ورشة حكي عن الفنان محمد الكحلاوي بمناسبة ذكرى وفاته    الشيوخ: الأمانه انتهت من اللمسات النهائية استعدادًا لاستقبال الأعضاء المعينين    النائب أيمن الصفتي: ثقة الرئيس السيسي وسام على صدري ومسؤولية وطنية أتشرف بها    محافظ المنوفية يناقش موقف مشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة    أسعار الخضراوات والفاكهة في سوق العبور اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025    السوداني وماكرون يؤكدان أهمية اتفاق وقف الحرب في غزة    من مستشفى الشفاء إلى ميدان الشهداء.. صور جنازة صالح الجعفراوي تهز القلوب    حسام زكي: هناك حاجة لحشد الدعم الأمريكي والإسلامي والعربي لضمان الالتزام بخطة السلام    وزير الرياضة يلتقي إنفانتينو على هامش حضوره مؤتمر السلام بشرم الشيخ    المصري يدعو أعضاء جمعيته العمومية لاجتماع خاص لاعتماد تعديلات لائحة النظام الأساسي    التفاصيل الكاملة لوفاة شخص بطلق ناري أثناء مشاجرة بين عائلتين بالأقصر    تموين الفيوم تضبط 92 مخالفة تموينية متنوعة في حملات مكثفة على الأسواق    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    الداخلية تضبط عاملًا تحرش بموظفة داخل صيدلية بسوهاج    "آداب القاهرة" تحتفل بمرور 100 عام على تأسيس قسم الدراسات اليونانية واللاتينية    الخارجية تهنئ السفراء المعينين في مجلس الشيوخ بقرار من رئيس الجمهورية    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق    فحص 1256 مواطنًا خلال قافلة طبية مجانية بكفر الشيخ    مدير شبكة المنظمات الأهلية: جهود مصر والمساعدات الإنسانية أحدثت زخما للقضية الفلسطينية    نتنياهو يستقبل ترامب لدى وصوله تل أبيب    ستارمر: المملكة المتحدة مستعدة لدعم إعمار غزة    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    تحركات جديدة في سعر الدولار اليوم 13 أكتوبر    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    الدرندلي بعد فوز المنتخب: "أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي"    بتواجد أبو جريشة.. الكشف عن الجهاز الفني المساعد ل عماد النحاس في الزوراء العراقي    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر والقنوات الناقلة    تباين أداء مؤشرات البورصة في بداية تداولات اليوم وسط مشتريات محلية وعربية    اليوم.. بدء استيفاء نموذج الطلب الإلكتروني للمواطنين المخاطبين بقانون «الإيجار القديم» (تفاصيل)    «المالية»: فرص اقتصادية متميزة للاستثمار السياحي بأسيوط    نائب محافظ الأقصر يشهد تدريبًا لتأهيل الشباب للعمل بقطاع السياحة والفندقة    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    مازال البحث جاري.. مصرع تلميذة في حادث مصرف أسيوط و الحماية المدنية تكثف البحث عن المفقودين    لحضور أولى جلسات الاستئناف.. وصول أسرة المتهم الثاني في قضية الدارك ويب لمحكمة جنايات شبرا    جامعة بنها: فحص 4705 شكاوى بالمنظومة الموحدة.. تفعيل نقطة اتصال جديدة لخدمة المواطنين    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    محدش يعرف حاجة عنهم.. 5 أبراج تكتم أسرارها وخطوات حياتها عن الناس    وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية    أحمد فهمي الأعلى مشاهدة ب «ابن النادي»    بورسعيد أرض المواهب.. إطلاق مسابقة فنية لاكتشاف المبدعين    الليلة بمسرح السامر.. قصور الثقافة تطلق ملتقى شباب المخرجين في دورته الرابعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    هل الغسل يغني عن الوضوء؟ أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي بالتفصيل    وزيرا ري مصر والأردن يفتتحان الاجتماع ال38 للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    من شرم الشيخ مدينة السلام ماراثون سياسى غير مسبوق |ترامب.. المهمة الصعبة فى الشرق الأوسط    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    مباحثات مصرية - ألمانية لتعزيز التعاون وفرص الاستثمار في القطاع الصحي    بعد استشهاده أمس.. ننشر نص وصية صالح الجعفراوي    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    محمد صبحي: المنافسة في منتخب مصر صعبة بكل المراكز    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الإثنين 13-10-2025    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    موجودة في كل بيت.. أهم الأطعمة لتقوية المناعة خلال تغير الفصول    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«القرنة»..مدينة دمرها الإهمال!
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 08 - 2015

يقول حسن فتحى فى كتابه الأيقونة (عمارة الفقراء ) :» لو أعطيت مليون جنيه ، ماذا سوف تفعل بها ؟ هذا سؤال كانوا يسألونه لنا دائما عندما كنا شبابا ، سؤال يطلق من الخيال هائما ، ويطلق فينا أحلام اليقظة . وكانت هناك إجابتان محتملتان لدى : إحداهما أن اشترى يختا ، واستأجر أوركسترا ، وأبحر حول العالم مع أصدقائى مستمعين إلى شومان وبرامز ؛ والأخرى أن أبنى قرية يتبع فيها الفلاحون أسلوب الحياة الذى أتمناه لهم.
حقق حسن فتحى حلمه الثانى بنى قريته على مساحة 50 فدانا وانفق عليها المليون جنيه .
وبعد 65 عاما ضاع الحلم أو يكاد تحولت قرية القرنة لإطلال يتاجر بها الأغنياء ويبنى عليها الفقراء بيوت الاسمنت التى تلتهم بنهم حوائط الطين وقباب البيوت الرطبة
قرية حسن فتحى أو القرنة الجديدة التى يضعها اليونسكو ضمن قوائم تراثه العالمى ويدرسها خبراء المعمار باعتبارها نموذجا للبناء أسس لمدرسة يحتذى بها العالم لم يبق منها سوى سبعة مبان وبيت يقاوم السقوط بعد أن التهمت المياه الجوفية أساساتها وتشققت حوائطها وقبابها وتساقطت على رءوس ساكنيها وهو ما توضحه الصور المهداة من المصور أحمد السيد حتى بيت شيخ المعماريين نفسه تهاوى تماما ولم يبق سوى أطلاله بينما المسئولين كل يهرب من المسئولية بنفس البراعة المعتادة والتكنيك البارع .
فى شهر أكتوبر من عام 2010 تجدد أمل سكان قرية القرنة أو قرية حسن فتحى فى إنقاذ قريتهم بعد أن كاد الإهمال أن يقضى على ما تبقى منها ,, وقتها عقد مؤتمر دولى بمدينة الأقصر حمل عنوان (إحياء قرية حسن فتحى ) شارك فيه أكثر من 40 عالما وخبيرا دوليا فى مجال العمارة فى العالم بدعوة من منظمة اليونسكو، ورأس المؤتمر (فرانسيسكو بندرين) رئيس مركز التراث العالمى ونائب رئيس منظمة اليونسكو وقتها صرح نصا: «إن إحياء تراث حسن فتحى يعد حلما ونحن بصدد أن نجعله حقيقة فهو ليس مجرد مهندس وفنان عالمى فقط بل هو إنسان اهتم بالفقراء وبنى لهم منازل صحية ومنخفضة التكلفة وسوف نقوم بترميم القرية وتطويرها بما يتناسب والتراث الموجود فيها « كانت تلك الكلمات هى آخر ما سمعناه عن قرية حسن فتحى فقد دخلت بعدها القرية فى طى النسيان الرسمى خاصة أن مشروع اليونسكو هذا قد توقف بمجرد قيام الثورة .
وبعد ما يقرب من خمس سنوات فقدت القرية كثيرا مما كان قد بقى فيها من هذا التراث وعلى رأس المفقودات العظيمة بيت حسن فتحى نفسه الذى انهار معظمه ولم يعد حتى صالحا للترميم رغم نداءات الاستغاثة التى انطلقت منذ أكثر من عشر سنوات بلا ادنى استجابة من المسئولين الذين تعاملوا مع القرية والبيت باعتبارها مسئولية ثقيلة يلقيها كل مسئول فى ارض المسئول الأخر ويتقاذفها الجميع مدينة الأقصر ووزارة الثقافة ووزارة الآثار ويختلف الجميع على من يجب عليه أن يدفع الفاتورة .
أول الصرخات التى خرجت مبكرة كانت لحارس بيت المهندس حسن فتحى وهو حسين احمد أبو الحجاج الذى يقول :« نحن من سكان القرنة منذ عام 46 جدى عمل مع المهندس حسن فتحى ثم أبى وأنا أتولى حراسة البيت بدون اجر أو وظيفة رسمية لأننا أحببنا هذا الرجل واشعر أن مسؤوليتى أن احمى بيته باعتباره البيت الوحيد هو وبيت أخر ما تبقى من 70 بيتا بناها حسن فتحى هدمها أصحابها بعد أن تعرضت للإهمال وعدم الترميم وسقط بعض البيوت على أصحابها ..ومنذ عام 2008 وأنا أرسل استغاثات للمسئولين لإنقاذ البيت بعد أن بدأ يتساقط لأنه منذ آخر ترميم قام به المهندس حسن فتحى بنفسه عام 1982 لم يقترب أحد منه رغم انه أهم علامات القرية فقد كان أول بيت بنى بها عام 1946 ورغم زيارات كبار المسئولين المتكررة للقرية وعلى رأسهم وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى وزاهى حواس وسمير فرج وقت أن كان محافظا للأقصر إلا أن المسألة كانت مجرد وعود وقبل الثورة بشهور قليلة اخبرنا المسئولون أن اليونسكو خصص 10 ملايين دولار لترميم البيت والمسرح والمدرسة وقصر الثقافة والخان ولكن كل هذا توقف تماما ولكن الذى لم يتوقف هو محاولات بعض السماسرة للاستيلاء على البيت وأنا شخصيا عرضت على أموال لترك البيت لأننا للأسف نعيش ظاهرة غريبة فى القرية وهى شراء البيوت من أصحابها بمبالغ زهيدة وإعادة بنائها بنفس طريقة حسن فتحى ظاهريا ولكن باستخدام خامات إسمنتية ومبان فخمة جدا ثم إعادة عرضها بملايين الجنيهات مستغلين أنها تقع فى قرية حسن فتحى احد مناطق التراث المسجلة لدى اليونسكو وبيت حسن فتحى هدف أساسى لهؤلاء السماسرة
احمد يوسف الجمل كاتب مسرحى ومدير قصر ثقافة القرنة واحد سكان بيوتها القديمة يرى أن الفلسفة التى بنيت بها القرنة والهدف من بنائها قد تدمرا تماما بفعل الإهمال من المسئولين وظروف الحياة من سكان القرية ويشرح :» عندما بنى حسن فتحى القرية اعتمد تماما على الخامات الموجودة فى ارض القرية فقد كانت فلسفته تقول انظر تحتك ثم ابنى وكانت أرضنا بها الطين والحجر الجيرى كما استخدم التبن وخلطه مع رمال الجبل لإنتاج ما نسميه بالحيبة التى يصنع من طوب البناء ولكن عندما بنيت القرية بدءا من عام 1946 لم يكن السد العالى قد انشأ ولا الجزء العلوى من الجبل حيث المنطقة الأثرية قد ازدحم وعندما بنى السد العالى فى الستينات أدى هذا لارتفاع منسوب المياه الجوفية بالإضافة للصرف الصحى من اعلى الجبل وجود هذه المياه ادى الى ذوبان الحجر الجيرى الذى اعتمد عليه حسن فتحى فى إنشاء أساسات بيوت القرية جميعا مما أدى إلى تخلخل البيوت وتصدعها ومع الإهمال الشديد من المسئولين للقرية رغم أنها رسميا مملوكة للدولة وخصصتها للسكان بحقوق انتفاع ووصل الحال أن القرية التى كان بها 70 بيتا بخلاف مبانى الخدمات من مركز ثقافى ومسجد وسوق وخان ومسرح لم يتبق منها سوى بيت واحد يحرص صاحبه على ترميمه بدعم من جهات مهتمة بالتراث والمسجد الذى صدر قرار من المحافظة بإخلائه لخطورته على المصلين منذ عام 2010 وترفض الأوقاف ترميمه بحجة أن هذا مسئولية اليونسكو والسكان فى نفس الوقت يرفضون غلقه وما زالوا يؤدون الصلاة به رغم خطورته الشديدة . أما المركز الثقافى فبعد حريق بنى سويف انتبهت له وزارة الثقافة خشية أن تتكرر المأساة وقررت إغلاقه تماما منذ 2009 على وعد بترميمه خلال 6 شهور ولم يحدث حتى الآن. وهو ما لحق بجميع مبانى الخدمات التى هجرها السكان خوفا من سقوطها على رءؤسهم بعد أن سقط احد المنازل على أصحابه وأخرجناه من تحت أنقاضه بأعجوبة, احد أهم أسباب اندثار القرية فعندما بنى حسن فتحى القرية فى الأربعينيات كان عدد سكان القرية لا يزيد عن 4الاف مواطن بعد أن ترك جزء كبير من أبناء القرنة القديمة الذين كان عددهم 7 آلاف البر الغربى بعد إجبار الحكومة لهم على ترك المنطقة الأثرية. وقتها بنى حسن فتحى القرية حسب عدد السكان كان عدد البيوت 70 بيتا فقط ولم يكن المهم وقتها سوى وضع فلسفة حسن فتحى حيز التنفيذ خاصة أن من قاموا بالبناء هم من أبناء القرية والنوبة والخامات متوافرة وطريقة البناء أصبحت معروفة ولكن ما حدث انه فى الستينات بدأت تظهر المشكل والعائلات بدأ عددها فى الزيادة وتزوج أبناؤهم وكان لابد أن يبحثوا عن سكن لهم ولم يستطيعوا التعامل مع بيوتهم القديمة فبدأوا فى هدم بيوتهم لبناء بيوت أسمنتية يمكن تعليتها كما سمحت المحافظة لهم باستغلال الفراغات الموجودة لتوسعة البيوت ومما دمر نهائيا التكوين المعمارى للقرية وفلسفة البناء التى بنيت على أساسها وللأسف المسئولون غير مدركين لخطورة الوقف وان القرية أصبحت مهددة بالاندثار التام ويتعاملون معها باعتبارها قرية عادية لديها مشاكل مكررة ولا تزيد وعودهم عن أنهم لديهم خطة للتعامل مع المياه الجوفية ,أو أنهم سيضعون ميزانية لترميم ما تبقى .
المهندس جمال عامر احد تلاميذ مدرسة حسن فتحى من الذين تعاملوا معه داخل القرية وعندما سألته كيف يمكن إنقاذ ما تبقى من قرية القرنة ؟ أجاب : المشكلة الأخرى هنا أن عمارة الطين عمارة صعبة جدا فى ترميمها وتحتاج إلى خبرات خاصة وإدراك لطبيعة تلك المبانى وهو ما لم يحدث على مدى السنوات الماضية خاصة بعد وفاة المعمارى حسن فتحى فى نهاية الثمانينات , وللأسف قبل الثورة عندما عقد مؤتمر اليونسكو كانت لدينا تصورات للترميم وعمل امتدادات للقرية وتزويدها بمراكز لتدريب على الترميم .
وهناك مشكلة أخرى للأسف هذه المرة تتعلق بأهالى القرنة أنفسهم الذين يجدون أن بيوت القرنة نفسها لا تتناسب مع احتياجاتهم كعائلات وهذا كان وراء هدم الكثير من البيوت عمدا لبناء بيوت حديثة عوضا عنها وفى نفس الوقت هناك إدراك من البعض خاصة الفنانين والمعماريين لقيمة المكان ماديا فبدأوا فى تشجيع الأهالى على بيع بيوتهم ليعيدوا بناءها بنفس الشكل الخارجى ليعيدوا بيعها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.