عرضنا في مقالنا الماضي أهمية تدريس حقوق الإنسان, كمادة مستقلة في المدارس بمراحلها الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية, وطالبنا وزير التربية والتعليم د. أحمد زكي بدر من واقع اهتمامه بعملية التطوير الشاملة للتعليم في المرحلة المقبلة. أن يشكل لجنة من خبراء التعليم وأساتذة علم الاجتماع والتاريخ والآثار, وبعض الشخصيات المهتمة بهذه القضية لوضع منهج تدريس هذه المادة, بحيث يتناسب مع كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث, علي أن تنتهي هذه اللجنة من عملها في أقرب فرصة حتي يتسني للوزير إصدار تعليماته لمدريات التعليم بتنفيذ تدريس حقوق الإنسان في هذه المدارس إبتداء من العام الدراسي المقبل. ونتعرض اليوم لأهمية تدريس هذه المادة في كلياتنا الجامعية انطلاقا من المبادرة التي اطلقها مفيد شهاب عندما كان وزيرا للتعليم العالي بضرورة تدريس هذه المادة في البداية في ثلاث كليات هي الحقوق والإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية كخطوة أولي علي ان يتم تعميم تدريسها في الكليات الأخري وفقا لاهتمام كل جامعة من جامعاتنا المصرية, وكان د. شهاب قد وافق علي اقتراحنا في هذا الشأن وعقد اجتماعا للمجلس الأعلي للجامعات تم فيه مناقشة هذا الموضوع, وكان د. محمد عبد اللاه رئيس جامعة الإسكندرية في ذلك الوقت أول رؤساء الجامعات المتحمسين لهذا الموضوع, واتخذ الخطوات اللازمة لتنفيذ توجيهات د. شهاب رئيس المجلس الأعلي للجامعات في بعض كليات الجامعة, وكان من المتوقع تنفيذ هده التوجيهات في الجامعات الأخري, ولكن كما يقول الشاعر تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن, فقد تغير الوضع وأصبح د. شهاب وزيرا للشئون القانونية والمجالس النيابية ود. هاني هلال وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي, وأصبح لكل جامعة الحق في أن تتخذ قراراتها المناسبة لتدرس من مادة حقوق الإنسان في الكليات التي يراها مجلس الجامعة, وقبل أن نعرض بعض مقترحاتنا علي المجلس الأعلي للجامعات مرة أخري برئاسة د. هاني هلال أود الاشارة إلي بعض الملاحظات التي أبداها د. مفيد شهاب في اتصال هاتفي معه منذ أيام حول هذا الموضوع, وأنه موضع أهتمام الحكومة بشكل عام, كما كان موضع اهتمامه منذ أن كان أستاذا بالجامعة, وحتي الآن, ويسعي لتحقيقه بصفة دائمة مع الجهات المعنية بحقوق الإنسان في مصر. أن حقوق الإنسان أصبحت ظاهرة تهتم بها معظم دول العالم المتقدم في الخارج, كما أنها موضع اهتمام المجتمعات المحلية أيضا, وأن حقوق الإنسان لم تعد قضية ترفيه أو تهم النخبة فقط, كما يري البعض, ولكنها قضية كل المجتمعات بلا استثناء. أن مصر تقضع حقوق الإنسان علي رأس قائمة اهتماماتها, وأن قرار رئيس الجمهورية رقم14 لسنة2003 بإنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان وتشكيله برئاسة د. بطرس غالي أكبر دليل علي ذلك. أن قيام الدولة بتدريب16 الفا من الضباط ووكلاء النيابة والقضاة علي حقوق الإنسان في العام الماضي يؤكد حرصها علي الاهتمام بهذه الحقوق ودعمها, وأنها مستمرة في تدريب القائمين علي هذه الحقوق كل عام لتحقيق الهدف نفسه بشكل أكبر اتساعا. أن مؤسسات المجتمع المدني كما يقول د. مفيد شهاب أيضا يجب أن يتخطي دورها الاعمال الخيرية إلي الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان, وأن تكون لها دور مهم, وفعال في هذا الشأن, بل أن هذا الدور سيكون من أهم أدوارها إذا ارادت, وهي قادرة علي ذلك, ولا أبالغ إذا قلت أنه من صميم اختصاصاتها في الوقت الحاضر. أن مجلس الوزراء برئاسة د. أحمد نظيف يتابع في اجتماعاته وبصفة دائمة كل التقارير الدولية الصادرة عن حقوق الإنسان, وأن المجلس ناقش منذ أيام التقرير الصادر عن المجلس القومي لحقوق الإنسان برئاسة د. بطرس غالي, وأبدي تقديره لكثير من الأمور التي جاءت فيه, وكان له بعض الملاحظات علي بعضها ورأيه بشأنها. أن ثقافة حقوق الإنسان أصبحت مطلبا مهما يجب أن نعمل علي نشرها بين أفراد المجتمع, وفي كل مكان علي مستوي الجمهورية, وأن الاجهزة الإعلامية والثقافية يجب أن تتحمل الجانب الأكبر في نشر هذه الثقافة علي المستوي الجماهيري, ولنا بعض الملاحظات والمقترحات الآتية. أن القرار الذي اصدره المجلس الأعلي للجامعات في16 مارس2004 برئاسة د. مفيد شهاب يتم تنفيذه منذ ذلك الوقت في الكليات الثلاث المقترحة كبداية, وهي كليات الحقوق والإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية, وبذلك أصبحت حقوق الإنسان مادة مستقلة تدرسها طلاب هذه الكليات بانتظام. أن يبحث المجلس الأعلي للجامعات برئاسة د. هاني هلال وزير التعليم العالي والبحث العلمي في اجتماع مقبل كيفية استكمال تدريس هذه المادة في الكليات الأخري, فقد كان د. شهاب يسعي لتعميم تدريس هذه المادة في بقية الكليات الأخري. إذا كان طلاب الكليات النظرية يدرسون الآن مادة حقوق الإنسان لاهميتها فإن طلاب بعض الكليات العملية مثل الطب والصيدلة والهندسة مثلا يحتاجون إلي دراسة هذه الحقوق أيضا ليكونوا علي علم تام بها بعد تخرجهم, وأثناء حياتهم العملية.وبذلك وحده تضمن نشر ثقافة حقوق الإنسان بين خريجي كلياتنا بشكل أوسع كل عام.