الهيئة الوطنية: ندعو الناخبين مجددًا للمشاركة في انتخابات النواب واختيار من يمثلهم    الأسهم الأمريكية تفتتح على تباين مع ترقب الأسواق لاجتماع الاحتياطي الفيدرالي    متحدث الوزراء: تلقينا مليوني طلب بشأن التصالح على مخالفات البناء    قطاعات البورصة بين صعود وهبوط.. الاتصالات تتصدر الارتفاعات ب2.2%    نائب محافظ مطروح يتفقد المدارس اليابانية بالعلمين الجديدة: تمثل إضافة مهمة للمنظومة التعليمية    وزير التعليم العالي يعلن إجمالي تمويل مبادرة "تحالف وتنمية" يصل مليار جنيه    خالد الترجمان: الخطوط الحمراء المصرية بين سرت والجفرة منعت التوغّل نحو الحقول والموانئ النفطية    فابريزيو رومانو: محمد صلاح يعود لقائمة ليفربول في مواجهة برايتون بالدوري    ظريف يتلاسن مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي    تورام: صلاح من الأفضل في العالم ولكن    أسرار عن جريمة مقتل الفنان سعيد مختار..تعرف عليها    أمطار خفيفة وطقس غير مستقر بمحافظة المنيا.. فيديو    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن وفاة ضابط شرطة بسبب مادة سامة    لبلبة من البحر الأحمر السينمائي: «أنا بتاعة الجمهور»    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    الأمم المتحدة: عودة أكثر من 3 ملايين لاجئ ونازح سوري إلى ديارهم    وسائل إعلام: استبعاد توني بلير من حكم غزة بسبب اعتراضات دول عربية وإسلامية    موجة نزوح جديدة في السودان.. انعدام الأمن يدفع 775 مدنيا للفرار من كردفان خلال 24 ساعة    إيمي سمير غانم تكشف سبب هجومها على منتقدي إطلالتها الأخيرة    سفير اليونان يشارك احتفالات عيد سانت كاترين بمدينة جنوب سيناء    فرانكفورت يعلن قائمته لمواجهة برشلونة في دوري أبطال أوروبا    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    محافظ الجيزة يتابع انتظام العمل داخل مستشفى الصف المركزي ووحدة طب أسرة الفهميين    عضو مجلس الزمالك يتبرع ب400 ألف دولار لسداد مستحقات اللاعبين الأجانب    إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    قبلات وأحضان تثير الجدل في 2025.. من راغب علامة إلى منى زكي وفراج    تسليم جوائز التميز الصحفي بالهيئة الوطنية للصحافة في احتفالية موسعة    رئيس الوزراء يبحث مع محافظ البنك المركزي تدبير الاحتياجات المالية للقطاعات الأساسية    "إيقاف يورشيتش وسامي".. رابطة الأندية تعلن عقوبات مباراة بتروجت وبيراميدز في الدوري    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    إنجاز أممي جديد لمصر.. وأمل مبدي: اختيار مستحق للدكتور أشرف صبحي    وزير الصحة يبحث مع الأوروبي للاستثمار إطلاق مصنع لقاحات متعدد المراحل لتوطين الصناعة في مصر    وزير الزراعة يكشف تفاصيل جديدة بشأن افتتاح حديقة الحيوان    بعد ساعتين فقط.. عودة الخط الساخن ل «الإسعاف» وانتظام الخدمة بالمحافظات    السيدة زينب مشاركة بمسابقة بورسعيد لحفظ القرآن: سأموت خادمة لكتاب الله    عقوبات مباراة بتروجت وبيراميدز.. إيقاف يورتشيتش الأبرز    وزير إسكان الانقلاب يعترف بتوجه الحكومة لبيع مبانى "وسط البلد"    أمين الأعلى للمستشفيات الجامعية يتفقد عين شمس الجامعي بالعبور ويطمئن على مصابي غزة    حدث في بريطانيا .. إغلاق مدارس لمنع انتشار سلالة متحولة من الإنفلونزا    «القومي للمرأة» يعقد ندوة حول حماية المرأة من مخاطر الإنترنت    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    نادي قضاة المنيا يستعد لتشييع جثامين القضاة الأربعة ضحايا حادث الطريق الصحراوي    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي ال15 للتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية    السفير الأمريكيّ: إسرائيل لا تربط بين عملياتها في لبنان ومسار المفاوضات    لتعزيز التعاون بين القطاع القضائي والمؤسسات الأكاديمية، مساعد وزير العدل يزور حقوق عين شمس    «هجرة الماء» يحصد أفضل سينوغرافيا بمهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية    موجة تعيينات قضائية غير مسبوقة لدفعات 2024.. فتح باب التقديم في جميع الهيئات لتجديد الدماء وتمكين الشباب    زراعة الفيوم تعقد اجتماعا لعرض أنشطة مبادرة "ازرع"    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    نيللي كريم تعلن انطلاق تصوير مسلسل "على قد الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أجمل صيد السمك.. مع عبد الناصر!
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 01 - 2016

لأن صديقاي القادمين من بلاد التبت في آخر بلاد الدنيا.. باق علي رحيلهما من أرض الخلود والحضارة التي علمت الدنيا ما لم تعلم.. يادوب أربعة وعشرين ساعة لا غير.. فقد قبل تاناكان وهيباتا رفيقة دربه وديانته.. دعوة الصديق سمير متري جيد خبير المحطات النووية علي غداء في نادي السيارات الملكي هذا هو اسمه حتي كتابة هذه السطور بعدها يودعان بلد الحضارة والطيبة والخلق الرفيع والكرم بلا حدود والسخرية من كل شيء.. حتي من الأيام وغدرها.. ومن الطغاة الذين حكمونا عبر التاريخ وفي مقدمتهم عمنا قراقوش العظيم.. ومن الدول التي تريد بنا شرا مستطيرا.. والجماعات التي ترتدي مسوح القديسين وعباءة الورع والطهر والنبل والطيبة والدين.. أمام الدنيا كلها.. وترفع راية الاسلام وفي صدورها شر الدنيا كلها بوصفها حاملة تعاليم قابيل أول قاتل في الأرض.. الذي لم يجد أحدا يقتله.. فقتل أخاه ابن أمه حواء وأبيه آدم عليه السلام!
لماذا.. أنتم تسألون؟
.. والجواب: حتي لا يتزوج قابيل أخته ليبودا الدميمة.. ويتزوج أخت هابيل لوكيما الجميلة!
وتعودوا تسألون: لماذا كل هذا الشر الذي يملأ أركان الأرض الآن؟..
والجواب: لاننا كلنا شئنا أم لم نشأ من نسل هذا الأخ الشرير الذي اسمه قابيل أو قايين كما تسميه التوراة والانجيل.. الذي فر بلوكيما الجميلة بعد أن قتل أخاه هابيل.. وتزوجها وأنجب منها نسل الدنيا كلها.. ومن عنده كلام آخر فليتفضل!
يقاطعني صاحب الدعوة الكريمة الصديق سمير متري جيد بقوله: أنت إذن لم تسمع بما قاله لنا »سفر حزقيال« الثالث والعشرون من الكتاب المقدس في توراة موسي.. لقد قال: »فابطل الرذيلة في الأرض فتتأدب جميع النساء..«
قلت: تقصد النساء هن أصل الشر في الأرض من أيام سيدنا آدم عليه السلام؟
قال ضاحكا من أيام قابين وهو قابيل في الاسلام وهابيل.. هو القتيل في التوراة كان بسبب الهروب بلوكيما الجميلة وترك ليبودا الدميمة لهابيل!
قالت الراهبة هيباتا بضفيرتيها السوداوتين وعيونها الضيقة الناعمة الناعسة وهى تنصت لحوارنا الذي كنا نقوله باللغة العربية بلهجتنا المصرية.. سألتنا هي: ماذا تقولان: هل من أحد يترجم لى حديثكما إلي اللغة الانجليزية؟
.. ولماذا نذهب بعيدا ولدينا صديقنا سمير متري وهو لبلب في اللغات.. فقد ترجم لها كلامنا وانتهي إلي عبارة: أن المرأة إذا كانت مظلة الخير في الأرض.. فإن كل شرور الدنيا عادة توقع هي عليها بقلمها قبل أن تنفجر!
قطبت هيباتا جبينها غضبا وحنقا وقالت: أنتم معشر الرجال تظلمون المرأة دنيا وآخرة في الأرض وفي السماء!
أقاطعها بقولي: وهل عندكم آخرة مثلما عندنا.. يعني حياة أخري بعد الموت كما في الاسلام والمسيحية؟
قالت: نعم.. وبوذا العظيم سوف يحكم بين الناس في السماء.. ويعطي كل ذي حق حقه..
هيباتا مازالت تتكلم: والبوذية تحترم المرأة وتصفها بأنها شجرة الحياة علي الأرض.. وأنها تسقي الأحياء لبنا من صدرها وحنانا من قلبها وحكمة من عقلها.. لكي يكبر الحق والصدق والخير ويعمروا الدنيا كلها.. كما يسقي النهر الزرع والضرع.. لكي تظلل الأشجار الأولاد والبنات والدنيا كلها بالحب والسلام والشبع..
ترفع صوتها هذه المرة وتقول لنا: المرأة في الديانة البوذية هي الشجرة التي تملأ الأرض ظلالا وثمارا وسلاما وأمنا ورحمة.. المرأة يا عزيزي هي أصل الحياة.. كما أنها أيضا سر الحياة وسر عمار الكون كله.. ولولاها ما عاش علي الأرض ظل إنسان.. وما بقي في الدنيا رحمة وحب وعطاء..
نصفق كلنا للكلام ولتعاليم هذا الدين الطيب..
قلت للعزيزة هيباتا: ولكنني أعرف من قراءاتي يا راهبة التبت الحسناء أن ديانة البوذية التي خرجت إلي الدنيا فيما بين سنة 564 و483 قبل الميلاد طبعا يعني عمرها علي الأرض الآن نحو 2579 سنة يعني نحو 25 قرنا من الزمان ويزيد.. كان رسولها بوذا لا يؤمن بالحياة بعد الموت.. يعني ليس في البوذية بعث ولا حساب!
قالت: هذا صحيح.. فالحساب كله علي الدنيا وعلي الأرض.. ولكن طائفة من البوذية وأنا منها تؤمني بأن بوذا سوف يظهر مرة أخري في السماء بعد الموت.. ويحاسب المقصر ويثيب المؤمن!
...................
...................
يتدخل عمنا تاناكان الذي ظل صامتا طول الوقت بقوله: أنت يا عزيزي لم تكمل لنا قصتك مع جمال عبد الناصر وأنور السادات وهما معا اللذين صنعا الثورة وصنعا الحرب والسلام؟
قلت: لقد حدثتكما عن حكايتي الأولي مع الرئيسان جمال عبد الناصر عندما كنت تلميذا في المرحلة الثانوية في مدرسة القناطر الخيرية.. أما الحكاية الثانية رويتها هنا في هذا المكان مرة ولا بأس من روايتها لكما مرة أخري: لقد قلت لكما إن أول لقاء لي مع جمال عبد الناصر.. في عام 1953 ثاني عام بعد ثورة يوليو 1952.. وكان يمر بعربته الشيفورليه الكابورليه موديل 1951.. وانتظرناه في قلب حدائق القناطر حيث كانت مدرستنا..
أما المرة الثانية فقد كانت عندما كنا نذهب لصيد السمك أنا وابن عمي محمود فى الترعة التي تمر تحت شبابيك الاستراحة الملكية في حدائق القناطر الخيرية.. ولم يكن هناك حراس كثيرون ومخبرون وأمن بكثافة هذه الأيام.. حيث إن جمال عبد الناصر كان يستقل في تحركاته سيارة مكشوفة.. يعني »كابورليه« ولأن الدنيا كانت أيامها آمان وسلام وحب.. وليس رصاصا وغدرا وقتلا وهجوما مسلحا وزرع قنابل تقتل الأبرياء والأطفال والنساء كما يحدث الآن.. ولم تكن جماعات داعش وبيت المقدس والنصرة قد ظهرت بعد والتي ترفع راية الاسلام.. والاسلام منها بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب.. كما يقولون.. وطبعا ابن يعقوب هذا هو سيدنا يوسف عليه السلام..
يتدخل تاناكان الراهب البوذي بهيبته وسماحته وتدينه وتواضعه الجم في الحوار وكأنه يتعبد بقوله: من تعاليم بوذا العظيم عندنا أن كنوز الدنيا كلها لا تساوي لحظة سلام مع النفس.. ولا ننسي كلماته هنا: »أحبب جارك.. ولا تكره عدوك.. بل صلِّي من أجله.. حتي لو خاصمك.. وتحمل أذاه لو آذاك يوما.. وادعو له عند بوذا العظيم أن يرحمه وأن يغفر له.. فالعداوة حشرة خبيثة.. والحب هو حمامة سلام ترفرف فوق رءوس من أحب بصدق وصنع الخير لمن حوله قبل أن يطرق باب داره..
يا سيدي من تعاليم بوذا العظيم: أن تحب نفسك ليس هذا بشيء ولكن أن تحب غيرك وكل من حولك وأن تزرع شجرة وأن تأوى طائرا ضالا.. وأن تطعم جارك الجوعان.. وأن تسقيه شربة ماء.. وأن تربي أولادك علي حب الخير وصناعته.. دون أن تنتظر الرد.. وأن تظلل امرأتك أو امرأة غيرك تحت جناح الرحمة.. وأن تأويها وتطعمها وتسقيها وتكسوها.. وتحنو علي أبنائها وبناتها كأنهم أبناؤك أنت وبناتك أنت..
....................
....................
لم يروقني كل الكلام وخصوصا عبارة »أحبب جارك حتي لو آذاك«
وقلت لعمنا تاناكان: لقد كان سيدنا محمد نبي الله يتحمل أذي جاره اليهودي كل صباح.. وعندما مرض هذا اليهودي زاره سيدنا محمد في داره للاطمئنان عن صحته.. فما كان من اليهودي إلا أن أعلن اسلامه.. رغم أن الدين الاسلامي الذي أتي به نبي الله قال لنا: إن العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم!
يتدخل عمنا سمير متري جيد في الحديث وهو الحافظ لموسوعة السسنكسار الذي يكتبه كل صباح رهبان الكنائس والأديرة ويسجلون فيه أحداث كل يوم وكل ساعة منذ لحظة دخول المسيحية إلي مصر وحتي الآن.. بقوله: ولكن من تعاليم المسيح أن من صفعك علي خدك الأيمن.. أدر له خدك الأيسر!
قال تاناكان: نحن لا نرد الإساءة بإساءة مثلها.. ولكننا نتعبد ونصلي وندعو للذي أساء إلينا قولا أو فعلا بالرحمة والمغفرة عند بوذا العظيم!
...........................
...........................
هيباتا ونحن حول مائدة الغذاء العامرة بكل صنوف الطعام اللذيذ نعود إلي سؤالها الأول: ولكنك يا عزيزي حتي الآن لم تكمل لنا حكايتك مع الرئيس جمال عبد الناصر؟
قلت: آه.. لقد تاه مني الحوار.. علي أي حال كنت أذهب لصيد السمك مع ابن عم لي اسمه محمود في مياه ترعة تمر بجوار الاستراحة الملكية للملك فاروق والتي أصبحت بعد الثورة استراحة للرئيس: وقد قابلت يوما الرئيس أنور السادات في حديقتها مع صديق العمر وسيد القلم الهصور أنيس منصور عندما كان يمضي السادات خميس وجمعة هناك.. وكان يطلق عليها عبارة: أنا هنا في استراحة وزير الري!.. ولم يذكر أبدا انها كانت استراحة الملك فاروق الأول!
تسألني هيباتا: طيب والرئيس الأسبق حسني مبارك هل كان يذهب إلي هناك؟
قلت: أبدا.. فقد اختار شرم الشيخ مقرا له ومشتي ومصيفا.. خليني بقي أحكي الحكاية والا فاتتكم الطائرة المصرية المسافرة إلي بانكوك!
قالت هيباتا بقلق: لا.. نريد أن نلحق بمعبد بوذا العظيم ونوزع الهبات والخيرات علي فقراء جبال التبت الذين يعانون الآن البرد والجوع كما علمت!
قلت: كنا نذهب للصيد في ترعة خلف استراحة الملك التي كان يذهب إليها جمال عبد الناصر وأسرته كل اسبوع.. وجلسنا أنا وابن عمي محمود وهو أكبر مني بعامين نصطاد السمك بسنانير بدائية كان يصطاد بها سيدنا آدم نفسه.. من البوص وخيط وسنارة بدائية.. نطعمها بدود نخرجه من طين شاطئ الترعة.. وفجأة اصطاد محمود ابن عمي سمكة بياض كبيرة.. ولكن السمكة الكبيرة قفزت من السنارة إلي الخلف.. فنظرنا خلفنا فإذا الرئيس عبد الناصر بنفسه خلفنا تماما وهو ممسك بالسمكة البياض الكبيرة بين يديه.. وهو يضحك ويقول: المرة دي سمكة كبيرة قوي.. أنا قاعد وراكم من ساعة أراقبكما..
ثم تحرك ناحيتنا ونحن الاثنان في حالة يرثي لها من الخوف.. ولكن الرئيس عبد الناصر يومها ابتسم لنا ابتسامته المعهودة.. وربت علي كتفينا وقال لنا وهو يأخذ مكانه إلي جوارنا علي شاطيء الترعة: خلليني اقعد معاكم.. عشان تعلموني ازاي أصطاد!
تصوروا عبد الناصر بنفسه وهيبته وهو يجلس بين شابين صغيرين عمر الواحد منهما لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره..
وراح عبدالناصر يصطاد معنا بعد أن صرف الحراس.. وقال لهم عبارة لا أنساها أبدا: خلوني أعرف أتنفس لوحدي شوية!
أمضينا مع عبد الناصر أكثر من ثلاثة أرباع الساعة وهو يضحك ملء شادقيه وهو يصطاد سمكة أو تهرب منه سمكة.. إلي أن جاءه سكرتيره الخاص يخبره بتليفون مهم.. قام عبد الناصر متذمرا.. وهو يقول لنا: كل يوم جمعة أنا هنا.. تعالوا الجمعة الجاية نصطاد تاني سوا.. وقال للحراس: دول جايين الجمعة الجاية دول قرايبي خليهم يدخلوا.. أنتم أسمكم ايه؟.. تصوروا إن عبد الناصر لم يسألنا طول الوقت من نحن؟ ومن أين أتينا؟
وذهب عبد الناصر.. وانسحبنا نحن في هدوء.
تسألني هيباتا بخبث الحريم: هل ذهبتهم الجمعة التي بعدها إلي استراحة جمال عبد الناصر؟
قلت لها: ودي معقولة المرة دي صابت.. المرة الثانية ما نعرفش هيحصل ايه.. علي أي حال لقد كنا أصغر من تكرار لقاء عبد الناصر من تلقاء أنفسنا مرة أخري!
...........
.......
ودعنا تاناكان وهيباتا.. إلي لقاء آخر هذه المرة داخل دير قصي يعبدون فيه الله في جبال التبت.. يا مين يعيش؟{
لمزيد من مقالات عزت السعدنى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.