هل يمكن أن نتوقع خيرا من سيطرة تيار سياسي واحد علي كل سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية؟! يخطط لامتلاك مقعد الرئاسة ويتربص بالحكومة لا يخفي عزمه علي إسقاطها ليشكل حكومة جديدة تلتزم إيديولوجيته الدينية والمدينة. كما يملك أغلبية معتبرة في مجلسي البرلمان تمكنه من تمرير التشريعات التي يريدها في مواجهة معارضة ضعيفة الأثر لا تشكل في أحسن الأحوال نسبة تصل الي 10 في المائة من مقاعد المجلسين؟!.. وهل يمكن أن نطمئن الي مستقبل مصر في ظل تفرد هذا التيار بكل مؤسسات السلطة رغم نكوصه عن وعوده السابقة التي أكد فيها التزامه بالمشاركة بدلا من المغالبة, لأن السلطة المطلقة كما كان يقول مفسدة مطلقة!, ولأن أي تيار مهما بلغ حجم مساندته لا يستطيع أن يحكم مصر منفردا كما كان يقول, ولأن مشكلات مصر في هذه المرحلة أكبر وأكثر تعقيدا من أن تنهض بها قوة سياسية واحدة مهما تكن غلبتها كما كان يقول! وما الذي يمكن أن نفهمه من هذا الاستحواذ الذي جاوز سلطات الدولة ليشمل عملية كتابة دستور البلاد الجديد من خلال لجنة المائة التي اختص نفسه بتشكيلها رغم الانتقادات الواسعة التي أكلت جزءا غير قليل من مصداقيته, والأهم من ذلك كله, لماذا كنا نتوقع من جماعة الإخوان المسلمين أن تبدي عزوفا عن هذا الحجم الضخم من المكاسب التي سقطت في حجرها بعد أن تفرقت ثورة يناير أيدي سبأ, ولم يعد باقيا منها سوي هذه الخيمات البائسة في ميدان التحرير. لا تضم أيا من الثوار, لكنها تحولت الي خيال مآتة ترتعد منه فرائص وزير الداخلية الذي ينتظر توافقا وطنيا واسعا كي يطبق حكم القانون! مع الأسف لا أملك غير إجابة واضحة علي أي من هذه الأسئلة, خاصة أن كل الدلائل تقول, إن الاغلبية لا تبدو متحمسة لاحترام حق الأقلية! وأن المغالبة هي التي سوف تسود لأن أي حزب سياسي لا يمكن أن يوزع مكاسبه علي الآخرين!, وأن التوافق الوطني صار مطلبا عزيز المنال بسيطرة تيار واحد علي كل مقدرات الوطن!, وأن ضمانات الحفاظ علي حرية الرأي والتعبير باتت في علم الغيب تتهددها أخطار حقيقية في ظل دستور يجري تفصيله علي مقاس جماعة الاخوان المسلمين. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد