البنك المركزي الأوروبي: ارتفاع فائض الحساب الجاري لمنطقة اليورو في أبريل    محافظ الجيزة: ذبح 3067 أضحية للمواطنين بالمجازر خلال عيد الأضحى    التحالف الوطنى بالأقصر: استمرار توزيع لحوم الأضاحى على الأسر الأكثر احتياجا    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 35 فلسطينيا على الأقل من الضفة الغربية    مدرب فرنسا يكشف تطورات وضع مبابي    اشتباكات وفوضى ولقطة مثيرة للجدل.. أبرز مشاهد الجولة الأولى في يورو 2024    استمرار توافد المواطنين علي مراكز الشباب ضمن مبادرة العيد أحلى    دخول 25 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة اليوم    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    الإدارة العامة للحدائق: نعمل على تجهيز حديقة الحيوان بالعريش خلال العام الجارى    مصرع طفلين غرقا داخل ترعة بقنا    تعليمات مهمة لحل امتحان مادة اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    إلهام شاهين توجه الشكر ل تركي آل الشيخ بسبب "ولاد رزق 3"    3 أبراج لديها القدرة على حل المشكلات (تعرف عليهم)    إعلام: صفارات الإنذار تدوى مجددا فى موقع كرم أبو سالم العسكرى جنوب غزة    ذكرى ميلاد الفنان حسن حسني.. 500 عمل فني رصيد «الجوكر»    عالم أزهري: علامات قبول الحج تعد مسألة مغلقة    جولة تفقدية على مخزن الأدوية الاستراتيجي بالريسة ووحدات الرعاية الأولية بالعريش    أكلات هامة لطلاب الثانوية العامة.. لتعزيز الذاكرة والتركيز    مدينة الدواء المصرية: إنتاج 26 مليون عبوة خلال الفترة من 2021 و2023    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    يصل ل400 ألف جنيه.. تفاصيل وشروط الحصول على قرض سكوتر من بنك مصر    قومي المرأة: العمل على إعداد دليل عن "تمكين المرأة المصرية"    كانسيلو: أشعر بالراحة في برشلونة.. أتمنى أن أستمر مع الفريق الموسم المقبل    بعد واقعة الصفع.. عمرو دياب يتألق ضمن حفلات عيد الأضحى بدبي (صور)    غياب 4 نجوم عن الأهلي أمام الزمالك وثنائي مهدد    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج التخطيط والتنمية الزراعية بزراعة سابا باشا جامعة الإسكندرية    المفوضية الأوروبية تتخذ إجراء ضد فرنسا بسبب الديون المفرطة    مصرع 11 شخصا جراء الفيضانات وسوء أحوال الطقس في الهند    صحة الشرقية تعلن تنظيم قافلة طبية بالفرايحة غدا    طريقة عمل الكفتة المشوية في البيت زي الجاهزة    بيان من المستشار القانوني للاعب الدولي محمد الشيبي    حقيقة القبض على رجل الأعمال شريف حمودة وعلاقة مشروع طربول بالقضية    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الأربعاء 19-6-2024    تعرف على سر زيارة روبي للولايات المتحدة وغيابها عن العرض الخاص لأحدث أفلامها    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    ننشر أسماء الحجاج المتوفين في المستشفيات السعودية    السائرة إلى عرفات.. أسرة صاحبة أشهر صورة في موسم الحج: "تعبت في حياتها وربنا كافأها"    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين ملاكي في أسيوط    تحرير 8 محاضر لمخالفات تموينية بدسوق    إعلام حوثي: القوات الأمريكية والبريطانية استهدفت المجمع الحكومي في الجبين    عائلات الأسرى الإسرائيليين يحتجون داخل مقر الكنيست    تواصل الإقبال على الحدائق والمتنزهات في رابع أيام عيد الأضحى بالمنيا    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    وكالة الأنباء السورية: مقتل ضابط جراء عدوان إسرائيلي على موقعين في القنيطرة ودرعا    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    بعد وصف وزارة العمل علاقتها بمصر بأزهى العصور.. تعرف على المنظمة الدولية    فعالية «توظيف مصر» برعاية «التحالف الوطنى»    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    عاجل.. مفاجأة صادمة في تقرير حكم مباراة الزمالك والمصري.. «جوميز في ورطة»    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    ناقد فني: أعمال عادل إمام توثق مراحل مهمة في تاريخ مصر    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن سقوط القداسة عن الرأسمالية
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 06 - 2015

«إن تاريخ الرأسمالية لا يعيد نفسه، لكن الرأسماليين يكررون أفعالهم».. بهذه العبارة استهل صديقى حوارنا الذى اتفقنا أن نخصصه حول مستقبل الرأسمالية.. ولم يمهلنى وقتا للتعقيب، حيث استثمر الوقت الذى أخذته فى تأمل هذه المقولة، ليطلق العديد من الأسئلة منها: «ألم يحن الوقت بعد لإعادة النظر فى ما فعلته بنا الرأسمالية فى طبعتها النيوليبرالية التى انطلقت مع نهاية السبعينيات؟ وألا يكفى ما يقرب من مائتى أزمة مالية اقتصادية دراماتيكية على مدى أربعة عقود لمراجعة الخيارات والسياسات الاقتصادية الكونية والمحلية؟ ولماذا العجز عن التصدى لكل من «السيطرة الصامتة» للمؤسسات المالية العالمية والشركات الاحتكارية، و»التحالف الناعم» بينهما والذى أدى إلى إخفاقات كبرى مأساوية؟ بإيجاز ألم تسقط القداسة عن الرأسمالية؟
قلت لصديقي، وكأنك تقرأ أفكارى عندما عرضت فى الأسبوع الماضى عن الخطر الكونى رقم (1) «العدالة الغائبة»...ما أدى إلى انطلاق موجة معرفية عرضنا بعضا من عناوينها تعتمد على نقد الرأسمالية المعاصرة ومراجعة الكثير من عناصرها المختلفة. موجة تعكس زخما معرفيا وعلميا يعلن عن ميلاد نموذج معرفى جديد غير الذى عشناه عبر أجيال. يقوم هذا النموذج على التمرد على ما دأب الرأسماليون على تكراره تاريخيا بأن الرأسمالية هى النموذج المثالى الذى يجب أن يحتذي. إلا أن النتائج المادية الواضحة والملموسة التى أوصلتنا لها هذه الرأسمالية تشير إلى أى مدى هى مدمرة، ذلك لأنها أنتجت واقعا رديئا خماسى الأبعاد نرصده كما يلي. أولا: الإفقار المتنامى للغالبية من البشر بطريقة مخططة ومنهجية. وثانيا: الإثراء المطرد للقلة الثروية. وثالثا: التراجع المؤذى عن توفير التأمين الاجتماعى اللازم للفقراء. ورابعا: انتشار التفاوت بين المواطنين للدرجة التى تجعل الهرم الاجتماعى يتسم «بطرف مدبب» يعبر عن القلة الثروية، و»قاعدة مليارية» تشير إلى الغالبية من سكان العالم الفقراء. وخامسا: إضعاف كل التنظيمات التى تقوم بدور تفاوضى أو رقابى أو محاسبى أو ضاغط لتقليل الآثار السلبية للرأسمالية وبخاصة منذ الأخذ باقتصاد السوق.. ما استدعى وقفة نقدية معرفية علمية للمراجعة، تُسقط القداسة عن الرأسمالية كمنظومة تتكون عناصرها من عقل مركزي، ومؤسسات عالمية، وشركات عابرة متعدية للحدود والجنسيات، وأنظمة سياسية تابعة، وإعلام شبكى كونى يتلاعب بالعقول.. إلخ. وهو ما تعكسه أدبيات نقد الرأسمالية الراهنة.
لهذا تركز كل المراجعات على فكرة «اللامساواة» أو ما أطلقنا عليه الأسبوع الماضى «العدالة الغائبة». وكيف أن تاريخ الرأسمالية وتطبيقاتها المتعاقبة لم يكن إلا «تاريخ إنتاج اللامساواة» وهو ما أثبته بيكيتى فى كتابه العمدة المثير للجدل والنقاش «رأس المال فى القرن الواحد والعشرين». والأهم بالنسبة لنا ليست اللامساواة الاقتصادية فلها من يعرض لها من حيث تقنياتها الدقيقة. وإنما كيف بفعل اللامساواة الاقتصادية اختلت موازين العدل فى شتى الأبنية بين البشر: اجتماعيا، وسياسيا، وثقافيا، ليس فقط فى الدول الفقيرة بل فى الدول الغنية ذاتها. وأليس رجوع الصراع بين السود والسلطة فى أمريكا مجددا هو أحد تجليات التفاوت المجتمعى فى قلب المركز الرأسمالى الكونى وعدم قدرته على استيعاب مسألة التمييز اللونى بعد كل هذه العقود(وهو أمر يحتاج منا أن نعود إليه تفصيلا مستقبلا)، بل الأكثر هو الكشف عن مجتمع يتم تصنيف مكوناته «إثنيا» بامتياز بحيث يكون الأجدر هو الأبيض الأنجلو سكسونى البروتستانتى النقي. وليس صدفة أن تتركز الأموال عند أهل الجدارة.
إن أحد أهم الحقائق التى كشفت عنها الأزمة المالية الاقتصادية الأبرز فى تاريخ الرأسمالية هو هذا الانفصال الحاد بين الذين يبشروننا المنتفعون بمزايا اقتصاد السوق وعوائدها، وهم القلة، وبين غالبية البشر الذين عليهم القبول باقتصاد السوق والترويج له دون الاستفادة بما «يتقطر» لهم من القلة (أى يسقط لهم قطرة قطرة بالقطارة بحسب التعبير الشائع).
فى هذا المقام، بات العقل الإنسانى يراجع ما فعلته ولم تزل بنا الرأسمالية. فيرى أولا: المصلحون؛ بضرورة تأسيس نظام مالى جديد، وإصلاح شامل للقوانين انطلاقا من أن الرأسمالية لا تستطيع أن تفى بشكل طيب بوعدها بالتقدم والازدهار إلا إذا كان المشاركون فيها يكفلون نظاما قانونيا فعالا وسلطة قضائية أمينة، وقانون عقود نافذ المفعول، وخدمة مدنية (بيروقراطية) مجردة من أى غرض، وسكا عصريا للدفاتر، وسجلات ملكية دقيقة، ونظاما رشيدا وعادلا لتحصيل الضرائب، ونظاما تعليميا ناجحا(غير موجه لخدمة النيوليبرالية).. إلخ.
أما الراديكاليون؛ فيرون أن الرأسمالية إلى زوال لأن التناقضات التى طالتها كثيرة وعميقة. وأن أزماتها المتلاحقة كانت مؤثرة ولكن تم التعتيم عليها واحتواء آثارها المدمرة. ومن ثم فإنها تسير فى طريق النهاية.. وفى هذا السياق يصدر ديفيد هارفى كتابه الأخير ويرصد فيه سبعة عشر تناقضا تعجل بنهاية الرأسمالية فى طرح غير مسبوق يؤكد سقوط القداسة عن الرأسمالية وأن هناك مساحة متاحة للابتكار فى هذا المقام لابد من إدراكها بفهم هذه التناقضات ومن ثم استثمارها.. ونتابع.
لمزيد من مقالات سمير مرقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.