نقيب المحامين يحذر حكومة الانقلاب : «الرسوم القضائية» غير قانونية وتمثل عبئًا غير محتمل على المواطنين    استقرار الأسهم الأمريكية قبل إعلان قرار مجلس الاحتياط    وزير الخارجية الصيني: هجوم إسرائيل على إيران ينتهك القانون الدولي    بعد انتهاء أزمة عصر وعبد العزيز.. الأهلي يخوض الدورة المجمعة لدوري تنس الطاولة    إعلام إيرانى: لا صحة لحديث الإعلام الإسرائيلى عن تحديد مكان المرشد واستهدافه    استُشهاد وإصابة 27 فلسطينيا بينهم طفل في قصف إسرائيلي بوسط غزة    رئيس الوزراء: الاقتصاد المصري قادر على الصمود.. ونسدد التزاماتنا بانتظام    خاص.. كواليس ظهور عبد الواحد السيد في الزمالك    مصرع شخص وإصابة 11 آخرين فى حادث تصادم بكفر الشيخ.. صور    تاجيل اولى جلسات محاكمه 43 متهم بحزب الإستقلال الإرهابي    ترامب: أجريت أمس محادثة هاتفية مع بوتين    رغم رحيله.. نور الشريف يتصدر التريند لهذا السبب    هيئة الدواء المصرية تحذر من استخدام المسكنات بكثرة لهذه الفئات    مان سيتي ضد الوداد.. عمر مرموش يقود تشكيل السيتي في كأس العالم للأندية    وزيرا قطاع الأعمال والاستثمار يبحثان الترويج للاستثمار بالغزل والنسيج    بزعم زيادة تكلفة الانتاج..حكومة الانقلاب تحرم الغلابة من لقمة العيش برفع أسعار رغيف الخبز    بيراميدز يقترب من خطف صفقة الأهلي والزمالك (تفاصيل)    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر2025    «13 كلية».. بدء الدراسة بجامعة كفر الشيخ الأهلية العام الدراسي المقبل 2026    مشروعات تعليمية جديدة في قويسنا ومنوف لدعم المنظومة التعليمية    جيهان مديح: مصر ستظل دائمًا القادرة على جمع الصف العربي والإسلامي    تفاصيل تعاقد حميد الشاعري مع روتانا.. و"ده بجد" أول الغيث (صور)    انطلاق تصوير مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو" خلال الأيام المقبلة    يسرا إعلامية مؤثرة وأم مكافحة فى السينما قريبا    إيران تمدد تعليق الرحلات الداخلية والدولية حتى فجر غد الخميس    لعلاج دهون الكبد- تناول هذه البذور يوميًا    لتصوير السيدات داخل دورة المياه.. القبض على عامل بكافيه في الدقي    رصاص الاحتلال يخترق طوابير المساعدات الإنسانية في غزة    مصطفى يونس يهاجم ريبيرو بسبب زيزو.. ماذا قال؟    منتخب مصر يفوز على السعودية في افتتاح بطولة العالم لشباب اليد    قوافل الرحمة والمواساة تواصل نشاطها بأوقاف الفيوم بزيارة لمستشفى سنورس المركزي.. صور    محافظ الأقصر يتفقد المرحلة السابعة من مشروع «سترة» بعد تسليمه للمستفيدين    سقوط ديلر مخدرات شبرا الخيمة في قبضة مباحث القليوبية    الإعدام لربة منزل لاتهامها بقتل أم ونجلها بالقليوبية    حصريا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية    ملتقى القضايا المعاصرة بالجامع الأزهر: الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى استعادة تماسكها وتوحيد كلمتها    الغربية.. ضبط سيارة نقل محملة ب236 أسطوانة غاز منزلي مدعم قبل تهريبها    تعرف علي ضوابط إصدار تراخيص إنشاء المواقع الإلكترونية    لأصحاب برج الأسد.. اعرف حظك في النصف الثاني من يونيو 2025    المخرجة سارة وفيق تكشف عن مشاريع درامية في مرحلة الفكرة مع تامر حسني    البورصة المصرية تربح 1.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    ضبط 79 مخالفة تموينية متنوعة خلال حملات مكثفة على الأسواق بالفيوم    فليك يجتمع مع شتيجن لحسم مصيره مع برشلونة    حماة الوطن: منفتحون على التحالف مع غيرنا من الأحزاب    خبيرة الطاقة: «الساعة الذهبية قبل مغرب الجمعة» طاقة روحانية سامية    حكم ضمان ما تلف فى يد الوكيل من أمانة.. دار الإفتاء تجيب    أمين الفتوى: الأمانات بين الناس لا تسقط بالوفاة ويجب أداؤها لأصحابها أو لورثتهم    الأمم المتحدة تدين إطلاق النار على مدنيين يبحثون عن الطعام في غزة    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    الصحة: إصدار أكثر من 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    محافظ دمياط يناقش ملف منظومة التأمين الصحى الشامل تمهيدا لانطلاقها    الأرصاد تكشف عن ارتفاع درجات الحرارة ابتداء من الجمعة    وكيل لاعبين: الزمالك أهدر 300 مليون جنيه من صفقة انتقال "زيزو" ل نيوم السعودي    كاد يكلف صنداونز هدفا.. تطبيق قانون ال8 ثوان لأول مرة بكأس العالم للأندية (صورة)    ترامب يختتم اجتماعه بفريق الأمن القومي الأمريكي وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن سقوط القداسة عن الرأسمالية
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 06 - 2015

«إن تاريخ الرأسمالية لا يعيد نفسه، لكن الرأسماليين يكررون أفعالهم».. بهذه العبارة استهل صديقى حوارنا الذى اتفقنا أن نخصصه حول مستقبل الرأسمالية.. ولم يمهلنى وقتا للتعقيب، حيث استثمر الوقت الذى أخذته فى تأمل هذه المقولة، ليطلق العديد من الأسئلة منها: «ألم يحن الوقت بعد لإعادة النظر فى ما فعلته بنا الرأسمالية فى طبعتها النيوليبرالية التى انطلقت مع نهاية السبعينيات؟ وألا يكفى ما يقرب من مائتى أزمة مالية اقتصادية دراماتيكية على مدى أربعة عقود لمراجعة الخيارات والسياسات الاقتصادية الكونية والمحلية؟ ولماذا العجز عن التصدى لكل من «السيطرة الصامتة» للمؤسسات المالية العالمية والشركات الاحتكارية، و»التحالف الناعم» بينهما والذى أدى إلى إخفاقات كبرى مأساوية؟ بإيجاز ألم تسقط القداسة عن الرأسمالية؟
قلت لصديقي، وكأنك تقرأ أفكارى عندما عرضت فى الأسبوع الماضى عن الخطر الكونى رقم (1) «العدالة الغائبة»...ما أدى إلى انطلاق موجة معرفية عرضنا بعضا من عناوينها تعتمد على نقد الرأسمالية المعاصرة ومراجعة الكثير من عناصرها المختلفة. موجة تعكس زخما معرفيا وعلميا يعلن عن ميلاد نموذج معرفى جديد غير الذى عشناه عبر أجيال. يقوم هذا النموذج على التمرد على ما دأب الرأسماليون على تكراره تاريخيا بأن الرأسمالية هى النموذج المثالى الذى يجب أن يحتذي. إلا أن النتائج المادية الواضحة والملموسة التى أوصلتنا لها هذه الرأسمالية تشير إلى أى مدى هى مدمرة، ذلك لأنها أنتجت واقعا رديئا خماسى الأبعاد نرصده كما يلي. أولا: الإفقار المتنامى للغالبية من البشر بطريقة مخططة ومنهجية. وثانيا: الإثراء المطرد للقلة الثروية. وثالثا: التراجع المؤذى عن توفير التأمين الاجتماعى اللازم للفقراء. ورابعا: انتشار التفاوت بين المواطنين للدرجة التى تجعل الهرم الاجتماعى يتسم «بطرف مدبب» يعبر عن القلة الثروية، و»قاعدة مليارية» تشير إلى الغالبية من سكان العالم الفقراء. وخامسا: إضعاف كل التنظيمات التى تقوم بدور تفاوضى أو رقابى أو محاسبى أو ضاغط لتقليل الآثار السلبية للرأسمالية وبخاصة منذ الأخذ باقتصاد السوق.. ما استدعى وقفة نقدية معرفية علمية للمراجعة، تُسقط القداسة عن الرأسمالية كمنظومة تتكون عناصرها من عقل مركزي، ومؤسسات عالمية، وشركات عابرة متعدية للحدود والجنسيات، وأنظمة سياسية تابعة، وإعلام شبكى كونى يتلاعب بالعقول.. إلخ. وهو ما تعكسه أدبيات نقد الرأسمالية الراهنة.
لهذا تركز كل المراجعات على فكرة «اللامساواة» أو ما أطلقنا عليه الأسبوع الماضى «العدالة الغائبة». وكيف أن تاريخ الرأسمالية وتطبيقاتها المتعاقبة لم يكن إلا «تاريخ إنتاج اللامساواة» وهو ما أثبته بيكيتى فى كتابه العمدة المثير للجدل والنقاش «رأس المال فى القرن الواحد والعشرين». والأهم بالنسبة لنا ليست اللامساواة الاقتصادية فلها من يعرض لها من حيث تقنياتها الدقيقة. وإنما كيف بفعل اللامساواة الاقتصادية اختلت موازين العدل فى شتى الأبنية بين البشر: اجتماعيا، وسياسيا، وثقافيا، ليس فقط فى الدول الفقيرة بل فى الدول الغنية ذاتها. وأليس رجوع الصراع بين السود والسلطة فى أمريكا مجددا هو أحد تجليات التفاوت المجتمعى فى قلب المركز الرأسمالى الكونى وعدم قدرته على استيعاب مسألة التمييز اللونى بعد كل هذه العقود(وهو أمر يحتاج منا أن نعود إليه تفصيلا مستقبلا)، بل الأكثر هو الكشف عن مجتمع يتم تصنيف مكوناته «إثنيا» بامتياز بحيث يكون الأجدر هو الأبيض الأنجلو سكسونى البروتستانتى النقي. وليس صدفة أن تتركز الأموال عند أهل الجدارة.
إن أحد أهم الحقائق التى كشفت عنها الأزمة المالية الاقتصادية الأبرز فى تاريخ الرأسمالية هو هذا الانفصال الحاد بين الذين يبشروننا المنتفعون بمزايا اقتصاد السوق وعوائدها، وهم القلة، وبين غالبية البشر الذين عليهم القبول باقتصاد السوق والترويج له دون الاستفادة بما «يتقطر» لهم من القلة (أى يسقط لهم قطرة قطرة بالقطارة بحسب التعبير الشائع).
فى هذا المقام، بات العقل الإنسانى يراجع ما فعلته ولم تزل بنا الرأسمالية. فيرى أولا: المصلحون؛ بضرورة تأسيس نظام مالى جديد، وإصلاح شامل للقوانين انطلاقا من أن الرأسمالية لا تستطيع أن تفى بشكل طيب بوعدها بالتقدم والازدهار إلا إذا كان المشاركون فيها يكفلون نظاما قانونيا فعالا وسلطة قضائية أمينة، وقانون عقود نافذ المفعول، وخدمة مدنية (بيروقراطية) مجردة من أى غرض، وسكا عصريا للدفاتر، وسجلات ملكية دقيقة، ونظاما رشيدا وعادلا لتحصيل الضرائب، ونظاما تعليميا ناجحا(غير موجه لخدمة النيوليبرالية).. إلخ.
أما الراديكاليون؛ فيرون أن الرأسمالية إلى زوال لأن التناقضات التى طالتها كثيرة وعميقة. وأن أزماتها المتلاحقة كانت مؤثرة ولكن تم التعتيم عليها واحتواء آثارها المدمرة. ومن ثم فإنها تسير فى طريق النهاية.. وفى هذا السياق يصدر ديفيد هارفى كتابه الأخير ويرصد فيه سبعة عشر تناقضا تعجل بنهاية الرأسمالية فى طرح غير مسبوق يؤكد سقوط القداسة عن الرأسمالية وأن هناك مساحة متاحة للابتكار فى هذا المقام لابد من إدراكها بفهم هذه التناقضات ومن ثم استثمارها.. ونتابع.
لمزيد من مقالات سمير مرقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.