحرب والعودة إلي التفاوض الجاد والالتزام بما يتوصلان إليه من اتفاقات, ام أن المعارك الأخيرة بين البلدين والشحن والتعبئة التي سبقتها وأعقبتها قد خلقت أجواء غير إيجابية بين النظامين الحاكمين وعكرت صفو العلاقات بين الشعبين, وهو ماسيكون له تأثيره علي سير أي مفاوضات مقبلة بين الطرفين؟ ويبقي أن هناك مخاوف حقيقية من أن تظل الجهود الدولية بشأن السودان طالما استمرت في نظرتها الجزئية لقضاياه مجرد محاولات قد تتمكن من وقف الحرب جزئيا أو لفترة زمنية محدودة, لكنها قد لاتتمكن من إحلال السلام, الذي يتطلب أن تكون الجهود الرامية إليه والترتيبات المنعقدة من أجله أكثر شمولا لجميع القضايا, وللمشكلات التي يحصرها المجتمع الدولي فقط بين دولتي الشمال والجنوب, مع تجاهل القضايا الخطيرة المتفجرة داخل كل دولة علي حدة, والتي إن لم يتم حلها حلا عادلا أيضا, فلن يكون مجديا أي تسوية أو صفقة ثنائية بين الدولتين.