بكام سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 11 مايو 2024    سعر الذهب اليوم في بداية التعاملات الصباحية وعيار 21 الآن السبت 11 مايو 2024    780 جنيها انخفاضًا ب «حديد عز».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024    مباريات اليوم السبت11-05-2024 في الدوري المصري والقنوات الناقلة    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتنجهام فورست في الدوري الإنجليزي    متى تتحسن حالة الطقس وتنتهي العاصفة الترابية؟ .. الأرصاد الجوية تجيب (تفاصيل)    الحماية المدنية تسيطر على حريق جراج بأبو النمرس    لأول مرة.. يسرا تكشف موقفها بشأن العمل مع مي عمر ومحمد رمضان (فيديو)    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    حركة القطارات | 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 مايو    عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. ترحيب عالمي واستنكار صهيوني    طلبة جامعة بورتوريكو يرفعون علم فلسطين بدل الأمريكي فوق جامعتهم (فيديو)    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    الفنانة ندى موسى: هذه مواصفات فتى أحلامي    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    مصرع شخص صدمته سيارة طائشة في بني سويف    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    تعليم الجيزة تحصد المراكز الأولى في مسابقة الملتقى الفكري للطلاب المتفوقين والموهوبين    في أقل من 24 ساعة.. «حزب الله» ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل    «الصورة دي فوتو شوب».. إبراهيم سعيد ينتقد الشيبي: «لاعب رخم ومشاغب»    إحالة جميع المسؤولين بمديرية الصحة بسوهاج للتحقيق    الغرفة التجارية: توقعات بانخفاض أسعار الدواجن والبيض الفترة المقبلة    الولايات المتحدة: استخدام إسرائيل للأسلحة ربما ينتهك القانون الدولي    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    مأمورية من قسم الطالبية لإلقاء القبض على عصام صاصا    إصابة 13 عاملًا في حادث انقلاب سيارة بالغربية    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    اليوم.. الاجتماع الفنى لمباراة الزمالك ونهضة بركان فى ذهاب نهائى الكونفدرالية    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    برج الثور.. حظك اليوم السبت 11 مايو: استعد    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    بلينكن يقدم تقريرا مثيرا للجدل.. هل ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في غزة؟    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المانوية السياسية وحُروبها المُقبلة !
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 01 - 2016

المانوية كديانة ملفّقة من الزراديشتية والبوذية والمسيحية، تنسب الى رجل فارسى الاصل هو مانو بن فتك، وما يعنينا منها فى هذا السياق انها سجينة ثنائية الخير والشرّ، فالعالم بالنسبة لمؤسسها مركب من اصلين قديمين هما النور والظلام، بعد ظهور المانوية بأكثر من الف وثمانمائة عام، تجلت مرة اخرى وكأنها بعثت فى الولايات المتحدة خلال الفترة الرئاسية لجورج بوش الابن، الذى اعلن مرارا انه يستلهم قراراته من السماء وبالتحديد عند الفجر، وكانت عبارته الشهيرة من ليس معنا هو ضدنا بالضرورة تدشين لمانوية سياسية تمتد خطورتها باتجاهين، الاتجاه الاول هو الماضى وما شهده من منجزات عقلية ومنطقية، خصوصا فى الجدلية، والبعد الثالث والاتجاه الثانى هو المستقبل لأنها اصبحت مبثوثة فى ثقافة عنصرية وعرقية متعالية، بحيث اعادت الاستشراق الكولونيالى الى ادبياته التى ظن العالم انه ودعها منذ اصدر المستشرق الفرنسى جاك بيرك بيانه الشهير حول موت الاستشراق الكلاسيكي، فالشرق لم يعد بدعة الغرب ومن اختراعه كما قال ادوارد سعيد، كما انه لم يعد جثة مسجاة على طاولة تشريح، انه بشر لهم تاريخ وحضارات واسهامات تستحق العرفان لا النكران، لكن اليمين المتطرف فى امريكا، والدور الذى يلعبه اللوبى الصهيونى فى تعميق تطرفه قفز قرونا الى الوراء، وهدد التكنولوجيا بان تصبح فى خدمة الميثولوجيا والخرافة، واذا كان البعض يُصنّفون حروب امريكا فى القرن الحادى والعشرين على انها حروب ما بعد الحداثة، او حروب استباقية، فإن ما يليق بها من اسماء لم يقترحه المؤرخون بعد، لأنها لم تضع اوزارها حتى الان، فالحرب على العراق شنّت بلا مسوغات قانونية، لهذا حاولت تلفيق الشرعية الدولية بعد اندلاعها، وما بدأه الجنرال كولن باول من اعترافات بالخديعة حين عرضت صور عن اسلحة الدمار الشامل اتضح انها اختراع امريكي، واصله آخرون فى الاعتراف بما اقترفوا ومنهم طونى بلير الذى ركب رأسه لعقد من الزمن ثم عاد ليعترف بما اقترف . نذكر على سبيل المثال ان الاطروحات المضادة للعولمة لم تصدر عن الشرق بمختلف تضاريسه الايديولوجية والسياسية بل جاءت من قلب اوروبا وبالتحديد من فرنسا والمانيا، فبالنسبة لهؤلاء كان فرنسيس فوكوياما قد لوى عنق هيجل كى يلبى مزاعمه حول نعى التاريخ ونهاية الانسان، وكانت اوروبا من خلال ابرز مثقفيها قد توقعت عبارة كالتى اطلقها رامسفيلد وهى القارة العجوز، فاستبقوا هذا الهجاء السياسى بافتضاح ما سعى اليه فوكوياما حين بشّر بنظام عالمى جديد، اما مساهماتنا العربية فى هذا السجال فقد ذهب معظمها فى ردود انشائية تختزل العولمة الى بعد سياسى فقط، وباستثناء ندوة عقدت فى دبى عام 2008 بعنوان من سرق هيجل كان لى شرف المساهمة فى اعدادها ومداخلاتها، وقُدمت فيها اوراق بحث قيّمة لمفكرين عرب منهم د . حسن حنفى ود. مصطفى ماهر وأدونيس د. جلال امين ود . محمد عابد الجابرى ود. عبد الخالق عبد الله و د. فهمى جدعان ومطاع صفدى والطاهر لبيب وآخرون اضافة الى عدد من المثقفين الالمان، فان السجال حول العولمة بقى يراوح بين السياسى والاقتصادى لكن البعد المعرفى بقى فى مكان آخر . ان اعادة انتاج فيلسوف مثل هيجل بمعنى اجراء جراحات منهجية لأفكاره بحيث يصبح ابا روحيا لنظام كونى احادى القطب هى من مقدمات المانوية السياسية كما تجسدت فى الاستراتيجية الامريكية خلال عهد الرئيس جورج بوش الابن . يضاف الى ذلك عدة قرائن ترجح التجلى السياسى للمانوية منها زلات اللسان المتكررة للرئيس ذاته، كذكره للحروب الصليبية . وما يطرح الان كمرحلة لاحقة لما سمى الاسلام فوبيا وهو منع المسلمين من العيش المتكافىء كمواطنين فى بعض دول الغرب تكمن خطورته فى قابلية هذا الطرح للتصعيد، خصوصا وان مناهج التعليم فى امريكا مهدت له، وصورة المسلم والعربى فيها تتلخص فى اربع صفات، هى الخيانة والغدر والكذب والجريمة، وقد تحدثت عن هذه الظاهرة بالتفصيل فى مقالة نُشرت بمجلة وجهات نظر المصرية بعنوان الاستشراق الامريكى !
ومن المعروف ان اليمين المتطرف فى امريكا وبتحريض من اللوبى الصهيونى والميديا التى يحتكرها حاول استثمار احداث الحادى عشر من ايلول عام 2001 لتكريس صورة العربى والمسلم فى الذاكرة الامريكية واللاوعى ايضا، ومن هؤلاء من وصف ذلك الزلزال بأنه الضارة النافعة، لأنه فى حال توظيفه ايديولوجيا وسياسيا وعرقيا سيكون بمثابة التمهيد لما يعقبه من اطروحات راديكالية ضد العرب والمسلمين وهناك عامل آخر غذى هذه الظاهرة هو التطرف الاسلامى الذى جسّدته جماعات مختلفة الاسماء لكنها ذات مضمون واحد، فهذه الجماعات قدمت خدمة مجانية لليمين المتطرف، واساءت للاسلام والعروبة معا اضعاف ما يمكن ان يفعله اعداء العرب والمسلمين، لأنها الوجه الاخر للعملة ذاتها وهى العملة المانوية التى تصنف البشر الى مؤمنين وكفّار وتنتدب نفسها لتنوب عن السماء فى العقاب والثواب، لهذا فإن بذرة موت مشروعها تكمن فى جذوره والمستقبل كمين لها وليس حليفا كما تحاول ايهام ضحاياها ممن ازدردوا الطّعم وسقطوا فى افخاخها !
المانوية السياسية هى النقيض لمنطق التعايش الانسانى وتبادل الاعتراف بحقوق البشر فى الاعتقاد والتفكير، انها تهديد يفوق التهديد النووى لمنجزات العقل والحضارة خلال قرون كابدت فيها الانسانية شتى صنوف التنكيل والاقصاء المتبادل، وهى بالتأكيد ستفرز فى حال تفاقمها حروبها الاسوأ من اية حروب سبقتها، لأنها تشطر هذا الكوكب الى اصدقاء واعداء فقط والى صالحين وطالحين واخيار واشرار، والحقيقة غير ذلك تماما، فالانسان ليس ملاكا وليس شيطانا ايضا، انه تكوين نفسى وثقافى وعقائدى اضافة الى الغريزي، وهو تكوين مشروط بارادة وقدرة على ما يسميه فرويد التصعيد ، وبالتالى لجم وشكم الحيوان الذى يهجع تحت جلده .
وقد اصبح واضحا ان التطرف ينتج تطرفا وان الغُلاة ليسوا مُتناقضين على الاطلاق، بل يلتقون عند نقطة واحدة لهذا فإن تغذية المانوية السياسية لدى اليمين الامريكى المتطرف باعتباره المايسترو وبالتالى من يعزفون تحت إمرته تتناغم مع التغذية الاخرى للمانوية التى تمارسها جماعات اسلامية فى مختلف القارات، فهى الان اشبه بالاوانى المستطرقة، لأنها لا تختلف الا فى منسوب ومستوى تقنية الترويع والذبح والحدّ من تفاقم هذه المانوية الجديدة التى يُعاد انتاجها سياسيا يتطلب وعى المثقفين فى العالم كله وفى القارات كلها بما قد يؤول اليه كوكبنا الذى اصبح مُفخخا وقابلا للانفجار فينا جميعا .
ومن اقترحوا لجنة دولية تعمل فى مجال الدبلوماسية الوقائية لتدارك الازمات قبل انفجارها، كان عليهم من باب اولى ان يقترحوا حكماء وذوى خبرة يعملون على نقض ما يبشر به الانبياء الكذبة للمانوية الجديدة .
وما قاله روديارد كبلنغ ذات يوم وهو ان الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا، يجب ان تعاد صياغته انسانيا فالعالم لم يعد اسير الحقبة الكولونيالية وثقافة الكومنولث التى عبّر عنها كبلنغ، والتعايش المتكافىء وحق الاختلاف هما محاصيل فكرية وانسانية تليق بما بذل البشر من تضحيات خلال عدة ألفيات .
وما قاله هنرى ايكن عن السجال الايديولوجى فى القرن التاسع عشر والذى اصبح مجاله الميدانى والحيوى هو حروب القرن العشرين، قد يتكرر لكن على نحو تراجيدى اذا كانت مانوية العقد الاول من هذا القرن ستفرز حروبها فى ما تبقى منه !!
لمزيد من مقالات خيرى منصور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.