يوما بعد يوم تقدم مصر زهرة جديدة يانعة من خير شبابها فداء لأرض الوطن، ليس حبا في البكاء، وإنما رصد للذكري، ورغبة في البقاء نقدم القصة تلو الأخري عن تلك الزهور، التي ماتت لكي تحيا مصر، وتركت أبناء أيتاما، أو أما ثكلي، أو زوجة وحيدة تصارع موجات الحياة بعد أن فقدت عائلها الوحيد، وفي هذه الواقعة نتحدث مع أسرة شهيد الشرطة في بني سويف معاون مباحث قسم الاشتباه الذي استشهد تاركا وراءه طفلين وزوجة لا ذنب لهم سوي حب الوطن. في البداية يقول اللواء الدكتور عصام سرور والد الشهيد محمد 29 سنة الذي أستشهد أمس الأول في حادث إرهابي جديد استهدفه أثناء عودته من عمله أمام منزله بشارع "بدر" خلف مدرسة خاتم المرسلين بمدينة بني سويف إنني فوجئت بصديق من أهل شارع بدر يتصل بي تليفونيا ويقول "لي "إلحق "محمد أصيب بطلقات نارية أمام منزله، فأخذت سيارتي وبداخلها والدته وذهبنا مسرعين إلي مستشفي بني سويف العام، وأثناء سيري في الطريق ونتيجة السرعة والارتباك الشديد بسبب الخبر اصطدمت سيارتي بسيارة في الطريق، وقلت لقائد السيارة معلش ابني "بيموت " وفور دخولي المستشفي وجدت اصدقاءه يبلغونني أن محمد في غرفة العمليات، وتوجهت إليه مسرعا وأخذته في حضني ولم أجد نفسا يخرج منه، فلم أتمالك نفسي وأصبت بإغماء في الحال ونقلوني إلي الدور الخامس بالمستشفي وعلقوا لي المحاليل وعندما استفقت أبلغوني باستشهاد نجلي . وبكي والد الشهيد قائلا "احتسبتك عند الله يا محمد شهيدا " وعلي فكرة محمد ابني الوحيد مش أغلي من النائب العام، ولا أغلي من ضباط القوات المسلحة والجنود الذين يستشهدون فداء للوطن، ولو محمد رجع تاني هيشتغل مرة ثانية، لأنه بيحب عمله وقياداته جدا وكان ضابطا كفئا. وقال إن محمد ابني كان علي قائمة الاغتيالات، وهو كان يعلم هذا تماما، والدليل انه منذ شهرين ماضيين حرقوا سيارته أمام منزله، وأوضح قائلا أنا مش قادر أتجاوز وأقول هناك تقصير أمني، فاسم ابني موجود في كل قوائم الاغتيالات في البلد، والمفروض يا مديرية الأمن ويا قياداتها تشيلوا ابني من هذا الموقع مش تضعوه كل يوم خدمة في مواجهة الارهابيين، كان ممكن يشغلونه في مكان يحمونه فيه، مثلا مباحث المرور . وقال إن وزارة الداخلية رشحت نجلي للعمل في مكتب الوزير، وبعدها رشحوه في الأمن الوطني، وكمان محمد كان سيحصل علي ترقية رتبة الرائد في الحركة المقبلة، وأضاف، أن ابني رفض العمل في القاهرة، وقال لقيادات الوزارة أريد البقاء في بلدي أخدم وسط أهلي، وأصر علي أن يواجه الإرهاب حتي أن اصطادوه بغدر، ولو كان هذا الغدر واجه نجلي وجها لوجه لكان نجلي أكله، ومنذ ثورة 30 يونيو وهو يشارك مع زملائه من الأمن الوطني في القبض علي الإرهابيين، وكان يقول لي يابابا أنا فدا البلد ودوري جاي . وابني لديه طفلان في عمر الزهور ( عمر 4سنين ) و( هنا 6 سنين) وزوجة محمد عمرها 29 سنة وتعمل دكتورة صيدلانية، ولديه شقيقته طاهرة لديها إعاقة وهو من كان يحن عليها بسبب ظروفها، وشقيقته الأخري هنادي ليسانس حقوق . واستطرد والد الشهيد قائلا : أقول للرئيس السيسي أصمد واحنا وراك، وأنا نفسي كضابط شرطة سابق لو قولتلي أنزل الخدمة هنزل، وأنا دكتور قانون أنزل وأكتب وأحفظ الناس،لأن الرئيس السيسي قدوتنا، وأنا مصيبتي دي مش أحسن من مصيبة النائب العام ولا ولادي اللي راحوا، وأنا باحتسب ابني شهيدا، باحتسب ابني شهيدا بقولها للمرة التالتة باحتسب ابني شهيدا، وأقول لوزير الداخلية الله يكون في عونك، انزل تابع القوات، اعمل اجتماعات، شوف مطالب الضباط أيه ومطالب القيادات أيه . وانا باحتسبك شهيدا، الله يصبرني ويصبر أمك يا محمد علي ابتلائنا .