من المعلوم ان ركائز أي دولة علي اتساع العالم ثلاث.. مساحة أرضية معترف بها دوليا يعيش عليها شعب متجانس وتحكمه سلطة منتخبة ديمقراطيا. وفي ظني أن أخطر هذه الركائز هو الشعب الذي ينتفض للدفاع عن سلامة أراضيه أذا ماتعرضت الدولة لغزو خارجي والذي يحاسب حكامه علي آرائهم لو طبقنا هذه المفاهيم علي مصر المحروسة حاليا فسوف نكتشف أمرا جللا يتمثل في ان شعبها وقد تحرر من الخوف بعد ثورة25يناير2011تبني سلوكا غريبا تمحور حول أنا ومن بعدي الطوفان سواء من جانب الأميين أو المتعلمين, كانت نقيصة الكذب قاسما مشتركا بينهما وقد اتخذ الفريق الأول من الغاية تبرر الوسيلة منهجا, واتبع الفريق الثاني من الكذب التي هي نصف حقيقة أسلوبا دون أن يدري انها من أشد أنواع الكذب سوادا بالرغم من قوله تعالي: كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون علي كلا الفريقين فالعاقل لا يؤكد شيئا إلا بعد إثباته واضحت عبارات التهديد والوعيد والترغيب والترهيب والتخوين في بعض الأحيان هي الزاد اليومي الذي تطالعنا به وسائل الاعلام دون أدني اعتبار لقانون إلهي أو وضعي ودون أدني احساس بأن الدول كالبشر تنبت وتنمو من تصرفات البشر الذين اذا ماتغلبوا علي تحيزهم فإن العمل الجماعي كان سيصبح أكثر مثالية من الحديث الجماعي. وهذا السلوك ناتج عن الرغبة العارمة في الشعور بالانعتاق بعد عقود طويلة من القهر والخوف, ويبدو أننا لسنا أحرارا, واننا مشدودون الي الماضي, تصغي دائما الي ماصنع ونعود لنصنعه من جديد وتكون النتيجة اننا نراوح في مكاننا. ماهذا الاقتتال والتناحر المقيت علي السلطة ان اصحاب المناصب في هذه الدنيا هو دوام اضطرابهم فقبل الوصول الي السلطة التي هم فيها تظل افكارهم مضطربة بالتمني بالوصول إليها, وبعد الوصول يظلون مضطربين خوفا من عزلهم عنها وهناك مجموعة من الأحداث التي ستقع فيما هو قادم من أسابيع والتي ترقي لمرتبة الثوابت التي يمكن بلورتها فيما يلي: ان مصر مقبلة علي احداث جسام ستقرر مستقبلها لثلاثة عقود كاملة من الزمان وهو أمر يتطلب أقصي درجات التوافق بين رموز الأمة حتي لا نفقد مناعتنا. عدم الاعتراف بسيادة القانون والتهديد بأن الأمور لن تمر علي خير أو بالنزول للشارع تفقد مصر هيبتها وتصبح هدفا للنقد بسبب ادعاءاتنا, فما كانت النزاعات لتدوم طويلا لو لم يكن الباطل من جهة واحدة. ان رئيس مصر القادم سوف يتسلم تركة ثقيلة جدا سوف تتطلب منه مجهودا خارقا يتصف بالحكمة لاصلاح البيت من الداخل أولا, وهذا هو السبب الذي دفع بالبعض الي الزعم بان السنوات الأربع القادمة سوف تعتبر امتدادا للمرحلة الانتقالية, ومن المرجح جدا إضطراره لاصدار امره للجيش بالنزول للشارع. ان المباديء هي المباديء, والعسر في الوطن خير ألف مرة من اليسر في الغربة, وأي نقطة دم تنزف من صدر مصر لأدعي الي حزننا أكثر من جداول دم لا تراق في سبيلها. لواء د. إبراهيم شكيب