موعد إعلان نتيجة منحة الدكتور علي مصيلحي بالجامعات الأهلية    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    اللواء محمد رجائي: إعادة «الإجراءات الجنائية» للنواب يُؤكد حرص الرئيس على قانون يُحقق العدالة الناجزة    مختار نوح: حماس دربت القسام لتنفيذ مخطط اغتيال النائب هشام بركات    نقيب المحامين: اعتراض الرئيس على قانون الإجراءات الجنائية يجسد حرصه على صون الحقوق والحريات    بيان للجيش والخارجية الفنزويلية بعد تحليق مقاتلات أمريكية قرب سواحلها    أستاذ علوم سياسية: إعلان ترامب عن الموافقة العربية توريط لتمويل الخطة    انتصارات مثيرة و6 أندية تحقق العلامة الكاملة، نتائج الجولة الثانية من الدوري الأوروبي    «معروف» حكمًا لمباراة الزمالك والمحلة.. وأمين عمر للأهلي وكهرباء الاسماعيلية    ناقد رياضي يكشف كواليس خروج حسام غالي من قائمة محمود الخطيب    ناقد رياضي: هزيمة الزمالك من الأهلي أنقذت مجلس القلعة البيضاء    حبس «الجاحد» لإتجاره في المخدرات وحيازة سلاح ناري ببنها    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    مصرع فتاة وإنقاذ سيدتين من أسرة واحدة في انهيار سقف عقار بغيط العنب بالإسكندرية (صور)    القبض على إمام مسجد تحرش بابنة زوجته في عين شمس    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق مخزن وشقة سكنية بالخانكة    جالي في المنام، صبري عبد المنعم يكشف سر طلب محمود المليجي بعدم المشي في جنازته (فيديو)    انطلاقة قوية لمهرجان الإسكندرية الدولي بحضور نجوم وصناع السينما    يحيى الفخراني: سمير غانم كان إنسان نقي وخلى دلال تسيب مسرحيته عشاني    10 أصناف من الأطعمة تجدد طاقتك خلال الإجازة الأسبوعية    محافظ الإسكندرية يتفقد موقف محطة الرمل ويوجّه بسرعة إنهاء التكدسات المرورية    «وي» يلتقي بلدية المحلة في ختام مباريات الجولة السابعة بدوري المحترفين    مشهد مؤثر من زوجة علي زين بعد سقوطه في نهائي كأس العالم للأندية لليد (فيديو)    «ناس ليهم مصالح».. باسم مرسي يهاجم منتقدي فيريرا وجون إدوارد    الزمالك يعالج ناصر منسي والدباغ من آلام القمة 131    حزب الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    إنذار جوي يربك سوتشي.. وتعليق الرحلات في مطارين روسيين    أصله سوري.. كشف هوية منفذ الهجوم على كنيس يهودي في مانشستر    فلسطين.. غارات إسرائيلية على خان يونس وتفجير مدرعات مفخخة    رابط التقييمات الأسبوعية 2025/2026 على موقع وزارة التربية والتعليم (اعرف التفاصيل)    فنزويلا تندد باختراق مقاتلات أمريكية مجالها الجوي    هبوط كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم بالصاغة بعد قرار البنك المركزي    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض في الأسواق اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    5 أبراج على موعد مع الحظ في أكتوبر 2025.. هل برجك منها؟    سماح أنور عن عدم تعاونها مع كاملة أبو ذكري: «أنا بشتغل مع المهنيين فقط»    رسميا.. 4 شروط جديدة لحذف غير المستحقين من بطاقات التموين 2025 (تفاصيل)    ضيفي ملعقة «فلفل أسود» داخل الغسالة ولاحظي ماذا يحدث لملابسك    ركّز على اللون وتجنب «الملمس اللزج».. 6 علامات تنذر بفساد اللحوم قبل شرائها    هيقعد معاكي طول السنة.. طريقة تخزين الليمون في ظل انخفاض أسعاره    تعرف على موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    رقم سلبي يلاحق مدرب نوتنجهام فورست بعد الخسارة الأوروبية    موهبة مانشستر يونايتد تثير اهتمام ريال مدريد    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خسيت 60 كيلو.. أبرز تصريحات عبد الله نجل غادة عادل ومجدي الهوارى (إنفوجراف)    أسامة كمال: الإخوان "عايزينها تولع" ويرغبون فى رفض حماس لخطة ترامب لوقف حرب غزة    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد يفوز بلقب شخصية العالم القرآنية بجائزة ليبيا الدولية    عالم بالأوقاف: الوطنية الصادقة لا تنفصل عن الدين.. وعبارة الغزالي تصلح شعاراً لعصرنا    24 تريليون دولار قيمة اقتصاد المحيطات.. وارتفاع حموضة المحيط سابع اختراق في حدود الطبيعة وتهدد الأنواع البحرية    جرعة مخدرات وراء مصرع سيدة داخل مسكنها فى العمرانية    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الدولة تدعم المحروقات ب75 مليار جنيه رغم الزيادات المقررة    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    رئيس جامعة الإسكندرية يسلم 4 نواب وعمداء جدد القرارات الجمهورية بتعيينهم (صور)    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تفشل الأمم‏?‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 04 - 2012

لم يجد عالما الاقتصاد دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون مقدمة لكتابهما لماذا تفشل الأمم أصول القوة والرخاء والفقر أفضل لمقدمة الكتاب من تحليل للحالة المصرية لحديث ينطلق منها لتحليل التفاوت في تراكم الثروة بين شعوب تنعم بالرفاهية ومعدلات الدخل المرتفع وأخري أضاعت فرصا كثيرة للتقدم واللحاق بالعالم المتقدم وهي بمثابة جرس إنذار للمصريين أن الفرص قد حانت بعد الثورة للسير في طريق جديد بدلا من الدوائر المفرغة التي تزيد المواطن فقرا وتدفع الأمة إلي قاع جديد في ترتيب الأمم.
المقدمة أو تصدير الكتاب تحمل إشارات مهمة عن مصر بعد الثورة فيقول المؤلفان إن الكتاب عن التفاوت الضخم في الدخول ومستويات المعيشة ما بين الدول الغنية مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا وبين الدول الفقيرة مثل دول جنوب الصحراء وأمريكا الوسطي وجنوب أسيا, وفي توقيت الإنتهاء من الكتاب كانت ثورة تونس علي إمتيازات نخبة فاسدة قد أدت إلي الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي بعد شرارة بائع متجول فقير هو محمد بو عزيزي ثم توسعت الموجة إلي مصر لتطيح بحسني مبارك قبل أن تخرج الجماهير في اليمن وسوريا وليبيا. وفي تحليل لما حدث, يقول دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون من معهد ماسشوسيتس وجامعة هارفارد إن جذور الغضب في تلك المجتمعات تعود إلي الفقر حيث دخل المواطن العادي في مصر لا يتجاوز21% من دخل المواطن الأمريكي ومتوسط الأعمار في الحالة المصرية أقل01 سنوات عن مثيله الأمريكي و02% من السكان يحيون في حالة من الفقر المدقع. ورغم أن تلك الأرقام تجمل تفاوتا ضخما إلا أنها صغيرة بالمقارنة بالفارق بين الولايات المتحدة والدول الأكثر فقرا في العالم مثل كوريا الشمالية وسيراليون وزيمبابوي حيث يقع أكثر من نصف السكان في دوامة الفقر. ومن أجل تقديم إجابة عن الحالة المصرية يطرح الكتاب اسئلة عن طريقة تفكير وحديث المصريين عن المشكلات التي يواجهونها وأسباب خروجهم ضد حسني مبارك. وينقل دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون عن شابة مصرية من ميدات التحرير في الأيام الأولي للثورة قولهاس نظام فاسد يجب أن يتغير, ويقول شاب مصري أخر ز وحريات شاملة وأن نضع نهاية للفساد المسيطر علي البلاد. ويصف المؤلفان التعبير والصوت الواحد للمتظاهرين في التحرير بأنه صرخة ضد فساد الحكومة وعدم القدرة علي تلبية مطالب الجماهير وغياب المساواة في الفرص في ظل الشكوي من غياب الحقوق السياسية ومثلما قال السياسي المصري الكبير الدكتور محمد البرادعي علي موقع تويتر للرسائل القصيرة في31 يناير من العام الماضي تونس: قمع+ غياب عدالة إجتماعية+ إنسداد قنوات التغيير السلمي= قنبلة موقوتة.
وقد توصل المصريون والتونسيون إلي قناعة أن مشكلاتهم الاقتصادية هي نتيجة غياب الحقوق السياسية وعندما بدأ المتظاهرون في تحديد مطالبهم بشكل منظم في ميدان التحرير وضعوا علي رأسها21 مطلبا متصلة بالحقوق السياسية بينما جاءت قضايا رفع الحد الأدني للأجور ضمن المطالب الانتقالية التي يمكن تطبيقها في مرحلة تالية. وبالنسبة للمصريين, يقول دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون إن معوقات بناء مجتمع متطور تشمل وجود دولة فاسدة وغير فاعلة ومجتمع لا يمكنه أن يوظف قدراتهم وطموحاتهم ونبوغهم وما يمكن أن يتلقونه من تعليم جيد, ولكنهم يدركون ايضا أن جذور تلك المشكلات سياسية في المقام الأول وأن كل العوائق الاقتصادية التي يواجهونها تنبع من طريقة إدارة السلطة وسيطرة نخبة ضيقة علي مقاليد السلطة السياسية. ومن وجهة نظر المصريين أول ما يجب تغييره هو تلك السلطة السياسية الفاسدة ولكن أختلف المصريون في طريقة تحقيق المطلب السابق وهو ما ظهر جليا بين المتظاهرين في التحرير.
ما هي الإجابة علي سؤال: لماذا مصر بلد فقير؟
يتحدث المتخصصون عن عوامل مختلفة, فالبعض يري أن الفقر في مصر سببه جغرافيا من واقع أنها بلد معظمه تغطيه الصحاري الشاسعة وهطول الأمطار أمرا نادرا. وبالتالي فالمناخ والتربة لا يسهمان في الوصول إلي أنشطة زراعية منتجة. والبعض الآخر, يري أن السبب يعود إلي عوامل ثقافية تعوق المصريين عن تحقيق التقدم الاقتصادي والرفاهية ويقولون أن المصريين يفتقدون إلي الخصال الثقافية والقيمية الخاصة بالعمل التي سمحت لشعوب اخري أن تصل إلي الرفاهية الاقتصادية والتقدم وأنهم يتبنون معتقدات دينية إسلامية لا تتوافق مع تحقيق التقدم الاقتصادي حسب الفريق الثاني من الخبراء. والمنظور الثالث, وهو المسيطر علي الغالبية من الاقتصاديين ورجال السياسة العامة ويعتمد القول أن حكام مصر لا يعلمون ببساطة ما هو المطلوب لتحقيق الرفاهية الاقتصادية وقاموا بإتباع سياسات واستراتيجيات خاطئة في الماضي. ولو إعتمد الحكام حسب دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون علي نصائح سديدة من مستشارين جيدين فيمكن أن يمضي التفكير في إتجاه صحيح وبالتالي سوف تتحقق الرفاهية الاقتصادية ومن وجهة نظر الفريق السابق تحكم النخب الضيقة ومكاسبهم علي حساب سائر طبقات المجتمع علي مدار التاريخ المصري المعاصر ليس هو السبب في عملية التأخر الاقتصادي للبلاد والعجز عن تحقيق الرفاهية.
ويقول دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون أنه علي خلاف رأي الفريق الأخير فإن ميدان التحرير قدم الإجابة الصحيحة للحالة المصرية. فقد قال ميدان التحرير بوضوح أن الفقر في مصر يرجع إلي أنها قد حكمت من جانب نخب ضيقة قامت بتنظيم المجتمع المصري وفقا لمصالحها علي حساب الغالبية الساحقة من السكان. فقد تم تركيز السلطة السياسية علي نحو كبير من اجل تحقيق ثروات طائلة للمسيطرين علي تلك السلطة مثلما هو الحال من الثروة الضخمة التي حققتها أسرة الرئيس المخلوع حسني مبارك. ويطبق دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون تجليات الحالة المصرية من حكم النخبة الضيقة إلي الثورة علي السلطة السياسية في صورة منهج يمتد عبر صفحات الكتاب لتفسير أسباب استمرار بعض الدول والمجتمعات تحت طائلة الفقر سواء كانت من الدول الاكثر فقرا او الدول الافضل حالا, فيما يقولا إن بريطانيا والولايات المتحدة يتمتعان برفاهية اقتصادية وصارتا أكثر ثراء نتيجة قيام الجماهير بالتخلص من النخب الضيقة المسيطرة وإقامة مجتمعات تقوم علي توزيع أوسع للحقوق السياسية وحيث الحكومة مسئولة ويمكن محاسبتها وتستجيب لمطالب واحتياجات المواطنين وحيث الغالبية العظمي من المواطنين يمكنهم الاستفادة بشكل إيجابي من الفرص الاقتصادية المتاحة.
ويتبع دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون منهجا واضحا بالعودة إلي السياق التاريخي للنجاح الاقتصادي من بلد إلي آخر في مؤلفهما من خلال دراسة الديناميكيات التاريخية للمجتمعات من أجل أجابة علي سؤال بسيط مثل لماذا بريطانيا أكثر ثراء من مصر؟ ويقول الكتاب أن في تلك الحالة اصبحت إنجلترا أكثر ثراء بسبب ثورة عام8861 التي ساهمت في تحول السياسة وبالتالي الإقتصاد في البلاد فقد حارب الناس العاديون وانتصروا للحصول علي حقوق سياسية أكبر واستغلوها في توسيع الفرص الاقتصادية وكانت النتيجة هي ظهور مسار اقتصادي وسياسي محتلف تم تتويجه بالثورة الصناعية. ولم تمتد الثورة الصناعية وما ظهر عنها من تكنولوجيا إلي المجتمع المصري حيث كانت مصر تحت حكم الإمبراطورية العثمانية والتي يقول دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون إنها عاملت المصريين بالطريقة التي عاملت بها عائلة مبارك الشعب فيما بعد.
وقد قام نابليون بونابرت بالإطاحة بالحكم العثماني في عام8971 ولكن وقعت مصر تحت الاستعمار البريطاني وكان لديه رغبة محدودة في تحقيق الرفاهية للمصريين. ورغم قيام المصريين بالخلاص من الاتراك ثم الاستعمار البريطاني في عام2591 إلا أن حركة الجيش لم تحدث نقلة نوعية كبيرة للسياسة المصرية حيث صعد إلي السلطة نخبة جديدة لم تكن راغبة بدورها في تغيير البنية الأساسية للمجتمع وبقيت مصر في حالة الفقر كما هي.
والأهم في حالة مصر اليوم بعد الثورة علي حكم حسني مبارك في يناير1102 هو معرفة مسار تطور المجتمع ومدي قدرته علي الاستفادة من ثورته وعدم تكرار إخفاقات الماضي فيقول دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون إن الثورة الجديدة حتي تحقق أهدافها عليها أن تتجنب ما حدث في الثورات السابقة علي الحكام الطغاة في مصر وهو استبدال النخبة القديمة بنخبة جديدة تسير علي نفس النهج في السيطرة علي المجتمع وتقيم نظاما شبيها للسابق.
والأصعب في إنجاح الثورة المصرية أن يتمكن المواطنون العاديون من فرض إرادتهم والحصول علي حقوق سياسية أوسع مثلما حدث في دول متقدمة علي مستويات عدة اليوم وبالتالي ينجحون في تغيير المجتمع بأسره. ومن أجل الإجابة علي سؤال مدي إمكانية نجاح الثورة المصرية في إحداث نقلة كبري في الحقوق السياسية والتحول من الفقر إلي الثراء يتعمق دارون اسيموجليو وجيمس روبينسون في دراسة حالات ناجحة مثل بريطانيا وأمريكا والبرازيل وفرنسا واليابان وحتي دولة بوتسوانا الإفريقية وهي الدول التي تمكنت من تحقيق التحول السياسي ويشيرا إلي أن الحالة المصرية يمكن أن تحقق نجاحا لو تم إستثمار حركة الجماهير والتلاحم بين الطبقات المختلفة من أجل مزيد من الحقوق السياسية وتجنب سيناريو سيطرة نخبة جديدة تحل محل النخبة السابقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.