لو كنت من المشرع فى مصر لاعتمدت قانون التظاهر الأمريكى بحذافيره بدلا من صياغة قانون جديد، إذن لكفينا أنفسنا مئونة النقد الداخلى والضغط الخارجى لأن القانون الأمريكى لمن لا يعلم أشد صرامة فى ضوابطه واشتراطاته، وأشد نكالا بمن يخالفه من قانون التظاهر المصري. ولو كنت من المشرع فى مصر لاقتديت بالولايات المتحدةالأمريكية بلد الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان فى تعاملها مع الخارجين على القانون. ففى أمريكا أكبر نسبة من المسجونين بالنسبة إلى عدد السكان، وذلك بين دول العالم الديمقراطية وغير الديمقراطية على السواء. وفيها عقوبة السجن مدى الحياة التى تختلف عن السجن المؤبد لدينا، حيث يقبع السجين فى سجنه بالفعل طوال حياته. فهناك فى أمريكا مائة وأربعون ألف سجين محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة، وهى ايضا أعلى نسبة بين دول العالم قاطبة. ومن هؤلاء أربعون ألفا مسجونون مدى الحياة دون أى فرصة للعفو، أى أنهم سيعيشون داخل القضبان ما تبقى لهم من عمر مهما طال ولن يغادروها إلا إلى قبورهم. والباقون يتم اعطاؤهم فرصة للعفو عنهم بعد مرور خمس وعشرين سنة على سجنهم، فيعرضون على لجان العفو مرة كل خمس سنوات لبحث حالاتهم فإما أن تفرج عنهم افراجا مشروطا أو ترفض فلا يعاد بحث حالاتهم إلا بعد خمس سنوات أخري، وفى حالة الإفراج لا يخرج السجين من سجنه ليطالب برد اعتباره فيكتب فى النيويورك تايمز أو تستضيفه كريستيان أمانبور أو يصبح عضوا فى الكونجرس الأمريكي. جدير بالذكر أن سرحان بشارة سرحان الذى قتل مرشح الرئاسة روبرت كيندى عام 1968 قتله وحده دون أن يقتل عشوائيا العشرات معه مازال رهين سجنه منذ ذلك الحين وقد رفض عفوه عدة مرات كان آخرها فى 2011 بينما الذين قتلوا فى مصر العشرات عشوائيا فى المنصة ومديرية أمن اسيوط عام1981 بعد جريمة سرحان بثلاث عشرة سنة خرجوا منذ سنوات من سجونهم فصاروا نوابا فى البرلمان ونجوما فى الفضائيات. وفى أمريكا ثمانون ألف سجين رهن ما يسمى الحبس الانفرادى وما أدراك ما الحبس الانفرادي، حيث يقبع السجين فى زنزانة لا تزيد مساحتها على سبعة أمتار مربعة ولا يغادرها إلا ساعة واحدة يوميا وليس له أى اتصال حسى مع إنسان آخر حتى سجانيه، وهو ما يطلق عليه الحرمان الحسى وهناك من مكثوا فى حبسهم الانفرادى هذا ما بين سبع سنوات وأربعين عاما، كما ذكرت ال بى بى سى فأين الإعدام من هذا العذاب المقيم؟ وأمريكا لمن لا يعلم اعتقلت بعد بيرل هاربور مائة وخمسين ألف أمريكى من اصل يابانى فى معسكرات اعتقال بدعوى أمنها القومي، ظلوا فيها طوال سنوات الحرب. وسن رئيسها جورج بوش قانون الوطنية غداة هجمات سبتمبر 2001 الذى بمقتضاه سيق أى أمريكى تم الاشتباه فى تعاطفه مع القاعدة إلى التحقيقات وساقت أمريكا أسرى القاعدة زمرا إلى سجونها فى جوانتانامو وسائر دول العالم حيث سيموا كل وسائل العذاب والتعذيب فلم يعترض أحد فلتحذ دولتنا حذو الأمريكان فى غضبتهم وشدتهم فى حماية بلادهم من الأعداء والخونة. د.يحيى نورالدين طراف