نحن في زمن العجايب اختلطت معايير الصواب والخطأ والمعقول واللامعقول وكثرت الفتن وعمت المحن وتحول المعروف منكرأ والعكس هدفاً ، يوم أن غاب عن مجتمعنا المصري القدوة الحسنة وتلاشت نخبة تتصدر المشهد بمختلف مجالاته ففقدنا بوصلة الحقيقة الواحدة والعدالة الحاكمة دون تفرقة والرحمة بلا تجريح والرأي بلا تلون ونخبة بلا تآمر حتي أنزوي الشرفاء وغاب العقلاء وتتصدر الأفقين وتفوه الأغبياء ، وصدق الصادق الأمين في ذكري ميلاده العاطرة الذي لا ينطق عن الهوي صلي الله عليه وسلم حيث قال " سيأتي علي الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين " . غابت القدوة الصالحة وسط طوفان حب الذات والماديات والمصالح الشخصية عن المصلحة الوطنية والآخرين ، فتلاشت الحقوق والعدالة بين الجميع ولم تعد للرحمة مجالاً ولا للأخلاق معيارأ ولا للمحتاجين راحيمأ ، ولم يعد للمجرمين رادع ولا للموتورين محاسب ولا للجهلاء حازم فاختلط الحابل بالنابل ولم ير مظلومأ منصفأ أو مجروحأ مداويأ أو مقهورأ منقذأ أو محتاجأ معطيأ أو مشجعأ عالمأ أو مريضأ طبيبأ أو تلميذأ معلمأ أو مرؤوسأ عادلأ أو إعلاميأ طاهرآ أو رموزأ مستنيرة، فما أحوجنا جميعأ لقدوة صالحة تكون لنا نبراسأ ومثالأ يحتذي وأختلط الحزن بالشفقة علي أحوالنا الإنسانية والأسرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية والرياضية وغيرها من مجالات الحياة ، فتخلفنا عن ركب الدنيا من عدالة وتقدم وحقوق وواجبات يوم أن أصبح الهم الأكبر الكرسي لأي مسئول والعمل بلا إتقان والفهلوة شطارة والمظاهر وجاهة والأخلاق هبلأ والبلطجة قوة والنفاق هدفأ و الشتائم ردعأ والظلم موصولأ والمناضل بالكلمات والزيف بالمصطلحات والثائر بالمولوتوف فتلاشت المعايير وتاه الشباب واختلطت الحقيقة بالأوهام وانقلبت المفاهيم بالمرئيات والسعادة بالشقاء . ولكن رغم كثرة العتمة وسراب الطريق ووهن اللحظة من بعد القدوة بيننا إما لاختلاف معايير التقييم السليم التي لن تطول بأذن الله خاصة في مصر الجديدة التي ستعلي الكفاءة وتجل العالم وتزن العدالة وهدفها العمل بجد لاستعادة المجد الضائع بالعلم والعمل ولكن لن ولم يحدث ذلك إلا بالبدء كل منا بنفسه أولا ليكون قدوة حسنة لمن حوله ممن يعول وأقاربه وجيرانه وكل مسئول لمرؤوسيه وقائدأ لجنوده ورمزأ لمؤيديه فالقدوة ثم القدوة سر الأسرار ومحرك الهمم ، ولهذا متفائل بغد أفضل من خلال ذكري الحبيب الذي جعله الله تعالي قدوة ونموذجأ يجسد الدين والحياة فكان قدوة ومنارأ لتطبيقه إلي يوم الدين يقول المولي في كتابه الشريف" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر" فوصفه الله " وإنك لعلي خلق عظيم " وزكته زوجته عائشة رضي الله عنها وعن أمهات المؤمنين بقولها " كان خلقه القرآن "، وكان مع صحابته رضوان الله عليهم رفيقا لم يستعلي علي أحد منهم يقابلهم مبتسما يشاركهم أفراحهم وأتراحهم بلا تفرقة ويشاورهم في أمور الدعوة والحروب فأخذ برأي سلمان الفارسي بحفر الخندق وبلال الحبشي مؤذنه، بل أدهش المنصفين معاملته لأعدائه وهو متكمن منهم في فتح مكة يوم أن نادي فيهم " يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا خيرأ أخ كريم قال : أذهبوا فأنتم الطلقاء" ، وفي الطائف عندما اذوه بنو ثقيف بالطرد ولحقه صبيانهم بالحجارة حتي دميت قدمها الشريفة وجاءه ملكةالجبال وقال له : إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال له " بل أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئأ" . فما أحوجنا للاقتداء برسول الله في عالم متلاطم الأمواج حيث الوحشية محل الرحمة والرذيلة محل الفضيلة والنفاق محل الصدق والإرهاب محل الإنسانية والتآمر محل الوطنية وجمعيها معاول هدم ودمار ، والإعلام يبث علي مدار الساعة مشاهد مأساوية ما بين قتل وتشريد وحرمان وفقر وضياع لدول وشعوب عربية وإسلامية في ظل غياب الضمير الإنساني وأخلاق وقيم رسول أمة الأسلام عليه الصلاة والسلام، وإذا إردنا تحديد بوصلتنا للمستقبل فيجب تقييم الرمز لكل مجال من مجالات حياتنا .. فقدوتنا ليست مفقودة وإنما منسية للأسف بأقوال وليس أفعال وللعاقل حب النبي بالاقتداء ، فالمرء يحشر مع من أحب. [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ