روسيا تُحبط عملية تخريب للسكك الحديدية بأوامر أوكرانية شرق البلاد    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. تحذير جوى بشأن حالة الطقس: «ترقبوا الطرق»    بعد استقالتها من منصبها في الأمم المتحدة.. غادة والي تكشف أسباب القرار    محافظ الغربية: تجهيز 463 ساحة لصلاة العيد ورفع جاهزية المرافق والخدمات العامة    لينك نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2025 الترم الثاني بمحافظة القاهرة.. استعلم عنها بعد اعتمادها    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    نصائح من وزارة الصحة للحجاج قبل يوم عرفة    الدولار ب49.68 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 2-6-2025    تعاون مصري إسباني لتطوير محاصيل الأعلاف المبتكرة في الوادي الجديد    وزير التجارة الأمريكي: ترامب لن يمدد تعليق سريان الرسوم الجمركية    مصرع وإصابة 15 شخصا في حريق بمركز تأهيل مدمني المخدرات بالمكسيك (صور)    هزة أرضية تضرب الجيزة.. وبيان عاجل من الهلال الأحمر المصري    وزير الخارجية الإيراني يزور القاهرة لبحث قضايا ثنائية وإقليمية    «هنقطع في هدومنا عشان زيزو!».. طارق يحيى يفتح النار على مجلس الزمالك    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    "غير كده معتقدش".. أكرم توفيق يعلق على انضمام زيزو إلى الأهلي    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 2 يونيو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الاثنين 2 يونيو 2025    وزارة الحج بالسعودية توجه تحذير لحجاج بيت الله الحرام بشأن يوم عرفة    ضحايا فى هجوم على مركز تجارى بمدينة بولدر بولاية كولورادو    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    4 إصابات في تصادم دراجة نارية بسيارة ربع نقل في الوادي الجديد    بدء التقديم الكترونيًا بمرحلة رياض الأطفال للعام الدراسي 2025 - 2026 بالجيزة    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    شريف عبد الفضيل: رحيل علي معلول طبيعي    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    أكرم توفيق: صفقة زيزو ستكون الأقوى إذا جاء بدوافع مختلفة.. وميسي "إنسان آلي"    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    أستاذ تغذية: السلطة والخضروات "سلاح" وقائي لمواجهة أضرار اللحوم    المشدد 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لاتهامه بالاتجار فى المخدرات بالمنيا    التحالف الوطنى يستعرض جهوده فى ملف التطوع ويناقش مقترح حوافز المتطوعين    أحمد زاهر: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز وهذه البطولة تعب موسم كامل    يورتشيتش: بيراميدز أصبح كبير القارة والتتويج بدوري أبطال أفريقيا معجزة    توقعات برج الجوزاء لشهر يونيو 2025 رسائل تحذيرية وموعد انتهاء العاصفة    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    عماد الدين حسين: إسرائيل تستغل ورقة الأسرى لإطالة أمد الحرب    غلق مطلع محور حسب الله الكفراوى.. اعرف التحويلات المرورية    مين فين؟    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 2 يونيو 2025    ملك البحرين يستقبل وزير التنمية الاقتصادية لروسيا الاتحادية    شروط التقديم لوظائف شركة مصر للطيران للخدمات الجوية    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    عدد أيام الإجازات الرسمية في شهر يونيو 2025.. تصل ل13 يوما (تفاصيل)    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    أخبار × 24 ساعة.. إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص من 5 ل9 يونيو    محافظ كفر الشيخ: إنهاء مشكلة تراكم القمامة خلف المحكمة القديمة ببلطيم    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    ختام امتحانات كلية العلوم بجامعة أسوان    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائى الكبير محمد جبريل يفتح قلبه ل «الأهرام»:العرب ‬محاصرون ‬بمخطط ‬يصنعه شيطان على الحدود

ظلت المقاومة عقودا طويلة تعنى الإستقلال التام والحق فى التحرر من العدو الرابض على حدودنا الشرقية، ومع عمليات التجريف ارتبك هذا المفهوم وضاعت الرؤية، وكان لابد أن نعتصم بقامة أدبية قومية تضيف لمفهوم المقاومة عندنا طاقة جديدة بعد أن أضاف لها فى أعماله أعماقا وأبعادا اجتماعية وسياسية وثقافية، فى مسيرته الإبداعية، حصل على العديد من الجوائز قال أن أرفعها شأنا جائزة القراء عندما دخلت "رباعية بحرى" قائمة أعظم مائة رواية فى القرن العشرين، طلبنا منه عملا حصريا بعد طول غياب فجاءنا الكاتب والروائى الكبير محمد جبريل بنفسه متكئا على ما بقى فيه من قدره على المقاومة ومن عزم ونفس وإرادة يستمدها من طاقة العطاء ومن نصفه الجميل قرينته الدكتورة زينب العسال،
فى إصرار ليس غريبا عليه رغم ظروفه الصحية وآلام العمود الفقرى التى أقعدته عن الحركة مدة تجاوزت عاما كاملا. رحب رئيس التحرير الأستاذ محمد عبدالهادى بحضوره وتلبية دعوة الأهرام بعد أن شرفت صفحات ملحق الجمعة بعطائه القصصى والروائى، وآخرها هذا العمل "تحولات الضوء والظل" الذى زين صفحته الأولى.
سألنا صاحب "حارة اليهود" و"رجال الظل" و"ساعة العصارى رؤيته فى الصمود والمقاومة وسط الدوامة التى تمر بها المنطقة، وبداية نود أن نطمئن على سلامته متمنين أن يكون فى أتم صحة وأكثر قدرة على العطاء.
أجاب الأستاذ محمد جبريل وشكر الأهرام على هذه المبادرة ورئيس التحرير على حسن استقباله وطمأن أسرة الأهرام عن صحته وحكاية العكاز الذى صار رفيق دربه وقال: إن ما أصابنى كانت إصابة عمل وأحذر كل الزملاء الصحفيين والمبدعين من الجلوس الطويل على الكرسى، فقد اعتدت على مصاحبة الكتب والكتابة طوال الوقت لدرجة أن زوجتى "زينب" كانت تخرج فى الصباح لعملها ثم تعود فى المساء لتجدنى أجلس فى مكانى. وكانت النتيجة أن أحد الأطباء عندما نظر فى التقارير قال لى: احمد ربنا انك عايش. واننى مهدد بمخاطر أخفها الموت: فأنا معرض لشلل رباعى وعدم التحكم فى كل أعصابى وفشل رئوى. وغيره. لم تكن هذه الحقائق صادمة لأننى مؤمن بالله وافترضت أن واجبه الطبى يقتضى أن يقول لى الحقيقة التى قال أن أخفها ضررا أن أجرى عملية "إزالة الغضروف" لعلاج النخاع الشوكى ووعدنى الطبيب أننى سأتحرك بلا عكاز فى اليوم التالى مباشرة، وللأسف أجريت العملية، مررت فيها بأوقات عصيبة الزمتنى الفراش لسنوات ولازلت لا يعلم إلا الله متى يأتى اليوم التالى، بسبب خطأ طبيب لم يراعى قسمه المهنى ولا ضميره الانسانى ومر علىّ عام كامل لا أستطيع أن أتحرك بمفردى وحالتى تزداد سوءا. ورغم ذلك لم أيأس ومازالت نصيحتى لأى أديب شاب قبل القراءة الدائمة حافظ على صحتك وتحسب لليوم التالى.
سألناه هل توقفت خلال فترة المرض التى ندعو الله أن تزول عن الابداع؟
- إطلاقا لا. بل قرأت وأنتجت عشرات القصص والروايات لأن الكتابة صارت هى علاجى الوحيد، وأنا الآن ألبى الدعوة وجاهز وأسلم نفسى للعمل. ومستعد للحوار.
- من الغمة الصحية التي ندعو أن تزول كيف تري الغمة التى تحيط بالعرب الآن أمام الهجمة الارهابية من الداخل والخارج؟
المنطقة يحاصرها مخطط يتم تنفيذه بدقة. مثل الأفلام الأمريكية التى يتم تخليق وحش أو حيوان أو فيروس ثم ينقلب خطره على من صنعوه، الآن ما نشاهده حالة من انقلاب السحر على الساحر. والمخطط تم تحضيره وهندسته من جهة الضفة الشرقية للقناة بالتحديد من اسرائيل. بدليل ان نيتانياهو ومن قبله شارون وشامير يهرولون إلى أمريكا عند حدوث اي امر وقبل أن تأخذ موقفا متعقلا يدفعونها دفعا للموقف الذي يرغبون فيه لصالحهم.
- اري أشياء كثيرة. الغرب هو من بذر هذه البذرة والسؤال لماذا لا يوجد إرهاب فى أى منطقة أخرى بهذا الشكل المكثف؟
معظم المنضمين لجماعات العنف كما تلاحظون وخاصة الأعضاء البارزين من جماعات العنف والتطرف من الاجانب الآن. ويمارسون القتل ببشاعة والجامعة العربية تتحرك بردود أفعال بها امراض كثيرة. لا يوجد نظرة مستقبلية استشرافية أرى أن أشياء كثيرة فى حياتنا السياسية يمكن تجاوزها، ولكن تحكمنا اعتبارات.
مرض آخر من أمراض المنطقة بعد المخطط وأسلوب رد الفعل، وعدم استشراف المستقبل هو غياب الديمقراطية يجب ألا يجد الحاكم نفسه دائما هو المنوط باتخاذ القرار لعلاج المشكلة رفقا بالحاكم العربى، هناك مؤسسات يجب أن تتحرك هناك أشياء تحل بالمؤسسات الديمقراطية لكن الاخطر أن كل القرارات فوقية منذ الوحدة مع سوريا.
الشعب السورى رحب بالوحدة والشعب المصرى رحب أيضا بالوحدة لكن عندما حصل الانفصال حزنت سوريا أكثر من مصر وللأسف الشديد والسبب انه لم تكن هناك مؤسسات لتتحمل المسئولية لأن الوحدة تمت من فوق ولابد أن تبقى سوريا موحدة لأنها بوحدتها حصن لمصر ودرع للعروبة. عندما أشاهد مدينة تدمر أحزن على التراث والحضارة العربية. ودمشق أقدم عاصمة فى العالم. وأصاب بالحزن عندما اشاهد اعداء الامس صاروا "اخوة" يتحالفون فوق سماء سوريا.
وقت ان رفعنا شعار القومية العربية بعض الاشقاء العرب قالوا إن خطر إسرائيل أقل من القومية العربية. الآن يتحقق حلمهم.
ذات مرة سئل شارون لماذا تعطى إيران سلاحا تحارب به العراق؟ قال: هذه نظرة استراتيجية. حتى على مستوى التأمر والغدر إسرائيل تخطط. لمحو المنطقة وأنا ضد تعبير "الشرق الأوسط" على حساب "الوطن العربى" وأدعو دائما لاستخدام تعبير الوطن العربى. والأمل الآن فى الديمقراطية. وأشياء كثيرة سوف تحل لو أننا أخلصنا في تطبيقها وهذا أشد أمراض حياتنا نتصرف برد فعل فى علاج مزلقان أو عمارة أو سيارة كل حادثة تقع اولا ثم نتصرف بعدها كرد فعل لا يوجد نظرة مستقبلية استشرافية أرى أن أشياء كثيرة فى حياتنا السياسية يمكن تجاوزها، ولكن تحكمنا اعتبارات.
أرجو ان نتخلى من حل مشاكلنا بعد أن تقع نجلس لحلها حول فنجا القهوة.
قبل 1967 حصلت علي تصريح من المهندس صدقي سليمان ونشرته في الجمهورية. قال لي: في يونيو مصر سوف تبدأ في تصدير البترول وعندما جاء يونيو لم يتحقق هذا الحلم.
لأن مصر كانت قد ضربت حتى لا تهنأ ببترولها ومواردها لان الغرب لايزال يتربص بقوانا الذاتية.
- كيف تكتب عملا أدبيا؟!
عندما أفكر في عمل أقرأ عنه من كل زواياه العادات والتقاليد والأزياء والأسواق حتي أصبح فردا من افراد هذا الزمان أو الحقبة التاريخية أو الحي القديم أنا الآن أكتب عن عمر مكرم. اقرأ عنه وله أناقش عمر مكرم ومحمد علي هذا الحاكم الفرد الذي يعطيني تحديثا وتحضرا ويكبث إرادة المصريين. وعندما حاول عمر مكرم الذي رشحه الشعب أن ينبهه نفاه إلي دمياط ولم يشفع لعمر مكرم إنه هو الذي وضعه حاكما لمصر.
نعم محمد علي أفاد مصر مثل ستالين الذي بني الاتحاد السوفيتي الذى عمل الستار الحديدي وحقق والتقدم في الرياضة والصناعة باستثناء الأدب فليس عنه تشيكوف ولا حتي جوركي. لكنه للأسف لم يعتمد علي الناس البسطاء مثل محمد علي بالضبط وما هى مفهوم المقاومة؟
فى أعمالى أحاول دائما الانتصار لمشروع المقاومة، ففي رواية عائشة. الشعب أصر أن يأخذها. عائشة هنا دلالة أو مغزي أصر الناس أن يأخذوها وأخذوها بإرادتهم.
وفي رواية "رجال الظل" حصل انقلاب في الإمارة وهي رمز العالم العربي. بعد الانفلات أحضروا الحاكم من باريس. هناك كان له صديقه فرنساوية قالت له "طالما شعبك عاوزك روح" عندما وصل صار واجهة بعمجي، والحمد لله كتبت هذه الرواية أيام حسني مبارك لتعكس تحول مبارك إلي واجهة. مجرد سيادة الحكيم والرئيس والزعيم في نظر العصابة المحيطين بها وهم يطيحون بكل شئ جميل من حوله.
- ما وجه الشبه بين إسكندرية جبريل الروائية والإسكندرية الحالية؟
هناك اختلاف كبير حدث نتيجة الزحام. السلوكيات والقيم والعادات التي نشأت عليها تغيرت لقد تربيت في شارع إبراهيم صبري وعندما كنت اهبط من الترام المقابل لقهوة فاروق الشهيرة كنت اشعر أنني في البيت ولست في الشارع الجميع يعرفني واعرفه الألفة والمحبة كانتا تتصدران المشهد كان هذا ينطبق علي كل شوارع الإسكندرية.
في منزلنا المكون من 6 ادوار و12 شقة كلنا أسرة واحدة تقريبا هذا ما نفتقده بشدة أقصي ما تفعله الآن هو أن تومئ بالتحية لجارك الذي لا تربطك به أي صلة في الماضي كانت هناك حالة من التعاطف والتكافل تغلف علاقاتنا الاجتماعية ومساحات الحميمية فيها لا تنتهي. تركت الإسكندرية أوائل الستينات وأنا ابن العشرين ولم يكن في ذهني أنها ستكون محورا لكتاباتي وعندما ابتعدت عنها بدأت تشاغلني، في تقديري الحنين يماثل حافزا قويا للمبدع في الكتابة خاصة وان هذا الأمر مرتبط بالطفولة ذلك الكنز الحقيقي الذي ينهل منه الكاتب.
الإسكندرية تبدأ عندي فى "بحرى" من سرايا 60 حتى المنشية وهي حاضرة في روحي ووجداني بمساجدها وزواياها والبحر.
لقد تنبأت بغرقها في روايتي غواية الاسكندر والرواية في مجملها تدق ناقوس الخطر أن انتبهوا أنها تغرق، شعرت بحزن بالغ ولم أكن أتوقع لهذا المكان الجميل والمساحة الرائعة أن تغرقها الأمطار لأنني عشت وشاهدت الفترة التي كانت تغسل فيها الشوارع بالخراطيم في منتصف الليل مثل شارع سعد زغلول وشاهدت القصور والفيلات الجميلة التي كانت تتميز بالروعة والجمال كل هذا أزيل بفعل فاعل وبتوحش.
ما حدث في الإسكندرية حدث في مصر كلها تغير في العادات والتقاليد والنظرة إلي الأمور لذلك فانا أؤيد السؤال الذي طرحه جلال أمين ماذا حدث للمصريين؟ تستوقفك ظواهر لم تكن موجودة في حياتنا قبل ذلك هل ظهرت نتيجة ظروف اقتصادية؟ أم نتيجة الرغبة في الثراء السريع؟ أم الهجرة إلي الخارج؟ عندما نصل إلي إجابة عن هذا السؤال سنكون حتما علي الطريق الصحيح، معظم أفكارنا حتى الآن مرتجلة وعشوائية لا تستند إلي منهج حقيقي هناك تعدد آراء ومسائل تتم بشكل عاطفي ويوجد غضب وفوران سريع وأحكام متسرعة والبعض يتعامل بمنطق "احيني النهاردة وموتني بكرة" كل تلك الأمور تجلب الكوارث. نحتاج إلي أن نستفيق لأننا أشبه بالذين يتحركون فوق برميل بارود أنا لا أدين احدا وإنما أدين نحن كلنا مدان. أحيانا انقم واغضب علي من يسب الوطن مصر لا تشتم لأنها تضمنا وتحتوينا علينا أن ندين من يخطئ يجب أن تختفي وتمحي كلمة "معلهش" من قاموسنا اليومي ينبغي محاسبة المقصر إذا تم ذلك ستصلح أمورنا كافة.
- البعض يأخذ علي المصريين قدرتهم علي صنع الطغاة كيف تري هذا الرأي؟
بكل أسف ولي رواية ذكرت فيها هذا الرأي ولا أستطيع أن أتنصل منه نحن شعب يصنع الطغاة ويجيد التكيف مع الظلم ولكن أيضا بجانب هذه الأمثال والمقولات هناك مشاعل كثر في حياتنا ينبهون إلي اضاءات أكثر أهمية وأكثر أملا وإشراقا يمكن أن نلجأ إليها ونفعلها لا أستطيع أن اغفل دور عبدالله النديم ولا بيرم التونسي ولا سيد درويش وغيرهم كل هؤلاء أشرقوا علي الإسكندرية ومصر بإبداعاتهم عشرات القرون ومصر محكومة بالأجنبي في بعض الفترات مصر حكمت بمن لا يجيدون العربية لذا ظهرت بيننا تلك المقولات السلبية "امشي سنة ولا اخطي قنه" وعشان ما تعلي وتعلي وتعلي لازم تطاطي تطاطي، لكن في نفس الوقت نجد أن هذا المصري الذي يجيد صناعة الطاغية ليس مستكينا كما يبدو لأنه في لحظة عندما يغضب ويثور يحصل علي ما يريد وهو ما حدث بالفعل في ثوره 1919.
- من المسئول عن تحويل المناخ الثقافي في مصر من ساحة إبداع وفن إلي ساحة عراك واقتتال؟
أنا أشبه المجتمع المصري مثل كل المجتمعات بنظرية الأواني المستطرقة فعندما يحدث تخلف أو قصور أو تراجع في موقع ما أو مجال ما يحدث تراجع في كل المجالات.
في الستينيات كنا نهزم كوريا في كرة القدم ب11 هدفا واليابان ب10 أهداف تلك الدول ارتقت وحققت التقدم واستطاعت إبداع فن عظيم وسينما متفوقة وصناعة جيدة وهو ما لم يحدث عندنا والمجتمع كله مسئول عن هذا. أهم ما في الأمر أن يكون لدينا منهج عمل وخطة شاملة من يخرج عنها أو يسئ التصرف يحاسب أيا كان موقعه أو وضعه وحكاية "أنا ابن مين" يجب ان تنتهي والوساطة والرشوة ينبغي أن تمحي نهائيا من مجتمعنا. إنني أؤمن دائما بان الإنسان خلق ليقاوم وهو معني موجود وحاضر في كل أعمالي ولا اقصد المقاومة بمعني حمل السلاح والحرب والقتال إنما مقاومة كل شئ فاسد أو قاهر أو مذل، مشكلتنا أننا دائما رد فعل لكل شئ يجب أن نستبق ونختاط للمستقبل وان نعظم العمل بمبدأ الوقاية خير من العلاج.
- كيف تقرأ المشهد الديني الراهن من اختزال الإسلام في رجل دين وجماعة ومرشد؟
اللافت للنظر والمدهش في آن واحد أن الذين أحسنوا تقديم الإسلام والحفاظ علي قيمة ومثله هم من غير علماء الدين عندك محمد فريد وجدي احمد كمال أبوالمجد الدكتور مصطفي محمود الدكتور عبدالعزيز كامل هناك أيضا من علماء الدين من يستحقون التقدير والإعجاب والولاء. لا أستطيع أن انسي الشيخ محمود شلتوت هذا العالم الجليل المستنير هناك الشيخ عبدالحليم محمود الصوفي المستنير أيضا لا يمكن إغفال الجزائري مالك بن نبي هؤلاء المستنيرون قد أفادوا وأجادوا تقديم الإسلام الي العالم. وهناك مفارقة واضحة جدا هي أن أعداد المنضمين الي الإسلام من أبناء الديانات الاخري من خارج المنطقة يتزايد بكثرة رغم كل ما يلصق بالإسلام من أكاذيب وخرافات، هؤلاء قرأوا جيدا وعرفوا حقيقة الإسلام السمحة لذا فالإسلام سيظل في منأي عن تلك الحركات المشبوهة التي تحاك ضده فقط علينا أن ننتبه الي تلك المحاولات الخبيثة والاّ نشعر بالنقص في داخلنا.
- هل حقا كان يوسف إدريس شمسا احرق لهيبها أبناء جيلك؟
أنا لست من جيل يوسف إدريس هو بالنسبة لي أستاذ فأنا من جيل الستينات وهو من جيل الخمسينيات وعلي فكرة أنا ضد التقسيم المجايل للأدباء لأنك لو حسبتني سوف تجدني في جيل السبعينيات، و"المجايلة" في رأيي هي الوقت الذي يظهر فيه إبداع الكاتب بمعني انه الوقت الذي ينتمي إليه الكاتب بالإبداع بصرف النظر عن العمر.
يوسف إدريس لم يظلم جيله لان العين الفاحصة لا يمكن أن تغفل عبدالله الطوخي وفاروق منير وسليمان فياض وأبوالمعاطي أبوالنجا هناك ظروف كثيرة ساعدته فضلا عن موهبته المؤكدة واشتغاله بالعمل السياسي.
- هل جائزة نوبل في ظنك جائزة ملوثة؟
لا ليست ملوثة ولا مشبوهة هي جائزة قد تحكمها بعض الاعتبارات السياسية وليس معني أنها أعطيت لمن يستحقها تكون ملوثة الاستخدام فقط هو الملوث بدليل أن أي كاتب صادق مع نفسه ومع مجتمعة يسعى للحصول عليها وبشكل عام الجائزة ليست ملوثة ولكن يساء أحيانا استخدامها وأنا أري أن نجيب محفوظ اكبر من جائزة نوبل فهي شرفت به ولم يشرف بها.
- البطل الشعبي في الوجدان المصري هل تراه يتطابق مع صورته في الوجدان الأدبي والفني؟
لاحظت أن هناك شخصيات في التاريخ لم تكن علي الصور الجيدة التي عرفناها بها فالوجدان الشعبي أحيانا يضفي علي البطل الذي يقدمه صفات لم تكن فيه أو يضعه في زمن غير الذي كان فيه فعنترة بن شداد عاش في الجاهلية بينما الوجدان الشعبي جعله يعيش في عصر الإسلام كي يدافع عنه، أيضا الظاهر بيبرس إذا نظرنا إليه بشكل علمي نجده قد خان قائده قطز وقتله واستولي علي الحكم ونتيجة انه قدم أشياء جيدة للمصريين والعرب فقد رفعه الوجدان الشعبي الي مكانه عالية ومرموقة، وإذا نظرنا الي ادهم الشرقاوي نجده في المحصلة النهائية مجرم ومطارد والدكتور لويس عوض كتب عنه من خلال معرفة شخصية به ولكن لأنه تحدي السلطة وقاومها حوله الوجدان الشعبي الي بطل وأضاف علي سيرته الكثير، ونجد أن ابن عروس قد نسب إليه كثير من الأقوال الحكمية والمربعات وكل تلك الأشكال الإبداعية لدرجة جعلت منه حكيما عظيما في النهاية الوجدان الشعبي له رؤية أخري تختلف كثيرا عن رؤية المؤرخ. من هذا المنطلق حرصت في أعمالي علي تجسيد ما أسميته الواقعية الروحية وهي التعامل مع الموروث والميتافيزيقا من وجهة نظر دينية اسلامية مصرية ومن هذا المنطلق أري أن الوجدان الشعبي يجب أن أفيد منه فنيا بحيث تكون أعمالي معبرة عنه.
- من الشخصية المصرية التي يمكن أن نقول عنها الآن أنها تجسد هذه الفكرة؟
جمال حمدان كان له مشروعة الوطني والعلمي وكان مهموما بقضايا الوطن وعلي مستوي الأدب نجيب محفوظ لا اختلاف علية ومن يحاول غير ذلك فانه يقف خلف أسوار الأدب وعلي مستوي الدين الشيخ محمود شلتوت عالم الدين المستنير.
- هل تعتقد أن العرب نجحوا في الاحتماء بتراثهم الأدبي في مواجهة هجمات الغرب الشرسة عليهم؟
لا اعتقد ذلك لان الوقت الراهن الذي نعيشه يمثل لحظة حضارية متخلفة يدل علي هذا أننا لدينا أدب متفرد وفن جميل وفنون تشكيلية من أروع ما يكون وموسيقانا العربية يستلهمها العالم كله في كل مجالات الأدب والفنون لدينا أشياء متقدمة لكننا نفقدها قيمتها بعدم الثقة في أنفسنا والنظر الي الخارج حتى علي مستوي لغتنا العربية الجميلة نجد من يحاول تطويعها لكتابات الغرب بنحت ألفاظ عربية غير مفهومة لابد أن نفيق الي أنفسنا وندرك جيدا أن حضارتنا كانت المنهل الذي قامت عليه الحضارة الغربية.
- وماذا بقي لهم من حائط ثقافي يحتمون به؟
العرب لديهم تاريخ ثقافي رفيع ينقصهم الثقة في أنفسهم عليهم أن يفطنوا الي مواطن قوتهم يجب عليهم التخلص من داء القبلية والشللية والمحسوبية وان نحتفي بكل مبدع حتى لو لم يكن من بيننا وان نتصدى لكل من يريد أن يهدم أو يكسر موهبة جديدة، بالمناسبة يوسف إدريس نجح وانتشر عندما وجد من يقدمه ويعتني به ويذيع كتاباته علي عموم القراء ويؤكد مكانته من خلال مقالات نقدية.
ومع الأسف في بعض الأحيان نجد من هو حريص علي التسخيف والتقليل من شأن الآخرين وعلي ترفيع من لا يستحقون في مقابل من يستحقون، انظر الي جوائزنا من يحصل عليها ومن لا يستحق، والمتحكمون فيها هم موظفون.
- هل المصريون عنصريون؟
لا بدليل أننا نحتوي الآخر وما يحدث من أمور مستجدة علي سلوك الشعب المصري تمثل نوعا من العدوانية لا العنصرية ودعني استعير من الكاتب يوسف الشاروني وصف أخلاق الزحام كتفسير للواقع الذي نعيشه الآن.
- ماذا عن النصف الحلو في حياة الأديب محمد جبريل؟
ابتسم الروائي الكبير وقال: "زينب" هى رفيقة الدرب وشريكة العمر التى تحملت كل اعباء حياتى وصبرت عليها ولا أخفيكم سرا اننى لن أجد امرأة تتحملنى مثل "زينب" فهى تهتم بكل صغيرة وكبيرة فى حياتى بل وتراعى أدق التفاصيل التى تخصنى وعلاوة على اهتمامها بما احبه من طعام وشراب تتفانى فى تهيئة جو مناسب عندما اقوم بكتابة رواياتى بل وتقوم بدور المتابع الجيد لكل ما ينشر من اخبار ومعلومات سواء فى الصحف او وسائل التواصل الاجتماعى خاصة الفيسبوك، وهى بالمناسبة مغرمة به جدا فى الوقت الذي لا ارحب به ولا أعتبره وسيلة للتواصل أبدا بل وسيلة لقطع التواصل الاجتماعي له بعض الايجابيات منها انه موقع التنفيس عن الشباب ازاء افتقاده من يسمعه، ومن يصدقه، وعموما هو عالم زينب المفضل وهى ترصد تلك المعلومات وتمدنى بها وقت انشغالي، والأكثر من ذلك انها تحملت مرضى لسنوات طوال، سنوات ظللت فيها شبه عاجز عن الحركة كانت "زينب" فيها العصا التى اتكئ عليها واعترف انه رغم مرضى بسبب الانكفاء لسويعات طويلة على الكتابة والقراءة الا ان "زينب" كانت تحاول ان توفق بين الاثنتين الصحة والقراءة بصبر جميل يجعل حياتى لاغنى عنها بدون تشجيع وابتسامة زينب!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.