لأن مصر تقع «جغرافيا» بين خطى عرض 22 و 31٫5 شمال خط الاستواء فإنها تعتبر فى قلب الحزام الشمسى العالمى وتعد من أغنى دول العالم بالطاقة الشمسية، لذا يعد استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية المتجددة من أهم الطرق لتوليد الطاقة الطبيعية كما أنها تخفف الأحمال عن الشبكة الرئيسية للكهرباء. ومن هنا جاءت مبادرة «شمسك يا مصر» التى تهدف لترشيد الطاقة والتوسع فى استخدام مصادرها المتجددة، وبعد مرور عام من تنفيذ المبادرة كان لابد أن نقف على هذه التجربة وكيفية الاستفادة منها . فى البداية تقول الدكتورة أنهار حجازى رئيسة الوحدة المركزية لترشيد الطاقة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء : برزت منذ عام 2007 فجوة متزايدة بين موارد الطاقة المتاحة وحجم الطلب عليها تقدر حتى عام 2022 بحوالى 32 مليون م . ط . ب (معادل طن بترولى)، وكان المتوقع أن ترتفع لتصل إلى 50 م . ط . ب عام 2030 وبما يتراوح بين 24% و 35% من حجم الطلب، إلا أنها وصلت فعلا الى نحو 32 مليون م . ط . ب فى العام 2011 / 2012، وفى ضوء التحديات التى يواجهها القطاع فإن تأكيد دوره فى تحقيق البرامج الطموحة للتنمية المستدامة يتطلب تكثيف أنشطة التنقيب والاستكشاف ومراجعة اتفاقياتها مع زيادة الاعتماد على الموارد المحلية المتاحة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وترشيد استهلاكها وتنويع مصادر الطاقة والتوسع فى استخدام مصادرها المتجددة وتطوير البناء المؤسسى والتشريعى للقطاع وبناء القدرات الوطنية فى المجال والأهم هو اعتماد استراتجيات وبرامج وطنية وقطاعية فى المجالات ذات الصلة. هدف استراتيجى ولقد وصلت القدرات المركبة عالميا من نظم الخلايا الشمسية لإنتاج الكهرباء فى عام 2012 إلى 100 ألف ميجا وات انخفضت أسعارها دون تخزين إلى ما بين 1000 و 1400 دولار لكل كيلو وات مركب ترتفع بنحو 60 -70 % عند استخدام نظم التخزين الكهربي، لذا أطلقت وحدة ترشيد الطاقة مبادرة «شمسك يا مصر» وكان الهدف الاستراتيجى من هذه المبادرة نشر استخدام النظم المزدوجة للإضاءة الموفرة والكهرباء الشمسية فى قطاع الأبنية والمرافق، وذلك فى إطار تفعيل قرارات مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للطاقة بالعمل على ترشيد الطاقة والتوسع فى استخدام مصادرها المتجددة وتوفير البيئة الموائمة لتحقيق التوسع التطبيقى لاستخدام نظم الإضاءة الموفرة والكهرباء وتوفير الآلاف من فرص العمل نتيجة إنشاء صناعات محلية للمعدات وإنشاء شركات لخدمات الطاقة ذات الصلة بالإضافة إلى رفع الوعى العام فى هذا المجال. وعلى المستوى التطبيقى تهدف المبادرة إلى تنفيذ 100 150 مشروعا من استخدام النظم المزدوجة للإضاءة الموفرة والكهرباء الشمسية فى المبانى الحكومية وربطها بالشبكات الكهربائية خلال الفترة من 2014 2015 بقدرات إجمالية تصل إلى 8000 كيلو وات وبما يحقق وفرا فى استهلاك الوقود يمكن أن يصل فى نهاية عام 2015 إلى حوالى 8680 طن بترول معادل سنويا، كما تستهدف المبادرة توفير الكوادر المدربة فى مجالات تصميم وتركيب وتشغيل نظم الإضاءة الموفرة. وتم تنفيذ مبادرة «شمسك يا مصر» فى إطار أنشطة وحدة ترشيد الطاقة بالمركز والمدرجة ضمن برنامج دعم إصلاح سياسات الطاقة وذلك من خلال إبرام اتفاق للتعاون بين المركز والجهات المستفيدة. وقد التزمت وحدة ترشيد الطاقة بتوفير كل الخدمات الفنية اللازمة لتنفيذ المرحلة الأولى للمبادرة من خلال تقديم الدعم الفنى ومعاينة المواقع وتحديد مدى صلاحيتها وتدريب الكوادر فى المجالات ذات الصلة وتحمل تكاليف قيمة الخدمات الفنية واللوجستية المرتبطة بعناصر الدعم الفنى وتحمل 50% من قيمة المعدات التى يتم توريدها لأى من المشروعات الاستهلاكات المرشدة وتضيف الدكتورة أنهار حجازى أن الحكومة تتجه نحو سياسة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة أهمها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الكتلة الحية (المخلفات) إلا أن ذلك كله يجب أن يبنى على وجود تطبيق موسع لآليات ونظم ترشيد الطاقة حتى إن التطبيق يكون على الاستهلاكات المرشدة وهذا أحد أهداف مبادرة «شمسك يا مصر» حيث الربط بين كفاءة الطاقة ونظم الطاقة المتجددة ، وبالتالى فإن استراتيجيات الطاقة فى مصر الآن ترتبط بتحقيق أقصى كفاءة فى استخدامات الطاقة فى القطاعات المختلفة مع زيادة الاعتماد على خليط من الطاقة ومكون الأساس من مصادر الطاقة المتجددة وتتميز تقنيات الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة بأنها تعتمد على مصادر محلية وتنفيذ مشروعات كثيفة العمالة. ونظم الطاقة المتجددة تتوقف على الجدوى الاقتصادية طبقا لعدة عناصر منها المصدر المستخدم والتقنية المحددة (سخانات شمسية) إنتاج كهرباء بالخلايا الشمسية وعلى موقع الاستخدام وعلى حجم الاستخدام ، ونظرا لحاجة مصر للتوسع فى كيانات الأعمال الصغيرة والمتوسطة وحيث أن الفترة من 2010 حتى 2015 شهدت انخفاضا كبيرا فى تكاليف وأسعار الخلايا الشمسية لإنتاج الكهرباء لذا فقد جاءت فكرة مبادرة «شمسك يا مصر» لتستهدف خلق البيئة الملائمة للتوسع فى تطبيق استخدام النظم المزدوجة للإضاءة الموفرة والخلايا الشمسية لإنتاج الكهرباء. وقد بلغت المشاركة الإجمالية لنظم الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة العالمى عام 2012 حوالى 19% منها 38% للطاقة المائية بينما انفردت الاستخدامات التقليدية للكتلة الحية ب 9% وبلغت مشاركة المصادر التقليدية 78٫4% والطاقة النووية 26%، كما تصاعدت الاستثمارات العالمية الموجهة إلى نظم الطاقة المتجددة خلال الفترة 2004 2013 حيث تزايدت من 40 مليار دولار أمريكى فى عام 2004 إلى أن بلغت 279 مليار دولار أمريكى فى عام 2011، ثم شهدت انخفاضا خلال عامى 2012 و2013 حيث بلغت نحو 214 مليار دولار فى عام 2013. أول تطبيق حكومى ويقول الدكتور حافظ السلماوى رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك : قمنا بتركيب محطة خلايا شمسية نحو 14 كيلو وات منذ حوالى عامين بتكلفة 131 ألف جنيه وكنا أول مبنى حكومى يركب نظام الخلايا بتمويل من ميزانية الجهاز، وبالتعاون مع د.أنهار حجازى رئيس الوحدة المركزية لترشيد الطاقة قمنا بتطوير نظام الإضاءة بالكامل فى المبنى حيث استبدلنا جميع اللمبات الفلورسنت الطولية بلمبات من نوع الليد مع تخفيض عدد اللمبات بحيث نحقق مستويات الإضاءة طبقا للمعايير الدولية، أيضا جهزنا المبنى بحساسات للحركة ومؤقت بساعة بحيث يتم فصل الإضاءة عن طرقات المبنى خارج أوقات العمل الرسمية كما جهزنا جميع دورات المياه بحساس للحركة بحيث يتم الإضاءة عند دخول شخص ويتم غلق الإضاءة أوتوماتك بمجرد خروج الشخص وبالتالى لا تترك الإضاءة بدون استخدام. ويؤكد أنه بحساب معدلات التوفير الناتج عن استخدام الخلايا الشمسية ونظام الإضاءة بلغ 35% من استهلاك الكهرباء بالمقارنة بالأعوام السابقة، ويتميز نظام الخلايا الشمسية على المبانى الإدارية بأن المبانى تستخدم الكهرباء فى نفس وقت إنتاجها من الخلايا الشمسية كما أثبتت الخلايا أنها لا تحتاج لصيانة كبيرة بحيث يتم تنظيفها تنظيفا جافا بواسطة الشركة المتعاقد معها لنظافة المبنى فعلى مدى العامين لم يكن لدينا أى مشكلة خاصة بالخلايا الشمسية. ولنجاح التجربة 100% فقد قامت وزارة الكهرباء بتركيب محطة خلايا شمسية أعلى مبنى الوزارة بالعباسية والمبنى المجاور له بسعة 80 كيلو وات، وتلا ذلك عدد كبير من شركات الكهرباء التى قامت بتركيب الخلايا الشمسية أعلى المبانى الخاصة بها بخلاف 65 مبنى تم التعاقد عليها من خلال مبادرة «شمسك يا مصر» وهناك «برنامج تعريفة التغذية» الذى أطلقته الدولة منذ سبتمبر العام الماضى ويهدف إلى تركيب 2000 ميجاوات من محطات الخلايا الشمسية خلال عامين بالإضافة إلى 300 ميجاوات من الخلايا الشمسية الصغيرة أعلى المبانى بالإضافة إلى 2000 ميجاوات أخرى من طاقة الرياح، ومطلوب الانتهاء من هذا كله خلال عامين، وحاليا تقدمت 10 شركات للحصول على ترخيص من الجهاز بإجمالى قدرات 500 ميجاوات حتى الآن بالإضافة إلى شركة أخرى بقدرة 50 ميجاوات لطاقة الرياح. ويؤكد أن البرنامج المصرى للطاقة المتجددة يعتبر أحد أكبر البرامج العالمية مع المملكة المغربية فى الوقت الحالي، كما تعتبر مصر من أكثر الدول طموحا فى مجال الطاقة المتجددة على المستوى الدولى لذلك اختار «الاتحاد من أجل المتوسط» مصر لتكون نقطة انطلاق لمنبر الطاقة المتجددة والمزمع عقده خلال شهر سبتمبر المقبل ، ويهدف هذا المنبر الى التعاون الأورومتوسطى فى مجال الطاقة المتجددة واختيار مصر جاء لتميز الدور المصرى فى هذا الاتجاه . القليوبيةوالغربية ومن جهته يقول المهندس جمال الدين زكى مدير إدارة كهرباء بمحافظة القليوبية: أنشأنا محطة 30 كيلو وات بتكلفة 400 ألف جنيه تعمل بالخلايا «الفوتوفولطية» التى تعمل بالطاقة الشمسية تم توصيلها على الديوان العام بالمحافظة وتم تغيير اللمبات الفيروسنت إلى لمبات تعمل بتكنولوجيا الليد وكذلك تغيير الأسبوتات ذات القدرات العالية بقدرات 5 وات وتعطى نفس كمية وكفاءة الإضاءة وبالتالى تم توفير استهلاك الكهرباء العامة إلى 75%. كما أنشأنا محطتين للطاقة الشمسية إحداهما أعلى مبنى الوحدة المحلية بقليوب بسعة 10 كيلو وات والأخرى بمبنى الوحدة المحلية بقها بسعة 5 كيلو وات، حيث نسهم بذلك فى تخفيف الأحمال عن شبكة الكهرباء وبدلا من الحصول على الطاقة من الشبكة، نحصل عليها من الطاقة الشمسية ( الخلايا الشمسية ) وعلى ذلك نقوم من الساعة 3 حتى 5 عصرا بتصدير كهرباء فائضة للشبكة الرئيسية. وخصصنا مليون جنيه فى خطة العام المالى 2015 2016 لتعميم النظام فى باقى الوحدات المحلية على مستوى المحافظة. وشدد على قيام الأبراج السكنية بإقامة محطات كهرباء تعمل بالطاقة الشمسية حيث تتكلف 10 آلاف جنيه للكيلو وات فى الساعة فهى تخفف الأحمال عن الشبكة الرئيسية، كما يمكن إنشاء محطة بالطاقة الشمسية تعمل بنظام البطاريات لتشغيل الأسانسيرات فقط، حيث لا تعتمد على الشبكة لأن لديها محطة خاصة بها وذلك لشحن البطاريات ويمكن تطبيق وتعميم تلك الفكرة فى أماكن كثيرة ليستفيد منها الشعب المصرى كله ومع مرور الوقت ومع بدء المصانع فى إنتاج الخلايا الشمسية ستقل تكلفة سعر الكيلو وات. تخفيف الضغط ويؤكد المهندس أحمد ندا رئيس قسم الكهرباء بمحافظة الغربية ومسئول الطاقة المتجددة والترشيد أن محافظة الغربية هى باكورة إنشاء وتركيب محطات الطاقة الشمسية، كما كانت المحافظة سباقة دائما فى ترشيد الاستهلاك للطاقة الكهربائية وذلك للضرورة الملحة نظرا للظروف الطارئة التى تمر بها البلاد وأيضا لتخفيف الضغط الشديد على استهلاك الطاقة فى مصر بصفة عامة ومحافظة الغربية بصفة خاصة لذلك قمنا بتركيب وتشغيل ثلاث محطات طاقة شمسية بتكلفة إجمالية نحو مليون ونصف المليون جنيه فوق أسطح مبانى ديوان عام محافظة الغربية بقدرة كهربائية إجمالية 35 كيلو وات وديوان مركز ومدينة طنطا بقدرة كهربائية 55 كيلو وات ورئاسة حى ثان طنطا بقدرة 10 كيلو وات و10 أعمدة إنارة عامة قدرة العمود الواحد 100 وات وقد تم ضخ إنتاج جميع المحطات فى الشبكة القومية لكهرباء مصر، كما تم عمل بروتوكول تعاون بين ديوان عام المحافظة ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة ذلك فى ظل مشروعات مبادرة «شمسك يا مصر» التى تنفذها وحدة ترشيد الطاقة بالمركز فى إطار الأنشطة الممولة من برنامج دعم إصلاح سياسات الطاقة. وتم الاتفاق على تركيب ثلاث محطات طاقة شمسية فى مركز ومدينة المحلة الكبرى بقدرة 20 كيلو وات ومركز ومدينة كفر الزيات بقدرة 10 كيلو وات ومركز ومدينة زفتى بقدرة 10 كيلو وات، كما تم التنسيق بين ديوان عام المحافظة ووزارة التنمية المحلية لتغيير نحو 200 ألف كشاف صوديوم موفر للطاقة بدلا من الكشافات العالية القدرة وكذا تركيب نحو 6000 عداد ثلاثى بتايمر (وحدات تحكم بالفصل) مما قد يتسبب فى تخفيض كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية المستهلكة، وهذا تم بناء على عقد تركيب كشافات إنارة الشوارع الموفرة للطاقة على مستوى الجمهورية بين وزارة التنمية المحلية والهيئة العربية للتصنيع (مصنع الالكترونيات) ووزارة الكهرباء والطاقة المتجددة (الشركة القابضة لكهرباء مصر).