تجرى الآن فى قلب القاهرة عمليات طلاء لبعض المبانى المطلة على شارع رمسيس.. من بين هذه المبانى جامع الفتح الشهير، ومعهد الموسيقى العربية، ونقابة المهندسين وغيرها من العمارات بالشارع فى سبيل وضع لون زاهى على تلك المبانى الجميلة، وهذا أمر جيد، ولكن ما يهمنا فى هذا المقال هو مبنى سنترال رمسيس. نداء إلى القائمين على دهان المبانى.. أرجوكم لا تدهنوا سنترال رمسيس.. ولا تعيدوا طلاءه ما حييتم!!.. أرجوكم وأتوسل إليكم.. سوف تنفقون الكثير من أموالنا عليه وعلى تلميعه وعلى وقوفه وسط طابور المبانى المجاورة لكى يكون الجميع بنفس اللون.. ولكن لن يحدث شىء.. سوف تنفقون هذه الأموال.. ثم تعود عليكم وعلينا بالحسرة لأننا لن نرى لها أثرا على هذا المبنى تحديدا إلا لأيام معدودة أثق تماما أنها لن تتجاوز الشهر الواحد. هل العيب فيكم؟! أم العيب فى الطلاء؟!! الصراحة لا هذا ولا ذاك.. إنما العيب فى المبنى. المبنى القابع بتصميمه الخارجى القبيح البشع، وللحقيقة فإن المصمم الذى أنشأه يستحق جائزة أسوأ تصميم خارجى لمبنى فى شارع رمسيس، والشارع بصفة عامة استدعى له الخديو إسماعيل مصممين من فرنسا ليكون تحفة فنية تشبه شوارع باريس، ويكفى للدلالة على بشاعة المبنى، أنه يتوسط مبنيين ولا أروع فى العمارة والتصميم والواجهات هما مبنى نقابة المهن الهندسية فى مصر، والذى أنشئ عام 1946.. ومبنى معهد الموسيقى العربية والذى يرجع إنشاؤه إلى عام 1914.. وكلاهما تحفة فنية قائمة بذاتها. المبنى تخرج منه قوائم خرسانية تشبه النتوءات أو تشبه الدروع فى المعارك الحربية ولكنها تتراص بشكل عمودى على المبنى تشعر معها كأن المبنى يستعد للدخول فى حرب، وتفصل تلك النتوءات بين الشبابيك كأن قاطنيها أعداء أو كأنهم جيران فى حارة شعبية يخشون من تسلل بعضهم بعضًا فيبنون جدرانًا فاصلة عند الشبابيك والبلكونات، ونسى المصمم أنهم زملاء فى مكان واحد. تعمل هذه النتوءات الخرسانية على مرور تيارات الهواء فى وسطها بطريقة أسرع وأعلى من المعدل الطبيعى، ولأن القاهرة بالأساس مدينة متربة نظرا لأطنان التراب التى يلقيها جبل المقطم على المدينة يوميا، فبالتالى تتراكم الأتربة على المبنى يوميا بصورة أسرع من المبانى المجاورة.. والتى ليس لديها تلك النتوءات فى تصميم مبانيها.. عندئذ لا يستمر اللون الزاهى للطلاء الحديث أكثر من شهر واحد فقط. من أجل كل ذلك.. أرجوكم لا تهدروا أموالكم ولا أوقاتكم فى إعادة طلاء المبنى.. فكروا فى شىء جديد.. إما بإزالة تلك النتوءات التى تجلب مزيدا من الأتربة عليه يوميا.. أو مثلا تغيير الواجهة الأسمنتية للمبنى بواجهة ألوميتال زجاجية خاصة أن الشركة المصرية للاتصالات غنية ولديها دخل وفير.. أو فكروا فى أى شىء آخر غير إعادة طلاء المبنى كل عام دون أى جدوى. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد [email protected] لمزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى