وزارة التخطيط تُشارك في منتدى «أفريقيا تنمو خضراء للتمويل المناخي»    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قائد منظومة الصواريخ في "حماس"    عاجل.. مرموش يقود تشكيل مانشستر سيتي أمام بورنموث في الدوري الإنجليزي    الزمالك يرفض تظلم زيزو بشأن العقوبات الموقعة عليه    استعدادًا لامتحانات 2025 .. مراجعة نهائية فى الجغرافيا لطلاب الثانوية العامة    الصور الأولى من كواليس فيلم "بروفة فرح" ل نيللي كريم وشريف سلامة    محافظ الإسكندرية: الرئيس السيسي وجه بإحياء "أبو مينا" الأثرى    شاهد أول صورة من حفل زفاف المطرب مسلم    نائب محافظ كفر الشيخ يشيد بدور المدرسة الرسمية الدولية في بناء جيل المستقبل    أحمد فارس: التحالف الإعلامي المصري الصيني ضرورة لصناعة مستقبل مشترك أكثر تأثيرًا وتوازنًا    نقيب المحامين يحذر من القرارات الفردية في التصعيد بشأن أزمة الرسوم القضائية    رانيا ياسين: «إيلون ماسك عايز يعمل فيلم على المريخ.. وإحنا ماسكين في جواب سعاد وحليم»    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب (فيديو)    وزير الصحة من جنيف: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي لبناء مستقبل صحي لأفريقيا    بسمة نبيل تنضم إلى فريق عمل فيلم بنات فاتن    هربوا من الحر فاحتضنتهم الترعة.. نهاية مأساوية لثلاثة أطفال غرقوا بقرية درين في نبروه بالدقهلية    الخطيب يقود حملة لإزالة التعديات على أملاك الدولة بالقليوبية    محافظ الإسكندرية: السيسي وجّه بإحياء «أبومينا».. والتطوير يشهد إشادة من اليونسكو    سياسات الأدب ومؤتمر ميلانو    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للمنطقة الغربية    الجامعة العربية ترحب بتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان    وزير الصحة: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي للمنتجات الصحية من أجل مستقبل أفضل    الإسكان: تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7 غدا ومميزات المبادرة    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    أول رد من بيراميدز على تصريحات سويلم بشأن التلويح بخصم 6 نقاط    اتحاد الكرة يستقر على تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات    القائم بأعمال سفير الهند: هجوم «بهالجام» عمل وحشي.. وعملية «سيندور» استهدفت الإرهابيين    لابورتا: لامين يامال مشروع نجم مختلف عن ميسي    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    بآلة حادّة.. شاب يقتل والدته جنوبي قنا    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    لتجنب الإصابات.. الزمالك يعيد صيانة ملاعب الناشئين بمقر النادي    مشاهدة مباراة الأهلي والزمالك بث مباشر اليوم في نصف نهائي دوري سوبر السلة    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    حكومة بلجيكا تتفق على موقفها بشأن الوضع في قطاع غزة    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صرخة حملةالماجستير والدكتوراة:انتهى زمن الشهادات
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 12 - 2015

تحتل أخبارهم وصورهم صفحات الجرائد والمواقع الاخبارية، لا تكريما على بحوثهم العلمية التى أنجزوها ونالوا عنها درجات الماجستير والدكتوراه، بل فى سياق وقفات احتجاجية واعتصامات، واحتجاز من قبل قوات الأمن.. يرفعون اللافتات المحتجة بغضب، وتعلو وجوههم ملامح اليأس والإنهاك..
يرون فى أنفسهم "ثروة" مهدرة لاتسعى الدولة لتوظيفها بالشكل الذى يعود عليها بالنفع .. بينما تؤمن الدولة بأن جهازها الادارى متشبع ولا يحتمل المزيد.
يتساءلون بكل حيرة: هل أذنبنا عندما قررنا المضى فى طريق العلم.. وهل يكون جزاؤنا الجلوس على الرصيف نستجدى كلمة تقدير من أى مسئول، ونطارد من قبل الشرطة، وتستجوبنا النيابة، كالمجرمين؟!
قد يتهمهم البعض بأنهم يبتزون الدولة لمجرد حصولهم على درجة علمية إضافية، رغم أنه قرارهم ولم يفرضه عليهم أحد، وقد يقلل البعض من شهاداتهم ومستواهم العلمى فى إطار انهيار منظومة التعليم بشكل عام فى مصر .. لا ننحاز هنا لأى طرف.. ننحاز فقط للمنطق السليم.. صحيح أنه لم يطلب أحد من هؤلاء الحصول على درجات علمية أعلي، لكن تظل مهمة القائمين على التخطيط فى هذا البلد، هى وضع الإطار السليم لاستيعابهم، سواء بالتقنين والتنظيم من البداية،أو بحسن الاستفادة والتوظيف لاحقا.. لكن يبدو أن أحدا لا يقوم بتلك المهمة من الأصل!
فى هذا التحقيق ، تواصلت "الأهرام" مع عدد من حاملى الماجستير والدكتوراه دفعة 2015 ، والذين يصل عددهم تقريبا لنحو ألف طالب، اخترنا من بينهم من تجسد قصصهم نماذج للمثابرة والكفاح رغم كل الظروف غير المواتية.. تلمسنا فى بعضهم الإصرار على استكمال المشوار، بينما سقط آخرون فى دائرة القهر واليأس .. بل والاكتئاب الذى دفع بأحدهم للانتحار، حيث عثر عليه فى غرفة نومه، وقد شنق نفسه بحبل غسيل!!
أصل الحكاية
بدأت أول انفراجة لحملة شهادات الماجستير والدكتوراه عندما أصدر مجلس الوزراء فى منتصف عام 2013، قرارا استثنائيا بتعيين الدفعات من عام 2002 حتى 2012 فى وحدات الجهاز الادارى للدولة، لكن سرعان ما تفجرت مشكلة دفعة 2013 الذين طالبوا بتعيينهم أسوة بزملائهم واستمرت مطالباتهم بالتعيين حتى حصلوا على ما أرادوا فى صيف 2014. وبالتبعية تكرر السيناريو مع دفعة 2014 وتم تعيينهم بعد وقفات احتجاجية متعددة فى يناير 2015، وبعد أشهر قليلة بدأت دفعة 2015 وحتى وقتنا هذا، تطالب بصدور قرار من مجلس الوزراء بالتعيين.. والسؤال.. هل سيحصلون على القرار أسوة بزملائهم أيضا؟ ثم يتكرر المسلسل بالسيناريو ذاته مع الدفعات المقبلة، وتستمر المشكلة إلى ما لا نهاية؟!
ليلة فى قسم الشرطة
أحمد البحيرى نال الماجستير فى القانون ويعد حاليا للدكتوراه، رغم رفض تعيينه فى النيابة .. يقول أحمد :" تم رفض طلبى بسبب مستوى تعليم والدى المتوسط فهل هذا هو جزائى رغم اجتهادى وتفوقى؟.. كما أنى لم أتمكن من تحقيق أمنية والدى بالتعيين معيدا فى الكلية لان أبناء الاساتذة لهم الأولوية"، ويتابع: "رغم الظلم الواقع على سأواصل مشواري، ولن يغلبنى اليأس حتى أحقق هدفى بأن أكون أستاذا جامعيا.. لكننى فقط أتساءل.. هل يجوز أن يتم القبض علينا أثناء وقفاتنا الاحتجاجية وحجزنا فى أقسام الشرطة كالهاربين من العدالة، ولا يتم الافراج عنا إلا بتدخل نقيب المحامين؟!"
مصطفى شحاتة حاصل هو الآخر على ماجستير فى القانون، ويعمل حاليا محاميا فى شركة تبريد وتكييف، وفى أثناء تحضيره للماجستير عمل فى مجال خدمة العملاء والمبيعات فى عدد من الشركات، منتظرا نتيجة تقديمه فى مسابقات النيابة والجمارك والضرائب. وكان تعيين زملائه بالدفعات السابقة حافزا له للمضى فى طريقهم ليضمن الحصول على عمل.
ستحيا مصر.. بالعلم
عادل السعيد حاصل على الماجستير فى التربية الرياضية فى كفر الشيخ، وتقدم لمسابقات وزارة التربية والتعليم، كان آخرها مسابقة ال"30 ألف معلم" ، ولم يقبل، فى حين تم قبول آخر مدرسا للتربية الرياضية رغم اعاقته الحركية! يقول عادل بصوت وديع راض بقدره:" أعمل "ترزيا" فى النهار، وهى المهنة التى ورثتها عن والدي، ومع منتصف الليل حتى الحادية عشرة صباحا أعمل "بوابا" فى إحدى العمارات! ويتابع عادل بنفس الصوت الهادئ الواثق:" مضطر للعمل فى مهنتين حتى أتمكن من الانفاق على والديً المسنين، لكن هل يعقل ألا أجد فرصة عمل فى وزارة التربية والتعليم بينما يعمل معارف لى فى الوزارة فى أعمال ادارية كل مؤهلاتهم التعليمية هى الشهادة الإعدادية؟!" عادل يحزنه أن يكون هذا هو حال المتفوقين ويتساءل : لماذا تدفعنى الدولة لعمل وقفات احتجاجية فى الشارع، ولماذا غابت لغة الحوار، مؤكدا أن مصر ستحيا فقط بالعلم.
دموع أمنية
أمنية سمير التى اختنق صوتها بالبكاء أكثر من مرة خلال حديثنا، تخرجت فى كلية الهندسة بجامعة الاسكندرية، قسم الهندسة الكيميائية بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف، ثم نالت الماجستير بتقدير امتياز، وحاصلة –ضمن فريق عمل- على براءة اختراع تتعلق بموضوع الرسالة وهو تحلية مياه البحر بتقنية غير مكلفة .
"لفيت كعب داير على الجامعات والمعاهد ، كلهم يرغبون فى مدرسين مساعدين وليس معيدين..ثم لفيت كعب داير على المصانع ، وكلهم رفضوا توظيفى لانى " فتاة "، فهم يفضلون الذكور بحجة أنى لن أكون ملتزمة بسبب إقامتى فى دمنهور!! " هكذا تحكى أمنية وتسترجع مشوار نحو أربع سنوات بعد التخرج، حيث تخرجت فى عام ثورة يناير، حيث التوترات السياسية والأمنية ،وكانت منطقة الجامعة فى قلب الاحداث.
تتذكر باكية:" كانت رائحة الغاز المسيل للدموع تخنقنى وأنا فى المعمل، فأغلق النوافذ وأستكمل التجربة التى أقوم بها، لانى أحب عملى وبحوثي". أمنية مع ذلك لم تيأس فقررت التقدم لوظائف فى غير مجالها، لدرجة أن من يقوم بعمل المقابلة يسألها باندهاش:" إنتى جاية تعملى إيه هنا؟! إنتى خسارة فى المكان ده"، ومع ذلك عملت لفترة فى إحدى شركات التسويق التليفونى لفلاتر المياه مقابل 400 جنيه شهريا! لكنها لم تتمكن من مواصلة العمل، ليس ترفعا منها، بل لأنها لن تتعلم شيئا جديدا فى تخصصها، بل ووجدت أنها تخسر ماديا بسبب مصروفات الانتقال.
أمنية تقدمت هى الأخرى لوظائف المؤسسات الحكومية، فلم تترك مسابقة ألا وتقدمت لها، كان آخرها فى وزارة الرى التى أعلنت عن طلب مهندسين كيميائيين. تقول أمنية:" تقدم عدد هائل والعملية برمتها غير محكمة والغش فى الامتحان على نطاق واسع، وكل المتقدمين يعرفون بعضهم البعض، ففوجئنا بأننا لا نعرف من تم قبولهم على الإطلاق، وكالعادة كانوا من أبناء العاملين، ثم يتهموننا بأننا سنكون سببا فى "ترهل" الجهاز الادارى للدولة!!
عامل يجيد اللغات!
محمد أحمد من قنا لكنه يعيش فى القاهرة مغتربا عن أهله، فى غرفة متواضعة "فوق السطوح" ،اذ يعمل هنا -وبعد حصوله من جامعة حلوان على ماجستير فى حماية حقوق الملكية الفكرية- كعامل رخام!
محمد الذى يجيد اللغتين الانجليزية والروسية يحكى حكايته فيقول:" كان أساتذتى يتوقعون أن انضم لهم معيدا بعد التخرج، لكن لم تتحق نبؤتهم رغم تفوقي، ولأنى أعمل منذ أن كنت فى الثانوية العامة لأنفق على نفسي، فعملت عامل بناء، وأثناء تحضيرى للماجستير عملت فى الفنادق من غسيل للاطباق حتى خدمة الغرف، أما الآن وبعد حصولى على الماجستير فأعمل من السابعة صباحا حتى السابعة مساء فى مصنع رخام، فى مرحلة ما قبل التصنيع وهى نقل الرخام ورفعه بالونش. الشيفت مقابله خمسون جنيها، أى أنى أحصل على 1500 جنيه شهريا، وها أنا أسكن الآن فى غرفة فوق السطوح لا يوجد بها سوى "مرتبة" للنوم، ومكتب يحمل مراجعى وكتبي".. لم يفكر أحمد فى العمل فى مكتب محاماة ويعلل ذلك قائلا:" كل ما سأحصل عليه 300 جنيه فى الشهر! صحيح أن الوضع الحالى غير مناسب على الاطلاق، لكنه أفضل ماديا، ومع ذلك الدولة ظلمتنا ظلما بينا، ففى بلدى قنا أعرف وكيل وزارة حاصل على دبلوم زراعة ، وابن عمتى يعمل فى القوى العاملة بدبلوم صناعة ولا يجيد الكتابة!! وكل ما أطلبه من الدولة أن تضعنا ستة أشهر تحت الاختبار، فاذا نجحنا قامت بتعيينا ، وإذا فشلنا فلتذبحنا"!
أما محمد صلاح –وهو حاصل على ماجستير فى القانون الخاص من جامعة المنوفية -فلم يترك منذ تخرجه فى عام 2008 أى مسابقة تخص الهيئات القضائية إلا وتقدم لها، ويكشف عن أن معظم دفعته اتجهت للدراسات العليا لتضمن التعيين ، ويتابع:" لا نعلم لماذا تم رفضنا فى المسابقات التى تقدمنا لها، بحجة أن القبول والرفض سلطة تقديرية للجنة،لكن كيف يقبل من كان يحصل على درجات رأفة ليصل تقديره بالكاد الى جيد، بل وحررت لهم محاضر غش فى الجامعة ؟!"..
بلدى أولى بي
عائشة بدر خريجة كلية العلوم بعين شمس، وبعد معاناة لخمس سنوات وإنفاق 25 ألف جنيه حصلت على درجة الماجستير فى تخصص الأورام السرطانية. عائشة حضرت الماجستير على أمل ان يزيد الاهتمام بالبحث العلمى بعد ثورتين، تقول عائشة:" كنت اطمح للتعيين فى المركز القومى للبحوث أو هيئة المصل واللقاح ، لكنى عملت عوضا عن ذلك فى "حضانة" حتى أحصل على أى دخل يعيننى على الانفاق على الرسالة! حاولت العمل بعد الماجستير فى معمل للتحاليل لكن لم أستمر لأنه بعيد عن تخصصى البحثي، وتتابع عائشة بأسي:" كثير من اصدقائى سافروا للعمل فى الخارج ، لكنى أريد أن انفع بلدى وأهلى ببحوثي، وقد عرضت على فرص كثيرة للسفر للعمل، كان آخرها فى مستشفى كبير باحدى الدول العربية لكنى رفضت لأن بلدى اولى بي".
تعبت من «المرمطة»
نختم هنا مع عمرو منصور خريج كلية التربية الرياضية، الحاصل على ماجستير فى تطوير ألعاب القوي. كان يطمح فى التعيين بجامعته بالمنوفية ،خاصة أنه ينفق على أسرته وشقيقاته البنات منذ كان عمره 13 عاما، فاضطر للعمل فى مهن كثيرة ،من مساعد نجار إلى بائع فى محلات للملابس والأحذية، ومع ذلك حصل على الماجستير حتى يشعر بآدميته، ويثبت لنفسه أنه قادر على فعل ما يريد والنجاح فيه ".
عمرو الذى تتراوح نبرة صوته ما بين الثقة بالنفس والرضا بحاله تارة، والإنهاك والإحباط تارة أخرى، يعمل الآن فى مطعم لمدة 18 ساعة، من تقديم للطلبات حتى مسح الارضيات، أما صاحب المطعم فيتباهى بأن لديه "دكتور" يمسح له البلاط!.
اذا تم تعيينى فى الدولة سأحصل على الحد الأدنى للأجور وهو 1200 جنيه، وربما أتمكن بعد انتهاء عملى من الالتحاق بوظيفة أخرى كمصدر دخل إضافي، ويختتم بزفرة ألم:" أنا تعبت من المرمطة دى .. وجسدى أصبح منهكا حتى حذرنى الاطباء من فقد قدرتى على الحركة تماما.
رضينا بالهم
الخلاصة ينقلها لنا عمرو شكري- منسق حملة لا لبطالة حملة الماجستير والدكتوراه على موقع الفيس بوك- لكنه من دفعة 2006 التى نالت التعيين ، وجاءت وظيفته فى هيئة السكة الحديد محاميا. يقول عمرو:" لا يريد هؤلاء أن يحصلوا على مكان فى جهاز الحكومة المتكدس دون وجه حق كما يعتقد البعض، لكن لا يجوز أن يتعذب المتفوقون، فى حين أن ابناء العاملين يعملون لمدة 55 يوما ثم تقوم الدولة بتعيينهم بشكل آلي؟، والدولة تعلم تمام العلم أن مسابقات هيئاتها الحكومية شكلية ،وتأتى كستار وواجهة لتعيين أبناء العاملين وذوى المحسوبية، ويتابع :"هؤلاء راضون بأى وظيفة حكومية حتى لو كانت لا تخص مجالهم العلمى ، لكن يبدو وكأنهم "رضوا بالهم والهم مش راضى بيهم"!

المشكلة باالارقام.. 180 ألفا سجلوا للدراسات العليا فى العام الدراسى 2013- 2014 على مستوى الجامعات الحكومية
تواصلنا مع مسئولى الدراسات العليا فى الجامعات ، حيث اعتبر د.ماجد نجم نائب رئيس جامعة حلوان للدراسات العليا والبحوث- أن الدولة غير ملزمة نهائيا بتعيين من يحصل على الماجستير أوالدكتوراه ، وهو مبدأ عام فى كل الدول. سألناه عن امكانية غلق باب التسجيل لفترة زمنية محددة كما فعلت كلية الاعلام بجامعة القاهرة اذ أوقفت التسجيل لمدة عام تنتهى فى يوليو المقبل، بعد أن وصل عدد المسجلين لدرجتى الماجستير والدكتواره بقسم الإذاعة والتليفزيون إلى 250 باحثا ، وحوالى 150 بقسم الصحافة، أجاب نجم:" لا يمكن تعميم التجربة فورا وإنما بالتدريج ، والا سيقال إننا نمنعهم من حقهم الدستوري، و من الواجب الاعلان قبل تطبيق القرار بعام أو بستة أشهر ، حتى لا يكون الأمر مفاجئا".
د.على عبد العزيز -نائب رئيس جامعة عين شمس للدراسات العليا –اتفق هو الاخر على ان الدولة ليست ملزمة بتعيين كل الحاصلين على الدراسات العليا، لكن فى المقابل يمكن تنظيم المسألة من خلال عدة أساليب، مثل رفع المصروفات ، ويدلل على كلامه قائلا: «فى الولايات الامريكية تتكلف الدراسات العليا فى الفصل الدراسى الواحد نحو30 ألف دولار ، ورغم ان الطلبة هنا يعتبرون الرسالة مكلفة الا انها مقارنة بالخارج تعد مجانية، واعتقد ان رفع المصروفات سيقلل الاعداد".
الامر الثاني- والكلام لعبد العزيز- أن تكون هناك جهة عمل هى التى تطلب ممن يعمل لديها الحصول على درجة الماجستير أوالدكتوراه لحاجة العمل، فتقوم بالتالى بتحمل نفقات الدراسة. بمعنى آخر يجب ربط التسجيل فى الدراسات العليا بمنظومات العمل، اما ما يحدث الآن هو أن خريج الجامعة لا يجد عملا فيقرر استكمال الدراسات العليا بلا هدف محدد، والنتيجة أن هذا العام سجل فى جامعة عين شمس وحدها 30 ألف طالب واغلبهم فى العلوم الانسانية.
الامر الثالث هو وضع ضوابط لمن يريد الحصول على درجة الماجستير، وقد بدأ تطبيقها بالفعل فى "عين شمس" منها اجتياز اختبارات فى اللغة الانجليزية ، ودورات فى كتابة الرسائل العلمية والتقارير، باللغتين العربية والانجليزية، كما يتم الكشف على الرسائل المعدة من خلال برنامج السرقات العلمية.
وجاءت الارقام التى أمدتنا بها د.ريم دربالة- المدير التنفيذى لشعبة الدراسات والبحوث بوزارة التعليم العالي- لتوضح حجم المشكلة التى تنتظرنا اذا سرنا على ذات المنوال، اذ شهد عام 2013- 2014 تسجيل 136٫894 طالبا على مستوى الجامعات الحكومية فى الماجستير، أما فى الدكتوراه فبلغوا 43,017 طالبا، وهى أعداد ضخمة كما تصفها د. ريم، وبالتالى سنجدهم بعد سنوات قليلة عقب حصولهم على الدرجة ، يطالبون بالتعيين.
دربالة أكدت على أن الدستور يكفل الحق لأى مواطن فى الوصول الى اعلى الدرجات العلمية طالما انه يرغب فى ذلك، لكنها تستدرك قائلة:" لا يعنى ذلك بالضرورة أن تعين الدولة كل من يحصل على الماجستير او الدكتوراه ، خاصة أن النسبة الاكبر منهم الان تتجه للدراسات الانسانية، فاذا كانت النسبة العالمية 60 % للانسانية مقابل 40% للتطبيقية، فهى فى مصر 75% مقابل 25%، وهى نتيجة طبيعية لارتفاع نسبة خريجى الكليات النظرية عن العملية، وسوق العمل لايحتمل الخريجين، فما بالنا بأصحاب الدراسات العليا؟!"
وتضيف:" ما نعانى منه الآن هو عرض لمشكلة رئيسية وهى عدم ربط التعليم بسوق العمل، والنتيجة أن من لا يجد فرصة عمل يتجه للدراسات العليا فتتعقد مشكلته أكبر. الغريب أنه رغم عدد خريجى الجامعة الهائل فى مصر والذى لا سيتوعبه سوق العمل، تعد مصر من الدول التى لا تتمتع بمركز متقدم فى نسب التعليم الجامعي، مقارنة بدول عربية أخرى، وهو ما يؤثر كثيرا على ترتيبنا فى تقارير التنافسية الدولية، اذ تتراوح نسبة التعليم الجامعى فى مصر ما بين 28 الى 30 % ".
المشكلة الثانية كما تراها د. ريم دربالة، ونبه اليها الكثير من الخبراء ،هى انفصال البحث العلمى من جامعات ومراكز بحوث عن القطاعات الصناعية من تجارة وسياحة وصناعة وغيرها، فى حين انه فى دولة مثل المانيا مثلا ، تشترط كليات الهندسة على من س للدراسات العليا ان يختار مشكلة قائمة فعلا، وتكون هناك مؤسسة عمل " شركة – مصنع-......" تدعم البحث والدراسة ماديا، على اعتبار انها المستفيدة من نتائج البحث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.