أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: من المقرر شرعًا أن الإسلام أباح للمسلم التزوج بأكثر من واحدة، وجعل الحد الأقصى للجمع بين الزوجات أربعا، وقد قيد الإسلام هذه الإباحة بالقدرة على الإنفاق والعدل بينهن فيما يستطيع الإنسان العدل فيه حسب طاقته البشرية، وذلك فى المأكل والملبس والمشرب والمسكن والمبيت والنفقة، فمن علم من نفسه عدم القدرة على أداء هذه الحقوق بالعدل والسوية فإنه يكون آثما ومرتكبًا لذنبٍ إذا تزوج بأخري، ودليل ذلك قوله تعالي: «فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً» [النساء: 3]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: “إِذا كَانَت عِنْد الرجل امْرَأَتَانِ، فَلم يعدل بَينهمَا، جَاءَ يومَ الْقِيَامَة وشِقُّه مائل أَو سَاقِط”. وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929 والمعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه يجوز للزوجة التى تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادى أو معنوى يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالها ولو لم تكن قد اشترطت عليه فى العقد ألا يتزوج عليها, فإذا عجز القاضى عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة، وهذا القانون مأخوذ من آراء فقهاء الشريعة الإسلامية ومعمول به فى مصر. ويجوز تطليق المرأة من زوجها الذى تزوج عليها إذا وقع عليها ضرر بسبب هذا الزواج، وعليها أن تثبت الضرر الواقع عليها بكافة طرق الإثبات. وأما تدخُّل القضاء بمنع تعدد الزوجات والطلاق من غير موافقة الزوج فهو على خلاف الأصل الذى جرى عليه عمل المسلمين، من أن حَلَّ عُقدة النكاح بيد الرجل كما هو الحال فى إبرامها؛ لأن التعدد مباح للرجال بإباحَةِ الشرع؛ لقوله تعالي: «فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ» [النساء: 3]،كما أن الطلاق فى الأصل هو حق الزوج، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، إِنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ”، فالتعدد والطلاق راجعان إلى تقدير الرجل ونظره ولا سلطة عليه فى ذلك إلا من الشرع والوازع الديني، والأصل عدم جواز سلبه ذلك. غير أن بعض العلماء - ومنهم الشيخ محمد عبده مفتى الديار الأسبق- قد دعوا إلى التفكير فى تقنين ذلك فى القرن الماضي، معللين ذلك بأنه من باب السياسة الشرعية؛ حين يشيع بين الأزواج تضييعُ حقوق الزوجات والأولاد، فيكون اشتراط إذن القضاء فى التعدد والطلاق حينئذ من باب تقييد المباح الذى ألجأت إليه ضرورة حفظ الحقوق والحفاظ على الأُسَر، كما قال الإمام مالك: “يَحدُث للناس أقضيةٌ بقدر ما يُحدِثُون مِن الفجور”. وقد قُدِّم هذا الرأى كمقترح يتضمن تقييد تعدد الزواج قضائيًّا بقيدَى العدل والقدرة على الإنفاق، وكان ذلك فى اللجنة التى ألفت سنة 1926م، ولكن بعد الفحص والتمحيص بين رجال الفقه ورجال الشورى رأى أولياء الأمر العدولَ عن ذلك، وجاء المرسوم بقانون رقم 52 لسنة 1929م خاليًا منه. وتعددَ الزوجات والطلاقَ، أمران جعلهما الشرع للرجال أصالةً، وأناط بهم الأخذَ فى ذلك بما يرونه محققًا للمصلحة التى يقدرونها بأنفسهم، واشتراط موافقة القضاء عليهما أو على واحد منهما هو على خلاف الأصل، لأن فيه نقلًا للتكاليف الدينية المتعلقة بين العبد وربه إلى مجال التطبيق القضائي، والعقود إنما يُرجع إلى القضاء فيها عند حصول النزاع فى الآثار المترتبة عليها، لا عند عقدها ابتداءً. إجهاض بعد 120يوما زوجتى حاملٌ فى جنينٍ فى الشهر الثامن، وقد أرفقتُ تقريرًا طبيًّا بخط الطبيب المتابِع لحالتها يفيد بأن الجنين يعانى مِن عدم وجود مريءٍ وقِصَرٍ فى العظام وبعض التشوهات التى توحى بأنه طفلٌ منغوليٌّ مصاحب بزيادةٍ رهيبةٍ فى كمية السوائل حول الجنين؛ ممَّا يعرِّض الأمَّ لضيقٍ فى التنفس واحتمالِ إصابتها بانفجارٍ فى الرحم لعملِ قيصريةٍ سابقةٍ. برجاء الإفتاء لنا؛ هل مِن الممكن إنهاء الحمل لمصلحة الأمِّ وخطورة الحالة عليها؟ اتفق الفقهاء على أنه إذا بلغ عمر الجنين فى بطن أمه مائة وعشرين يومًا -وهى مدة نفخ الروح فيه- فإنه لا يجوز إسقاط الجنين ويحرم الإجهاض قطعًا فى هذه الحالة؛ لأنه يعتبر قتلاً للنفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق؛ لقول الله تعالي: «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكَمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ» [الأنعام: 151]، ولقوله تعالي: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ» [الإسراء: 33]، أما إذا لم يبلغ عمر الجنين فى بطن أمه مائةً وعشرين يومًا فقد اختلف الفقهاء فى حكم الإجهاض: فبعضهم قال بالحُرمة، وهو المُعتَمَد عند المالكية والظاهرية، وبعضهم قال بالكراهة مطلقًا، وهو رأى بعض المالكية، وبعضهم قال بالإباحة عند وجود العذر، وهو رأى بعض الأحناف والشافعية. والراجح أنه يَحرُمُ الإجهاضُ مطلقًا؛ سواء قبل نفخ الروح أو بعده إلَّا لضرورةٍ شرعية؛ بأن يقرر الطبيبُ العدلُ الثقةُ أن بقاء الجنين فى بطن أمه فيه خطرٌ على حياتها أو صحتها، فحينئذٍ يجوز إسقاطه مراعاةً لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة، ولا مانع مِن ذلك شرعًا.