فى الوقت الذى تبذل فيه الدبلوماسية المصرية جهودا حثيثة على كافة الأصعدة لاستعادة الدور الريادى لمصر بعد ثورة 25 يناير– تفجرت أزمة ما كان لها أن تحدث بين البلدين الشقيقين مصر والسعودية بسبب القبض على الناشط السياسى أحمد الجيزاوى بالسعودية منذ اسبوعين بتهمة حيازة أقراص مخدرة بينما كان فى طريقه وزوجته لأداء العمرة، وقد تصاعدت ردود الأفعال من هنا وهناك دون إنتظار لنتائج التحقيقات، وخيمت هذه القضية بأحداثها على زخم الانتخابات الرئاسية المصرية والجدل الدائر حول تشكيل اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور.. وزاد من تفاقم الموقف الإجراء الغاضب من جانب المملكة باستدعاء سفيرها بالقاهرة أمس وغلق قنصلياتها بالقاهرة والاسكندرية احتجاجا على المظاهرات العنيفة ضد سفارة المملكة من جانب عدد من المتظاهرين الغاضبين الذين نددوا بالقبض على الناشط وشككوا فى القضاء السعودى، على الرغم من أن وزارة الخارجية أعلنت أنها تتابع بكل جدية قضية الموطن المصرى أحمد الجيزاوى، وقد كلف وزير الخارجية السفارة المصرية فى الرياض والقنصلية المصرية فى جدة بإجراء اتصالات عاجلة فى هذا الشأن لمعرفة ملابسات القضية والعمل على إطلاق سراح المواطن المصرى. لقد لفت بيان وزارة الخارجية منذ اللحظة الأولى إلى أنها تتفهم مشاعر الانزعاج الشديد لدى المواطنين إزاء القبض على المواطن المصرى، خاصة أنه كان فى طريقه لأداء مناسك العمرة فى الأراضى المقدسة، إلا أنه مثلما يحق للمواطنين الإعراب عن انزعاجهم هذا فإن من واجبهم التفكير فيما إذا كان أسلوب التعبير سيصب فى مصلحة المواطن المصرى المحتجز أم سيزيد موقفه سوءا. الخارجية حددت موقفها بأنها معنية فقط بالخطوات العملية التى من شأنها إنهاء القضية، ولن تشارك بأى صورة فى تغذية الحملات الإعلامية التى ترمى إلى تسجيل النقاط الدعائية وتأجيج مشاعر الرأى العام دون مراعاة لانعكاسات ذلك على وضعية السيد أحمد الجيزاوى، ولم يكن المتحدث الرسمى عمرو رشدى مبالغا عندما ناشد الجميع مراعاة أننا نتحدث عن مسألة قضائية يتوقف عليها مصير مواطن مصرى محتجز فى الخارج وليس عن مباراة لكرة القدم يمكننا التعبير عن مشاعرنا إزاء نتيجتها كيفما نشاء. يبدو أن الأشقاء فى المملكة كانوا يتوقعوا من السلطات المصرية أن تؤمن لهم سفارتهم أو تقيم حواجز تمنع المتظاهرين من الوصول إلى أبواب السفارة وبناء جدار عازل لحماية السفارة . أتساءل لماذا تركنا الأمر يتصاعد إلى حد الأزمة ولنا فى السعودية جالية يزيد عددها على المليون نصف المليون مواطن، كما أن هناك لجانا قنصلية بين وزارتى خارجية البلدين تتولى حل مثل هذه المشكلات التى لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة. وهناك ما يربط البلدين الشقيقين من علاقات استراتيجية راسخة سيمكنهما من تجاوز أية حوادث عارضة تعترى مسار هذه العلاقات، وذلك من خلال تعاون الجانبين للتعامل مع أى مشكلات بما يضمن حقوق الملايين من مواطنى البلدين المقيمين فى مصر والسعودية، ومن خلال إعمال القانون واحترام قوانين البلدين وحماية مصالح رعاياهما. التساؤل الآن ماذا ستفعل القيادة المصرية بعد سحب المملكة سفيرها من القاهرة، هل سترد بالمثل أم سيتم تجاوز الأزمة سريعا حرصا على مصلحة البلدين. المزيد من مقالات محمود النوبى