الاسكندرية دائما كانت عروس البحر المتوسط وطالما تغنى بها الشعراء فى مدح جمالها وترابها تلك المدينة التى كانت بداية فصل الشتاء فيها سعادة لمواطنيها لانه يمثل بداية حالة من العشق بين السكندريين ومدينتهم وخصوصية شديدة فى الاستمتاع بالبحر والامطار التى طالما كانت بشير خير وسعادة حتى تحولت مؤخرا الى نذير موت وخراب وخوف مما ستئول اليه الاوضاع بعدها ، ولم يكن ماحدث الاحد الماضى من تكدس للامطار اسفر عن قتل 5 مواطنين وتحطم سيارات وغرق عشرات منها وسباحة للسكندريين فى مياه الامطار وليد اللحظة ولكنه بسبب اهمال المسئولين المتراكم منذ سنوات للبنية التحتية للمحافظة ومرافقها وعلى رأسها الصرف الصحى والنقل والكهرباء.. الاهرام يطرح البنية التحتية للعاصمة الثانية ومستقبلها للتقصى حتى لا تتكرر الكارثة . فى البداية ،التقى الاهرام باللواء طارق المهدى محافظ الاسكندرية السابق للتعرف على تقييمه للبنية التحتية للمحافظة ومشروعات الصرف الحي، بعد استقالة المحافظ هانى المسيري، واجراء النيابة العامة للتحقيقات الموسعة مع رئيس شركة الصرف الصحى اللواء يسرى هنرى ورؤساء شركات الكهرباء والنقل العام للوصول للمسئول عن تلك الاحداث، لكن اللواء طارق المهدى اعلن ان قدرات الاسكندرية ومحطات رفع المياه والمشروعات التى تمت خلال العامين الماضيين لا تؤدى بحال من الاحوال للمشاهد المأساوية التى عاناها السكندريون يوم الاحد الماضى . مضيفا ان محافظة الاسكندرية قامت عبر الوزارات المعنية بإنهاء 23 مشروعا للصرف الصحى بتكلفة تعدت 4 مليارات و700 مليون جنيه كإجمالى للمشروعات التى تم تسلمها فى عام 2013 وحتى انتهاء مسئوليته فى استكمال الاعمال والتى تضمنت الإنتهاء من عدد 18 مشروع صرف صحى من إجمالى 23 مشروعا بتكلفة 4٫7 مليارجنيه كانت متوقفة منذ سنوات بالرغم من توافر الإعتمادات المالية اللازمة لتلك المشروعات وكانت نسبة التنفيذ من 20 : 40% فى 1/10/2013 وشملت الانتهاء من توسعات محطة المعالجة الشرقية والمعالجة الثانوية فى 30/10/2014 ، و بدء العمل بتكلفة 1,5 مليارعام 2008 ،والانتهاء من مشروع صرف صحى العامرية « الألماني» فى 30/9/2014 والذى بدأ العمل به فى 2006 بتكلفة 850 مليون جنيه، ومشروع صرف صحى كينج مريوط «A , مليون جنيهى انتهى 15/3/2015 ، و B (بدء العمل به عام 2007 بتكلفة 400 مليون جنيه) ومشروع صرف صحى كينج مريوط Cو الذى من المفترض انه انتهى به العمل فى 15/4/2015وبدء العمل عام 2007 بتكلفة 38 مليون جنيه والانتهاء من مشروع صرف صحى العجمى 10/2014 وبدأ العمل فيه عام 2005 بتكلفة 750 مليون جنيه بالاضافة الى مشروعات الصرف الصحى بريف المنتزه وعزبة محسن و قرى ابيس والخطة السنوية لرفع كفاءة الشبكات ومحطات الصرف الصحى والانتهاء من محطة صرف صحى الناصرية ومحطة صرف صحى زاوية عبد القادر، والانتهاء من إنشاء خط طرد المعمورة / الزياتين فى 15/12/2014و إنشاء خط طرد ومحطة رفع التقسيم الجديد بأبوقير وسموحة وغيط العنب. واكد انه لا يمكن بأى حال من الاحوال حدوث تلك الكارثة بهذا الشكل فى ظل هذه المشروعات الكبيرة ،و ان هناك تقصيرا فى متابعة وصيانة الشبكة فى مستهل موسم الشتاء، موضحا ان ازمة ميامى فى الشتاء الماضى كانت بسبب خطأ متعمد بأعطال محطة الصرف فى منطقة بير مسعود أدى إلى وجود مياه فى مسافة 100 متر على الكورنيش وعدد 4 شوارع تطل على هذه المسافة وكذا جزء من شارع خالد بن الوليد بإجمالى عدد 6 شوارع لمدة 20 ساعة وتم خروج المحطة من الخدمة وكان هناك عمل تخريبى بفصل الكهرباء والتعامل مع الواقعة التى تمت احالتها للنيابة العامة وهى تختلف تماما عما حدث الاحد الماضى . وتعليقا على التصريحات الرسمية التى أثيرت بشأن ان المحافظة كانت تحتاج الى 75 مليون جنيه فقط لتفادى تلك الازمة اوضح ان هذا المبلغ لا يمثل اى قيمة فى اعمال الصرف الصحى ولا يتعدى كونه لاعمال صيانة فقط للشبكة . ولكن ماذا عن المستقبل؟ الاهرام توجه الى الخبراء الفنيين فى مجال الهندسة الصحية ليتعرف على المبادرة التى أطلقها الدكتور رشدى زهران رئيس جامعة الاسكندرية بتشكيله للجنة من كلية الهندسة برئاسة الكتور عبد العزيز قنصوة عميد الكلية وعضوية الدكتور مدحت مصطفى رئيس قسم الهندسة الصحية والدكتور وليد عبد العظيم المدير التنفيذى للمركز الهندسى بالكلية واكد رئيس الجامعة للاهرام ان الجامعة اطلقت المبادرة لتكون بيت الخبرة العلمى للاجهزة التنفيذية للمساعدة فى دراسة الموقف وتقديم الحلول المناسبة من خلال خطة عاجلة واخرى متوسطة وطويلة الاجل، مشيرا الى ان اللجنة قامت باجتماعها الاول الاربعاء الماضى مع د.سعاد الخولى القائم بأعمال محافظ الاسكندرية وطلبت من المحافظة خرائط الشبكات والمسارات واماكن محطات الصرف والحركة الميكانيكة وتوزيع العمالة من اجل دراسة الموقف وإعداد الخطط العلمية . واوضح الدكتور مدحت مصطفى عضو اللجنة ورئيس قسم الهندسة الصحية ان شبكة الصرف بالاسكندرية بدأت كمدينة قديمة توزيعها السكانى يتركز بجوار البحر وترعة المحمودية فكانت شبكة بسيطة فى العشرينيات كشبكة تصريف للامطار وبدأت اولى شبكات الصرف الصحى بمفهومها الحديث فى اواخر السبعينيات من القرن الماضى وكانت جيدة فى ظل قانون يضبط الحركة الانشائية وبناء العقارات بحيث لا تزيد فيها الارتفاعات على خمسة ادوار منوها ان العمر الهندسى للشبكة خمسون عاما مما يعنى ان الشبكة الحالية قاربت على الانتهاء وفق تصميمها ، كما أن زيادة العقارات المخالفة بشكل عشوائى ،والتى وصلت الى عشرات الآلاف مثلت مشكلة تستدعى التصدى ومواجهة ازمة البنية التحتية بالاسكندرية. وأضاف انه باليقين العلمى لم تجر اى عمليات صيانة لشنايش الامطار وطريقة صيانتها خاطئة لان العمالة بالصرف الصحى غير محترفة لانها تقوم بالنظافة وتلقى بالمخلفات بجوار فتحتات تصريف الامطار فتعود مرة اخرى تلقائيا بالاضافة الى القصور فى انتشال القمامة والمخلفات الصلبة والتى زادت من غلق فتحتات الصرف . وشرح الدكتور مدحت مصطفى رحلة مياه الامطار التى من المفترض انها تعبر عبر فتحات الصرف فى الشوارع الى شبكة الصرف ويتم رفعها الى محطات المعالجة والتخلص منها وان المحطات محملة بأكثر من طاقتها، حيث ان قدرتها الاستيعابية تصل الى 2٫5 مليون متر مكعب فى اليوم الواحد وترتفع مع سقوط الامطار لتصل الى 3٫5 مليون متر مكعب يجب التعامل معها ويقينا فإن محولات الرفع لم تعمل وهو السيناريو العلمى لما حدث لان شبكة الصرف تتحمل مليون متر مكعب من المياه يتم تحوليها مع الامطار الى المحطات فهناك قصور فى منظومة رفع المياه لان مشهد الاسكندرية الاحد الماضى يعبر عن ذلك . بينما اضاف الدكتور وليد عبد العظيم استاذ هندسة المياه ومدير المكتب الهندسى بكلية الهندسة لخدمة المجتمع ان هناك قصورا حدث وإهمالا متراكما فى عمليات توسعة الكورنيش التى حدثت فى اوائل العقد الماضى بالاضافة الى اعمال رصف الطرق واعادة صيانة الارصفة فى الشوارع والتى تمت بلا احترافية او تعامل علمى ادى الى غلق العديد من فتحات التسريب «الشنايش» المسئولة عن توصيل مياه الامطار الى شبكة الصرف وكذلك إغلاق بعض قنوات تصريف المياه للبحر، بالاضافة الى رفض العديد من المنشآت السياحية والاندية البحرية السماح بتسريب مياه الامطار الى البحر ويرجع ذلك الى عدم ثقة المسئولين والمالكين لتلك المنشآت فى منظومة الصرف فيخشى تعطل محولات رفع المياه الذى سيؤدى بالتبعية الى طفح المياه داخل المنشأة وغرقها . وطرح الدكتور وليد عبد العظيم محاور الخطة العاجلة لمواجهة الازمة وادارة الكوارث والتى تضمنت التوزيع الأمثل للعمالة وعربات الشفط فى المناطق الساخنة ،وهذا بالتحديد هو ماقامت به القوات المسلحة فى الاحداث الاخيرة والتى استخدمت فيها نفس المعدات التى يستخدمها عمال الصرف الصحى ولكن النتائج كانت مختلفة تماما فى معالجة الازمة لأن الشركات تتعامل وفق دورة مستندية للاوراق فقط ،بالاضافة الى ضرورة القيام بأعمال صيانة وتطهير كافة مكونات الشبكة ،وهو ما لم يحدث أيضا،و رفع كفاءة الوحدات الخاصة برفع المياه وتشغيل ودعم قنوات تسريب المياه الخاصة بالامطار فقط من اجل تعظيم الاستفادة من قدرة الشبكة التى تستوعب مليونين ونصف المليون متر مكعب، وضرورة فصل شبكة الصرف الصحى عن الامطار بقدر الامكان ، مشيرا الى ان هذه الخطة تتكلف تقريبا مليار جنيه . والخطة المتوسطة وطويلة الامد ستعدها جامعة الاسكندرية تتضمن زيادة محطات الصرف الصحى وإنشاء بنية تحتية سليمة لمواجهة التحديات المستقبلية والتى ستتكلف مليارات وتنفيذها يحتاج الى ارادة سياسية كما أنه سيستغرق سنوات . وطرح المهندس محمد صبرى رئيس المجلس المحلى لحى المنتزة السابق فكرة صندوق لمستقبل البنية التحتية بالاسكندرية عبر فرض رسوم على العقارات المخالفة يقوم مالك الشقة بدفعها لدخول المرافق وتتناسب مع الاحياء التى وصل سعر متر الشقة من 3 آلاف جنيه الى 11 الف جنيه بفرض رسم طردى وان حصيلة الصندوق التى ستبلغ مئات الملايين توجه لرفع البنية التحتية للاسكندرية.