كانت ضحكاتها الجميلة تملأ جنبات المنزل وتضفي عليه جواً من التفاؤل في غدٍ مشرق بالأمل، فما إن يفتح الوالد باب المنزل عائداً من عمله الشاق بجهاز الشرطة ويشاهد تلك الابتسامة علي وجهها الملائكي حتي ينسي كل تعبه، فقد امتازت "جيسي" ذات الأربعة أعوام بخفة دمها وذكائها ولباقتها في الحديث الذي يخطف العيون والقلوب. لم ترحم يد الإرهاب الأسود براءة الطفولة بعد أن استباح خفافيش الظلام دم الأبرياء لا فرق في ذلك بين طفل صغير أو عجوز طاعن في السن، بل إن مشاهد الدم والقتل والدمار باتت هي المشاهد المفضلة لديهم التي ترسم ابتسامة عريضة علي وجوههم القبيحة. "جيسي" لم يكن لها ذنب سوي أنها إبنة ضابط شرطة!!! فهي ابنة المقدم شريف سامي النشار المشهود له بالكفاءة والنزاهة وسمو الأخلاق بمديرية أمن الفيوم، فقد قامت عناصر إرهابية باستهداف سيارته أثناء مروره برفقة نجلته وأحد أصدقائه بطريق القاهرة – الفيوم بالقرب من قرية ميمنة، وأمطروا السيارة بوابل من النيران أدي إلي مصرع الطفلة وصديق والدها بينما أنقذت العناية الإلهية الضابط من موت محقق. بعيون مليئة بالدموع يحكي المقدم شريف النشار تفاصيل الواقعة فيقول: كنت عائداً بسيارتي من إحدي المناسبات العائلية بإحدي قري مركز سنورس ومعي ابنتي جيسي وصديقي رامي أحمد كامل 35 سنة محام، وأثناء مرورنا بطريق القاهرة - الفيوم بالقرب من قرية ميمنة فوجئنا بوابل من الأعيرة النارية تخترق السيارة، وبسرعة حاولت حماية ابنتي لكن إحدي الرصاصات اخترقت رأسها لتصعد روحها إلي بارئها كما أصاب رصاص الغدر أيضاً صديقي رامي الذي استشهد في نفس الحادث مع ابنتي. ويقول النشار: سبق استهدافي عدة مرات من ِقبل الإرهابيين كما قاموا بمحاولة اقتحام شقة والدتي التي كانت تصلي الفجر واستغاثت بأشقائي وفر الجناة هاربين، ويضيف: في هذه الأيام أصبح رجال الشرطة مستهدفين من العناصر الإرهابية التي لاتريد إلا القتل والدمار وتخريب البلد ونشر الفوضي من خلال إرهاب رجال الشرطة وبث الخوف في قلوبهم، لكن هذه الأعمال لن تزيدنا إلا إصراراً وقوة علي مواصلة العمل واقتلاع الإرهاب من جذوره، ونحن كضباط شرطة نعيش حياتنا بشكل طبيعي لأن من يسكن الخوف قلبه لن يستطيع الخروج من منزله، والإرهابيون بطبيعتهم جبناء يخشون المواجهة فهم يقومون بأعمالهم الإجرامية ثم يفرون هاربين. وقال الرائد شادي النشار عم الطفلة "جيسي" إنها كانت محبوبة من الجميع وتمتاز بروح الدعابة وخفة دمها وشقاوة الطفولة الجميلة، وعن يوم الحادث يقول كنت في مأمورية بمحافظة الإسماعيلية لتأمين احتفالات افتتاح قناة السويس الجديدة، وفوجئت باتصال من أحد زملائي يسألني عن شقيقي شريف وعن ابنته ولم يخبرني بشىء، فبدأ الشك يساورني واتصلت بشقيقي الذي صدمني بقوله "بنتي ماتت يا شادي". ويضيف: "جيسي" كانت معروفة بشدة تعلقها بوالدها ولذلك اصطحبها معه إلي إحدي المناسبات بقرية الطاحون بسنورس وأثناء عودتهما كانت تجلس علي قدمه وصديقه رامي بجواره، وعندما أطلق الإرهابيون الرصاص علي السيارة أصابت إحدي الرصاصات الطفلة في رأسها فماتت في الحال، ويؤكد: لن نتراجع ولن نخاف وسنزداد صلابة وقوة حتي نقطع يد الإرهاب الملوءة بدماء الأبرياء ونقتص لدم جميع الشهداء.وكان القدر للجناه بالمرصاد حيث شنت قوات الأمن حملة علي كل مناطق الفيوم وتمكنت من تصفية خمسة من العناصر الارهابية المتورطين في العديد من جرائم قتل ضباط الشرطه واخرهم الطفله البريئه "جيسي " أما أصدقاء المحامي الشاب رامي الذي استشهد في نفس الحادث فقد أكدوا أنه يتمتع بالاخلاق الطيبة ولا يتأخر عن خدمة أحد بقدر ما يستطيع، مطالبين بتوفير فرصة عمل لزوجة الشهيد الذي ترك زوجة واثنين من الأبناء. في ذات السياق قام المستشار وائل مكرم محافظ الفيوم، واللواء ناصر العبد مدير أمن الفيوم بتقديم واجب العزاء لأسرة الشهيد.