عقب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لألمانيا فى يونيو الماضى وما شهدته من توقيع أربعة عقود استثمارية مع شركة «سيمنز» لإنشاء محطات جديدة، لإنتاج الكهرباء بقيمة 8 مليارات يورو، أدركت ألمانيا أن استقرار أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط مرتبط باستقرار مصر وأمنها، لاسيما فى ظل تزايد مشكلات الهجرة الشرعية واقتراح المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أهمية عقد قمة أوروبية طارئة، حيث إن أوروبا تواجه وضعا لايليق بها بشأن التعامل مع أزمة اللاجئين ولذلك طالبت الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى على تحمل المسئولية بعدالة و إنصاف. كما أن هناك وعيا متوسطيا بأهمية معالجة هذه التراجيديا الانسانية التى تعانى منها الدول العربية المتوسطية مما قد يدفع بإحياء التعاون والشراكة بين الدول الاعضاء فى «الاتحاد من أجل المتوسط» والتى تعطلت منذ اندلاع ثورات الربيع العربى. هناك إذن أمور مشتركة تربط بين بلدين كبيرين بحجم مصر وألمانيا باعتبار الأولى أكبر دولة عربية وشرق أوسطية، والأخرى قاطرة الاتحاد الأوروبى وأكبر قوة اقتصادية به. ومن هذا المنطلق يأتى دور سفير مصر الجديد فى ألمانيا د. بدر عبد العاطى فى تعزيز العلاقات المصرية الألمانية وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين البلدين خلال الزيارة الرئاسية الأخيرة للرئيس السيسى والزيارات الثنائية المستمرة لمسئولى البلدين، كما يقع على عاتقه أولويات خاصة فى مجال دفع الاقتصاد والاستثمار واستمرار البرامج التنموية المشتركة، باعتبار ألمانيا فى المركز ال 20 فى قائمة الدول المستثمرة فى مصر وهو ما لا يتناسب مع الإمكانات الضخمة التى تتمتع بها ألمانيا فى مختلف المجالات، ومع إطلاق مصر مشروعات كبرى جديدة آخرها شق قناة السويس الجديدة ووجود شركات ألمانية عاملة فى هذا المشروع، فضلا عن مشروعات قطاع الكهرباء التى تم إبرامها مع الجانب الألمانى. وعلى الرغم من أن حجم التبادل التجارى بين مصر وألمانيا يبلغ 4٫5 مليار دولار، فلا تزال هناك مجالات واسعة للارتقاء بحجم التجارة بين البلدين، مع أهمية التركيز على فتح السوق الالمانية أمام المنتجات والصناعات المصرية، خاصة فى مجال الخضراوات والفاكهة وصناعة الكيماويات وغيرها... وفى مجال التعليم الفنى، تقدم ألمانيا النموذج الأفضل فى هذا الإطار فى ضوء وجود مبادرة لتفعيل التعاون وربط التعليم الفنى باحتياجات السوق فى تخصصات محددة، وهو ما يتطلب اعادة تأهيل مراكز التعليم الفنى وتدريب المدرسين. وفى مجال نقل التكنولوجيا، تأتى الأهمية القصوى للاستفادة من الخبرة الألمانية فى مجال حل مشكلة الصرف الصحى ومخلفاته وتنقية مياه الشرب، بل توليد الطاقة من مياه الصرف الصحى، وكذا الاستفادة من الخبرة الألمانية فى مجال إعادة تدوير المخلفات، ونشر استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة.. ويجب أيضا مواصلة التعاون الناجح فى مجال البحث العلمى والتبادل الأكاديمى فى التخصصات المختلفة وربط المعاهد والمؤسسات الألمانية بالجامعات المصرية. لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار