نستعيد مع الذكرى الثانية لثورة يونيو، الدور الكبير الذى قام به المثقفون والكتاب والمبدعون، الذين وقفوا وتصدوا لمشروع أخونة وزارة الثقافة، ففى مثل هذا الشهر من عام 2012 جرى تعديل وزارى فى حكومة هشام قنديل فأسندت حقيبة الوزارة الى د. علاء عبد العزيز فى محاولة من نظام الرئيس المعزول محمد مرسى لأخونة الوزارة, لتضاف الى وزارتى الإعلام والأوقاف. وتزامنت هذه الخطوة مع انفراج القبضة الأمنية عن تيار الإسلام السياسى الموالى لتنظيم الإخوان، وظهوره كقوة منظمة تسعى إلى فرض سيطرتها على المجتمع، وإلى ملاحقة أصحاب الرأى والمبدعين والفنانين والتشهير بهم عن طريق الدعاوى القضائية و عن طريق تشويههم إعلاميا من خلال القنوات الفضائية الإخوانية أو المنتمية عموما لتيار الإسلام السياسى والصحف التى يهيمن عليها. ووصل الأمر إلى أقصى مداه بتهديد عدد من الكتاب والفنانين من جانب جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, واتهام بعض الكتاب بالإلحاد والكفر. ولأن الثقافة, فكرة ورأي, كثيرا ما اصطدمت مع عقول الإخوان وأنصارهم الجدد من جماعات الإسلام السياسى المختلفة، فإنه لم يغب عن ذاكرة المثقف المصرى قتل الشيخ الذهبى على يد شكرى مصطفى مؤسس جماعة التكفير والهجرة، ومحاولة اغتيال الأديب الراحل نجيب محفوظ، ومقتل المفكر اليسارى فرج فودة، وتكفير الشاعر الراحل حلمى سالم بسبب قصيدته "شرفة ليلى".... كل هذه الجرائم كانت ماثلة فى العقل الجمعى للمبدعين والمثقفين. خلال الفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير 2011 راقب المثقفون المشهد، ولم يتعرض وزير ثقافة لمثل ذلك الكم من الاحتجاجات والانتقادات والمظاهرات مثل التى تعرض لها وزير الثقافة الإخوانى علاء عبد العزيز، واتهمه بعض الأوساط الفنية والثقافية بالعمل على أخونة الوزارة من خلال الإطاحة بعدد من كبار المسئولين وقيادات الوزارة كان آخرهم د. إيناس عبد الدايم رئيسة دار الأوبرا. رأى المثقفون أن تعيين عبد العزيز وزيرا للثقافة هو عمل من أعمال الاستفزاز للأدباء والمثقفين، فأى وزير للثقافة يجب أن يكون جزءا من الحركة الثقافية، وهذا الاختيار هو بمثابة استمرار لعملية التمكين والسيطرة الإخوانية، وأكدوا أن الثقافة المصرية قادرة على الحفاظ على هويتها واستقلاليتها. وأصدر عدد من كبار الكتاب والمبدعين والأدباء بيانا أعلنوا فيه أن "الحركة الثقافية تابعت الطريقة غير الديمقراطية فى اختيار من يتولى وزارة الثقافة المسئولة عن الابداع والحفاظ على مكتسبات الثقافة الوطنية, بترشيح أسماء لا تمتلك أى كفاءة حقيقية للقيام بهذه المهمة الوطنية ورُشحت فقط لأنها تنتمى للإخوان المسلمين, بغرض الهيمنة على مقدرات مصر الثقافية". وأكد البيان "رفض المثقفين لسياسة أخونة الدولة التى يتبعها حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، لأن المثقفين يرفضون أن يساقوا أو يقرر لهم البعض أمورهم". واعتبر البيان أن التعديلات الوزارية الأخيرة هى تعديلات شكلية وأن تعيين علاء عبد العزيز على رأس المنظومة الثقافية المصرية جاء تكريسا لحال من الاستبداد المتذرع بالثقافة وتسييدا لمعيار تفضيل أهل الثقة على أهل الكفاءة. بينما طالب عدد آخر من المثقفين والعاملين فى قطاعات وزارة الثقافة المختلفة بالإضراب العام عن العمل فى الوزارة حتى رحيل الوزير الجديد.