لا حديث داخل الأسرة المصرية أو على المقاهي أو في المواصلات العامة، إلا عن كمية الإعلانات المستفزة للمشاهدين والمتابعين لدراما رمضان، فالبعض اعتبرها تدمر الدراما المصرية كونها تفقد المشاهد تركيزه وتدفعه إلى الملل المستعجل والعزوف عن المشاهدة مرغماً، أما البعض الآخر فاستهجن وتهكم عليها قائلاً: " لم يتبق سوى عرض إعلانات وسط الأذان ". لمن لا يعرف، في التنقل بين القنوات باستخدام الريموت كونترول فوائد جمة، لا يعرفها إلا الصابرون على مشاهدة الفواصل الإعلانية المحشوة مشاهد درامية، ومنها أن هذه العملية تكشف لنا عن التناقض الغريب والفريد من نوعه في الإعلانات، فهناك إعلانات للرفاهية من خلال تملك أحد الشليهات أو منزل هنا او هناك، وإعلانات تروج للتبرع والتسول والمتاجرة بالفقراء والمرضى، وإعلانات تنتهك الكرامة الشخصية، وتستغل المرأة والطفل. كما أن عملية التنقل السلسة بضغطة زر واحدة تحرضنا دون أن نشعر على استخدام منتجات أجنبية ليس فيها منتج محلي واحد " يوحد ربنا "، مما يجدد بداخلنا الشعور بالحسرة على أحوالنا الميؤوس منها بعد أن أصبحنا مستهلكين وليس منتجين. وا مسلسلاه، بعض المشاهدين غفل عن هذه الفوائد، فقرارو استبدال شاشات الفضائيات بموقع "اليوتيوب" لمتابعة حلقات المسلسلات كاملة، دون أي تدخل إعلاني يستفزهم، فانتهت مشكلتهم، لتبقى بعض الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات، منها ألم ينتبه صانعوا الإعلانات إلى أنهم ينقلون صورة سيئة عن مصرنا الغالية؟ .. وهل الشحاتة على المرضى والفقراء من تعاليم الأديان؟ ما علينا، لا خلاف على أهمية الإعلان في الترويج للصناعات وتنمية المجتمعات، إلا أن كثرتها تؤثر بالسلب على المتلقي، مما يتطلب ضرورة وجود مجلس يضم خبراء في الإعلام وعلمي النفس والاجتماع، لوضع قوانين وضوابط منظمة لصناعة الإعلان، والخروج بميثاق شرف إعلاني أو مدونة سلوك أخلاقية ملزمة لصانعي الإعلانات، بالإضافة إلى عمل استبيانات حول آراء المشاهدين لمعرفة احتياجاتهم الإعلانية. [email protected] لمزيد من مقالات عماد الدين صابر