بعد أحداث غزة علي حدود مصر الشرقية وبعد أن انقشع غبار المعارك وسقط آلاف الضحايا وظهور الأطماع من هنا وهناك في أراضي سيناء الغالية والتي خاضت مصر لاستردادها الحروب وسقط الشهداء. وسالت الدماء علي ترابها, بعد ذلك كله آن لنا أن نعيد النظر في إدارة التنمية في هذه المنطقة الاستراتيجية. وعلي الرغم من أن هذه المنطقة قد حظيت باهتمام واضح حيث أجريت ومنذ عام1973, العديد من الدراسات والمخططات آخرها المشروع القومي لتنمية سيناء والذي استهدف تنفيذ البنية الأساسية والمشروعات في مختلف القطاعات التنموية وما يلزمها من عمران يستوعب نحو3.5 مليون نسمة, إلا أنه وبعد ما يقرب من40 عاما لم يتحقق ما كانت تهدف إليه هذه المخططات حيث لم يزد عدد السكان في الوقت الراهن علي400 ألف نسمة وهو لا يمثل إلا نحو10% من عدد السكان المستهدف. كما تعثر وتأخر تنفيذ العديد من مشروعات التنمية المخططة علي سبيل المثال مشروع ترعة الشيخ جابر ومشروع وادي التكنولوجيا ومشروع فحم المغارة والعديد من المشروعات الصناعية والتعدينية في وسط وجنوب سيناء. وتركزت التنمية في الشريط الساحلي للبحر المتوسط وخليجي العقبة والسويس والمشروعات الزراعية والسياحية والصناعية, وهو ما ينطوي علي مخاطر تفريغ وسط سيناء حيث الممرات الحاكمة( متلا والجدي). علي الرغم مما يبدو من نقص الموارد في وسط سيناء, وفي ضوء العديد من الدراسات التي قامت بها مؤسسات الدولة المختلفة مثل مركز بحوث الصحراء ووزارة الري ووزارة الإسكان ووزارة البيئة وهيئة البترول والمساحة الجيولوجية.. الخ, إلا أن هذه المنطقة تضم موارد المياه الجوفية الذي يقدر مخزونها بنحو150 مليار متر وبها تساقط مطري يمكن استغلاله في الزراعة المطرية في مجاري الوديان وفي تنمية المراعي الطبيعية, وموارد أرضية من النوع الغريني تتركز في مجاري الوديان وتقدر مساحتها بنصف مليون فدان, وثروة نباتية تضم العديد من النباتات الطبية والعطرية واسعة الانتشار في سفوح الجبال وفي مجاري الوديان, فضلا عن ذلك, فإن هذه المنطقة تضم خامات من مواد البناء والحجر الجيري والطفلة ورمل الزجاج والفحم وأحجار الزينة وشواهد لخامات الحديد والبترول.. الخ. يضاف إلي موارد وسط سيناء الطبيعية ما تتميز به المنطقة من طقس معتدل وتضاريس مما يجعلها جاذبة للنشاط السياحي( السياحة الجبلية والسياحة الدينية) حيث جبل الحلال وهو من جبال المناجاة مع وجود عين الجديرات وهضبة التيه وقلعة الجندي ودرب الحاج. وبناء عليه, فإن الأمر لا يتحمل مزيدا من التأخير في اتخاذ قرار يكفل تنمية وسط سيناء لتحقيق الأمن القومي المصري من خلال: 1 دعوة هيئة التخطيط العمراني لدراسة إمكانيات إنشاء محافظة جديدة في وسط سيناء علي مساحة نحو30 ألف كم2 يحدها من الشمال الهامش الساحلي للبحر المتوسط ومن الغرب خليج السويس ومن الجنوب مرتفعات جبل موسي ومن الشرق خط الحدود مع صحراء النقب. ولعل إنشاء محافظتي حلوان و6 أكتوبر الجديدتين مقدمة لإنشاء هذه المحافظة. 2 دعوة شيوخ العلماء والمخططين والتنفيذيين الذين لهم دراية بهذه المنطقة من أمثال( مع حفظ الألقاب) عبده شطا وصفي الدين أبو العز ومنير شاش وأبو زيد راجح ومحسن برادة وسلطان أبو علي ومحمد فتحي صقر وغيرهم, لوضع فكر جديد لتنمية هذه المنطقة لتواكب متطلبات هذه المرحلة. 3 دعوة مؤسسات الدولة البحثية والتنفيذية وعلي رأسها مركز بحوث الصحراء ومركز البحوث الزراعية ومركز بحوث المياه والمساحة الجيولوجية وجهاز شئون البيئة ووزارة السياحة.. الخ, لتقديم ما لديها من معلومات ودراسات تسهم في تنمية هذه المنطقة, وضخ الاستثمارات الحكومية والأهلية التي تتناسب وأهمية هذه المنطقة وكونها ذات علاقة وثيقة بالأمن القومي المصري. تتركز تنمية هذه الأقاليم علي حفر آبار(500 بئر) عميقة لاستغلال نحو150 مليون متر3 سنويا. إقامة السدود لحجز نحو40 مليون متر3 في مجاري الوديان الرئيسية خاصة في وديان الجيرافي والعقبة والحسنة والبروك..الخ. وأن تكون التنمية في هذه المنطقة من النوع المنتشر وليس المكثف بحيث يتم إنشاء ما يقرب من مائتي تجمع بدوي يعتمد علي الزراعة بحيث تكون المساحة البينية نحو10 15 كم. مع دراسة إنشاء أربعة تجمعات عمرانية كبيرة نسبيا منها عاصمة المحافظة ويقترح المواقع التالية: نخل رأس النقب القصيمة الجفجافة. وإقامة مجموعة من التجمعات السياحية في المناطق المرتفعة في هضبة العجمة وإنشاء مجموعة من خطوط الأنابيب لنقل المياه الجوفية إلي رأس النقب ونويبع. وكذلك دراسة احتمالات نقل مياه الشرب من الإسماعيلية إلي الجفجافة والمليز.