تعرف على حدود التحويلات عبر تطبيق انستاباي خلال إجازة العيد    محافظ المنيا: حملات مستمرة على مجازر خلال أيام عيد الأضحى    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى وقف تخريب الأرض    مسؤول إسرائيلي يعلق على مصير عشرات الرهائن في غزة    مسئول في الموساد يعكس "صورة قاتمة" حول صفقة التبادل مع حماس    نائب لبناني عن كتلة الوفاء: المقاومة لا تخضع للتهديد وهي مستعدة لكل الاحتمالات    سرايا القدس تعرض مشاهد لقصف عناصرها جنودا وآليات عسكرية إسرائيلية في رفح    إصابة دموية ل مبابي في افتتاح مشوار فرنسا باليورو (صور)    عملية جراحية بانتظاره.. تفاصيل إصابة مبابي في مباراة فرنسا والنمسا    وفاة أول حاج من الوادي الجديد خلال أداء مناسك الحج    حريق يلتهم مقلة لب بطنطا في ثاني أيام عيد الأضحى (صور)    مفاجأة عن الحالة الصحية للطيار المصري قبل وفاته، والشركة تبرر تصرف مساعده    «قضايا الدولة» تهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عودته بعد أداء فريضة الحج    وفاة والد عمرو أدهم عضو مجلس إدارة نادي الزمالك    أحمد حلمي من كواليس "ميمو" ونيللي كريم في طريقها للسعودية ..10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    هيئة الدواء المصرية تسحب عقارا شهيرا من الصيدليات.. ما هو؟    8 أعراض تظهر على الحجاج بعد أداء المناسك لا تقلق منها    عاجل.. لجنة الحكام تكشف عن 4 أخطاء لحكم مباراة الزمالك والمصري    صدمة في فرنسا.. مبابي يخضع لجراحة عاجلة    الأرز ب 34 والسكر 37 جنيهًا.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق في ثالث أيام عيد الأضحى الثلاثاء 18 يونيو 2024    محمود فوزي السيد: عادل إمام يقدر قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه (فيديو)    عبد الله غلوش لصاحبة السعادة: عادل إمام مثقف ومتطور ويتحدث بمصطلحات الشارع    عبدالحليم قنديل ل"الشاهد": طرحت فكرة البرلمان البديل وكتبت بيان الدعوة ل25 يناير    إسماعيل فرغلي: ربنا كرمني بعد مرارة سنوات.. وعشت ظروف صعبة لا تنسى    «الأزهر» يوضح آخر موعد لذبح الأضحية.. الفرصة الأخيرة    مرشحو انتخابات الرئاسة الإيرانية فى أول مناظرة يدعون لحذف الدولار.. ويؤكدون: العقوبات أثرت على اقتصادنا.. النفط يُهدر بنسبة 17% والتضخم تجاوز 40%.. ومرشح إصلاحي يعترف: عُملتنا تتدهور والنخب تهرب والوضع يسوء    الزمالك يهدد بمنتهى القوة.. ماهو أول رد فعل بعد بيان حسين لبيب؟    تراجع سعر سبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن ثالث أيام العيد الثلاثاء 18 يونيو 2024    من مشعر منى.. ولي العهد السعودي يوجه رسالة للعالم عن غزة    أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس يكشف السيناريوهات المتوقعة عقب حل مجلس الحرب الإسرائيلي (فيديو)    في ثالث أيام العيد.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر ودرجات الحرارة المتوقعة    وفاة 10 حجاج من أبناء كفر الشيخ خلال أداء مناسك الحج.. اعرف التفاصيل    بيان عاجل من وزارة السياحة بشأن شكاوى الحجاج خلال أداء المناسك    تعليق عاجل من الخارجية الأمريكية بشأن قرار نتنياهو بحل مجلس الحرب الإسرائيلي    بعد الارتفاع الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 18 يونيو في ثالث أيام العيد    وزراء البيئة بالاتحاد الأوروبي يوافقون على قانون استعادة الطبيعة    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    تهنئة إيبارشية ملوي بعيد الأضحى المبارك    االأنبا عمانوئيل يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب    عاجل.. أميرة نايف تعلن وفاة والدتها: «اللهم ارحم موتانا»    مصطفى عمار: عادل إمام سفير فوق العادة للكوميديا المصرية في الوطن العربي    بعد الفوز على الزمالك| لاعبو المصري راحة    لسبب جسدي.. أنس جابر تعلن غيابها عن أولمبياد باريس 2024    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    التحقيق مع حداد مسلح أشعل النيران في زوجته بسبب خلافات بينهما بالعاشر    قائمة الاتحاد السكندرى لمواجهة الأهلى.. غياب مابولولو وميسى    شقق التضامن الاجتماعي.. تفاصيل تسليم 1023 وحدة سكنية ب 400 مليون جنيه    وكيل «صحة الشرقية» يقرر نقل 8 من العاملين بمستشفى ههيا لتغيبهم عن العمل    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرحلة الاولى للانتخابات البرلمانية 2015
الشعب يعيد تصحيح العلاقة بين الدين والسياسة
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 11 - 2015

كشفت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، والتى أجريت فى 14 محافظة يومى 18 و19 اكتوبر، عن نتائج غاية فى الأهمية، كان أبرزها عدم قدرة حزب النور- ممثل التيار الإسلامى فى هذه الانتخابات- على تحقيق نتائج تتناسب من قريب أو بعيد مع النتائج التى حققها الحزب فى انتخابات (2011-2012) والتى حصل خلالها على 112 مقعدا، بنسبة 22%.
فقد حصل الحزب على 8 مقاعد فقط من إجمالى 213 مقعدا فرديا تم حسمها خلال هذه المرحلة، بينما لم يحصل على أى مقعد من إجمالى 60 مقعدا تم حسمها من خلال نظام القوائم، بنسبة إجمالية 2.9% من إجمالى المقاعد التى تم حسمها خلال هذه المرحلة.

لكن الأهم أن هذه النتائج لم تتناسب أيضا مع حجم التوقعات التى سادت فى وقت ما قبل إجراء هذه الانتخابات، خاصة بعدما كان الحزب قد قرر أن يكون جزءا من المشهد السياسى لمرحلة ما بعد ثورة يونيو 2013 ومحاولته أخذ مسافة واضحة عن جماعة الإخوان وحلفائها.
والواقع أن انحسار الحزب بهذا الشكل غير المتوقع يشير إلى تطور شديد الأهمية، مفاده أن الناخب المصرى يجرى عملية واعية لتصحيح العلاقة بين الدين والسياسة، وهى العلاقة التى شهدت تشويها خطيرا من جانب التيار الدينى خلال العقود السابقة على ثورة يناير بشكل عام، وبعد الثورة بشكل خاص.
وتأتى أهمية عملية التصحيح تلك أنها تجرى فى مناخ أسبغ على هذه الانتخابات درجة كبيرة من الشفافية والنزاهة، فى ظل غياب أى شكل من أشكال تدخل الدولة أو أى من مؤسساتها فى هذه الانتخابات أو التأثير فيها، واحتفاظها بمسافات متساوية من جميع القوى والتيارات السياسية.
لقد انطلق التيار الإسلامى من توصيف دينى للسياسة وللصراعات والمنافسات السياسية فى مصر بعد ثورة يناير 2011. كان هذا واضحا فى تفسيرهم للمآل الذى انتهى إليه نظام مبارك، والصراع السياسى الذى شهدته مصر خلال المرحلة الانتقالية بعد الثورة، وما انتهت إليه من صعود كبير للتيار الإسلامى وهيمنته على مجلسى الشعب والشورى فى أول انتخابات تشريعية بعد ثورة يناير (ديسمبر 2011- فبراير 2012)، ثم نجاح المرشح الإخواني، محمد مرسي، فى الوصول إلى منصب الرئاسة فى أول انتخابات رئاسية (2012).
فقد ذهب التيار الإسلامى إلى اعتبار هذه النتائج هى النتيجة «الموعودة» للصراع «الطبيعي» بين الإسلام وغيره من الأيديولوجيات السياسية الأخرى (العلمانية، والليبرالية، والشيوعية)، وأن هذه «النجاحات» المتتالية ما هى إلا مقدمة لتطبيق الآية القرآنية: «الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة» (الحج: 41).
ومن ثم، فإن ما حدث فى الانتخابات التشريعية، ثم فى الانتخابات الرئاسية، ومن قبلهما سقوط نظام مبارك- فى نظرهم- ما هو إلا ذلك «التمكين» الموعود من الله للمؤمنين فى الأرض، ونصر الله الموعود «للطائفة المؤمنة» على غيرها من الطوائف غير المؤمنة (من الليبراليين والعلمانيين والشيوعيين…إلخ).
تقسيم المجتمع وفقا لخطوط دينية
ولم يكن هذا التوصيف أو الإدراك الخاطئ من جانب القوى والتيارات الدينية لطبيعة الصراع السياسى بينها وبين الدولة والأنظمة السياسية ليتطور فى هذا الاتجاه، وعلى هذا النحو، بدون التصورات والمفاهيم المغلوطة لدى هذه التيارات حول مبادئ الليبرالية والديمقراطية والعلمانية، والعلاقات الخطأ التى نسجتها هذه التيارات بين الإسلام وهذه المفاهيم ومواقفها الشرعية منها.
ولكن التأثير الأهم جاء نتيجة للأبنية والفلسفة التنظيمية التى قامت عليها هذه التيارات. فقد ارتكزت الجماعات الدينية وجماعات الإسلام السياسى على مفاهيم شكلت بطبيعتها خطوطا لتقسيم المجتمع على أسس دينية داخل أتباع الدين الواحد (الإسلام)، تقوم على وجود جماعة «المسلمين»، أو «المؤمنين»، أو «السلف»، أو «الطائفة المؤمنة»، فى مواجهة «الكفار»، أو «ذوى العقيدة الفاسدة»، أو حالة «الجاهلية الأولي»، يستوى فى ذلك الإخوان مع غيرهم من الجماعات التكفيرية أو الدعوية أو جماعات السلفية الجهادية، بدرجات مختلفة قربا أو بعدا من درجة تكفيرهم الضمنى أو الصريح للفرد والمجتمع والدولة. وعلى سبيل المثال، ارتكزت التيارات السلفية إلى مفهوم «أتباع السلف الصالح» فى مواجهة «أصحاب العقائد الفاسدة» من التيارات الأخرى بما فيها التيارات الدينية الأخرى مثل المتصوفة.
واستندت جماعات التكفير والهجرة، والتبليغ والدعوة، والسلفية الجهادية إلى مفهوم «الجماعة المسلمة» أو «العصبة المؤمنة» فى مواجهة الدولة الكافرة والمجتمع المرتد عن الإسلام، و»حالة الجاهلية الأولي»، حتى وإن كانت الأولى (التكفير والهجرة) قد رأت هجرة هذا المجتمع واعتزاله، بينما رأت الثانية (التبليغ والدعوة) دعوته إلى الإسلام من جديد بالحكمة والموعظة الحسنة، بينما رأت الثالثة (السلفية الجهادية) ممارسة الجهاد ضد الدولة أو المجتمع أو كلاهما.
وبرغم أن جماعة الإخوان نجحت فى إقناع الكثيرين بتصنيفها ضمن الحركات الإسلامية ذات الطابع السياسي- الاجتماعي، إلا أنها من ناحية، ظلت ترتكز إلى محورية مفهوم «الجماعة» فى مواجهة الدولة والمجتمع.
وقد أثبتت خبرتها فى الحكم خلال الفترة (يونيو 2012 يونيو 2013) مركزية هذا المفهوم فى أيديولوجيتها ولم تستطع التنازل عنه لمصلحة فكرة «الحزب السياسي»، باعتباره الآلية، أو الفاعل الرئيسي، لإدارة التنافس بين الرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو القوى السياسية داخل المجتمع ومن داخل النظام السياسي، واستنادا إلى قواعد اللعبة السياسية كما أقرها الدستور، أو «الدولة» باعتبارها الإطار الذى انتظمت عبره الجماعات البشرية. وذلك رغم امتلاك الجماعة حزبا سياسيا بعد ثورة يناير، ورغم انتقالها من المعارضة إلى الحكم، وهو ما كان يعنى انتفاء مبررات تمسكها بفكرة تقسيم المجتمع على أساس «الجماعة» فى مواجهة المجتمع والدولة، إلا أنها لم تستطع التنازل عن هذا التقسيم. وكان من أبرز مظاهر مركزية مفهوم «الجماعة»، والحفاظ على ما يمكن تسميته «بالنقاء الإخواني» ما عبر عنه القيادى الإخوانى صبحى صالح فى أحد مؤتمرات الجماعة بالإسكندرية، والذى انتقد فيه ظاهرة زواج شباب الجماعة من خارج فتيات «الأخوات المسلمات». أكثر من ذلك، فقد دفعت مركزية فكرة «الجماعة» لدى صبحى صالح أيضا أنه استبدل «الإخوان» بالإسلام فى دعائه عندما قال عقب تعرضه لحادث اعتداء فى ديسمبر سنة 2013 «اللهم توفنى على الإخوان». والواقع أن كل ذلك لا يعبر إلا عن مركزية فكرة «الجماعة» لدى أعضائها، سواء بالمعنى الثقافى والاجتماعي، أو حتى بالمعنى الديني.
وهكذا، كان لاحتفاظ هذه الجماعات بخطوط ذات طبيعة دينية لتقسيم المجتمع، وتمييز الحدود الفاصلة بين أعضائها من ناحية، والمجتمع والدولة من ناحية أخري، على أساس المفاهيم السابقة، دور أساسى فى تكريس رؤيتها الدينية لطبيعة الصراع بينها وبين الآخر (المجتمع والدولة والنظام السياسي).

إسقاط مفاهيم دينية تقليدية على واقع سياسى معقد

وكان لهذه الطبيعة الأيديولوجية والتنظيمية دور مهم فى اتجاه القوى الدينية وحركات الإسلام السياسى إلى تديين الصراع السياسى فى مرحلة ما بعد سقوط نظام مبارك. فما أن انهار النظام حتى برزت القوى الدينية وتنافست على تديين العملية السياسية بعد الثورة، وعلى تقديم تفسيرات دينية لنتائج الصراع والتنافس السياسى خلال تلك المرحلة.
وكان من أهم مظاهر ذلك تديين المنافسة السياسية والاستحقاقات الانتخابية التى جرت خلال الفترة (فبراير 2011- يونيو 2013)، بدءا من الاستفتاء على التعديلات المقترحة على دستور 1971 والذى أجرى فى 19 مارس 2011، وانتهاء بالاستفتاء على دستور 2012، ومرورا بانتخابات مجلسى الشعب والشورى (ديسمبر 2011- فبراير 2012، والانتخابات الرئاسية فى 2012 والتى وصل خلالها تديين السلوك الانتخابى والتصويتى إلى حد ليس فقط إصدار فتاوى بتحريم التصويت للفريق شفيق، ولكن كان الأخطر من ذلك هو سحب التيار الإسلامى لمفاهيم مثل البيعة، والولاية الشرعية على انتخاب مرسى ونظامه، ومن ثم تكييف أى معارضة للنظام الجديد باعتبارها شكلا من أشكال الخروج غير الجائز على «الولى الشرعي» (راجع فى ذلك ما ذهب إليه الشيخ عبد الرحمن البر الذى وصف بمفتى جماعة الإخوان، من أن انتخاب مرسى كان شكلا من أشكال البيعة، وأن ولايته ولاية شرعية.
وما ذهب إليه الشيخ محمد حسان من أنه لا يجوز الخروج على مرسى بدعوى أن له «شرعية قرآنية» و»شرعية نبوية» بجانب شرعيته «الشعبية». وما ذهب إليه الشيخ عادل الشوربجى من تحريم الخروج على مرسى باعتباره وليا شرعيا، والشيخ يوسف القرضاوى الذى أفتى بعدم جواز الخروج على مرسى باعتباره «إماما شرعيا»).
وكان لهذا التكييف الدينى للعملية السياسية بعد ثورة يناير، وتحميل الصراع السياسى ما لا يحتمله، تأثيره السلبى على طريقة تعامل القوى والأحزاب الإسلامية الجديدة مع القوى الليبرالية، وتأثيره السلبى أيضا على عملية التحول الديمقراطى فى مصر عقب ثورة يناير 2011.
فمن ناحية، أدى هذا التكييف إلى عدم قبول الإسلاميين وأحزابهم السياسية بفكرة تقديم أى تنازلات للأحزاب الليبرالية بشأن القضايا موضوع الخلاف أو الصراع بين التيارين. فقد بدأ القبول بمبدأ الحلول الوسط و»المساومات» compromises أو تقديم التنازلات للتيار الليبرالي، أقرب إلى تقديم التنازلات «الدينية» غير المقبولة من جانب التيار الإسلامي، خاصة فى ضوء النجاحات المتتالية التى حققها الأخير فى الاستحقاقات السياسية والانتخابية. فإذا كانت هذه «النجاحات» هى تطبيق لمرحلة «التمكين» الموعودة، فلماذا يجب تقديم مثل هذه التنازلات؟!
وهكذا، وفى هذا الإطار تراجع الإسلاميون عن مبدأ «المشاركة لا المغالبة» الذى طرحوه قبل الانتخابات البرلمانية (2011- 2012) خاصة من جانب الإخوان لينافسوا على جميع مقاعد مجلسى الشعب والشوري، ثم الهيمنة على تشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة بكتابة الدستور الدائم بعد الثورة، ثم التراجع عن الوعد بعدم طرح مرشح فى الانتخابات الرئاسية، ثم الإصرار على طرح مسودة الدستور فى ظل حالة الاستقطاب السياسى بين الإسلاميين والليبراليين، وانتهاء بالإصرار على رفض أى حلول للخروج من الأزمة السياسية التى وصلت إليها البلاد بنهاية السنة الأولى من حكم الإخوان .
من ناحية ثانية، فقد أدى تديين الإسلاميين للعملية السياسية والسلوك التصويتى للناخبين إلى تشويه عملية التحول الديمقراطى فى مصر عقب ثورة يناير. ففى الوقت الذى راهن فيه كثيرون، وبشرت فيه العديد من الكتابات والتحليلات، بعودة السياسة إلى مصر بعد انهيار نظام مبارك وانهيار نظام الحزب الواحد المهيمن، خاصة بعد حل الحزب الوطنى الديمقراطى وتنامى ظهور الحركات الاحتجاجية الجديدة، وظهور عدد كبير من الأحزاب السياسية بعد تعديل قانون الأحزاب السياسية والأخذ بنظام تأسيس الأحزاب بالإخطار، إلا أن الطريقة التى تعامل بها الإسلاميون مع التفاعلات السياسية، ومحاولتهم السيطرة على المشهد السياسى من خلال خطاب دينى سعى إلى تقديم رؤية وتأويلات دينية للتفاعلات والمنافسات والصراعات السياسية بينهم وبين التيارات والقوى الليبرالية ساهمت فى تكبيل الفعل السياسي، وإخراج كتلة كبيرة من المصريين من الحياة السياسية مرة أخري. فقد استطاع هذا الخطاب التغلغل داخل شرائح اجتماعية واسعة، خاصة داخل المناطق الريفية وداخل الفئات الفقيرة والمهمشة، من خلال ما قدمه لهم من تفسيرات دينية بسيطة لكن مضللة فى الوقت ذاته لصراعات وخلافات القوى الإسلامية مع القوى الليبرالية، حول مختلف القضايا، وتصدير مواقف التيار الإسلامى من قضايا سياسية، أو دنيوية بطبيعتها، على أنها تمثل «المواقف الشرعية»، أو مقتضيات «الدفاع عن الإسلام». وهكذا، فقد أدى هذا الخطاب، وعملية التديين التى مارسها الإسلاميون للعملية السياسية إلى خروج شرائح كبيرة من المصريين ولو بشكل مؤقت من السياسة، وتحويلهم إلى كتلة صماء تتحرك وفق توجيهات هذا التيار، وهو ما أضر فى النهاية بعملية التحول الديمقراطي، وتسريع ظهور حالة من الاستقطاب السياسى فى مصر تعمقت خلال عامى 2012-2013.

تديين خاطئ للسياسة عقب ثورة يناير

وقد ساعد الإسلاميون فى تديينهم للعملية السياسية والترويج لخطابهم الدينى سيطرتهم على المساجد وتوظيفهم لها فى الصراع السياسى مع الليبراليين.
ففى هذا السياق، تحولت خطب صلوات الجمعة الأسبوعية بعد ثورة يناير، بالإضافة إلى الدروس اليومية داخل المساجد، إلى ما يشبه المحاضرات فى السياسة، أو فى الحقيقة عمليات من التلقين والتعبئة السياسية للجماهير ضد مواقف التيار الليبرالي/ المدني. اضف إلى ذلك نجاحهم فى السيطرة على بعض «الأطر» التى تطورت بعد ثورة يناير، مثل «مجلس أمناء الثورة»، واستحداثهم عددا من «الهيئات» الدينية غير الرسمية التى قدمت نفسها باعتبارها المعبر الحقيقى عن المواقف «الشرعية» وموقف «الإسلام» من التطورات السياسية المتلاحقة.
كان أبرز تلك الهيئات «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح»، التى تأسست كهيئة غير رسمية تضم عددا من مشايخ السلفية للتعبير عن مواقفهم، كرجال دين، من التطورات الجديدة فى البلاد، بعد اندلاع الثورة وقرب سقوط نظام مبارك.
وكانت المناسبة الأساسية لنشأة الهيئة هى تصاعد الحديث خلال الأسبوع الأول من شهر فبراير 2011 أى قبل تنحى مبارك بأيام عن اتجاه مبارك إلى تعديل عدد من مواد دستور 1971 (خاصة المواد ذات الصلة بطريقة ترشيح رئيس الجمهورية، وعدد مدد الرئاسة). ويبدو أن هذه الخطوة من جانب مبارك والتى كان هدفها محاولة احتواء مطالب الثورة قد شكلت مصدر قلق كبير للتيار السلفي، خوفا من إدخال أى تعديلات على المادة الثانية من الدستور، ما دفع عددا من مشايخ التيار إلى إصدار بيان لهم فى 5 فبراير، أعلنوا فيه صراحة «أن الأمة لن تسمح بالمساس بالمادة الدستورية التى تنص على أن الإسلام هو دين الدولة، واحترام مرجعية الشريعة الإسلامية وأنها المصدر الرئيسى للتشريع، وذلك لأنها صمام الأمن والأمان والسلام لجميع أفراد الوطن»، مع ملاحظة مرة ثانية أن هذه المادة لم تكن مطروحة ضمن المواد المطروحة للتعديل.
ومع تأكد هذه الخطوة من جانب مبارك، وتشكيله بالفعل لجنة من الخبراء برئاسة المستشار سرى صيام، رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى فى ذلك الوقت، فى 8 فبراير 2011 للنظر فى إدخال تلك التعديلات، قام عدد من قيادات التيار السلفى بإصدار بيان ثان فى اليوم التالى مباشرة (9 فبراير) أعادوا فيه تأكيد أنه «عند إجراء التعديلات الدستورية الجديدة تتعين المحافظة على المادة الدستورية الخاصة بمرجعية الشريعة الإسلامية وتفعيلها؛ لأنها صمام الأمان لتحقيق العدالة الاجتماعية والسلم لجميع أفراد المجتمع»، كما وضعوا ما سموه الحفاظ على «الهوية الإسلامية السنية» على قائمة هموم هذا التيار؛ فقد جاء فى البند الخامس من البيان «ترفض الأمة بشكل قاطع محاولات الاصطياد فى الماء العكر، ولا تقبل بحال المزايدة على قضاياها الداخلية من أى جهة خارجية، وستبقى الهوية الإسلامية السنية هى عقيدة المسلمين وعقدهم الاجتماعى بإذن الله».
وهكذا، تلاحظ فى هذا البيان الإثارة المبكرة من جانب «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» لقضية الهوية الإسلامية لمصر، وهو ما مثل تجاهلا أو عدم فهم من جانب هذه الهيئة لطبيعة ثورة يناير ومطالبها وشعاراتها الأساسية.
فمن ناحية، لم ترتبط الثورة بوجود أزمة هوية فى مصر. ومن ناحية ثانية، لم تتضمن شعارات الثورة أى مطالب حول الهوية المصرية أو أى شعارات تنطوى على تهديد لهذه الهوية، أو أى شعارات تطالب بإعادة النظر فى نص المادة الثانية من الدستور.
ويشير كل ذلك إلى وجود استعداد مبكر لدى التيار الإسلامى لتصدير أزمة هوية فى مصر لا أساس لها على أرض الواقع، واختزال أهداف الثورة، وعلى رأسها تحقيق العدالة الاجتماعية وبناء نظام ديمقراطى حقيقي، فى هدف بناء «الدولة الإسلامية» الجديدة (كما رآها هذا التيار). كما يشير، ثانيا، إلى وجود شكوك عميقة ومسبقة لدى هذا التيار حول نوايا وتوجهات التيار الليبرالى فى مصر فى حالة سيطرة الأخير على السلطة وعلى عملية إعادة بناء النظام السياسى بعد إزاحة نظام مبارك.
ويشير، ثالثا، إلى أن التيار الإسلامى قام بتحريف الهدف المركزى للثورة من بناء نظام ديمقراطى وعدالة اجتماعية إلى إعادة هندسة النظام والمجتمع وفق تصوراته الأيديولوجية. وكان لافتا للنظر تأكيد البيان أن «الهوية الإسلامية السنية» ستبقى ليس فقط عقيدة المسلمين ولكن «عقدهم الاجتماعي»، ما يشير إلى عدم فهم واضعى البيان لمفهوم «العقد الاجتماعي». وحتى إذا افترضنا أن هذه الجملة قد وضعت عن قصد وعن وعى من جانب واضعى البيان، فإن ذلك ينطوى على خطر آخر وهو تعمد إخراج غير المسلمين بشكل عام، وغير السنة بشكل خاص، من هذا العقد الاجتماعي.
وقد ضمت الهيئة بالأساس رموز ومشايخ التيار السلفى بمختلف أطيافه (جمعية أنصار السنة المحمدية، والجمعية الشرعية، والدعوة السلفية)، وانضم إليها لاحقا خيرت الشاطر، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان ونائب مرشدها العام. كما مثلت الهيئة محاولة لتجسيد وتطبيق مفهوم «أهل الحل والعقد» بصرف النظر عن السياق التاريخى الذى نشأ فيه المفهوم، والواقع السياسى الجديد فى الدولة الحديثة.
وبالإضافة إلى ذلك، ورغم تأكيد الهيئة على طابعها الاستشاري، أو اقتصار دورها على تقديم المشورة، وتفعيل دور العلماء فى ظل التحولات الكبيرة التى انطلقت فى مصر بعد ثورة يناير، إلا أن الهيئة ساهمت فى تكريس، بل وتدشين، عملية تديين السياسة فى مصر بعد الثورة، وذلك من خلال دخولها على خط الصراع والاستقطاب السياسي، وتديين السلوك السياسى والانتخابى للمواطن وطرحه على أنه سلوك «عباداتي».
وأصبح دور الهيئة أكثر وضوحا مع الوقت من خلال إصدارها البيانات والفتاوى حول مختلف القضايا، كانت أبرزها الفتوى الخاصة بموقف الهيئة من طريقة الاختيار بين المرشحين فى الانتخابات الرئاسية (2012). فقد طرحت الفتوى عددا من الضوابط الشرعية التى يجب أن يلتزم بها الناخب، والتى عكست موقفها من طبيعة السلوك الانتخابى للمواطن.
فقد ذهبت الفتوى بداية إلى أن منصب الرئاسة هو من «الولايات العامة» الواجبة للقيام بشرع الله، ومن أعظم واجبات الدين «ولا قيام للدين ولا الدنيا إلا بها»، وأن «نظام الانتخابات الرئاسية وسيلة معاصرة لعقد تلك الولاية، ولذا ينبغى على المسلمين أن يتوسلوا بها إلى تطبيق الشرع وتعبيد الناس لله، ولا يكون هذا إلا بترشيح أهل الدين ما أمكنهم، ولا يجوز والحال هكذا، أن يعطوا أصواتهم لمن لا ينتوى تطبيق الشريعة، بل وجب أن ينتخبوا من يحمل هم ذلك ويسعى إليه».
ونلاحظ هنا تكييفهم لمنصب الرئاسة على أنه منصب دينى بالأساس، وأن الأولوية الأولى هى اسناد هذا المنصب إلى أهل الدين، متجاهلين فى ذلك التطورات الفقهية والواقع العملى لطبيعة منصب رئيس الجمهورية. وتنتهى الفتوى إلى أن «لحوق الإثم بترشيح معين واقع إذا كان لا يتبنى تحكيم الشريعة، مع وجود من يتبنى ذلك، وأيضا ترشيح من لا يظنه أهلا أو أصلح مع وجود الأهل والأصلح إلا لوجود عارض شرعى معتبر كنزوله على شورى جماعة أو هيئة أو غير ذلك من الأسباب المعتبرة فى السياسة الشرعية»، «وليحذر عامة المكلفين من الاستقلال بالنظر فى مثل هذه الشأن، فضلا على الاستبداد بالرأى فيه، فإن الولايات العامة شأن عام لا ينظر فيه إلا أهل الحل والعقد، كما قال الله تعالي: «وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الله وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم» (النساء: 83)، فعامة المكلفين تبع لكبرائهم وعلمائهم فى مثل هذا، فإن اتفقوا واجب عليهم اتباعهم، وإن اختلفوا تخيروا من ترشيحهم بحسب الإمكان فى غير تثريب ولا اتهام». وهكذا، تنتهى الفتوى إلى أن الناخب ليس حرا فى اختيار أى من المرشحين، فهذا قرار يخص «أهل الحل والعقد»، وما على الناخبين إلا السمع والطاعة والنزول على رأيهم إذا ما اتفقوا على مرشح معين (لاحظ هنا مرة أخرى أن الأمر لم يقتصر فقط على تديين السياسة، لكن المهم هنا أيضا هو محاولة التيار السلفى مصادرة السياسة وتأميمها لمصلحة رجال الدين وعلى رأسهم أهل الحل والعقد).
وبالإضافة إلى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، فقد ظهر على الساحة أيضا ما عرف بمجلس شورى العلماء بمصر، والذى تم توظيفه هو الآخر لتمرير العديد من السياسات والمواقف باعتبارها سياسات أو مواقف شرعية. ورغم أن هذه الهيئات لم تكن مقصورة على تيار إسلامى بعينه؛ حيث ضمت فى عضويتها ممثلين لعدد كبير من التيارات الدينية، وظل من غير المعروف من هو صاحب فكرة تأسيسها وتمويلها، فقد ذهب البعض إلى أن الإخوان لعبوا دورا مهما فى تأسيس هذه الكيانات بهدف استخدامها كأدوات للسيطرة على التيارات الأخري، ولضبط المشروع الإخواني، ومخاطبة القواعد السلفية، وللترويج لمرحلة التمكين، بشكل عام. لكن طابع هذه الكيانات وطريقة تشكيلها، ثم انهيار نظام الإخوان أدى فى النهاية إلى تراجع كبير فى دور وحجم نفوذ هذه الكيانات ومدى قدرتها على توجيه السياسة فى مصر.
لقد أمن هذا التديين للسياسة كتلا تصويتية كبيرة لمصلحة التيار الإسلامى فى جميع الاستحقاقات الانتخابية التى جرت خلال الفترة (فبراير 2011- ديسمبر 2012)، خاصة فى ظل نجاح هذا التيار طوال العقود السابقة فى بناء شبكات اجتماعية واسعة. لكن هذا التديين ذاته ساهم فى سرعة انكشاف هذا التيار، وسرعة انكشاف فكرة التديين ذاتها. فمن ناحية، اقتصرت عملية التديين على السياسة دون السياسات الحكومية؛ بمعنى تديين الخطاب والمواجهات مع الآخر (السياسى والديني)، دون أن يمتد ذلك إلى القدرة على ترجمة الشعارات الأيديولوجية التى رفعها هذا التيار، وعلى رأسها شعار «الإسلام هو الحل»، إلى برامج أو سياسات مبتكرة للتعامل مع مختلف التحديات التى يواجهها المجتمع المصري، خاصة التحديات الاقتصادية. وبصرف النظر عن مدى جدارة المواقف الدينية لهذا التيار، لكن المهم هنا أن غياب أى «سياسات» عملية واضحة policies لدى هذا التيار وليس مجرد المواقف الدينية والأخلاقية، ما أدى إلى الانكشاف الأخلاقى للإسلاميين بخصوص شعاراتهم وخطابهم/ خطاباتهم الدينية.
من ناحية ثانية، فقد اقتصر التديين هنا على الخطاب، ولم يشمل أيضا أدوات العمل السياسي. فقد نجح التيار الإسلامى فى تكوين صورة أخلاقية إيجابية عن نفسه وتنظيماته خلال العقود السابقة على ثورة يناير، ليس فقط من خلال الخطاب الديني، ولكن أيضا من خلال شبكات العمل الاجتماعي.
لكن هذه الصورة تعرضت لهزات شديدة بعد الثورة. فقد وقع العديد من رموز التيار الإسلامى فى الكثير من الممارسات غير الأخلاقية، والتى عمقت فى النهاية من التناقض بين الممارسات الفعلية لهذا التيار والخطاب الدينى الإنشائى الذى رفعه خلال مرحلة ما قبل ثورة يناير، بجانب «التكفير الوطني» الذى مارسه ضد رموز التيارات السياسية الأخري، وتشويه صورتهم.
والواقع أن التحليل الموضوعى لرواج الصورة الأخلاقية «النموذجية» للتيار الإسلامى بعد الثورة، ونجاحه فى الترويج لهذه الصورة، لا يرجع فقط لجهود هذا التيار فقط، ولكن جزءا مهما من هذا النجاح يعود إلى طبيعة الثورات والمراحل الانتقالية وجاهزية المجتمع لهذا النوع من التيارات خلال تلك المراحل، والتى تعلى إلى حد كبير من «المثالية» الأخلاقية والسياسية، وهى مراحل تغلب فيها الخطابات العاطفية والأخلاقية وتتراجع فيها الحسابات العقلانية.
وهكذا، بقدر ما مثلت مرحلة الثورة وما بعدها بيئة طبيعية لإفراز وصعود التيار الإسلامى باعتباره المعبر عن حالة المثالية الأخلاقية والسياسية التى يبحث عنها المجتمع فى مثل هذه المراحل، فقد نجح التيار الإسلامى هو الآخر فى استغلال الحالة التاريخية والنفسية والعاطفية والأيديولوجية الجماهيرية التى نشأت بعد الثورة، واستغلال الفجوة العميقة التى نتجت بين الشعب ونظام مبارك وجميع التنظيمات السياسية، سواء تلك التى عملت من داخل نظامه أو تلك التى شكلت امتدادا فكريا وسياسيا له، وهو ما دفعه إلى التوجه إلى التيار الإسلامى بمختلف أطيافه باعتباره الأقرب إلى المثالية المنشودة.

وأخيرا، تجدر الإشارة هنا إلى أن التراجع النسبى لمعدل المشاركة فى هذه الانتخابات بالمقارنة بالانتخابات السابقة يعود فى جزء منه إلى غياب عملية التعبئة الدينية التى كان يمارسها هذا التيار والتى كانت تؤمن له تصويتا جماعيا مشوها على أسس دينية.
خلاصة القول إذن أن هذه الانتخابات تمثل خطوة مهمة على صعيد «تسييس» السياسة والابتعاد عن عملية التديين المشوهة التى مارسها التيار الدينى خلال العقود السابقة، وهو تطور مهم على صعيد بناء نظام سياسى حقيقى وتفاعلات سياسية تتم بين فاعلين سياسيين مقابل تراجع فى حجم ودور الفاعلين الدينيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.