تشهد الدبلوماسية المصرية حالياً تحركاتٍ وجولات مكوكية يقوم بها سامح شكري وزير الخارجية، تعكس للمتابع، اهتمامات مصر السياسية سواء الثنائية مع دول العالم، أو من خلال لقاءات وزير الخارجية بنظرائه علي هامش المؤتمرات والقمم الدولية ، وكانت آخر تلك الجولات هي زيارتين لدولتي چيبوتي وأوغندا، وما يمثلانه من بعد أفريقي مهم جداً لمصر، سواء في الحفاظ علي أمنها القومي أو مصالحها المائية كدولة مصب لنهر النيل، وبين هذه الزيارة وما سبقها لجنوب السودان وأريتيريا أو ما سيتلوها في الفترة القادمة لكلاً من نيجيريا وأنجولا وجنوب أفريقيا. تتبلور الرؤية الإستراتيجية لسياسة مصر الأفريقية، فيما قاله الوزير شكري للوفد الإعلامي المرافق له حيث أشار إلى أن اهتمام مصر تركز في الآونة الأخيرة علي دول شرق افريقيا نظرا للأهمية الخاصة بدول حوض النيل الشرقي، لكن هذا لا يعني عدم وجود اهتمام بدول غرب القارة. وخلال زيارة شكري لدولة چيبوتي التقى الرئيس الچيبوتي اسماعيل عمر چيله، حيث تسعي مصر فى هذه المرحلة للتنسيق الوثيق مع چيبوتي فى مواجهة التحديات العديدة المشتركة التي تواجه البلدين مثل الأوضاع في منطقة القرن الافريقى وما تشهده من اضطرابات فى دولة اليمن، فضلا عن تنامي ظاهرة الارهاب والقرصنة فى مياه الخليج، بالإضافة الي أمن وحرية الملاحة فى البحر الاحمر. كل هذه الموضوعات وان بدت - لقصر مدة الزيارة - قليلة، الا أن من وراءها ملفات عملت عليها وزارة الخارجية المصرية والأجهزة الأمنية المعنية خلال الفترات الماضية، بغية بلورة رؤية واضحة لمستقبل البلدين. وأكد وزير خارجية چيبوتي محمود يوسف علي عودة مصر من جديد الي دورها القيادي، مشيراً الي أنها دولة محورية فى العالم العربى ولها دور نشيط فى منطقة القرن الافريقى وأعلنها صراحة أن بلاده تعول كثيراً علي الدور المصري خاصة فى الأزمة التى تعصف باليمن، فضلاً عن مكافحة الارهاب فى هذه المنطقة، واشار الي ان مصر وجيبوتى تقعان على بوابتين للبحر الاحمر شمالية وجنوبية؛ الأمر الذي يعكس مدي عمق التعاون الإستراتيجي القائم بين البلدين وذلك اتصالاً باهتمام مصر - كما قال سامح شكري - فى توسعة قناة السويس وكثافة الحركة الملاحية وحركة التجارة العالمية، فكل ذلك يقود الى مزيد من التنسيق فيما بين البلدين من منطلق العلاقة والروابط المهمة التى تربطهما. وبين التعاون السياسي والعسكري بين البلدين تبقي قضايا التنمية الإقتصادية محور ارتكاز فمن المزمع إقامة منطقة تجارة حرة ومركز لوجستي مصري في دولة چيبوتي، لتسهيل حركة التجارة بين البلدين ودول الجوار، وقد أعرب عدد من الوزراء في جيبوتي، عن تطلعهم لتفعيل التعاون مع مصر في قطاعات التجارة والتعليم والصحة، وتعزيز وجود الشركات المصرية هناك خاصة الشركات التي لها وجود ملموس وسمعة طيبة في افريقيا. وفي دولة أوغندا، كان لقاءٌ مهم أيضا مع رأس الدولة هناك يوري موسيفني، والذي حرص الوزير شكري علي اتمامه في قرية الرئيس الأوغندي والتي تبعد عن العاصمة كمبالا قرابة الأربع ساعات ليعود وزير الخارجية والوفد المرافق له فجر اليوم التالي من المباحثات، نظراً لبعد المسافة الجغرافي ووعورة الطريق، ناهيك عن المخاطر الأمنية، كل ذلك يكون له انطباعات إيجابية لدي المسئولين الأفارقة عامة. وقدم وزير الخارجية سامح شكري الدعوة لموسيفني لحضور قمة التكتلات الإقتصادية الثلاث المقرر عقدها في مدينة شرم الشيخ مطلع الشهر المقبل، فوافق علي الفور الرئيس موسيفني علي تلبيتها؛ مما عكس الثقل الحقيقي والترجمة الفورية لثقل مصر أفريقيا وعربيا. و كان اهتمام الرئيس موسيفني واضحا في الإستماع الي التقييم المصري حول الاوضاع في ليبيا وانتشار ظاهرة الارهاب عامة في أفريقيا والمنطقة العربية، حيث أنه يتابع عن قرب انتشار هذه الظاهرة في القارة الافريقية سواء في الصومال او كينياونيجيريا وكان لديه اهتمام بالاطلاع علي سياسة مصر ازاء مكافحة الارهاب وفي هذا الإطار أكد وزير الخارجية سامح شكري أهمية التناول الشامل لقضية الارهاب، وأوضح له الارتباط القائم بين المنظمات التي تعمل في هذا المجال ليس فقط في القارة الافريقية ولكن روابطها مع منظمات تعمل في منطقة الشرق الاوسط، وان احد العناصر الهامة في العلاقة المصرية الأوغندية هي تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين لمنع انتشار العناصر الإرهابية علي أراضيها ومساعدة الدول الافريقية الأخري في جهودها لمكافحة الارهاب. كما تم بحث تعزيز التعاون بين دول حوض النيل لما يحقق مزيدا من المصالح ، فضلا عن تناول قضايا التنمية في القارة بما يرفع من مستوي معيشة الشعوب الافريقية ويعظم الطبقة الوسطي في القارة باعتباره احد اهم مؤشرات تحقيق التنمية.