الفنان الذي يحمل شعلة الحضارة والتنوير قد يعيش حياة بائسة يحرم فيها من أبسط الحقوق.. وقد يضطهد سياسيا فيسجن مثل عباس العقاد أو فؤاد حداد أو ينفي مثل أحمد شوقي وبيرم التونسي الذي عاني في الغربة عشرين عاما ما بين تونس وفرنسا بسبب كلمة قالها.. والفنان المبدع الذي تضيع حقوقه الأدبية ولا ينال حقه من التكريم والعرفان هو موضوع قصيدة عمنا بيرم التونسي: تمر الليالي عليه في شجون يلحن ويرسم ويبدع فنون يمتع مسامع ويعجب عيون ولا أجر يقبض ولا يحزنون ييجي له الخواجة ميشيل البيطار يغديه كبيبة وصحنين خضار وياخد تنازل بكل اقتدار عن الحق كله ليوم يبعثون ويبقي الإيراد للخواجة ميشيل وابنه كلود ولا بنته إيديل يحلوا محل اللي ألف عطيل وهما اللي واجب يخشوا السجون أيا برلمان الشباب والشيوخ يا مكسي قطيفة وغرقان في جوخ حرام المؤلف في عهدك يدوخ ويستعبده كل سافل ودون يقولوا المؤلف ده مصباح ظلام يسير في الطليعة أمام الأنام ولو كان حانوتي في قرافة الإمام لكان يلقي حق الرغيف والزتون
رحم الله بيرم التونسي الذي أبدع قصائد عديدة تنادي بحقوق المؤلف وجاهد من أجل تأسيس جمعية المؤلفين والملحنين وطالب بتكريم أهل الفن مثلما يحدث في العالم المتحضر, وهذا الأسبوع كرمت الإسكندرية عددا كبيرا من مبدعيها في حضرة شاعرنا بيرم التونسي, وفي المسرح الذي يحمل اسمه علي الكورنيش بحضور الدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة والدكتور أسامة الفولي محافظ الإسكندرية وبصحبة عدد من كبار الفنانين علي رأسهم سيدة المسرح المصري سميحة أيوب والمخرجان الكبيران سمير العصفوري ودكتور هاني مطاوع والفنان أشرف عبدالغفور نقيب الممثلين والفنان تامر عبدالمنعم رئيس البيت الفني للمسرح.. وفي المكان الذي أصبح يليق الآن باسم شاعرنا الكبير بيرم التونسي بعد أن تم تطوير المسرح وتجهيزه بأحدث التقنيات, واحتواء المبني علي استوديو صوت ومركز إعلامي مجهز بأحدث وسائل التكنولوجيا ونظام دفع مدني متطور قام وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية, بتكريم النجم محمود عبدالعزيز والفنان إيمان البحر درويش نقيب الموسيقيين الذي كان جده رفيق النضال لبيرم ضد الاستعمار وقدما معا مجموعة من أجمل الأغاني الوطنية والأوبريتات, وكذلك الفنانون وحيد سيف وأحمد آدم ويوسف داوود ومحمد وفيق وكوثر العسال ومدحت مرسي وعلي الجندي وإسماعيل محمود والنجم أحمد آدم والمخرج التليفزيوني الكبير, محمد فاضل والفنانة فردوس عبدالحميد والفنانة سميرة عبدالعزيز والملحنان فاروق الشرنوبي وحمدي رءوف بالإضافة إلي الروائي إبراهيم عبدالمجيد وأساتذة الجامعة د. أبو الحسن سلام ود. حسين جمعة أحد أهم مخرجي المسرح ومصممي الديكور بالإسكندرية كما شمل حفل الافتتاح تكريم الأستاذ محمود بيرم التونسي حفيد الشاعر الكبير وقدم عرض بيرم بيرم من تأليف الأستاذ محمود الطوخي وإخراج محمد مرسي. والشيء العجيب أن تلك التكريمات التي شملت مختلف النجوم من ممثلين ومخرجين وأساتذة جامعات لم تشمل شعراء الإسكندرية مع أن بيرم التونسي في الأساس شاعر.. وفي الإسكندرية عدد كبير من الشعراء الذين يستحقون التكريم يصعب حصرهم.. منهم علي سبيل المثال شاعر الفصحي فؤاد طمان وشعراء العامية عماد حسن وعوض بدوي وهاني شحاتة وغيرهم.. والحقيقة أنه لا توجد مظلة أفضل من اسم بيرم التونسي لتكريم شعراء العامية المبدعين, ليس فقط في الإسكندرية وإنما في كل أنحاء مصر.