قصة من قصص الكفاح ورحلة طويلة في طلب العلم لم تثنها رياح اليأس ولم يوهنها كبر السن لتصير أسوة محفزة لشباب خارت هممهم وضعفت عزائمهم, ألا هبوا وانشطوا فإن جدتكم الماثلة بين أيديكم نفضت غبار اليأس لتوقد فيكم مشاعل العلم والأمل .فكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: » قف دون رأيك في الحياة مجاهدا .. إن الحياة عقيدة وجهاد« نجد نموذجا يحيا بيننا تتمثل فيه هذه المعاني ألا وهي الباحثة سهير محمد عيد حسن التي حصلت على رسالة الماجستير بعدما جاوزت السبعين ربيعا. تزوجت عندما حصلت على الشهادة الإعدادية، وواصلت الدراسة حتى التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الكويت، وحصلت على درجة البكالوريوس سنة 1974م بتقدير جيد جدًّا، ثم عملت مدرسا بالمعهد التجاري بالكويت من سنة 1975م إلى سنة 1986م، وعادت بعدها الى مصر. فلما مرض زوجها واصلت الدراسة والتحقت بمعهد الدعاة بالجمعية الشرعية، وحصلت على الإجازة في الدعوة بتقدير ممتاز، فأرادت ان تواصل الدراسات العليا بها فأخبرت انه لابد من الالتحاق بكلية دار العلوم بداية من الفرقة الأولى ففعلت حتى حصلت على الليسانس في الدراسات الإسلامية والعربية عام 2007 بتقدير جيد لكي تكمل مشوارها في الدراسات العليا بها، ثم حصلت على تمهيدي الماجستير بقسم الفلسفة الإسلامية عام 2008 بتقدير جيد جدا، وسجلت رسالة الماجستير في مايو عام 2009، وواصلت البحث والدراسة حتى انتهت منها هذا 28 ديسمبر 2015م. إنها الباحثة الأم أو الجدة إن شئت فلديها ولد وبنت ولكل منهما ولدان فهنيئا لهؤلاء الحفدة بهذه الجدة التي ضربت أروع الأمثلة في الجهاد والكفاح فصارت قدوة ومثلا اعلى في طلب العلم والحرص عليه والمثابرة من أجله. وما كان من طلاب الجامعة وشباب الباحثين في قاعة المناقشة إلا الانبهار بالعمل الدءوب والكفاح المتواصل والجهد الدائم من الباحثة سهير عيد ذات السبعين ربيعا حينما كانت في قاعة المناقشة. وبعد حصولها على درجة الماجستير بتقدير ممتاز كان لنا معها هذا الحوار. ما موضوع رسالتك العلمية ؟ الرسالة نوقشت بقسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، بعنوان: »قضية التكليف وصلتها بالوحدة عند محيي الدين بن عربي«، وذلك يوم الاثنين الماضي، ومنحتني اللجنة المشرفة درجة الماجستير في الفلسفة الإسلامية بتقدير ممتاز، وقال عنها المشرف على الرسالة الدكتور حامد طاهر أستاذ الفلسفة الإسلامية وعميد الكلية سابقا: إنها خاضت غمار موضوع صعب جدًّا، وهي من محبي محيي الدين ابن عربي، وبالرغم من ظروفها حيث إن لها أولادا وأحفادا وأبناء أحفاد يحضرون معها، إلا أن ذلك لم يعقها عن مواصلة مسيرتها في طلب العلم، وهذا مما يشجع على طلب العلم ويحفز همم الباحثين ولقد عالجت هذا الأمر وملأت فراغها بعد موت زوجها. كما أثنى علي الدراسة عضوا لجنة المناقشة الدكتور عامر النجار أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة قناة السويس والدكتور عبد الراضي عبد المحسن أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة ووكيل الكلية، وأوضحا المناقشان أن البحث بُذل فيه مجهود كبير، مما يدل على حرص الباحثة على طلب العلم والاجتهاد من أجله بالرغم من ظروفها وأعبائها، وهي مثال طيب لطلاب العلم. كيف كانت رحلتك في طلب العلم؟ تزوجت عندما حصلت على الشهادة الإعدادية، إلا أنني واصلت الدراسة بعد سفرى للكويت مع زوجىحتى التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الكويت، وحصلت على درجة البكالوريوس سنة 1974م بتقدير عام جيد جدًّا، ثم قمت بالعمل مدرسا بالمعهد التجاري بالكويت من سنة 1975م إلىسنة 1986م، ثم عدنا إلى مصر بعدها. وهل واصلتِ طلب العلم بمصر؟ نعم بالرغم من مرض زوجي واصلت الدراسة فالتحقت بمعهد الدعاة بالجمعية الشرعية، وحصلت على الإجازة في الدعوة بتقدير ممتاز، ثم حصلت على تصريح الدعوة من وزارة الأوقاف، وبما أنني غير متخصصة في العلوم الإسلامية وأمارس الدعوة التحقت بكلية دار العلوم وحصلت على دبلوم عام في الدراسات الإسلامية سنة 2003 بتقدير عام جيد جدا كي أتمكن من الدعوة بجدارة فأعجبني منهج الكلية في تدريس العلوم الإسلامية والعربية فأردت أن أواصل الدراسات العليا بها فأخبرت أنه لا بد من الالتحاق بالفرقة بالكلية ففعلت حتى حصلت على ليسانس في الدراسات الإسلامية والعربية عام 2007 بتقدير عام جيد من كلية دار العلوم جامعة القاهرة؛ كي أتمكن من مواصلة الدراسات العليا بها، ثم حصلت على تمهيدي ماجستير بقسم الفلسفة الإسلامية عام 2008 بتقدير جيد جدا، وسجلت رسالة الماجستير في مايو عام 2009، وواصلت البحث والدراسة حتى انتهيت منها هذا العام ديسمبر 2015م. لماذا اخترتِ ابن عربي بالذات بالرغم من صعوبة الدراسة فيه وما يدور من إشكاليات حوله؟ احترت ابن عربي كونه كان يقول بوحدة الوجود فأردت أن أرد عليه وأناقش فكره في هذه الإشكالية، والتقيت بزميلة لنا في القسم (اسمها أسماء) تقدم رسالة عن »خلق الإنسان عند ابن عربي« وحدثتني عنه وأوضحت لي مكانته وتبحره في العلم؛ وهو ما شجعني على مواصلة الدراسة في هذا الموضوع؛ حيث تعرفت على ابن عربي من هنا، واخترت قضية التكليف عند ابن عربي. من الذي أعانك في البحث وأنت تدرسين شخصية بها إشكاليات كابن عربي؟ ساعدني في البحث الشيخ اللواء محمود غراب ومؤلفاته، حيث إن لديه مجموعة من المؤلفات عن ابن عربي تسهل المادة العلمية في يد الباحث وتجعله يستدرك ما يفوته من نصوص ابن عربي في كتبه المختلفة ومؤلفاته المختلفة. ما هو شعورك وأنت تناقشين رسالتك للماجستير في وجود أولادك وأحفادك وأولادهم؟ حرصت أن أكون لهم قدوة ومثلا أعلى في طلب العلم والحرص عليه والمثابرة من أجله، كي أحفزهم على البحث والدراسة. هل لديك أولاد وما عددهم وما هي دراساتهم؟ نعم لدي ولد وبنت، ابنتي مهندسة كومبيوتر وابني حاصل بكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة الكويت، وأولادي كل واحد منهما لديه اثنان من الأولاد، ابني لديه ولدان يدرسان الهندسة بكندا، وابنتي لديها ولد وبنت هما مهندسان انتهيا من الدراسة الجامعية. ما هي أهم النتائج التى توصلت إليهاأطروحتك؟ أهم النتائج أن الإنسان له ظاهر وباطن، وأن كل ما خلقه الله مكلف، مستندًا لقوله تعالى: (وما من شيء إلا يسبح بحمده)، وأن ابن عربى كتب كلامه للخاصة وليس للعامة وإن في كتاباته ما يخرج عن سقف العقل المشترك. ماذا تقولين لطلاب العلم؟ أقول لهم إن العلم لا سن له، ولا يرتبط بالعمل، وينبغي طلب العلم لذات العلم وللتعبد به، وأنا سعيت في طلبه من أجل الدعوة إلى الله وتعريف الناس بدينهم.