مازالت عقبات هائلة تحول دون التوصل إلى تسوية سلمية بين الأطراف المتصارعة فى ليبيا، رغم الجولات المكوكية والمفاوضات المتعددة، التى تتم برعاية الأممالمتحدة ومبعوثها لليبيا برناردينو ليون الذى كان يأمل فى التوصل إلى اتفاق سلام نهائى بحلول الأسبوع الأول من سبتمبر قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، يفضى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن لايبدو حتى الآن أن شيئا من ذلك سيتحقق فى الأجل المضروب أو بعده، وقد تنتهى فترة عمل المبعوث الدولى منتصف الشهر المقبل قبل أن ينجز مهمته، ومايزيد المشهد الليبى تعقيدا وإرباكا أن الحروب الدائرة فيها ليست مجرد صراعات داخلية، بل هى صراع تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية، حيث تتقاطع فى ليبيا المصالح والمطامع الإقليمية والدولية، فبعض الأطراف يدعم حكومة طبرق التى يعترف بها المجتمع الدولى، بينما تدعم أطراف أخرى الحكومة الموازية فى طرابلس التى رفضت التوقيع على اتفاق الصخيرات، وبينما تدعم أطراف التوصل إلى سلام حقيقى بينهما، تريد أطراف ثالثة استمرار الوضع الإنقسامى الحالى بين حكومتين وبرلمانين وجيشين، وقد دخلت التنظيمات المتطرفة الموالية ل «القاعدة» و«داعش» على خط الأزمة، وارتكبت هى والميليشيات والكيانات المسلحة الفظائع بحق أبناء الشعب الليبى، فى وقت يقف المجتمع الدولى موقف المتفرج، ولايريد دعم الليبيين فى حربهم على داعش والإرهاب الذى يحاربه فى سوريا والعراق فالقوى الكبرى فى العالم لا تريد ترجيح كفة الحكومة الشرعية وجيشها وبرلمانها فى طبرق، ولذا هى لا تبالى بصرخات الاستغاثة التى تطلقها من أجل رفع حظر التسليح عن الجيش الليبى بل وتسعى للضغط على الدول العربية لمنعها من التدخل فى ليبيا، ولو لتوجيه ضربات ضد مواقع الإرهابيين فى سرت. ويبدو أن التفاوض السلمى يتراجع الآن ليحل محله سباق محموم نحو التسلح من طرفى الصراع فى طبرق وطرابلس ومن العناصر الإرهابية أيضا، فى محاولة لفرض معطيات جديدة على الأرض، لإثبات وجودهم ولتعزيز مواقفهم التفاوضية مستقبلا. لمزيد من مقالات أسماء الحسينى