تمثل مفاوضات انضمام تركيا إلي عضوية الاتحاد الأوروبي نموذجا للأبعاد المختلفة لعملية التفاوض في أدبيات التفاوض الدولي, وفي هذا الإطار يوضح السكرتير الثاني بوزارة الخارجية أحمد مجدي السكري الطبيعة الخاصة للمفاوضات التركية الأوروبية في ضوء طبيعة القضايا المرتبطة بها والتي تتضمن عدة عوامل منها: العامل الاقتصادي وطبيعة هيكل الاقتصاد التركي الذي يغلب عليه الطابع الزراعي بالمقارنة بالدول الأوروبية المتقدمة في الاتحاد الأوروبي, مما يخشي معه الاتحاد أن يمثل عبئا علي الاقتصاد الأوروبي والموازنة الأوروبية. خاصة في ضوء الحجم الكبير لسكان تركيا والذي يقترب من نظيره في دول أخري مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا, مما سيؤثر علي عملية صنع القرار في داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي والتي ترتبط بالأساس بعدد سكان كل دولة. بالإضافة إلي وجود مخاوف أوروبية من تدفق العمالة التركية علي الدول الأعضاء, في حالة انضمام تركيا. و أشار إلي وجود قضايا أخري مهمة شكلت الموقف الأوروبي المعلن من مسألة انضمام تركيا إلي عضوية الاتحاد الأوروبي, سواء علي الصعيد الداخلي فيما يتعلق بطبيعة النظام السياسي التركي واتسامه بالتدخل الدائم للمؤسسة العسكرية في شئونه الداخلية بشكل يؤدي إلي تراجع مدنية الدولة التركية, وكذلك بعض القضايا السياسية. وأوضح السكري ارتكاب جميع الأطراف المعنية لأخطاء بشأن معالجة القضية, بدءا من تركيا التي لم تستطع حتي في عهد حزب العدالة والتنمية أن تنهي عزلة الجزء الشمالي من قبرص, في ضوء عدم اعترافها بقبرص اليونانية وعدم تطبيقها للبروتوكول الإضافي من اتفاق أنقرة الخاص بالاتحاد الجمركي والذي يقضي بفتح الموانيء والمطارات التركية أمام حركة النقل القبرصية اليونانية, خوفا من أن يفسر ذلك باعتباره بمثابة اعتراف ضمني من جانب تركيا بجمهورية قبرص. وكذلك عدم قدرة الأممالمتحدة علي فرض تسوية معينة علي طرفي الأزمة( القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين). وأيضا مشكلة تطبيع العلاقات التركية مع أرمينيا والتي تواجه إشكالية رئيسية وهي مطالبة الاتحاد الأوروبي اعتراف تركيا بقيام الدولة العثمانية بارتكاب إبادة في حق الأرمن خلال الفترة1915 .1917 وأرجع السكري سبب رفض تركيا الاعتراف بوقوع مثل هذه الإبادة إلي وجود أتراك تعرضوا لمثل هذه الأحداث والتي لم تكن خاصة بالأرمن فقط. ويري السكري أن هذه هي القضايا الرئيسية التي تمثل مفتاح المفاوضات التركية الأوروبية, وأنه بدون حسمها لن يتم تحقيق تقدم فعلي في عملية التفاوض الجارية بين الطرفين, فضلا عن دور العامل الخارجي المتمثل في عدم فاعلية الدور الأمريكي في المفاوضات. وفيما يتعلق بمستقبل المفاوضات التركية الأوروبية اشار إلي وجود أربعة سيناريوهات تتسم بعدم اليقين في هذا الشأن, الأول: إما اتجاه عملية التفاوض بين الطرفين إلي النجاح في تحقيق الهدف منها سيناريو المصلحة المشتركة. والثاني: اتجاه العملية إلي التأجيل, سيناريو إطالة أمد التفاوض. والثالث: اتجاه العملية إلي الفشل في تحقيق الهدف منها سيناريو عدم الانضمام. والرابع: اتجاه العملية إلي تغيير الهدف منها زسيناريو الشراكة المتميزة, الذي ترفضه تركيا بالرغم مما تشهده من بدء الحديث عن احتمال عدم نجاح مفاوضات انضمامها للاتحاد الأوروبي.