قد يعتبره البعض مصادفة ذلك التزامن بين نشأة بعض الحركات السياسية في مصر عامي2007,2008 ونشأة بعض التجمعات الرياضية في ذلك التوقيت أيضا, ولكن ما ليس مصادفة بالتأكيد هو ذلك الدور المعلن للحركات السياسية في الثورة المصرية من تدريبات بالخارج علي مقاومة السلطات والتمويل الأجنبي المرتبط بها وذلك الدور الخفي للحركات الرياضية في الميادين والشوارع وأحداث مجلسي الشعب والوزراء وقصر العيني وبصفة عامة منذ25 يناير.2010 فقد ظل هذا الدور غامضا إلي أن ظهرت تصريحات عديدة لقيادات ألتراس الأهلي تتحدث عن الوجود في ميدان التحرير منذ25 يناير ودورها الكبير في هذا الشأن بل وحماية الميدان في موقعة الجمل, وقد يفسر ذلك ظاهرة الدراجات النارية التي انتشرت تجوب شوارع القاهرة في بداية الثورة خاصة ما بين امبابة وميدان التحرير تعيث حرقا وقتلا وتخريبا. وظل ترابط الأحداث بين الحركات السياسية والرياضية حتي يومنا هذا فيما بدا أن الحركات الرياضية كانت بمثابة الجناح المسلح أو فصيل العضلات لبعض أو لإحدي الحركات السياسية تحديدا حيث تساءل البعض ودون إجابات واضحة حتي الآن عن مصادر تمويل الحركات الرياضية التي واصلت الليل بالنهار في الميادين ودفعت في ذلك ثمنا باهظا من أبنائها ما بين إصابات وحالات وفاة إلي أن جاءت الفاجعة الكبري في استاد بورسعيد لتفتح الباب واسعا أمام هذا النوع من النقاش وخاصة بعد أن أعلن ألتراس الأهلي أخيرا عن إنشاء تشكيل يحمل اسم أولترا الأهلي يهدف كما جاء في الإعلان إلي حماية المتظاهرين في ميادين مصر ويفتح باب الانضمام أمام الحركات السياسية!. وما ليس مقبولا من الحركات الرياضية هو ذلك الابتزاز والضغط المتواصل علي أجهزة الدولة خاصة جهاز القضاء كي تصبح قراراته وأحكامه بمثابة رد فعل للمسيرات والمظاهرات وإغلاق الشوارع والتهديد والوعيد ناهيك عن رفع لافتات مستفزة وهتافات أكثر استفزازا عكرت من صفو الأمن والاستقرار وهو أمر إن استمر فسوف يستمر معه وقف الأنشطة الرياضية في طول البلاد وعرضها, وفي هذا الصدد يجب أن نعترف بأن المشهد السياسي- وأرجو ألا يكون القضائي كذلك- يقع الآن أسيرا لضغوط ميليشيات الرياضة والسياسة معا رغم وجود سلطة تنفيذية وأخري تشريعية كان يجب أن يحملا علي عاتقيهما إخراج البلاد من هذه العثرة بتفكيك كل ما هو خارج عن نطاق القانون والتعامل بحزم مع الحالة الراهنة مع ملاحظة الهدوء النسبي في الميادين بعد أحداث بورسعيد ورحيل المتهمين الأجانب في قضايا التمويل. فإذا كنا نطالب الحركات السياسية بأن تعمل بشفافية تنظيمية ومالية داخليا وخارجيا فإننا سنظل نؤكد أن التجمعات الرياضية يجب ألا تخرج عن نطاقها الذي أنشئت من أجله وهو مؤازرة أنديتها داخل الملاعب دون خروج عن قواعد الأخلاق الرياضية وبعيدا عن الصدام مع أجهزة الأمن بصفة خاصة وإلا فإن الأندية سوف تجد نفسها مطالبة بالبحث عن آلية ذاتية لحماية ملاعبها من الشغب والفوضي تتحمل هي مسئوليتها دون تدخل شرطي حيث سيظل جهاز الشرطة يرفض إقامة أية مباريات أو تجمعات حاشدة من أي نوع مادامت مسئولية الفوضي تقع علي عاتقه في نهاية الأمر بالحبس والإقالة مع اتهامات غريبة بالمؤامرة والتدبير. نحن إذن أمام قضية إذا اعتبرناها خطيرة الآن فهي في المستقبل أخطر خاصة بعدما سمعنا عن إنشاء ألتراس في إحدي الوزارات أو روابط خفية بين البلطجية وزعماء العصابات في المحافظات لتسهيل تهريب سرقات السيارات والآثار إلي الخارج أو جلب السلاح إلي الداخل وبالتالي فسوف نكون أمام ميليشيات المال السياسية لمستأجري الخارج وأخري رياضية مسلحة لمتعهدي الداخل بما ينذر بمزيد من الكوارث. المزيد من أعمدة عبد الناصر سلامة