باستيلاء قوات جنوب السودان علي بلدة وحقل هجليج الذي ينتج نصف بترول السودان الشمالي, دخل النزاع علي الحدود بين البلدين مرحلة خطيرة تذكرنا بالحرب الضروس التي وقعت بين إثيوبيا وأريتريا, وراح ضحيتها نحو ثمانين ألف إنسان بين عامي1998 و2000 ولم تحسم النزاع علي الحدود بينهما حتي الآن.فقد كان المعتاد أن تدعم الخرطوم الميليشيات المسلحة المتمردة في الجنوب, وكذلك تفعل جوبا مع المتمردين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق بالشمال, وأقصي ما كان يحدث ان تقصف طائرات الخرطوم مواقع جنوبية محدودة أو تقصف مدفعية جوبا مواقع شمالية علي الحدود. معني هذا أننا علي وشك حرب حدودية واسعة إذا لم يسارع الطرفان باحتواء الموقف, والرجوع عن حافة الهاوية لقوات جنوبية مازالت غير مسلحة جيدا وتفتقر إلي التدريب الكافي علي الحرب النظامية, وخلف ظهرها طابور خامس من الجماعات القبلية المسلحة تتحين الفرص لتوجيه طعنة قاتلة في الظهر, قوات شمالية انهكتها حرب الجنوب لأكثر من38 عاما علي فترتين, وتمرد عسكري في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان, وحظر تسلح دولي حرمها من تطوير قدراتها علي الحسم بأقل خسائر بشرية ممكنة بالإضافة الي اقتصاد متداع. وإذا تمسكت حكومة جوبا بشروطها التعجيزية للانسحاب من هجليج بأن ينسحب جيش الخرطوم من أبيي البترولية أولا, ونشر قوات من الأممالمتحدة علي طوال الحدود المتنازع عليها, وإذا أصرت حكومة الخرطوم علي تصفية فرقتي الجيش الجنوبي التاسعة والعاشرة العاملتين في جنوب كردفان والنيل الأزرق وطرد المتمردين الشماليين من الدولة الجنوبية قبل العودة الي مائدة التفاوض لحل المشكلات العالقة منذ انفصال الجنوب فلن تنجح جهود الوسطاء في احتواء الموقف وتسوية النزاع سلميا. ولن تتحقق مقولة الرئيس البشير التي برر بها منح الجنوب حق تقرير المصير:سلام مع الانفصال خير من وحدة مع الحرب لأن السلام سرعان ما تواري وهيمنت طلقات الرصاص علي المشهد علي رغم استقلال الجنوب. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى