مصر تستضيف الجمعية العمومية ال29 للاتحاد العربي للمحاربين القدماء    الآن.. جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي في محافظة الشرقية الترم الثاني 2025    وزير الصحة: تمويل دراسات الأطباء العليا من صندوق خاص    وزير الخارجية يترأس الاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    بالصور- شون وصوامع المنيا تستقبل 230 ألف طن قمح ضمن موسم توريد 2025    محافظ أسوان: توريد 170 ألف طن من القمح بالصوامع والشون حتى الآن    الإحصاء: التضخم في مصر ارتفع ل 13.9% في أبريل مع رفع أسعار الوقود    وزيرة التخطيط والتعاون: نعمل على تعزيز تنافسية الاقتصاد المصري وفتح المجال للقطاع الخاص    العربى للعدل والمساواة يقترح رفع القيمة الإيجارية فى قانون الإيجار القديم    الولايات المتحدة والصين تبدآن جولة مفاوضات في جنيف، فلماذا الآن؟    العراق يقرر إعادة 500 عسكري من باكستان    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    جيروساليم بوست: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    أبرز ما تناولته الصحف العالمية عن التصعيد الإسرائيلي في غزة    الحكومة المكسيكية تعلن أنها ستقاضي "جوجل" بسبب تغيير اسمها إلى خليج المكسيك    بعد أحداث مباراة سيراميكا.. الزمالك يحيل عواد للتحقيق ويلفت نظر محمد صبحي    أول تحرك من الداخلية على فيديو سحل وسرقة شاب ب"تروسيكل" في الدقهلية    رياح معتدلة ورطوبة مرتفعة.. ارتفاع درجات الحرارة في مطروح    24 يونيو.. الحكم على المتهمين بقضية "خلية المرج الثالثة"    إنجي علاء تروي موقفين عن بوسي شلبي بعد أزمتها مع ورثة محمود عبدالعزيز    عمرو الفقى ومحمد حبيب بجنازة زوجة الإعلامى محمد مصطفى شردى    فيلم سيكو سيكو يواصل تصدر الإيرادات    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    مستشار الرئيس: الدعم الرئاسي للطب ليس ماديا فقط.. والطبيب هو العمود الفقري للمنظومة    أثناء ارتفاع درجات الحرارة.. أفضل طريقة للحفاظ على الخبز لأطول فترة ممكنة    5 أطعمة تحصّن عينيك من مضاعفات السكري الخطيرة    مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما يعلن أسماء لجنة التحكيم    تنظيم ندوة «صورة الطفل في الدراما المصرية» بالمجلس الأعلى للثقافة    الدستورية تلزم الشركات السياحية بزيادة رؤوس أموالها خلال مدة محددة    هيئة التأمين الصحي الشامل توقع اتفاقًا مع جامعة قناة السويس    ثلاثية بصرية.. معرض يوثق الهوية البصرية للإسكندرية بأسبوع القاهرة للصورة    تحرير 16 محضرا لمخالفات تموينية في كفرالشيخ    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    أنشأ محطة بث تليفزيوني.. سقوط عصابة القنوات المشفرة في المنوفية    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    محافظ أسيوط يتفقد مشروع إنشاء مصنع متكامل لمنتجات الرمان فى البدارى    المتحف المصري الكبير يستقبل فخامة رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    استثمارات 159 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة دحرجة السيارات RORO    رئيس البنك الأهلي يكشف لمصراوي حقيقة عرض ال "152 مليون جنيه" لصاحب هدف الحسم في بيراميدز    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    حريق هائل في 5 منازل ببني سويف    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    وفاه زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي بعد صراع مع المرض    «رئيس الرعاية الصحية»: منصة وطنية للتشخيص عن بعد باستخدام الذكاء الاصطناعي قريبا    سعر اللحوم الحمراء اليوم السبت 10 مايو    «الصحة»: تدريب 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير خدمات التمريض    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    حبس لص المساكن بالخليفة    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    السيطرة على حريق داخل عصارة عسل أسود بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلي متي نسكت ؟

في يونيو 1995‏ كتبت مقالا بهذا العنوان‏:‏ إلي متي نسكت؟ لكن هذا المقال منع للأسف من النشر نظرا لأنه كان ضد التيار الغالب في الصحافة المصرية آنذاك‏.‏ وكنت قد كتبت هذا المقال وأنا في حالة من الانفعال النفسي بسبب الحكم الذي صدر قبلها بأيام بالتفريق بين المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد وزوجته, علي اعتبار أنه كافر وأن الشريعة تحرم زواج المؤمنة من الكافر. وكان هدفي من كتابة المقال أن أدق ناقوس الخطر وأنبه إلي استفحال تأثير التيارات المتطرفة وتفشي ظاهرة الاتجار بالدين ومناخ الدجل والشعوذة الدينية الذي ازداد مع مرور السنين, حتي صار مسيطرا علي المجتمع وصرنا نعاني منه الآن بعد الثورة في أحرج الأوقات, حيث أصبح الرأي العام له أولوية في تحديد مصير البلاد علي عكس ما عشناه تحت ظل الأنظمة الديكتاتورية السابقة التي كان فيه الحاكم والطبقة المحيطة به هي التي تحدد وحدها الصالح العام والمسار السياسي الذي تتخذه البلاد.
وكانت سياسة الدولة في تلك الحقبة وحتي تنحي مبارك عن الحكم في 11 فبراير 2011 تقوم علي ازدواجية شيطانية تحقق مصالحها الضيقة والمؤقتة علي حساب مصالح المجتمع علي المدي الطويل. فقد كان نظام الحكم يضرب بيد من حديد كل من يمارس نشاطا سياسيا إسلاميا, ودخل الآلاف السجون وتعرضوا للتعذيب ولمعاملة بعيدة كل البعد عن أبسط قواعد حقوق الإنسان, لكنه في ذات الوقت ترك المجال لهذا التيار أن يمارس تأثيره الكامل علي الشعب المصري من خلال الدعوة الدينية غير السياسية, بل كانت سياسة دولة مبارك هي المزايدة عليه في المجال الديني, مما جعل هناك تصاعدا مروعا للعزف علي وتر الدين وامتلأت قنوات التليفزيون بالدعاة والشيوخ ومنع كل من يحمل فكرا مغايرا من التعبير عن رأيه في القضايا الأساسية التي فرضها التيار الإسلامي علي الساحة, وأصبح الشغل الشاغل الذي يلهي الناس عن معاناتهم اليومية والظلم الواقع عليهم هو أمور مثل عذاب القبر وحديث الذبابة وإرضاع الكبير والحجاب والنقاب وغير ذلك.
وكان شعوري في ذلك الوقت أنه سيأتي اليوم الذي نندم فيه علي هذه السياسة المكيافيلية التي توظف الدين لهدف أساسي هو احتفاظ الحاكم بالحكم وتوريثه لابنه, حيث صارت المعادلة المطروحة في الداخل والتي اقتنع بها العالم أجمع هي: إما مبارك أو التيارات الدينية المتطرفة.
وسوف اقتطع من المقال الممنوع والذي وجدته بأحد أدراج مكتبي منذ أيام الجزء الأخير منه والذي حاولت أن استخلص فيه نتائج مقدمات المقال وأن أنبه إلي خطورة السياسة التي كان ينتهجها مبارك ومن حوله طوال فترة حكمهم. واسمحوا لي أن أنقل من المقال حرفيا:
وللأسف فإن الكثيرين في مصر ينظرون إلي هذه التطورات باستخفاف واستهتار ولا يكفون من سنوات عن التهوين من الأمر, متصورين أنهم بعيدون كل البعد عن خطر سيطرة هذا الفكر المتعصب. لكن هذه النظرة تدل علي قصر نظر وعدم إدراك للواقع لأن العاصفة سوف تعصف بالجميع إن عصفت لا قدر الله علي مصرنا الغالية حماها الله عز وجل من كل سوء. ولعل من أهم أسباب ما وصلنا إليه اليوم هو السكوت عن الباطل والقبول بالتنازلات المتوالية للتطرف الديني بدعوي احتوائه عن هذا الطريق.
وأتوجه بسؤال إلي كل المثقفين في مصر وإلي صاحب كل رأي حر وفكر مستنير وإلي كل مؤمن بأن الدين الإسلامي هو دين السماحة وإعمال العقل والإقبال علي الحياة: إلي متي نسكت؟ أنسكت حتي نرتدي الطرح ونبكي ساعتها علي كل الفرص التي فاتتنا للتصدي لهذا الفكر الوافد علينا من الخارج بقوة أموال النفط؟
وكانت خاتمة المقال تلخص الرسالة التي أحببت أن أوجهها منذ 17 عاما حيث كتبت: فلنقل رأينا بشجاعة الآن قبل فوات الأوان ومصيرنا في النهاية بين يدي الله تعالي.
وكان منع هذا المقال من النشر بالنسبة لي مؤشرا واضحا علي أن سياسة دولة مبارك هي السير في اتجاه تفريغ الساحة من أي فكر يتصدي للغيبيات والدروشة وتشجيع التيارات الإسلامية المتطرفة وبائعي الأحلام طالما أنها لا تشكل خطرا مباشرا علي السلطة حتي تصبح المعادلة: مبارك أو الفوضي, عملا بمقولة ملك فرنسا لويس الخامس عشر: أنا ومن بعدي الطوفان.
وليس هدفي من نشر جزء من المقال الممنوع البكاء علي اللبن المسكوب والندم علي الماضي وإنما ما أستهدفه هو إلقاء الضوء علي الحاضر والخروج من النفق المظلم الذي وضعنا فيه حكم مبارك ووقف تنفيذ السيناريو الذي وضعوه لنا وهو أن تدخل مصر في حالة من الصراعات والفتن واستشراء التطرف والتفرقة بين أبناء الشعب علي أساس الدين والجنس والعرق.
لنفتح أبوب الثقافة والمعرفة والفن الرفيع ونسعي لإعادة ما نسميه الزمن الجميل ولا نستمع إلي الذين يريدون تكفير وتحريم كل شيء جميل ويريدون لمصر أن تنغلق ولا تسير في ركب التقدم والرقي الذي تقدمت فيه دول كانت مصر تسبقها كثيرا منذ عقود قليلة. فمصر كانت دائما دولة وسطية وديننا دين الوسطية والاعتدال. أما أفكار التطرف والغلو التي تتعالي نبرتها في هذه الأيام فهي تدبير شيطاني قام به النظام السابق لإلهاء الناس بالخرافات والخزعبلات عن المظالم الواقعة عليهم. والثورة الحقيقية الآن بعد خلع مبارك هي الثورة علي تلك الأفكار التي تريد لمصر أن تتقهقر بدلا من أن تكون في طليعة التقدم كما كانت دائما في تاريخها الحديث.
المزيد من مقالات شريف الشوباشي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.