منذ تولي الدكتور مصطفي حسين كامل موقعه كوزير للدولة لشئون البيئة وهو يواجه تحديات لا نهاية لها, بداية من تفاقم انتشار الملوثات وتراكم المخلفات وضعف الرقابة علي المخالفين في ظل نقص الاستعدادات الأمنية واتساع رقعة الاحتجاجات العنيفة من المواطنين ضد الصناعات الملوثة في دمياطوالسويس وغيرهما ثم المشكلات الكبري التي تهدد المحميات الطبيعية جراء السلوكيات السلبية لزوارها أو محاولات السيطرة عليها من الطامعين فيها أو قلة الإمكانات البشرية والمادية للنهوض بها. وفي السطور المقبلة سألنا وزير البيئة عن كثير مما يشغل فكر وبال الغيورين علي البيئة, وكان الحوار لا تنقصه الصراحة. أوضحت الأحداث التي واكبت تشغيل مصنع موبكو بدمياط وثورة الأهالي ضد ما تصوروه خطرا بيئيا عليهم أن هناك تهديدا بانتقال هذه الأحداث في كل محافظة تعاني التلوث من الصناعة خصوصا في المناطق السكنية المتاخمة للمصانع القديمة أو التي تعيش حولها فما هو موقف البيئة حينئذ وما هي الدروس المستفادة من أحداث موبكو؟ أجاب: مبدئيا إذا كانت قد حدثت أخطاء فلا بد من اصلاحها فأحداث دمياط تصاعدت دون مبرر مفهوم فهناك لجنتان علميتان وافقتا علي مشروع موبكو بعد أن توافرت الأدلة العلمية علي سلامة المشروع بيئيا ولكن المشكلة لدي الناس التي لا تقتنع بسهولة والقضايا التي رفعت علينا بهذا الشأن لا معني لها فالبيئة وافقت علي تشغيل المصنع وفق ضوابط عملية محددة وهناك حكم محكمة يسمح بالتشغيل ومع ذلك طلبت الجهات العليا إغلاق المصنع نتيجة ضغط الناس الذي أدي أيضا إلي أن تخصص موبكو10% من أرباحها لمصلحة المحافظة سنويا. وما هي الدروس المستفادة من كل هذه القصة... وما هو تصرفكم إزاء أي أحداث مماثلة في أي جهة أخري؟ الوزير: الحل هو اعادة تقييم الأوضاع في قطاع الصناعة وتصحيح الأخطاء القائمة, أما الازالة فهي مرفوضة وإلا تأثر الاقتصاد القومي والحالة الاجتماعية لآلاف العاملين داخل هذا القطاع, وأحب أشير إلي أن أصابع الاتهام توجه دائما في مثل هذه الأحداث إلي وزارة البيئة وحدها مع أنها ليست هي الطرف الوحيد فهناك أطراف أخري تعطي التراخيص وتختص بمتابعة الشركات الصناعية يجب أن تلعب أدوارها. سألت الوزير: بالمناسبة... أصابع الاتهام تشير دائما إلي جهاز البيئة باعتباره غير قادر علي مواجهة أعبائه خاصة في المحافظات وقد صرحت مرارا بأنك تسعي لإصلاح الوزارة والجهاز.. فما الذي تم في هذا الشأن؟ أري أن منظومة وزارة البيئة لابد أن تعاد صياغتها من جديد ولكن ليست وحدها فأنا دوري يعد دورا تنسيقيا مع جهات أخري يجب أن تعرف دورها, مكاتب البيئة بالمحافظات تتبع هذه المحافظات ولكن العاملين بها يتقاضون رواتبهم من وزارة البيئة والفروع الخاصة بالوزارة والجهاز من المفترض أن يصل عددها إلي26 فرعا لتغطي كل المحافظات لا تجد سوي أراض تصلح لبناء فروع لنا, والعاملون بالفروع القائمة حاليا ليسوا كلهم بنفس الكفاءة أو من المتخصصين في مجال عملهم وكل محاولات رفع كفاءة غير المؤهلين للعمل كانت تبديدا للجهد والمال فهؤلاء يجب اعادة توظيفهم فيما يصلحون له ونقلهم إلي الأماكن التي قد تكون بحاجة إليهم. وما هي أكثر الفروع التي تعاني مشكلات بداخلها ؟ قال: السويس والشرقية والقاهرة... هي أكثر الفروع بحاجة إلي اعادة الصياغة. الفرع الأخير كانت لديه مشكلة شهيرة وهي أنه يرمي الصرف الخاص به في احدي الترع لأنه غير متصل بالصرف الصحي بما يضمه هذا الصرف من كيماويات ضارة تخص المعامل. الوزير: تم إيقاف إلقاء صرف فرع القاهرة في النيل... وهناك إجراءات عديدة لتصحيح أوضاعه واعتماد الميزانية الخاصة به. قلت: القمامة هي مشكلة المشكلات في مصر كلها وقد شبع الناس من تصريحات المسئولين طوال السنوات الماضية في وزارة البيئة وغيرها من تدوير القمامة أو تحويلها إلي كهرباء. قال الوزير: الإجابة عن هذا السؤال تتلخص في إدماننا للتعقيدات الروتينية والإجرائية فنحن لدينا علي سبيل المثال خطة ب71 مشروعا لتدوير القمامة واستخراج الطاقة الكهربائية منها, المشروعات انتهينا من دراستها وجاهزة للتنفيذ وتم تحديد الوسائل التكنولوجية اللازمة لها ووضع كراسات الشروط الخاصة بها ولكنها توقفت بسبب الخلاف علي تحديد سعر الكيلو وات من الكهرباء المستخرجة, والقضية أن تكلفة انتاج الكهرباء من القمامة أعلي من سعر بيع الكهرباء للجمهور.. فمن يتحمل الفارق, هذا السؤال أدي إلي تعطل هذ المشروعات. عدا ذلك هناك62 مصنعا لتدوير القمامة أو لتحويلها لسماد وغيره بالمحافظات ولكنها مصانع قديمة وكفاءتها تتراوح بين40 إلي50% والنتيجة أن القمامة أصبحت في كل مكان.. والغريب أن تضطر وزارة البيئة إلي طلب تأجيل الاحتفال بسور مجري العيون بمناسبة مرور500 سنة علي إنشائه والذي كان مقررا له17 أبريل الماضي بسبب ضخامة حجم القمامة وعدم القدرة علي التخلص منها قبل مرور شهر علي الأقل! ما هي أسباب فشل المنظومة التي لجأت إليها الحكومة من وجهة نظرك لإدارة المخلفات في جميع مراحلها؟ قال الوزير: هناك معوقات كثيرة أدت إلي تفاقم الأوضاع فالحكومة لجأت إلي الاستعانة بشركات أجنبية وتصورت أن تمويلها من خلال فرض الرسوم علي فواتير الكهرباء يكفي بالغرض والحقيقة أن هذه الرسوم لا تمثل سوي40% من قيمة التخلص من القمامة وهذا هو سب توقف هذه الشركات, نحن الآن نسعي لفسخ العقود مع الشركات الأجنبية وإحلال شركات وطنية بديلة. وما أطلبه شخصيا هو الغاء تحصيل رسوم النظافة من فاتورة الكهرباء لأنها لم تثبت جدواها. وإذا كان الزبال هو محور نجاح عملية التخلص من القمامة وهو لن يجمعها الا اذا تقاضي أجرا من صاحب الشقة لذا.. فالعودة للنظام القديم في جمع القمامة من خلال الزبال التقليدي مع تطوير الآلات المستخدمة وتطوير وسائل النقل هو الحل المناسب حيث سيسمح للمواطن بالرقابة المباشرة علي الزبال ومحاسبته علي اهماله أوتقصيره وستعيد الأمور إلي نصابها. سألت الوزير: ولكن يوجد لدينا نقص كبير في المدافن الآمنة والصحية فماذا تفعلون لحل هذه المشكلة؟ أجاب قائلا: بالفعل هناك بعض المحافظات لا يوجد بها خرم ابرة لإنشاء هذه المدافن, منها علي سبيل المثال محافظات الدلتا أما المحافظات ذات الظهير الصحراوي فمن الممكن انشاء محطات ممولة ومدافن آمنة بها والحل من وجهة نظري التوسع في انشاء مجمعات للفرز من المنبع, وإعادة تدوير ناتج الفرز وفي هذا الاتجاه سنبدأ تنفيذ مشروع طموح في250 مجمعا سكنيا, في كل واحد منها مجموعة من الشباب التي تعمل في اطار المشروع وسوف ننظم مسابقة لاختيار أفضل مجمع ونمنحهم جائزة والقمامة التي سنبيعها ستكون لحساب العاملين بالمجمع, وبكل مجمع سكني كشك بيئي ومندوب لاتصال المواطنين بوزارة البيئة وهي وسيلة لوجود وزارة البيئة في كل مكان لتلقي البلاغات وغيرها, كما سننظم مؤتمرا وطنيا في يوم29 الحالي حول قضية المخالفات تشارك فيها كافة الأطراف المعنية لعرض تجاربها. كما ستشارك وزارة البيئة محافظة القاهرة في انشاء80 كشكا بمنطقتي البساتين والزاوية الحمراء تخصص كمنافذ بيع لمنتجات وزارة الزراعة في مواقع كانت مجمعات القمامة تم تطويرها بعد إزالة تراكمات القمامة منها, وذلك في اطار مبادرة لتحسين أوضاع النظافة العامة علي مستوي القاهرة من خلال التنسيق مع المحافظين وهيئات النظافة في القاهرة والجيزة والقليوبية في رفع التراكمات والاستفادة من المواقع التي يتم رفع المخلفات منها وضمان عدم عودة هذه التراكمات إليها مرة أخري من خلال تنفيذ مشروعات للشباب ومشاتل خضراء للزهور بالإضافة إلي توفير بعض الأكشاك البيئية لمصابي الثورة وأهالي الشهداء من الفقراء. قلت: إذا كانت المخالفات الصلبة يمكن تدويرها فماذا ستفعلون بالمخالفات العضوية؟ قال الوزير: التجربة ستشهدعودة الخنازير بشكل جزئي لأنها بالفعل الأفضل في التخلص من القمامة العضوية(بقايا الأطعمة وغيرها) بعد إمكان محاصرة انفلونزا الخنازير والتيقن من توفير شروط خاصة لوجودها والإشراف الصحي علي العاملين بالقرب منها. سألت الوزير: زيادة عدد ومساحات المحميات الطبيعية عاما بعد عام في إطار خطة الدولة لحماية الموائل الطبيعية والتراث الطبيعي.. هل أصبحت تشكل عبئا علي جهاز شئون البيئة؟ رد قائلا: بالفعل ولذلك فنحن بصدد وضع هيكل تنظيمي يتناسب مع طبيعية المحميات وقد طلبنا من مجلس الوزراء إنشاء جهاز مستقل لإدارة المحميات, لتطوير ومواجهة المشكلات التي تتعرض لها المحميات ووضع حلول جذرية لها, كما سيتم تشكيل لجنة من العاملين بالمحميات لمتابعة آلية بحث وتنفيذ هذه المطالب مع الوزارة, وبما هو متاح في الوقت الحالي من امكانات, كما أكد ضرورة تنمية المهارات وبناء القدرات للعاملين في المحميات في مجالات الاتصالات والوعي البيئي, علاوة علي اعداد دراسة تقييم بيئي للمدخلات المادية لضمان عدم المساس بالأنظمة البيئية.