يوضح الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، مفهوم دار الإسلام قائلا: هى التى نزلها المسلمون وجرت عليها أحكام الإسلام، وكانت الغلبةُ والقوة والكلمةُ فيها للمسلمين وإن كان أكثر سكان هذه الدار من الكافرين, وليس للدار حكم ثابت لا يتغير أبدا، بل إن الحكم عليها بحسب الغالب والظاهر فيها من أحوال العباد، فمن كان مؤمنا تقيا فهو من أولياء الله تعالى المتقين, وإن تغير حاله تغير حكمه، وكذلك الديار فإن غلب عليها أهل التوحيد والإيمان, وأقاموا فيها أحكام الإسلام وشرائعه فهى دار إسلام، وإن تغير حالها باستيلاء أهل الكفر والشرك عليها, وظهور كفرهم وشركهم عليها فهى دار كفر أو حرب بحسب ذلك, وهذا هو موجب نصوص القرآن والسنة, قال ابن تيمية: من هذه الأمكنة: ما سكنه بعد ذلك الكفار وأهل البدع والفجور, ومنها: ما خرب وصار غير هذه الأمكنة، والبقاع تتغير أحكامها بتغير أحوال أهلها، فقد تكون البقعة دار كفر إذا كان أهلها كفارا, ثم تصير دار إسلام إذا أسلم أهلها، كما كانت مكة شرفها الله فى أول الأمر دار كفر وحرب، قال الله تعالى فيها: (وكأين من قرية هى أشد قوة من قريتك التى أخرجتك)، ثم لما فتحها النبى صلى الله عليه وسلم صارت دار إسلام, وهى فى نفسها أم القرى وأحب الأرض إلى الله, وكذلك الأرض المقدسة كان فيها الجبارون الذين ذكرهم الله تعالى كما قال تعالى: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين* قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون)، وقال تعالى لما أنجى موسى وقومه من الغرق (سأريكم دار الفاسقين), وكانت تلك الديار ديار الفاسقين, لما كان يسكنها إذ ذاك الفاسقون. ثم لما سكنها الصالحون صارت دار الصالحين.