الكثير من الانتقادات دائما ما يوجه للفضائيات علي ما تبثه وما تطرحه علي شاشاتها, خاصة في برامج التوك شو والتي أحدثت حالة من الجدل فيما تتناوله من قضايا, قد يري المشاهد ان الفضائيات تلعب دورا سلبيا يزيد من الاثارة والتحريض والمصالح الشخصية وهنا نطرح سؤالا إذا كانت هناك سلبيات للفضائيات تكاد تكون معروفة ولكن ألا توجد إيجابيات يمكن أن تفيد المشاهد؟ هذا ماطرحناه علي أساتذة الإعلام. يقول د.محرز غالي الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة: ان الفضائيات أوجدت نوافذ ورئة جديدة للإعلام العربي والمصري, واستطاعت أن توجد مجالا عاما رحب لجميع القوي السياسية تعبر من خلاله عن توجهاتها الفكرية, وهي بذلك كسرت احتكار الدولة وسيطرتها علي المنظومة الإعلامية, كما أسهمت في الحراك السياسي والاجتماعي والفكري والفني والرياضي وأصبح المشاهد لدية مائدة عامرة من الوجبات لكل ما لذ وطاب وعليه اختيار ما تشتهيه نفسه بكل حرية, وأصبح كل شخص لدية القدرة علي اختيار المضمون الذي يناسبه, كما ساهمت الفضائيات في التواصل العربي في معظم المجالات المطروحة علي الساحة, كما أنها تمتلك ما يسمي بالوظيفة الدبلوماسية فيما يتعلق بتسليط الضوء علي المشاكل الحقيقية بين الدول العربية, وجعلت منها قضايا رأي عام بعد إن كان يتم بحثها علي المستوي الرسمي فقط, ولذلك أعتبر ان جوانب الايجابيات للفضائيات أكثر بكثير من السلبيات, والاعلام يصحح نفسه بنفسه بشكل تلقائي وبالممارسة والحياد والطرح السليم لكل القضايا. ويقول د.محمود خليل أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إن الفضائيات ظاهرة غير متكررة واستثنائية ومعدلات نموها لا يعادله أي معدل نمو في مجال إنتاجي علي المستوي العربي, وأصبحت هي الصناعة الأهم علي الخريطة, وإيجابيات الفضائيات عديدة فقد أوجدت ما يسمي بظاهرة الرأي العام المصري مثلما حدث في ثورة يناير وثورات الربيع العربي, وأوجدت نوعا من المعرفة السياسية بل تجاوزت ذلك بتحليل المشهد التاريخي من خلال القنوات الوثائقية التي بصرت المشاهد العربي والمصري بتاريخه الماضي والحاضر بالإضافة الي المعرفة الثقافية من خلال إطلاق قنوات متخصصة في ذلك وأيضا القنوات الدينية رغم بعض سلبياتها إلا إنها لعبت دورا في التواصل بين المذاهب وأوجدت معرفة بين الاسلام الوسطي والشيعي والوهابي لم يكون موجودا من قبل للمشاهد العادي كما أوجدت نوعا من المنافسة علي تقديم الأفضل من خلال التعددية التي ساهمت في تجويد المنتج الاعلامي وأجبرت الاعلام الرسمي علي التطوير من نفسه ودخول المنافسة. ويقول د. فاروق أبو زيد إن مشكلة الفضائيات بعد ثورة يناير ان حريتها أصبحت بلا حدود وهي إيجابية مهمة, ولكن هذه المساحة من الحرية لم يقابلها قدر من المسئولية لحماية المواطنين من الآثار السلبية وهذا يتطلب وضع تشريعات لضبط الإيقاع, وبرغم أنها ساعدت المواطنين علي التعبير عن وجهات نظرهم وحل بعض مشاكلهم وأوجدت التعددية والرأي والرأي الآخر وضخت أموالا ساهمت في انتعاشها وتشغيل العمالة وفتحت أبواب للكثيرين من العمال والفنيين وإكتشفت نجوما لم يكن أحد يعرفهم كما عملت علي زيادة الجرعات في تسليط الضوء ومتابعة مشاكل المواطنين, وأعتقد ان الاعلام في مصر أصبح سلطة مثل البرلمان ولكن لابد من ربطها بالمسئولية وان جزءا من الهجوم علي الاعلام مرتبط بكشفه للحقائق والأخطاء التي لا ترضي أصحابها, وكل ما أخشاه أن تكون فترة الرواج التي تشهدها الفضائيات حاليا مرتبطة بالظروف السياسية الساخنة هذه الأيام وبعد ذلك تغلق شاشاتها.