بهدف التقييم الاقتصادى لمنطقتى «رامسار» الخاصة بالمناطق الرطبة المغمورة بالمياه كليا أو جزئيا، بمصر، وهما بحيرة البردويل (محمية الزرانيق)، وبحيرة البرلس (محمية البرلس)، أعدت الدكتورة فيبى أديب - بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية - دراسة هى الأولى من نوعها بمصر لتثمين الأراضى الرطبة فيها، أثبتت أن هاتين المحميتين كنز مصرى مهجور، ينطوى على فوائد بيئية واقتصادية كبيرة، لكنه يحتاج إلى عناية خاصة، وتعامل حسن. أوصت الدراسة بالعمل على تشجيع السياحة البيئية القائمة على مشاهدة الأنواع النادرة من الطيور فى منطقتى الدراسة، لا سيما محمية البرلس، وإجراء مسح دراسى لرغبة السكان المحليين فى الدفع النقدى بمنطقتى الدراسة للحصول على صورة أدق من حيث قيمة الخدمات الثقافية فى المكان، بالإضافة الى إشراكهم فى اتخاذ القرارات لصون أفضل للنظام البيئي، مع إجراء تقييم الأثر البيئى لأى مشروعت داخل أو على حدود منطقتى الدراسة، قبل الشروع فيه. كما أوصت الدراسة بالعمل على الجمع الدورى للبيانات الخاصة بالمصايد السمكية فى البحيرتين، للوصول لأدق النتائج من حيث تثمين هذا النشاط الاقتصادي، وأخيرا اقتراح موقع «رامسار» (محمية الزرانيق) لتكون محمية محيط حيوي، للحفاظ عليها من توسع شركة الملاحات فى استخدام المحمية كأحواض ترسيب للملح، أو من أى نشاط اقتصادى آخر. أشرف على الدراسة الدكاترة: مجدى توفيق أستاذ البيئة المائية بعلوم عين شمس، وأحمد فرغلى أستاذ الاقتصاد البيئى بجامعة القاهرة، وبشرى سالم أستاذة البيئة بعلوم الإسكندرية. ومواقع «رامسار» هى مواقع أراض رطبة لها أهمية بيئية دولية. وقد أعلنت هاتان المنطقتان كمواقع «رامسار» فى سبعينيات القرن الماضي، إذ إن اتفاقية «رامسار» تم طرحها ومناقشتها بين الدول عام 1971، ودخلت حيز التنفيذ عام 1975. وتكشف عملية التقييم الاقتصادى لمنطقتى «رامسار» فى مصر، الفائدة التى يحصل عليها الناس من الأراضى الرطبة، كما يكشف التكلفة المرتبطة بفقد هذه البيئة، ويسلط الضوء على إذا ما كانت الأنشطة والقرارات الاقتصادية ستؤثر على هذه البيئة سلبًا أم إيجابًا، خصوصا بعد أن أُعلنت منطقة «الزرانيق» محمية طبيعية منذ عام 1985، وهى تقع فى نطاق محافظة شمال سيناء. وتحتوى محمية «الزرانيق» - فى جزئها الغربى - على الجزء الشرقى من بحيرة البردويل، التى تبلغ مساحتها 685 كم2، وتمتد بطول 80 كم، ويصل أقصى عرض لها إلى نحو 3 كيلومترات، فى حين يبلغ أقصى عمق لها 20 كم. أما منطقة «البرلس» فقد أُعلنت محمية طبيعية عام 1983، وتقع على البحر المتوسط شمال دلتا نهر النيل، داخل نطاق محافظة كفر الشيخ. وتبلغ مساحتها نحو 460 كم2، وتمتد بشاطئ طوله 65 كم. وأجرت الدراسة تحاليل للمياه بكلتا البحيرتين لمعرفة خصائصهما الكيميائية المهمة، ومدى تأثير هذه الخصائص على إنتاج الأسماك بهما؛ إذ إن الصيد هو النشاط الاقتصادى الأول بالمحميتين. كما تم حساب مؤشرات التنوع البيولوجى للطيور والأسماك، إذ إنهما المكونان الحيويان اللذان لهما الأهمية الاقتصادية الأعلى بالموقعين، وحساب مؤشرات أهمية الصون للطيور فى كلا الموقعين. أما التثمين الاقتصادى فتم عمله من خلال ثلاثة طرق: التسعير المباشر، وفيه يتم تثمين الخدمات التموينية للموقع، مرورا بتكلفة السفر؛ وفيه يتم تثمين الخدمات الثقافية والترفيهية بالموقع. وأخيرًا طريقة تكلفة الاستبدال فيها إذ يتم تثمين الخدمات الداعمة والتنظيمية للموقع. وحددت الدراسة التغير الذى حدث فى استخدامات الأرض بمنطقتى الدراسة مع الزمن من خلال تقنيات الاستشعار عن بعد، وتحليل صور الأقمار الصناعية لكل موقع مع مرور الزمن، بالترابط مع حساب قيمة الخدمات التى يقدمها كل استخدام من هذه الاستخدامات، فيعطى فكرة عن التغير فى النشاط الاقتصادي، وقيمة الموقع ككل. وخلصت الدراسة إلى أن الصيد هو النشاط الاقتصادى الأول، وأن التنوع البيولوجى للطيور بمحمية الزرانيق أكثر منه فى محمية البرلس، وأن مساحة المياه فى بحيرة البردويل قلت بنسبة ملحوظة خلال عشر سنوات، كما أن وجود أحواض ترسيب الملح التابعة لشركة الملاحات الموجودة فى محمية الزرانيق، ستؤثر حتمًا على الموائل والبيئات الموجودة بالمحمية، والأنشطة الاقتصادية الأخرى التى تقام داخلها.