أكتب اليك بعد أن أصابتني صدمة اجتماعية وشرعية شديدة عندما علمت أن أحد أعضاء مجلس الشعب قد تقدم بمشروع قانون بالغاء الخلع مدعيا انه سبب رئيسي في تفكك الأسرة المصرية. وتقدم عضو آخر بمقترح إلي لجنة المقترحات والشكاوي بالمجلس بتعديل سن الزواج ليكون للأنثي12 سنة وللذكر14 سنة, فأصبت بامتعاض شديد وغصة كبيرة في النفس وقلت: حسبي الله ونعم الوكيل واحترت أروح لمين؟ أشكو لمين؟ وأخيرا قررت أن اكتب اليكم متسائلا: هل هذا هو مجلسنا بعد الثورة الذي وضعنا فيه كل آمالنا؟.. هل تم حل كل مشكلات المجتمع التي نعيشها يوميا لكي يتفرغ المجس لمناقشة مثل هذه الموضوعات؟ وهل تم حل مشكلات اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور؟ والعجز الرهيب والمستمر في الموازنة العامة للدولة والنقص الكبير في السياحة؟ والمعونات الخارجية لجمعيات المجتمع المدني والتعليم ومحو الأمية والعلاج علي نفقة الدولة لغير القادرين والبنزين والسولار والبطالة والمطالب الفئوية التي أصبحت من الثوابت شبه اليومية التي نفاجأ بها صباح كل يوم. وهل وجدنا حلولا لكل أزماتنا حتي إنه لم يبق لدينا سوي الخلع وتعديل سن الزواج؟ كما أتساءل: كيف لهذا العضو المحترم أن يطالب بإلغاء نص شرعي صدر في القرآن الكريم وجاء في السنة المحمدية الشريفة.. أليس الشرع هو من أقر مبدأ الخلع؟ إنني أطلب رأيه فيما جاء في القرآن الكريم بسورة النساء الآية رقم20 وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا. أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا. فلقد ساوي المولي سبحانه وتعالي بين الزوج والزوجة في قوله استبدال زوج.. قمة المساواة فهي تنطبق علي الزوج والزوجة. وأمر سبحانه وتعالي بأن الرجل لا يسترد شيئا من المهر أو الشبكة إذا أراد أي من الزوج أو الزوجة استبدال الآخر. كما قال تعالي: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله سورة البقرة الآية.229 وفي حديث الرسول صلي الله عليه وسلم استثناء لرد المهر عند الخلع عندما جاءته حبيبة بنت سهل امرأة ثابت بن قيس وقالت له: يا رسول الله إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال لها: أتردين عليه حديقته قالت بل أزيد. فقال لها صلي الله عليه وسلم أما الزيادة فلا. اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. ثم اقول لحضرة النائب المحترم: هل تقبل ان تعيش مع زوجة تبغضك ولا ترغب في العيش معك؟ وماذا تسمي من يصر علي إكراه زوجته علي العيش معه تحت سقف واحد بدون رغبتها وغصبا عنها. ان الزواج عقد انساني شرعي وليس عقد عبودية, وقد أقر مجمع البحوث الإسلامية بشرعية قانون الخلع. أما عن تعديل سن الزواج فإني اسأله: هل لو جاءك عريس مناسب لابنتك التي وصلت لسن12 سنة هل توافق علي زواجها؟ وماذا عن استكمال تعليمها هل ستوافق علي عدم استكمالها للدراسة لكي تتفرغ للحمل والولادة؟ وهل الأنثي في هذه السن يكون قد اكتمل نموها بحيث تستطيع أن تتحمل الحمل والولادة؟ ام انك بذلك تعرض حياتها للموت؟ ثم يقول لنا علي شاشة احدي الفضائيات انه بعد الموافقة علي الغاء قانون الخلع فسوف يتقدم بمشروع قانون آخر جاهز حاليا بانتهاء سن حضانة النساء للأطفال بوصول الصغير إلي سن7 سنوات والصغيرة إلي9 سنوات واستبدال رؤية الأطفال بعد الطلاق إلي استضافتهم لدي الطرف غير الحاضن وإلغاء المادة54 من القانون126 الخاصة بالولاية التعليمية لأبناء الطلاق, وأرد عليه بأن الحاضنة حاليا تعاني أشد المعاناة في ظل قانون الأحوال الشخصية الحالي وليست بحاجة للمزيد من المعاناة. وهي تضحي تضحية كبيرة في سبيل تربية أولادها وتعمل ليلا ونهارا حتي تستطيع توفير النفقات اللازمة لتربية أولادها بعد أن تخلي عنهم أبوهم بزواجه من أخري أو في ظل نفقة شهرية لا تسمن ولا تغني من جوع. فلا تضغطوا علي الحاضنة اكثر من ذلك حتي لا تضطر إلي أن تتزوج بآخر وتعطي اولادها لأبيهم أو زوجته فيخرج الينا آلاف جدد من أطفال الشوارع. تلقيت هذه الرسالة من اللواء إبراهيم عبداللطيف ندا رئيس جمعية أمهات حاضنات مصر, وهي إضافة مهمة إلي عشرات الأفكار التي طرحناها عن قانون الاستضافة, والباب مفتوح لمزيد من المناقشات للوصول إلي قانون يكفل حياة أفضل لأبناء الطلاق.