فى ظل تفاقم أزمة الهجرة، تدرس بعض الحكومات الأوروبية التى تشعر بقلق من التهديدات الأمنية والهجرة غير الشرعية فى تعديل «اتفاقية شينجن» التى أزالت القيود الحدودية المنهجية عبر معظم أوروبا. وبعد أسبوع من قيام ركاب بالسيطرة على مسلح داخل قطار سريع بين امسترداموباريس، التقى وزراء الداخلية والنقل فى تسع دول فى باريس لبحث تحسين الأمن فى القطارات العابرة للحدود. وربما يناقشون أيضا جهود احتواء سيل من المهاجرين من الشرق الأوسط وأفريقيا. ومن جانبها، أعلنت الحكومة البلجيكية أمس الأول أنها ستقدم عدة مقترحات فى محادثات باريس من بينها مقترحات بشأن اتفاقية الحدود. وامتنع متحدث باسم رئيس الوزراء شارل ميشيل عن ذكر تفاصيلها ولكنه قال إن التغيير يمكن أن يحسن الأمن دون تقويض مبدأ السفر بلا جواز سفر. وفى هذه الأثناء، حذرت المنظمة الدولية للهجرة أمس من تفاقم أزمة تهريب البشر فى حالة تنفيذ خطة المجر لبناء سور على الحدود لكبح تدفق المهاجرين واللاجئين على أراضيها. وأوضحت المنظمة الدولية للهجرة أن ما بين 1500 و 2000 شخص يسلكون هذا الطريق عبر اليونان ومقدونيا وصربيا إلى المجر كل يوم، مشيرة إلى أن هناك «احتمالا قويا» أن يزداد التدفق إلى 3 آلاف شخص يوميا. يأتى ذلك فى الوقت الذى يبدأ فيه القضاء المجرى محاكمة 4 رجال يشتبه بتورطهم فى موت 71 مهاجرا كانت السلطات النمساوية قد عثرت على جثثهم فى شاحنة متوقفة على حافة طريق سريع. جاء بعد يوم على الفصل المأساوى الجديد الذى شهدته سواحل ليبيا وأطاح بحلم المهاجرين بأمان أوروبا، طالبت الحكومة الليبية المؤقتة مجددا أمس برفع حظر التسليح عن الجيش والشرطة وتزويدهما بالمعدات التقنية اللازمة لمراقبة الحدود حتى تستطيع المساهمة فى تقليل مخاطر ظاهرة الهجرة غير الشرعية. وقالت الحكومة الليبية فى بيان لها إنه «لا يمر يوم إلا ويسقط المزيد من الضحايا غرقا فى رحلتهم للبحث عن لقمة عيش، رغم أنها نبهت إلى ذلك كثيرا من قبل». يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه محمد المصراتى المتحدث باسم الهلال الاحمر الليبى أمس انتشال 111 جثة من الموقع الذى غرق فيه زورق كان يقل مئات المهاجرين قبالة مدينة زوارة الليبية، فيما لا يزال هناك عشرات المفقودين، فى حين جرى إنقاذ 198 من المهاجرين. وعلى الصعيد نفسه وأمام الإدانات المتتالية بشأن فشل المجتمع الدولى فى مواجهة أزمة المهاجرين، أعرب توماس دى ميزير وزير الداخلية الألمانى أمس عن قلقه إزاء ازدياد حدة النقاش حول قضية استقبال اللاجئين وما صاحبه من تعديات «لفظية» عنصرية وتهديدات طالت حتى بعض الساسة. وفى تصريحات لصحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية ، قال الوزير المنتمى إلى تحالف المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل المسيحى الديمقراطى إن «مستوى لغة حوارنا وضراوته وتعاملنا مع بعضنا سببت لى قلقا». وفى سياق متصل، أعرب زيجمار جابريل وزير الاقتصاد ونائب المستشارة ميركل عن قلقه إزاء هذا التطور، مشيرا إلى أنه تعرض للشتائم فى مواقع التواصل الاجتماعى وعبر البريد الإليكترونى بعد زيارته لمدينة هايدناو التى شهدت أعمال عنف أثناء احتجاجات يمينيين متطرفين على وجود دار للاجئين ووصفه لمرتكبى أحداث الشغب بأنهم «عصابة»، وقد حدث الشيء نفسه مع ميركل بعد زيارتها للمدينة الواقعة بولاية سكسونيا شرقى ألمانيا. فى غضون ذلك، اعتقلت الشرطة الألمانية ثلاثة أشخاص بتهمة إضرام النار فى أحد مقار إيواء اللاجئين فى بلدة زالتسهيميندورف بولاية سكسونيا السفلى غرب البلاد. وقال متحدث باسم الشرطة إن السلطات ألقت القبض على رجلين فى الرابعة والعشرين والثلاثين من العمر وامرأة فى الثالثة والعشرين من محيط مدينة هانوفر يشتبه فى قيامهم بإضرام النار فى المقر. وفى سياق متصل، أعلن متحدث باسم الشرطة الألمانية فى ساعة مبكرة من صباح أمس عودة الهدوء إلى مدينة هايدناو شرقى ألمانيا بعد وقوع احتجاجات معادية للأجانب. وأوضح المتحدث أنه تم تفريق نحو 180 شخصا من المنتمين للتيار اليمينى الذين تظاهروا مساء أمس الأول أمام دار الإيواء لطالبى اللجوء، مضيفا أن القرار بحظر التجمع فى هايدناو سيسرى حتى غدا الإثنين. من جانبها، حذرت الأممالمتحدة أمس من زيادة جديدة فى أعداد اللاجئين والمهاجرين من ميانمار وبنجلاديش بسبب الارتفاع المتوقع فى أعداد زوارق التهريب المتهالكة من جنوب شرق آسيا فى نهاية موسم الأمطار خلال شهر تقريبا. وقالت ميليسا فليمينج المتحدثة باسم المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فى مؤتمر صحفى إن المفوضية تدعو لإجراء عاجل قبل أن يتسبب انتهاء موسم الفيضانات فى موجة جديدة من الأشخاص الراحلين على متن قوارب من خليج البنغال. فى الوقت نفسه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون إلى ضرورة وجود «تحرك سياسى جماعي» لتجنب ما وصفه «أزمة التضامن» مع الأزمة فى المتوسط وأوروبا. وأعلن بان كى عن اجتماع عاجل على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك نهاية الشهر المقبل لبحث ملف الأزمة. وأعرب بان فى بيان عن صدمته الشديدة وألمه الكبير لمصرع اللاجئين والمهاجرين فى هذه المناطق. وقال أوجه نداء لجميع الحكومات المعنية حتى تقدم حلولا شاملة وتطور قنوات شرعية وآمنة للهجرة وأن تتصرف بإنسانية ورحمة واحترام لواجباتها الدولي».