أسعار الذهب في الإمارات.. تراجع طفيف للمعدن الأصفر    الرئاسة الفلسطينية: إسرائيل استهدفت خيام النازحين برفح "عمدا"    15 قتيلًا جرّاء أعاصير ضربت جنوب الولايات المتحدة    تشكيل الزمالك المتوقع ضد الاتحاد السكندري في الدوري المصري    بث مباشر الاتحاد ضد النصر دون تقطيع HD في الدوري السعودي    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الإثنين 27 مايو 2024    اليوم.. تعامد الشمس على الكعبة المشرفة وقت أذان الظهر    وكيل صحة الإسماعيلية تحيل المقصرين للتحقيق    وزير الخارجية السعودي: لا يمكن لإسرائيل أن تكون موجودة دون وجود دولة فلسطين    كولر: معلول قدم الكثير للأهلي والتجديد له يخص الإدارة فقط    ميدو: دونجا لاعب متميز وسيكون له دور مع المنتخب في الوقت القادم    كولر: محمود الخطيب لن يمنحني ميزانية مفتوحة للصفقات    نشأت الديهي: مصر أظهرت العين الحمراء لدولة الاحتلال    الموجة الحارة تعود بقوة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف موعد انخفاض الحرارة    لطفي لبيب عن عودته للتمثيل: مين بيجيب ممثل نصه طاير مبيتحركش    التموين تزف بشرى سارة للمواطنين قبل عيد الأضحى    مصرع ممثل أمريكي شهير بالرصاص في لوس أنجلوس    الأزهر للفتوى يوضح سِن الأضحية    العثور على السفير الفرنسي لدى سريلانكا ميتا في مقر إقامته    البيت الأبيض: نحن على علم باستهداف رفح الفلسطينية ونجمع المزيد من المعلومات    تجربة زراعية رائدة.. تفاصيل نجاح تجربة زراعة الذرة الرفيعة بأسيوط    إحباط مخطط تاجر أسلحة لغسل 31 مليون جنيه بأسيوط    هل سيتم زيادة ساعات تخفيف أحمال الكهرباء    كولر: الشناوي حزين.. قمصان سبب مشاركة كريم فؤاد في النهائي.. وأتابع شوبير منذ فترة    هبوط فروزينوني.. وإنتر ينهي موسمه بالتعادل مع فيرونا في الدوري الإيطالي    كولر: لم أستطع الفوز على صنداونز.. لا أحب لقب "جدي".. والجماهير تطالبني بال13    أهمية ممارسة الرياضة اليومية.. لجسم وعقل أقوى وصحة أفضل    ظهرت رسمي.. رابط سريع لمعرفة نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الإسكندرية    موعد وقفة عرفات 2024.. متى يحل عيد الأضحى في مصر؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء استهداف الاحتلال منزل لعائلة "البطران" شمال غزة    وزارة البترول تنفي سحب شركة إيني سفينة حفر من حقل ظهر    شعبة الصيدليات: «زيادة أسعار الأدوية هتحصل هتحصل» (فيديو)    خبير اقتصادي ل قصواء الخلالي: الوافدون سبب رئيسي في زيادة التضخم    فنانة تحتفل مع طليقها بعيد ميلاد ابنتهما وياسمين صبري جريئة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    المرصد الأورومتوسطي: مجزرة رفح دليل تجاهل الاحتلال قرار محكمة العدل الدولية    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    علي جمعة يوضح معنى العمرة وحكمها وشروط وجوبها: آثارها عظيمة    أمين الفتوى: يجوز التيمم للغسل والوضوء رغم وجود الماء في هذه الحالة    كان في حالة تعفن.. دفن جثة شخص عثر عليه ميتا داخل شقته في أبو النمرس    جهاز دمياط الجديدة يشن حملات لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة    مصطفى عمار: الرئيس السيسي أمين وصادق ولا يفعل شيئا إلا من أجل بناء دولته    منوم ومشنقة.. سفاح التجمع يدلي باعترافات تفصيلية عن طريقة التخلص من ضحاياه    يونيو القادم.. "تعليم المنيا" تستعد لانطلاق ماراثون الثانوية العامة    أوراق مزورة.. نقابة المحامين تكشف سر تأجيل القيد بالفترة الحالية    قطاع المتاحف: طريقة عرض الآثار بمعارض الخارج تتم من خلال لجان مشتركة    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    خبيرة: اللاجئون يكلفون الدولة اقتصاديا ونحتاج قواعد بيانات لهم دقيقة ومحدثة    رئيس جامعة المنصورة: أجرينا 1100 عملية بمركز زراعة الكبد ونسبة النجاح تصل ل98%    وزير الشباب يشهد حفل ختام النسخة ال 12 من مهرجان ابداع    مفاجأة..أطعمة تغنيك عن تناول البيض واللحوم للحصول على البروتين    تعرف على أسباب الإصابة بنزلات البرد المتكررة حتى في فصل الصيف    تعاون مشترك بين «قضايا الدولة» ومحافظة جنوب سيناء    "تطوير مناهج التعليم": تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    «شاب المصريين»: الرئيس السيسي أعاد الأمل لملايين المواطنين بالخارج بعد سنوات من التهميش    احصل عليها الآن.. رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 الترم الثاني في جميع المحافظات    عضو "مزاولة المهنة بالمهندسين": قانون 74 لا يتضمن لائحة    وزير الري: تحسين أداء منشآت الري في مصر من خلال تنفيذ برامج لتأهيلها    العمل: استمرار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في المنشآت بالمنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى المجر.. كم من الجرائم ترتكب باسم الدين !
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 09 - 2015

«فيكتور أوربان» الاسم الأكثر ترددا خلال الأسابيع الماضية مع تصدر الحديث عن أزمة اللاجئين فى القارة الأوروبية، رئيس وزراء المجر كان مخالفا لنظرائه فى مقرات صناعة السياسة فى دول اليورو حين كشف عن تصريحاته النارية الأخيرة
التى أثارت جدلا كبيرا قائلا إن بلاده لا يمكن أن تحتمل المزيد من اللاجئين الذين يمكن أن يتحولوا لإرهابيين، وأنهم يمثلون خطرا على مسيحية أوروبا، فى نفس الوقت بدأ أنصار تلك السياسات بتوزيع منشورات فى العاصمة بودابست تقولها صراحة فى وجه اللاجئين: «إذا جئت إلى المجر عليك أن تحترم قوانيننا! إذا جئت إلى المجر عليك ألا تأخذ من المجريين وظائفهم!»
هو مد إسلامى إذن كما يراه أوربان، ذلك المد الذى فرضته الأزمات المتلاحقة بالشرق وعجز أوروبا وحلفائها عن إيقاف سبب استمرار تدفق اللاجئين, فخلال الأشهر الماضية واجهت المجر سيلا من اللاجئين القادمين برا عبر صربيا من اليونان التى وصلوها بعد أن قطعوا بحر إيجه من السواحل التركية إلى الجزر اليونانية، هؤلاء الذين يختزنون قصص الحرب وآلام الطريق فى جنباتهم، لا مهرب لهم إلا عبور المجر باعتبارها العتبةَ الأولى فى دول الاتحاد الأوروبى التى تخضع لاتفاقية دبلن، التى تعنى بتنظيم شئون اللجوء بأنواعه المختلفة.
أمام فضائحِ الموت المعلن الذى يشهده طريق الآلام نحو أوروبا وفى ذروة التعاطف العالمى والإنسانى مع قضية اللاجئين السوريين تحديدا عقب غرق الطفل إيلان على سواحل تركيا، فاجأ رئيس وزراء المجر الأوروبيين قبل غيرهم بتصريحات نارية غريبة تحذر من اللاجئين بوصفهم حاملى ثقافة جديدة مختلفة عن شعوب القارة العجوز، تلك الثقافة الإسلامية التى رآها أوربان ستجتاح دول أوروبا تحمل فى طياتها تهديدا لشعوب أوروبا المسيحية الذين سيغدون غرباء فى أوطانهم بعد عقود بحسب نظرية رئيس الوزراء المجرى الذى سبقت أفعاله تصريحاته، حين أوعز برفعِ سلك شائك بطول 109 أميال على الحدود المجرية الصربية سعيا من حكومته لعرقلة وصول اللاجئين، فضلا عن دفعه البرلمان المجرى للتصويت بأغلبية ساحقة على قرار نشر الجيش على المدن الحدودية كحائط صد لرياحِ القادمين الحاملين ثقافتهم المختلفة، وإمعانا فى إرساء تصريحاته, بدأ فى تشريع قوانين قضائية تخص المهاجرين غير الشرعيين والتى وصلت إلى حد الحكم بالسجن لمدة ثلاثة أعوام فى جرائم معينة .
وتثير مواقف رئيس الحكومة المجرية إزاء المهاجرين موجة من الانتقادات فى الأوساط العالمية، حيث وصفت صحيفة «واشنطن بوست» الحكومة المجرية بأنها «غير ليبرالية»، ووصفت إجراءات أوربان فى هذا السياق بأنها «قاسية», أما تصريحاته العنصرية فقد جعلت البعض يلقبه ب «دونالد ترامب أوروبا»، فى إشارة إلى المرشح الرئاسى اليمينى الأمريكى المثير للجدل، والذى يفصح عن آراء على قدر مشابه من التشدد فى مسألة الهجرة.
غير أنه لا يمكن فهم موقف أوربان إلا بالعودة إلى الجذور اليمينية للأحزاب التى تآلفت معه خلال مسيرته السياسية، فتلك الأحزاب اشتهرت بعنصريتها ونزوعها إلى القوميات الضيقة مما جعلها حبيسةَ الشعارات بينما البلاد تغرق فى فساد وكساد اقتصادى وسياسى على حد سواء.
بينما يرى كثيرون أن أوربان يفتعل تلك المشاكل ليكسب أرضية جديدة بين المجريين الذين يزداد جنوحهم نحو اليمين القومى المتطرف المتمثل فى حركة «يوبيك» الصاعدة، والتى حصلت على 20% من أصوات الناخبين فى الانتخابات الأخيرة وتعد التهديد الرئيسى لحزب «فيدس» الذى يرأسه فيكتور أوربان، وهو رأى قوى بالنظر لكون اللاجئين قد أمضوا شهورا طويلة يمرون فيها بسلام عبر المجر وإلى ألمانيا دون ضجة، إلا أن إدارة أوربان قررت فجأة أن توزع استطلاعات على المواطنين تسألهم فيها عن رأيهم حول استضافة اللاجئين، ثم شرعت فى وضع تلك اللافتات التحريضية ضدهم دون سبب وجيه.
لم تكتف حكومة فيدس بذلك، بل استغلت مسألة المهاجرين لتعزيز سلطانها التنفيذى المتنامي، حيث عدلت قوانين الطوارئ والتى تشير الآن إلى أن وجود أكثر من 500 لاجئ شهريا هو وضع يستتبع تلقائيا إعلان قانون الطوارئ، وهو ما تقول الحكومة أنه يضمن استخدام القوة اللازمة لكبح أى محاولات من اللاجئين إحداث الفوضي، إلا أنه فى الحقيقة مجرد تحرك جديد من أوربان لتشديد قبضته فى الداخل، فى دولة لم تعد ديمقراطية بالمعايير الأوروبية كما يذهب أغلب المحللين، أو دولة ديمقراطية ولكن بدون المبادئ الليبرالية الغربية. ومنذ وصول أوربان إلى الحكم تم محو استقلالية القضاء وتعيين موالين سياسيين فى المحاكم، وإجراء تطهير سياسى شامل فى جهاز الخدمة المدنية ومكتب المحقق العام، وإصدار قوانين انتخابية جديدة تفيد الائتلاف الحاكم، فضلا عن ابتزاز وكالات الأخبار، والتى أصبح من الجائز تغريمها بغرامات قد تؤدى لإغلاقها إن تجرأت على نشر ما يعتبر «أخبارا غير متوازنة سياسيا» برأى لجنة تعينها الحكومة.
ولكن السؤال الذى يتبادر إلى الذهن الآن هو: لماذا لا تفعل أوروبا شيئا حيال أوربان أو تحاول الضغط عليه ليلتزم بمبادئها الغربية؟ ببساطة لأنها تدرك أن البديل هو يمين أكثر تطرفا من اليمين الذى يمثله حزب «فيدس»، وهو واقع فى بلدان أوروبية كثيرة يجتاحها اليمين منذ الأزمة المالية عام 2008 احتجاجا على هيمنة مؤسسات الاتحاد الأوروبى الفاشلة كما تراها تلك الشرائح المعارضة، وهو ما يدفع بروكسل لاحتواء الحكومات اليمينية المخالفة لها بدلا من الضغط عليها ومن ثم تحويل قواعدها الشعبية نحو حركات أكثر راديكالية. فحزب «فيدس» هو الحزب الوحيد الذى يمكن أن يبقى على حركة «يوبيك» تحت السيطرة، وهو ما توصل له تقرير صدر مؤخرا عن المجلس الألمانى للعلاقات الخارجية DGAP.
وبالنظر لوجود عدد ضئيل من المهاجرين فى المجر وتوجه اللاجئين لها كمحطة لألمانيا ليس إلا، فإن موقف أوربان كشف حقائق كثيرة, أولها أن الاجئين باتوا يدركون جيدا أنهم لن ينعموا بحياة جيدة فى ظل مجتمع يزداد تطرفا مقارنة بما سيحظى به من معاملة أفضل فى ألمانيا والنمسا، ثانيها أن هناك رسائل موجهة للناخبين المجريين لتقول لهم أن أوربان يتمسك بمواقف قومية، وأنهم ليسوا بحاجة للتصويت لحركة «يوبيك»، وهو ما يريده أوربان بالضبط من كل تلك الضجة والتصريحات, ثالثها أن المسيحية ليست على جدول أولويات أوربان كما قد يبدو للوهلة الأولى ولا حتى أوروبا أو الغرب الذى تتسع الهوة بينه وبينها باستمرار، كما أنه ليس ثمة دليل على كراهيته للإسلام كما يبدو، والذى وصفه قبل ثلاثة أشهر فقط باعتباره هدية روحانية وفكرية عظيمة للعالم بأسره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.