السيسي يجتمع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة    صور نادرة للرئيس أنور السادات أثناء افتتاح السد العالى "أمان مصر"    هل سيرتفع سعر الذهب إلى 4200 دولار للأونصة؟ اعرف التوقعات    الاحتلال يشن غارات على حي النصر ومنطقة المقوسي شمالي مدينة غزة    المملكة المتحدة: ندعم بقوة جهود ترامب للتوصل لاتفاق سلام في غزة    مباراة بيراميدز والجيش الرواندي في دوري أبطال أفريقيا، الموعد والقناة الناقلة    الأرصاد الجوية : انخفاض بدرجات الحرارة اليوم وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 31 درجة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    بعد خروجه من قسم الشرطة، سامر المدني يحتفل مع جمهوره في الشارع (فيديو)    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم الأحد 5-10-2025    صبري عبدالمنعم خلال تكريمه بمهرجان نقابة المهن التمثيلية: «كويس إنكم لحقتونا وإحنا عايشين»    بن غفير يهدد بالانسحاب من حكومة نتنياهو    لهذا السبب.... فضل شاكر يتصدر تريند جوجل    أسعار الحديد في المنيا اليوم الأحد5 أكتوبر 2025    استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا.. حلمي طولان يعلن قائمة منتخب مصر الثاني المشاركة في بطولة كأس العرب    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. بيراميدز وبرشلونة والسيتي    رابط استخراج صحيفة أحوال المعلم 2025 بالرقم القومي عبر موقع وزارة التربية والتعليم    استقرار نسبي..اسعار الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويفى    رابط مباشر ل تحميل التقييمات الأسبوعية 2025 عبر موقع وزارة التربية والتعليم    إسرائيل توافق على خط الانسحاب الأولى وتواصل قصف القطاع بشن غارات عنيفة (فيديو)    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    صبري عبد المنعم يخطف القلوب ويشعل تريند جوجل بعد تكريمه على كرسي متحرك    عمر كمال يبدأ مرحلة جديدة.. تعاون مفاجئ مع رامي جمال وألبوم بعيد عن المهرجانات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في محافظة الأقصر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    زعيمة حزب فرنسي: فوز المعارضة في التشيك «إرادة شعوب»    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن مدربه الجديد    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    الداخلية السورية: الاستحقاق الانتخابي المقبل الأهم منذ 60 عامًا    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    إعلام فلسطينى: طيران الاحتلال يشن عدة غارات على مناطق مختلفة من مدينة غزة    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    وليد صلاح الدين: ملف المدير الفنى الجديد تحت الدراسة.. ولا توجد ترضيات للاعبين    اسعار اللحوم اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    بعد وصولها ل30 جنيهًا.. موعد انخفاض أسعار الطماطم في مصر (الشعبة تجيب)    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    مهرجان روتردام للفيلم العربى يقاطع إسرائيل ثقافيا تضامنا مع فلسطين    الفيلم المصرى ضى يفوز بالجائزة الكبرى فى مهرجان الفيلم المغاربى فى وجدة    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    لا مزيد من الروائح الكريهة.. خطوات تنظيف البط من الريش والدهون    أرسلنا تحذيرات مسبقة، الري ترد على غرق بعض المحافظات بعد ارتفاع منسوب مياه النيل    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    لسرقة قرطها الذهبي.. «الداخلية» تضبط المتهمة باستدراج طفلة القليوبية    مصرع طفل وإصابة شخصين في حادث دراجة نارية بالفرافرة    ضربة جديدة لحرية الرأي والبحث العلمي ..دلالات الحكم على الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجربة فنزويلا الرائدة فى القضاء على الفقر بتعليم الموسيقى
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 12 - 2015

تعد «إلسيستيما» الطريقة التى أعتنقتها فنزويلا- احدة من أفقر دول أمريكا اللاتينية.للحد من الجريمة، وإنقاذ الأطفال «من ذوى الخلفية المجتمعية المتواضعة»؛ من خطورة الانزلاق شبه الحتمى إليها، وذلك عبر تعليم الموسيقى وإنشاء الأوركسترات للأطفال والشباب،
مع أن البعض قد يرى فى ذلك رؤية رومانسية، بل وطبقية للقضاء على الجريمة وتنمية المجتمع.ففي عام 1975، قام الاقتصادى و(الموسيقى) «خوزيه أنطونيو أبريو» بتأسيس «الحركة المجتمعية للموسيقى» وإستطاع «أبريو» المحافظة على الحركة وإبقائها حية وفاعلة على مدار وجود ثمانية رؤساء لفنزويلا ذوى اتجاهات سياسية متناقضة. وكان السيد «أبريو» مؤمنا بأن الأوركسترا يجسد المجتمع المثالى، حيث يتسيد الأوركسترا بالتعريف قيم لاغنى عنها مثل ضرورة الانضباط التام، والتعاون، وإفساح الطريق للأفكار(الموسيقية) المهمة، ومساعدة الآخر على طرح الأفكار والشعور بالمسئولية تجاه الآخر، حيث أن جودة أداء العازف تعتمد بالضرورة داخل منظومة الأوركسترا على قيام كل فرد بما علية باتقان تام .. إلى آخر ذلك من القيم النبيلة التى لابد وأن تسود فى الأوركسترا، وإلا لما استطاع الأوركسترا عملياً أداء الأعمال الموسيقية المنوط بها، وعليه فإنه كلما كان انخراط الأطفال فى الأوركسترا فى سن أصغر؛ كلما كان بمقدورهم أن يستقوا تلك المُثُل والقيم المجتمعية بشكل أعمق.
وتعتمد «إل سيستيما» (وهو البرنامج الذى وضعته الحركة لتحقيق أهدافها المجتمعية والموسيقية) على تعليم الأطفال فى سن عامين مبادىء الإيقاع والموسيقى، وفى سن أربعة أعوام تبدأ فى تعليمه العزف على آلة موسيقية، وفى سن السادسة يتم إلحاق الطفل بأوركسترا للأطفال. يهتم المشروع بالتركيز على المناطق الأكثر فقراً حيث تتكون الأوركسترات من 90% تسعين في المائة على الأقل من الأطفال الفقراء، ولا يهدف البرنامج إطلاقا إلى تخريج أجيال من الموسيقيين المحترفين، بل يهدف إلى استخدام تأثير الموسيقى الإيجابى فى تهذيب ميول نحو العنف قد تكون محفورة داخل نفوس الأطفال، واستلهام الأطفال لعقلانية التعامل مع المشاعر، التى يتفوق في التعامل معها فن الموسيقى الكلاسيكية على كل ماعداها من فنون. وإذا تساءل الكثيرون عن السبب فى اختيار الموسيقى الكلاسيكية دون سواها لتعليم الأطفال الفقراء الموسيقى؛ فيجيب السيد «أبريو» بأن الراديو والتليفزيون يذيعان - بلا انقطاع - الموسيقى الدارجة فى المجتمع، التى ترتبط ارتباطاً عضويا بكل مظاهر القهر والعنف التى يتعرض الصغار لها يوميا، لدرجة أنها تحولت إلى موسيقى مصاحبة لما يتجرعة الفقراء الصغار من مهانة. إن ما يحتاجه الأطفال هو موسيقى مختلفة، نافذة على عالم آخر تجعل الطفل يدرك أن هناك واقعا مختلفا عن الواقع الأليم الذى يعيش فيه، وتمكنه من اختياره سلوك طريق مختلف عن السائد فى عائلته أومجتمعه. بدأت الحكومة الفنزويلية فى تمويل أوركسترا «إل سيستيما» عام 1977 بعد فوزه الساحق فى المسابقة العالمية فى «أبردين» بسكوتلاندا. و منذ البداية حرص السيد «أبريو» على إلحاق مشروعه بوزارة التضامن الإجتماعى، وهو بذلك يؤكد البعد الإجتماعى الكبير لمشروعه. بدأ السيد «أبريو» بتعليم أحد عشر طفلا فى إحدى الجراجات المهجورة بمدينة «كاراكاس» العاصمة الفنزويلية، وقد وعد هؤلاء الأطفال فى يومهم الأول «أنهم سوف يُنشأوون أوركسترا على مستوى عالمى». والآن بعد مرور خمسة وثلاثين عاما، وفِّى هذا الرجل العظيم بوعده، حيث تمتلك «فنزويلا» مايزيد عن 200 مائتي أوركسترا للشباب ، و60 ستين أوركسترا للأطفال، و30 ثلاثين أوركسترا محترفا؛ منها إثنان - على الأقل - على مستوى عالمى عال ٍ تتخاطفهما أشهر الأوبرات وقاعات الكونسير العالمية، حتى أن أوركسترا «سيمون بوليفار السيمفونى» والذى يتكون من شباب؛ معظمهم من خلفيات مجتمعية شديدة الفقر (شأنه شأن كل أوركسترات «إل سيستيما») ويمكن التعرف عليهم بسهولة تمييز الوجوه التى ترعرعت فى فقر شديد، وقد ملأتها عزة التفوق والفخر بالإنجاز. لقد أصبح ذلك الأوركسترا فى العام الماضى أكبر أوركسترا متعاقد معه لتقديم حفلات خارج بلده على الإطلاق.
فضلا عن أن البعض ممن تعلموا فى تلك الأوركسترات قد أصبحوا اليوم نجوما فوق العادة فى مجال الموسيقى الكلاسيكية، سواء كانوا من عازفين متميزين أو قادة أوركسترا من النجوم. ويضم مشروع «إل سيستيما» الآن أكثر من 300 ثلاثمائة الف طفل وشاب، من هؤلاء أولئك الذين كان من الممكن أن يصيروا مجرمين وبائعي مخدرات؛ لو لم ينخرطوا فى هذا المشروع المدهش! وبشهادة معظم الشباب من أعضاء الأوركسترات العديدة للحركة، نراهم ينظرون لحياتهم الآن غير مصدقين أنهم قد نجوا من مصير كان ينتظر معظم أطفال الفقراء هناك. وبإبعادهم عن الشارع قد أصبحوا أطفالاً مهندمين، منتظمين فى المدارس ومتفوقين أيضا. وفى عام 2007 قرر مصرف التنمية للبلدان الأمريكية منح «إل سيستيما» منحة قيمتها 150 مائة وخمسون مليون دولار أمريكى لإنشاء سبعة مراكز جديدة للحركة. و على الرغم من إعتراض كبار المصرفيين بزعم أن الموسيقى الكلاسيكية هى موسيقى للصفوة؛ إلا أن دراسات موسعة قام بها البنك على أكثر من مليونين من الشباب والصغار الذين مروا بتعليم الموسيقى فى «إل سيستيما»؛ تأكد لهم الأثرالإجتماعى الإيجابى والعميق للحركة والذى تمثل فى تحسن ملحوظ فى المدرسة (سلوكيا ودراسياعلى حد سواء) وانخفاض نسبة تورط العينة قيد الدراسة فى أعمال العنف والجريمة، وتوصلت الدراسة أن كل دولار يمنحه البنك يوفر 1.68 دولار، كانت سوف تصرف على تدارك آثار الجريمة المحتملة بسبب هؤلاء الأطفال. هذا وقد قررت الحكومة هناك إدخال برنامج «إل سيستيما» فى المدارس العامة؛ لتصبح مطبقة فى كل مدارس فنزويلا بحلول عام 2015، كما بدأ تطبيقها فى المنشآت الإصلاحية. ولقد أثبتت الدراسات أن المنخرطين فى البرنامج كانوا أقل ميلا إلى العنف داخلها، وأقل احتمالا للعودة إليه بعد الخروج منها. وكان من المنطقى أن تتهافت دول العالم الفقير على هذا البرنامج ليساعدها مثلما ساعد «فنزويلا»، ولكن المدهش أن أول دولتين قررا الخوض في تجربة تطبيقه مثيلة هما الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، حيث تامل الدولتان فى أن يساعد هذا البرنامج فى تحسين ملكات الدراسة، والحد من العنف فى مجتمعيهما، بطريقة أقل تكلفة وأشد فعالية من زيادة مخصصات المدارس والشرطة على الترتيب، حيث يؤكد دارسين فى بريطانيا أن تطبيق برنامج «إل سيستيما» سوف يساهم بشكل فعال فى تقليص ميزانية مواجهة الجرائم والبالغة فى «انجلترا» و«ويلز» وحدهما موفرا مبلغا وقدره خمسة وعشرون مليارجنيه استرلينى مشتملا فى ذلك التأمين والتخلي عن وظائف زائدة و ميزانيات الشرطة والقضاء. قد يكون من البديهى أن مصر ، بأطفال الشوارع الذى بلغ عددهم ملايين بحسب المتداول، أن تتبنى الدولة نسخة وطنية من هذا المشروع تحقيقا لمجتمع أكثر أمانا وإعتدالاً مما يعنى بالضرورة مناخا أطيب لاستثماراتهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.