جنوب السودان منطقة مشتعلة فى حوض نهر النيل منذ بداية الصراع الداخلى فيها فى ديسمبر عام 2013. وقد دخل وقف إطلاق النار بين المتصارعين حيز التنفيذ عند منتصف ليل السبت 29 أغسطس 2015 بناء على دعوة مجلس الأمن طرفى النزاع إلى "الالتزام الفورى والدائم بوقف إطلاق النار، أو مواجهة حظر على استيراد السلاح." وذلك بعد أن توصل مجلس الأمن إلى معلومات جديدة متعلقة بتوريد الأسلحة والذخيرة إلى الجيش الشعبى والجناح المعارض فى الحركة الشعبية الجيش الشعبى، وكذلك إلى القوات المرتبطة بهما، والدور الأساسى لتلك الصفقات فى إطالة أمد الحرب وتصعيدها. وكان فريق الخبراء المعنى بجنوب السودان الذى تشكل عملا بالقرار 2206 لعام 2015 قد قدم تقريره إلى مجلس الأمن حول وضع النزاع فى جنوب السودان وعوامل إستمراره ومن أبرزها توريد ونقل السلاح والذخائر إلى طرفى النزاع مما ساهم فى إشتعاله وإستمراريته. فقد أشار التقرير إلى أنه كان لتوريد الأسلحة والذخيرة إلى الجيش الشعبى والجناح المعارض فى الحركة الشعبية الجيش الشعبى، وكذلك إلى القوات المرتبطة بهما، دور أساسى فى إطالة أمد الحرب وتصعيدها. وقد استمر الطرفان فى انتهاك التزاماتهما بوقف إمداد قواتهما بالأسلحة والذخيرة. فعلى الرغم من أن مجلس الأمن لم يفرض حظرا على توريد الأسلحة إلى جنوب السودان بموجب القرار 2206 مما يعنى أن حكومة جنوب السودان حرة بموجب القانون الدولى فى أن تحصل على الأسلحة والذخيرة والمعدات والقطع العسكرية الأخرى، فضلا عما يتصل بها من تدريب على استخدامها أو صيانتها أو إصلاحها ورغم ذلك، قام فريق الأممالمتحدة بالتحقيق فى اشتراك دول المنطقة فى عمليات نقل الأسلحة، بما فى ذلك احتمال قيام الدول المجاورة بعمليات شراء أسلحة بالنيابة عن حكومة جنوب السودان. ومن المعروف أن حكومة جنوب السودان ملزمة بضمان عدم استخدام الأسلحة والذخائر والمعدات بما ينتهك القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان. وإكتشف فريق الأممالمتحدة أن جميع أطراف النزاع إستهدفت المدنيين كجزء من أساليبها العسكرية، منتهكة بالتالى القانون الإنسانى الدولى. وقد قُتل العشرات من المدنيين أو تعرضوا للتشويه والتعذيب والحرق أحياء داخل بيوتهم، وللتشريد، والاغتصاب، والاختطاف، كما تم تجنيد الأطفال وإشراكهم فى إطار الجهد الحربى. ويقوم الفريق حاليا بالتحقيق فى التسلسل القيادى فيما يتصل بتلك الجرائم الخطيرة. وفيما يتعلق بنقل الأسلحة إلى القوات الحكومية حصل الفريق الأممى على أدلة على وجود ما لا يقل عن أربع طائرات مروحية من طراز "ميل مى 24" ترفع علم جنوب السودان. وقد استخدمت المروحيات الهجومية فى معارك دارت مؤخرا فى ولاية أعالى النيل، بما فى ذلك فى نواحى كدوك ودوليب هيل. وقبل اندلاع الحرب لم يكن الجيش الشعبى يمتلك طائرات مروحية بقدرات هجومية. وفيما يتعلق بشحن الأسلحة من شركة "نورينكو" فقد تسلم الجيش الشعبى، يوليو2014، شحنة أسلحة وذخيرة وما يتصل بها من عتاد من شركة نورينكو. وتشير القائمة المرفقة بالشحنة إلى أنها تتضمن 100 نظام توجيه وإطلاق قذائف موجهة مضادة للدبابات من طراز "اتش جيه 73دى"، وأكثر من تسعة آلاف بندقية آلية من نوع 56، فضلا عن 2900 قاذفة قنابل يدوية عيار 40ملم تركب تحت ماسورة البندقية و20 مليون طلقة رصاص، و 319 رشاشا متعدد الاستعمالات و660 مسدسا من طراز"إن بى 42" ومليونى طلقة ذخيرة، و 40ألف صاروخ شديد الانفجار مضاد للدبابات من نوع 69. وقد أقر المسئولون فى جنوب السودان باستلام المواد علنا فى إطار عقد موقع بين حكومتى الصينوجنوب السودان قبل اندلاع الحرب. ووردت أنباء لاحقا تفيد بأن حكومة الصين قد قررت وقف صادرات الأسلحة إلى جنوب السودان فى المستقبل. كما أعلن الجيش الشعبى لتحرير السودان عن شراء 10مركبات برمائية. وحصل الفريق الأممى على دليل مرئى أكد وجود مركبات برمائية مجنزرة من طراز "جى إيه زد" فى ولاية أعالى النيل وولاية الوحدة. وقد تمكن فريق الأممالمتحدة من الحصول على صور تثبت وجود بنادق أوتوماتيكية إسرائيلية الصنع من طراز "إيه سى إى" بطرازين على الأقل. وإتجه عدد من هذه البنادق إلى جهاز الأمن الوطنى قبل اندلاع الحرب، ولكن لوحظ أنها قد أصبحت الآن فى حوزة الجيش الشعبى (الجيش والقوات الجوية) والشرطة الوطنية وجهاز الأمن الوطنى، ويستخدمها حراس كبار المسؤولين وكبار ضباط الجيش. وفيما يتعلق بالتمويل حصل الفريق الأممى على أدلة ووثائق أظهرت حجم الإنفاق الكبير الذى تتكبده جوبا لتغطية النشاط العسكرى فى ظل الصراع. أما فيما يتعلق بسلاح قوات المعارضة فإن الجناح المعارض فى الحركة الشعبية الجيش الشعبى يعتبر حركة معارضة، ولايستطيع الحصول على الأسلحة من خلال المعاملات الرسمية التى تجرى بين الدول. وفى البداية، كان يستخدم الأسلحة والذخائر التى حازتها قواته المنشقة عن الجيش الشعبى، ولا سيما الفرقة الثامنة بقيادة اللواء بيتر قاديت ياك والفرقة الرابعة بقيادة جيمس كوانق شول. ولكن فى شهر مايو، انشق اللواء جونسون أولونى عن الجيش الشعبى، وأخذ معه ترسانة كبيرة من الأسلحة والذخائر الخاصة بالجيش الشعبى. وأكد التقرير المقدم إلى مجلس الأمن حصول أطراف الصراع على إمدادات خارجية لمواصلة القتال حيث ثبت وجود ذخائر من دول مختلفة وأثير إحتمال أن شحنات السلاح والذخيرة قد ألقيت جوا إلى قوات المعارضة بواسطة مصدر خارجى. وعلى الرغم من إدعاء كل من الحكومة والمعارضة أن القتال يجرى دفاعا عن النفس، وأن الذخيرة مخصصة لأغراض دفاعية، فإن أن نطاق القتال والحجم الهائل لانتهاكات حقوق الإنسان، كانت عوامل أكدت للفريق الأممى أن تلك الحجة لا تحظى بالمصداقية. فقد لعبت إعادة إمداد كلا الطرفين بالأسلحة والذخيرة دورا أساسيا فى استمرار الحرب وتصعيدها إلى النطاق الذى وصلت إليه حاليا، مما أدى إلى ارتكاب انتهاكات واسعة النطاق للقانون الإنسانى الدولى. وأكد التقرير المقدم إلى مجلس الأمن أن جنوب السودان تشهد "حالة عسكرة شديدة" تحد من قدرة الحكومة على الحفاظ على القانون والنظام فى أجزاء عديدة أو على مراقبة الأسلحة فى أيدى المقاتلين مما سيزيد من احتمالات العنف السياسى المسلح والتقسيم. وحذر التقرير من السيناريو الأكثر واقعية القائل إن تدفق الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة سيؤدى إلى استمرار انعدام الأمن والعنف القبلى بصورة حادة، حتى فى ظل وجود اتفاق سياسى، كأحد سمات الحياة فى جنوب السودان فى المستقبل المنظور، وإلى استمرار تأثيرها السلبى على أمن الدول المجاورة بالنظر إلى سهولة اختراق الحدود.