فجأة انطلقت رصاصات الغدر نحو صدر د. فرج فودة في العام1992 لتكتب نهاية حياة سياسي ومفكر وقف بكل ما يملك من أدوات كتابية وخطابية في مواجهة الأفكار المتطرفة والتصدي لأصحاب الشعارات الدينية البراقة.. وتدريجيا خفت صوت المنادين بالدولة العلمانية أمام موجات التعصب والتطرف الديني التي خرجت من المساجد والزوايا لتجتاح الشارع حتي حاصرت رموز النخبة السياسية والفكرية في مكاتبهم وربما منازلهم، حتي أن احدهم بات لا يجرؤ علي ذكر المصطلح علمانية سوي بين من يثق فيهم من أصدقائه. وصلت مسيرة انحسار الفكرة العلمانية منعطفا خطرا وبعد ان كان فرج فودة يدخل في مناظرات علنية مع دعاة الدولة الدينية وفي مقدمتهم القيادي والمفكر الإخواني محمد الغزالي، بات اجتماع بقايا المؤمنين بالفكرة لا يزيد عدد المشاركين فيه علي أصابع اليد الواحدة، واقتصرت مناقشات مستقبل الفكرة علي مجموعات بعينها مثل الجمعية المصرية للتنوير التي اسسها فرج فودة ورواق ابن خلدون ومنتدي الشرق الاوسط للحريات، بعدما نجحت التيارات الدينية في تشويه الفكرة ليصبح مصطلح العلمانية مصطلحا سيء السمعة. لم يجد الشباب المؤمن بالفكرة غير إنشاء عدد من المجموعات النقاشية علي موقع الفيس بوك الاجتماعي الشهير اشهرها العلمانية هي الحل، شعب عربي علماني، أصول العلمانية، وأحدثها أنا علماني مش كافر، وكما هو واضح من الاسم يقوم الحوار في اغلب هذه المجموعات التي لا يزيد عدد أعضاء الواحدة منها علي ألف مشترك، علي فض الاشتباك بين العلمانية والكفر او الإلحاد وهو الاقتران الذي نجحت التيارات الأصولية في حياكته ببراعة متناهية. فض الاشتباك دفع المشاركين في مجموعة علماني مش كافر إلي البداية من المربع رقم صفر وتوضيح المعني اللغوي للمصطلح ثم إعطاء خلفية تاريخية حول الفكر العلماني وكيفية نشوء الدولة المدنية الحديثة لان عدم معرفة معني الألفاظ والمصطلحات قد يكون،وقف المناقشات، عائقا أمام إقامة الحوار فيتحول إلي سجال عقيم لا يقرب بين المتحاورين بل يرسخ الفرقة فيما بينهم. عدد من الشباب استشهد في مناقشاته الالكترونية تلك بأقوال د.مراد وهبة أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس وعدد آخر استند إلي كتب فرج فودة وراح آخرون يستشهدون بكتاب د. عبد الوهاب المسيري منسق عام حركة كفاية الأسبق حول العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، فيما مضي فريق آخر يسترشد بكتابات الشيخ علي عبد الرازق التي تدحض فكرة الخلافة الإسلامية والحكم الديني.