هاني سري الدين: خطة الدولة طموحة لكن ينقصها التنفيذ المؤسسي    مستوطنون يشرعون بإقامة بؤرة استيطانية جديدة شرق رام الله    المصري الديمقراطي يشيد بكلمة الرئيس السيسي في القمة العربية: مصر تتحمل مسؤوليتها التاريخية في ظل غياب مخزٍ لعدد من القادة العرب    حريق يلتهم 150 نخلة وماكينات ري في إسنا بسبب حرارة الجو    فن الخزف الصيني.. المتحف القومي للحضارة يفتتح المعرض الفني المؤقت «ألف كوب»    الثلاثاء.. قطع الكهرباء عن مركز طلخا فى الدقهلية 3 ساعات    نماذج امتحانات الصف الأول الثانوي pdf الترم الثاني 2025 جميع المواد    مصدر ليلا كورة: اتجاه لإلغاء اجتماع اتحاد الكرة مع أندية الدوري    موعد مباراة الأهلي وباتشوكا الودية استعدادًا لكأس العالم للأندية    محافظ الشرقية يوجه بالتيسير على المواطنين المتقدمين للتصالح في مخالفات البناء    جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 لطلاب مدارس المتفوقين بعد التعديل    «لا التنازل أنقذها ولا الدمعة شَفعت».. كواليس جلسة النقض في تأييد إعدام نورهان خليل قاتلة والدتها في بورسعيد    غدًا.. انقطاع المياه عن مدينة شبين الكوم وضواحيها    حفيد عبد الحليم حافظ علي فيس بوك : الواحد لو اتجوز هينكر الجواز ليه.. شيء مش عقلانى    4 أبراج متواضعة مهما حققت من نجاح.. برجا العذراء والجدي يعملان في صمت    وزير الثقافة يفتتح ثلاثة قصور ثقافة بأبو سمبل وأخميم وجاردن سيتي خلال الأيام المقبلة    للمرة الرابعة.. محافظ الدقهلية يفاجئ العاملين بعيادة التأمين الصحي في جديلة    رئيس جامعة القاهرة: الجامعات الأهلية رافد استراتيجي لمسيرة تطوير التعليم العالي    سعر تذكرة الأتوبيس الترددي الجديد.. مكيف وبسعر أقل من الميكروباص    للتأكد من مستوى الأسئلة.. نائب جامعة بنها تتفقد سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني    تجديد حبس تاجر ماشية 15 يوما لاتهامه بقتل عامل فى أبو النمرس    الليلة.. إسعاد يونس تقدم حلقة في حب عادل إمام ببرنامج صاحبة السعادة    «أنتم السادة ونحن الفقراء».. مشادة بين مصطفى الفقي ومذيع العربية على الهواء    الهلال الأحمر الفلسطينى: خطر توقف سيارات الإسعاف يهدد بكارثة صحية فى غزة    ضبط قضايا تهريب وهجرة غير شرعية وتنفيذ 200 حكم قضائي في 24 ساعة    يحذر من مخاطر تحرير الجينوم البشري.. «الخشت» يشارك بمؤتمر المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت    شوبير يحرج نجم الأهلي السابق ويكشف حقيقة تمرد رامي ربيعة    الإسكان تطرح كراسات شروط حجز 15ألف شقة بمشروع سكن لكل المصريين.. الأربعاء    زيلنسكى ونائب ترامب وميلونى.. الآلاف يحضرون حفل تنصيب البابا لاون 14    وسائل إعلام إسرائيلية: نائب الرئيس الأمريكي قد يزور إسرائيل هذا الأسبوع    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا منذ بداية الحرب    رئيس مركز صدفا بأسيوط يتفقد أعمال الصرف الصحي بقريتي مجريس وبني فيز    إصابه 13 شخصا في حادث تصادم بالمنوفية    1700عام من الإيمان المشترك.. الكنائس الأرثوذكسية تجدد العهد في ذكرى مجمع نيقية    إخماد حريق اشتعل داخل مطعم فى النزهة    مصرع شخصين وإصابة 19 آخرين إثر اصطدام سفينة مكسيكية بجسر بروكلين    متى تقام مباراة اتلتيكو مدريد ضد ريال بيتيس في الدوري الاسباني؟    في ذكرى ميلاده ال 123، محطات فى حياة الصحفي محمد التابعي.. رئاسة الجمهورية تحملت نفقات الجنازة    الرقية الشرعية لطرد النمل من المنزل في الصيف.. رددها الآن (فيديو)    الأزهر للفتوى: أضحية واحدة تكفي عن أهل البيت جميعًا مهما بلغ عددهم    بسبب نهائي أفريقيا.. بيراميدز يشكو من تعنت رابطة الأندية ومجاملة الأهلي    المدارس الثانوية تعلن تعليمات عقد امتحانات نهاية العام للصفين الأول والثاني الثانوي    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    10 استخدامات مذهلة للملح، في تنظيف البيت    4 أعراض يجب الانتباه لها.. كيف تكتشف إصابة طفلك بالسكري مبكرًا؟    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    براتب 15 ألف جنيه.. «العمل» تعلن 21 وظيفة للشباب بالعاشر من رمضان    خطوة مهمة على طريق تجديد الخطاب الدينى قانون الفتوى الشرعية ينهى فوضى التضليل والتشدد    رئيس جامعة القاهرة: الجامعات الأهلية قادرة على تقديم برامج تعليمية حديثة.. ويجب استمرار دعمها    "التمور العربية على خريطة الاقتصاد العالمي".. مصر تتصدر الإنتاج وسوق عالمي ب18.7 مليار دولار بحلول 2030    بدء التصويت فى الانتخابات الرئاسية ببولندا    النسوية الإسلامية (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ): أم جميل.. زوجة أبو لهب! "126"    أهداف السبت.. رباعية البايرن وثلاثية باريس سان جيرمان وانتصار الأهلى وبيراميدز في الدوري المصري    استشهاد طفل فلسطيني وإصابة اثنين بجروح برصاص إسرائيلي شمال الضفة الغربية    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 18 مايو بسوق العبور للجملة    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران والعرب.. متسع للجميع بالحق والعدل

تبدو العلاقات التاريخية بين إيران وبلدان المنطقة العربية سلسلة طويلة من التناحر والتجاذبات القومية والمذهبية والسلام الهش إلا فيما ندر. وزادت حدة تلك التجاذبات منذ تحطيم الاحتلال الاستدمارى الإجرامى الأمريكى للدولة العراقية وبنائه نظاما قائما على المحاصصة المذهبية والعرقية. وذلك النظام الذى يهيمن عليه الشيعة فى الواقع العملى ارتبط بعلاقات عميقة ومتشابكة مع إيران. وبالنظر إلى الحرب الطويلة والمدمرة التى دارت رحاها بين إيران والعراق من عام 1980 حتى عام 1988، فإنه من الطبيعى لأى دولة مثل إيران أن تعمل على تدمير التحدى الرئيسى لها فى المشرق العربى وهى الدولة العراقية إذا واتتها الفرصة لذلك. وقد سمح النظام القائم على المحاصصة المذهبية لإيران بمساحات واسعة للحراك المخابراتى وبالتنكيل بالنخبة العلمية والعسكرية لنظام الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين. كما يثير ذلك النظام الكثير من الحساسيات الطائفية والمذهبية لأنه قائم أصلا على محاصصة وتحيزات مذهبية.
كما زادت الحساسيات مع التقدم الكبير الذى أحرزته إيران فى بناء وتطوير منظومات الأسلحة المختلفة وبالذات الصاروخية منها والتى تنظر إليها دول مجلس التعاون الخليجى باعتبارها تهديدا لها. وفاقم من عوامل التوتر نجاح إيران فى تطوير برنامجها النووى والحصول على اعتراف دولى به مع وضع الضوابط التى تكفل بقاءه فى إطار سلمي. ورغم أن التوتر بشأن ذلك البرنامج غير منطقى باعتباره شأنا إيرانيا يرتبط بالسيادة، إلا أن إيران كان من الضرورى ان تتفهم قلق الدول العربية. وكان من الممكن أن تخفف من التوتر بشأنه بالتواصل المنفتح والمتواضع مع دول الخليج ومع مصر كدولة قائدة فى الإقليم العربى ولديها مسئولية أخلاقية وقومية عن أمن دوله وبالذات فى الخليج. وإن كان هذا البرنامج فى النهاية حقا لإيران وهو فى النهاية برنامج سلمى بضمانات دولية ويخص دولة طبيعية، بينما يوجد برنامج عسكرى يخص الكيان الصهيونى الذى نشأ بالاغتصاب ويستمر بالعدوان ولا علاقة له بالتكوين الطبيعى للدول او بالحق وهو الأولى بتنظيم حملات عربية على الصعيد الدولى لإخضاعه للمراقبة ولإنهاء الجانب العسكرى العدوانى فيه.
لكن من المهم الإشارة إلى أن هناك جوانب إيجابية مهمة فى العلاقات العربية-الإيرانية فى الوقت الراهن بالذات فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب. وإذا كانت المخاطر الكبرى المحدقة بالبلدان العربية فى الوقت الراهن تأتى من إرهاب تنظيمات مثل «داعش» و»القاعدة» وجبهة النصرة والفتح الإسلامى وأحرار الشام وغيرها من التنظيمات الإرهابية الدنيئة، فإن إيران تقف فى الجانب الذى يكافح هذا الإرهاب وتقدم دعما عمليا لسورية والعراق فى وجه ذلك الإرهاب. وهذا الموقف يشكل أمرا إيجابيا يمكن البناء عليه فى العلاقات مع من يريد مكافحة الإرهاب من الجانب العربي.
ولأن القدر الجغرافى قد وضع العرب وإيران كجيران، فإن المنطق والعقل يفرضان ضرورة العمل على حل المشاكل التى تثير الحساسيات بين الطرفين أو تشكل اعتداء من طرف على حقوق الطرف الآخر. وهذا الحل كليا أو جزئيا يمكن أن يساهم فى وضع العلاقات بين العرب وإيران على مسار تعاونى قائم على الحق والعدل والسلام. وقبل تناول الحساسيات والمشاكل بين الطرفين العربى والإيرانى لابد من أن نعرف من هى إيران وماهى طبيعة اقتصادها الذى يشكل أساس قوتها المادية الشاملة فضلا عن البشر الذين يشكلون عماد قوة أى دولة واساس قدرتها على النهوض علميا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا...

إيران..حقائق السياسة والاقتصاد والجغرافيا

تبلغ مساحة إيران نحو 1.745 مليون كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها 78 مليون نسمة. ويتكون السكان من عدد من القوميات أهمها الفرس والأكراد والأذريين والتركمان والعرب والأفغان. وهى محاطة من الشمال ببحر قزوين وهو بحر مغلق وبكل من أرمينيا وأذربيجان وتركمانستان، وفى الشرق تحيط بها أفغانستان وباكستان، وفى الغرب العراق وتركيا والخليج العربي، وفى الجنوب الخليج العربى وخليج عمان.
ووفقا لبيانات البنك الدولى فى تقريره عن مؤشرات التنمية فى العالم (2015)، بلغ الناتج القومى الإجمالى لإيران نحو 528 مليار دولار، ومتوسط نصيب الفرد منه نحو 6840 دولارا عام 2014. أما الناتج القومى المحسوب بالدولار طبقا لتعادل القوى الشرائية فبلغ نحو 1245 مليار دولار، وبلغ متوسط نصيب الفرد منه نحو 16140 دولارا فى العام نفسه. وبلغ معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى لإيران نحو 4.3% فى عام 2014، لكنه من المقدر له أن يتراجع إلى نحو 0.8% فى العام الحالى على ضوء تراجع أسعار النفط والغاز اللذان يشكلان عمادا رئيسيا للاقتصاد الإيراني. لكن تقديرات صندوق النقد الدولى تشير إلى أنه سيعاود الارتفاع ليبلغ 4.4% فى العام المقبل (2016).
وتمتلك إيران ثانى أكبر احتياطى للنفط فى العالم ويبلغ نحو 157.3 مليار برميل تعادل نحو 12.3% من إجمالى الاحتياطى العالمى من النفط. وتأتى خلف المملكة العربية السعودية (264 مليار برميل)، وتسبق العراق (145 مليار برميل) وروسيا (80 مليار برميل) وهم الأربعة الكبار فى سوق النفط العالمي. وتنتج إيران نحو 3.4 مليون برميل من النفط يوميا. وتأتى فى المرتبة الرابعة عالميا فى هذا الشأن بعد روسيا (10.4 مليون برميل يوميا) والمملكة العربية السعودية (9.7 مليون برميل يوميا)، والولايات المتحدة الأمريكية (7.3 مليون برميل يوميا).
أما بالنسبة للغاز الطبيعى فإن احتياطيات إيران منه تبلغ نحو 33.8 تريليون متر مكعب تعادل نحو 17% من إجمالى الاحتياطيات العالمية من الغاز الطبيعي. وهى تأتى فى المرتبة الثانية عالميا بعد روسيا فى هذا الشأن حيث بلغت الاحتياطيات الروسية نحو47.8 تريليون متر مكعب، بينما بلغت احتياطيات قطر نحو 24.4 تريليون متر مكعب وهم الثلاثة الكبار فيما يتعلق باحتياطيات الغاز الطبيعى فى العالم. وانتجت إيران نحو 202 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى عام 2012. وجاءت خلف الولايات المتحدة (681 مليار متر مكعب) وروسيا (592 مليار متر مكعب) وقطر (204 مليارات متر مكعب). لكنها تجاوزت قطر بعد الزيادات الكبيرة فى طاقتها الإنتاجية فى العامين الأخيرين.
وتعتبر إيران من الاقتصادات التى تعانى من مستويات مرتفعة من التضخم. ورغم أنها تمكنت من تخفيض معدل التضخم من 34.7% عام 2013 إلى 15.5% عام 2014، ومقدر له أن يبلغ 16.5% فى العام الحالي، إلا أنه يبقى من المعدلات الأكثر ارتفاعا فى العالم.
وبفضل ارتفاع أسعار النفط منذ عام 2003 وحتى عام 2014، تمتع ميزان الحساب الجارى لإيران بفترة طويلة من الفوائض الكبيرة التى ساهمت فى تراكم احتياطيات مالية كبيرة لدى إيران. وقد بلغ فائض ميزان الحساب الجارى الإيرانى نحو 9.7% من الناتج المحلى الإجمالى عام 2007، ثم بلغ نحو 5.8% عام 2008، ونحو 2.4% عام 2009، ونحو 5.9% عام 2010، ونحو 10.5% عام 2011، ونحو 4% عام 2012، ونحو 7% عام 2013، ونحو 3.8% عام 2014. وتشير التقديرات إلى أنه سيتراجع إلى نحو 0.4% فى العام الحالى (2015)، لكنه سيعاود الارتفاع إلى 1.3% فى العام المقبل.
وتلقت إيران استثمارات أجنبية مباشرة بلغت نحو 2.1 مليار دولار عام 2014، مقارنة بنحو 3.1 مليار دولار عام 2013، ونحو 4,7 مليار دولار عام 2012. وبلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتراكمة لديها نحو 45 مليار دولار وفقا لتقرير الاستثمار العالمى الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (اليونكتاد). وتعتمد إيران بصورة أساسية على إنتاجها من النفط والغاز فى الصادرات وفى تمويل الموازنة العامة للدولة وفى رفع مستويات المعيشة لمواطنيها. وتعد الصناعة التحويلية لديها أقل كثيرا من أن تتناسب مع إمكانياتها البشرية والمالية. وهذا الأمر متكرر فى الكثير من البلدان التى يوجد لديها احتياطيات كبيرة من النفط والغاز.

العلاقات العربية الإيرانية.. تناقضات السياسة والاقتصاد

تشكل قضية جزر الإمارات التى تحتلها إيران (أبو موسي، وطنب الكبري، وطنب الصغري) واحدة من الملفات الأساسية فى العلاقات العربية-الإيرانية. لكن هذا لم يمنع وجود علاقات دبلوماسية كاملة بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة. كما أنه لم يمنع وجود علاقات بين إيران وكل الدول العربية فى الخليج. ورغم أن هناك توترا معلنا وحملات إعلامية متبادلة بين إيران والمملكة العربية السعودية، إلا أن الأمر لم يصل إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وتبدو العلاقات الاقتصادية الإيرانية مع البلدان العربية مناقضة تماما لحالة وجود ملفات مهمة معلقة، ومناقضة بشكل واضح للطبيعة المتوترة للعلاقات السياسية بين إيران والعديد من الدول العربية. وقد بلغت قيمة التجارة الإيرانية مع دولة الإمارات العربية المتحدة نحو 31.7 مليار دولار شكلت نحو 18.7% من إجمالى التجارة الخارجية لإيران عام 2013 وفقا لتقرير اتجاهات التجارة العالمية الصادر عن صندوق النقد الدولي. وبلغت قيمة التجارة الإيرانية مع الدول العربية كلها نحو 36.5 مليار دولار شكلت نحو 21.5% من إجمالى التجارة الخارجية الإيرانية.
وقد بلغت قيمة الصادرات الإيرانية نحو 85.6 مليار دولار عام 2013. وتوجه نحو 23 مليار دولار للصين، ونحو 9.5 مليار دولار لتركيا، ونحو 9.1 مليار دولار للهند، ونحو 6.3 مليار دولار لليابان، ونحو 5.1 مليار دولار لكوريا الجنوبية. أما بالنسبة للدول العربية فقد بلغت قيمة الصادرات الإيرانية لسورية نحو 1.6 مليار دولار، وبلغت 1.2 مليار دولار للإمارات، ونحو مليار دولار للملكة العربية السعودية، أما الصادرات الإيرانية لمصر فلم تتجاوز 30 مليون دولار فقط.
أما بالنسبة للواردات الإيرانية فقد بلغت نحو 83.9 مليار دولار عام 2013، منها نحو 30.5 مليار دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة التى تتصدر الدول الموردة للسلع إلى إيران. وتأتى بعدها الصين التى بلغت قيمة الواردات الإيرانية منها نحو 15.8 مليار دولار، والهند بنحو 5.4 مليار دولار، وكوريا الجنوبية بنحو 4.9 مليار دولار، وتركيا بنحو 4.6 مليار دولار. واستوردت إيران من عمان سلعا قيمتها 355 مليون دولار، ومن المملكة العربية السعودية سلعا قيمتها 321 مليون دولار، بينما بلغت قيمة وارداتها من مصر نحو 33 مليون دولار فقط فى عام 2013.
وهكذا فإن العلاقات السياسية المتوترة وحتى وجود أراض محتلة لم يمنعا من قيام علاقات اقتصادية متفاوتة الحجم من دولة عربية لأخري. وتصل تلك العلاقات لأقصى مداها بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة التى تفضل السلام وتبادل المنافع دون تنازل عن حقوقها فى الجزر الثلاث التى تحتلها إيران.

جزر الإمارات الحل الممكن والضرورى

رغم أن الزعيم الروحى السابق لإيران آية الله الخومينى قد صرح أثناء الثورة الإيرانية على الشاه وفى إطار محاولة استنهاض الدعم العربى والشبابى بالذات لدعم الثورة الإيرانية.. صرح بأنه مستعد لإعادة الجزر الإمارتية المحتلة، إلا أن ذلك لم يحدث وتغير الخطاب تماما بعد استقرار الدولة الإسلامية فى إيران. وعادت إيران لتعيد إنتاج نفس المنطق الاستحواذى لشاه إيران السابق فيما يتعلق بالجزر الإماراتية. ولأنها ليست جزرا خالية من البشر بالذات جزيرة ابو موسي، فإن ابسط قواعد الحق والعدل تستدعى إعادتها للإمارات أو الخضوع للتحكيم الدولى فى هذا الشأن. وهناك بالتأكيد تخوفات إيرانية من استخدام الجزر الإماراتية كمرتكزات عسكرية ضدها. لكنها تخوفات غير منطقية من دولة أصغر كثيرا من إيران ولم تعمد إلى اى عمل عدائى ضدها. والحقيقة ان أى تطور ملهم للعلاقات العربية-الإيرانية يرتبط بمعالجة سلمية وعادلة لقضية الجزر الإماراتية. فإذا كانت إيران تخشى استخدامها لأغراض عسكرية فربما وهذا اقتراح شخصى ولا يعبر عن اى موقف رسمي، يمكن إعادة الجزر الثلاث للسيادة الإماراتية مع الاتفاق على عدم القيام بأى نشاطات عسكرية فيها وأن يكون ذلك الالتزام مراقبا من الأمم المتحدة. وخلال زيارة لى لإيران منذ شهرين ضمن وفد صحفى عربى لاستطلاع الرؤية الإيرانية للعلاقات مع البلدان العربية كان هناك استمرار لنفس المنطق بالنسبة لقضية الجزر، وهو أمر يحتاج للمراجعة من طهران بالذات إذا أرادت استعادة العلاقات مع مصر والتى كانت إيران هى المبادرة لقطعها. فمن المنطقى أن تقدم الدولتان هدية كبرى للإقليم تتمثل فى حل عادل لقضية الجزر الإماراتية كمنطلق لاستعادة العلاقات.
لكن واقتداء بالنموذج الإماراتى الذى يرتكز على استمرار تبادل المنافع رغم وجود ملف كبير معلق، فإن مصر يمكنها أن تبحث بشأن تطوير العلاقات الاقتصادية مع إيران لما فيه منفعة الشعبين مثلما تفعل دول الخليج العربي. ومن ناحية أخرى فإن الدور الإيرانى الفاعل فى مكافحة إرهاب داعش وجبهة النصرة واشباههما بالتعاون مع سورية والعراق يضع إيران على ضفة واحدة مع الدول العربية التى تكافح الإرهاب بجدية وعلى رأسها مصر.
ويمكن القول إجمالا ان معالجة الملفات العالقة بين إيران والعرب، والمعالجة الديموقراطية لأوضاع الأقلية العربية فى إيران والقضايا الحدودية الأخري، يمكن أن تفتح بابا واسعا لتطور كبير فى العلاقات العربية الشاملة مع إيران. لكن وإلى أن يحدث ذلك فإنه من المهم أن يجرى تبادل المنافع فى العلاقات الاقتصادية لصالح الشعب الإيرانى والشعوب العربية. وهذا الأمر يعد آلية مهمة لتعزيز المصالح المشتركة والتأثيرات الإيجابية للاقتصاد فى مسار العلاقات السياسية ففى المنطقة متسع للجميع على قواعد الحق والعدل والتكافؤ.
لمزيد من مقالات أحمد السيد النجار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.