"أنا أتسرقت!!" أول صرخة ينطق بها اللسان عندما يدرك العقل أنك تعرضت لعملية سرقة، لكن هل تعلم عزيزي القارئ اننا نتعرض يومياً لعمليات مختلفة من السرقة دون أن نصرخ لا من الداخل او الخارج أو حتي نشعر بعد السرقة باي شيء .. هل بسبب خفة يد الفاعل أم عدم أدراك وخوف منا بالاعتراف أمام أنفسنا قبل الجميع. قررت أنا ومجموعة من أصدقائي الأسبوع الماضي أن نمضي معاً بعض الوقت...العجيب أنني اكتشفت أثناء اللقاء أن الكل يعاني من السرقة لكنه يطلق العنان للاستسلام للحالة دون الاعتراف بها...لعبة صغيرة كشفت المسروق ووضعت الكل أمام الحقيقة.. لعبة " أنا أتسرقت"...بدأت اللعبة بصياح أحدنا "أنا أتسرقت العام الماضي" واخذ يحكي كيف سُرق منه كل ما يملك من مال في هذا اليوم دون أن يشعر بسبب خفة يد السارق.. بعد أن سرد واقعة السرقة تنهد وقال" بقدر غضبي الشديد مما حدث الا أن هذا الموقف جعلني اكثر حرصا من قبل" هنا صاحت صديقتي " أنا شقتي كلها أتسرقت والفضل لسذاجتي.." وفي حين كانت تحكي تفاصيل السرقة كان صديقي أحمد أكثر أنسان طموح يمكن أن تقابله في حياتك في عالم أخر ليس معنا وفجأة صرخ بشدة وقال: "أنا اكتشفت حالاً أني أتسرقت ..أنا أتسرقت" هنا صمت الجميع من شدة الصرخة، منا من أمسك بأشيائه خوفا عليها من السرقة ومنا من أخذ ينظر علي المحيطين حتي يكتشف السارق.. هنا صاح أحمد" أنا الآن لا أملك من طموحي إلا أنقاض حلم قديم، بعد أن أمتص طاقتي الايجابية أحد المحيطين المحبطين تحت شعار الخوف من الفشل...أدركت في هذه اللحظة أن الفشل بعينه ما أشعر به الان من سرقة حلم" وهنا وقف مسرعاً وهو يقول :"لن أسمح لحلمي أن يُسرق مني مرة أخري" وبعد هذه الكلمات انطلق كالقطار المسرع الباحث عن محطة الوصول. ذهب أحمد وترك كل منا أما نفسه ليري ما سُرق منه قبل هذا اللقاء ولم يكن يدرك أو يستطع حتي الإفصاح أمام نفسه.. فالكل تعرض للسرقة...منا من تعرضت مشاعره لسرقة غير مشروعة ومنا من سرقت أحزانه عمره و ضحكته، بل ومنا من سرق هو أطفاله بالبعد عنهم أو سرق حتي نفسه بالوهم... من يدري لعل هذه اللُعبة نقطة انطلاق جديدة لكل منا. فالأدراك بالفقد هو أول الطريق للحفاظ علي ما نملك؛ فبقدر ما كان الإحساس بالصدمة وعدم الأمان والخوف والغضب الشديد من جراء السرقة مؤلم إلا انها أحاسيس هامه تجعلنا أكثر حرصا من الماضي علي ما نملك من قيمة. الحياة معادلة صعبة نملك مركباتها ولكن منا لا يجيد التعامل بما يملك ويترك التجربة ومنا من يطبق المعادلة بمنتهي الحرص كالأخرين ومنا من يضيف الجديد لتصبح معادله ذات مذاق خاص وجديد...لا تفقد ما تريد من حلم لكن لا تتشبث بالوهوم ولو هذا ما تريد حتي لا تتعرض لعملية سرقة والفاعل أنت. [email protected] لمزيد من مقالات مى إسماعيل